مجرد أن تطأ قدمك، منطقة منشية ناصر شارع المدارس، وينتابك إحساس بالخوف، وشعور برائحة الموت قد تخيم على المنطقة في أي حظة؛ الشعور ناتج من توقع كارثة جديدة بسقوط كتل جبلية على رؤوس السكان في أي لحظة، الأسباب كثيرة ترصدها بوابة القاهرة في تقرير مصور، من قلب المنطقة، وتوجه. منشية ناصر، شارع المدارس، أشخاص بلا مأوي؛ شلالات من مياه المجاري أتية من أعلي جبل تل المقطم، جالبة معها ما لا تشتهيه الأنفس من مختلف الأمراض والأوبئة، ومنازل آيلة للسقوط في حال تعرضها لوقوع الصخور عليها ما يعكس مسلسل الأهمال المتتابع الذي تشهده تلك المنطقة والتي يقطنها جماعة من محدودي الدخل، علت صيحات المواطنين، مرددة شكواها على أمل أن تلقي استجابة من قبل أحد المسئولين. بدأت المشكلة إثر شكاوى عديدة من السكان حول وجود تصدعات في صخور التل نتيجة لتراكم مياه الصرف الصحي وامتداد المرافق بشكل عشوائي، لتشق صخور التل الجيرية، لتشكل المحافظة لجنة في العشرين من ديسمبر الماضي، انتهت لقرار بإجلاء السكان بعد أن توقعت سقوط الصخرة على السكان. القرار الذي قوبل بالرفض من الأهالي مبررين: "هنسيب بيوتنا وأكل عيشنا ونروح علي فين"، وتم إقناع السكان بمدي خطورة الموقف، وضرورة إخلاء تلك المنازل في الحال حفاظاً علي أرواحهم وذويهم، وبالفعل تم نقل السكان إلى مساكن بديلة منذ يوم 22 ديسمبر بالتعاون مع الجهات الأمنية لإتمام عملية النقل. وقال أحد الأهالي محطة المجاري المعطلة، ما أدى لتراكم مياه الصرف الصحي بجوار مساكنهم مباشرة، والتي تعد موطنا لمختلف الأوبئة، وسط تجاهل تام من المسئولين، مضيفة:" إحنا تعبنا من المجاري واشتكينا كتير ومحدش بيعبرنا، حتي رئيس الحي وعدنا أنها هتتصلح من مدة كبيرة ومتصلحتش". وتابعت: "إحنا بندفع نص مرتبنا علي المبيدات الحشرية وبرده مفيش فايدة، وأطفالنا معرضين للغرق فيها في أي وقت". المشاكل نفسها شكا منها "عم أحمد" أحد سكان حارة أحمد عبد الحافظ، متخوفاً من حدوث صدع آخر بصخور المقطم، بسبب تراكم مياه الصرف الصحي؛ كما اشتكي أيضا "عم أحمد" من قرار إجلاء المواطنين لمدينة بدر ومدينة السادس من أكتوبر محتجاً علي ندرة الموارد هناك وانعدامها، وبعدها عن مصادر رزقهم . وقالت إحدي السيدات ، وهي سيدة تقطن بحجرة علي حافة صخرة مجاورة مباشرة لأنقاض المنازل التي تم إخلائها، بعد قيام الحكومة بهدم منزلها في أعقاب حادث سقوط صخرة الدويقة عام 2008. في البداية عبرت السيدة التي تجاوز عمرها الثمانين عاماً وعلامات الحسرة والخوف مرسومة على وجهها بسبب خوفها من سقوط صخرة علي حجرتها مُبديه أمنيتها الوحيدة في استجابة المسؤولين لمأساتها في توفير مسكن يضمن لها حياة كريمة هي وأولادها. وأضافت أم يوسف، إنه خلال زيار محلب لمنشأة ناصر، وعدها بتوفير شقة جديدة لها، ولكنه لم ينفذ وعده، ولم يحدث أي استجابة من جانب المسؤلين إلى الآن. وأضافت أم يوسف "كل اللي انا عايزاه شقة بدل الأوضة اللي انا وولادي عايشين فيها". وفي السياق ذاته، قال عبد المنعم إبراهيم، 68 عاماً، يعمل في تجارة قصاصات الأقمشة معلقاً علي استلامه لشقة بمدينة السادس من أكتوبر، إن المنطقة بعيدة جداً عن مكان عمله، وأنها وسط الصحراء ومن الممكن أن يتعرضه بلطجية، مشيراً إلى البطجية في أكتوبر يهددون حياتهم ويعترضون طرقهم ويفرضون الإتاوات عليهم. وأضاف: "من يوم ما هدوا البيت وأنا حاجتي لسة هنا في الشارع ومش هقدر أسكن في الشقة اللي سلموهلنا عشان مقدرش أدفع مواصلات رايح جاي كل يوم لمكان شغلي، وأنا مش قد البطلجية هناك. وأضافت زوجة عبد المنعم إبراهيم، أنهم بالكاد يوفرون إيجار شقة بنفس الحي القديم بسبب مكان عمل زوجها وأنهم لا يستطيعون تحمل أجرة المواصلات كل يوم وأن الشقق الجديدة ليست بالمكان بالآمن التي تأمن فيه علي بنتيها. وتابعت: "معظم اللي استلموا شققهم الجديدة ومعاهم فلوس قفلوها وراحوا أجروا شقق تانية بس احنا هنجيب منين حق إيجار شقق تانية، المفروض المسئولين يراعوا ظروفنا". وتعليقا على ذلك قال محمد نور، رئيس حي منشية ناصر، إن المنطقة المنهارة في حارة أحمد عبد الحافظ، هي إحدى المناطق المعرضة للخطر، والتى قررت المحافظة تشكيل لجنة علمية يوم 20 ديسمبر الماضى لمعايتنها بعد ورود شكاوى من السكان، تفيد بأن هناك صخرة انشقت في التل وقررت اللجنة بضرورة إخلاء المنطقة، وتوفير مساكن بديلة لأصحاب تلك المنازل، الأمر الذي حدث بالفعل، حيث أن خلال الأيام الماضية تم نقل 70 أسرة وتسليمهم مساكن بديلة بمدينة بدر ومدينة 6 أكتوبر وهدم العقارات على الصخرة، وحصل الانهيار بعد نقل السكان ولا توجد أي إصابات لدى الأهالى. ولكن بدورنا نناشد المسئولين بسرعة الاستجابة لشكوي المواطنين تحقيقا لتمتعهم بأدني حقوقهم ألا وهي عيش حياة آدمية كريمة.