فلسطين.. وصول شهيدان إلى المستشفى الكويتي جراء غارة للاحتلال على منزل شرقي رفح    مسؤول أمريكي: الضربات الإسرائيلية على رفح لا تمثل عملية عسكرية كبرى    العاهل الأردني: الهجوم الإسرائيلي على رفح يهدد بالتسبب في مجزرة جديدة    لاعب الأهلي السابق: شوبير يستحق حراسة مرمي الأحمر أمام الترجي وليس الشناوي    عبدالجليل: جوميز يتحمل خسارة الزمالك أمام سموحة    كريم شحاتة: كثرة النجوم وراء عدم التوفيق في البنك الأهلي    كاسونجو يتقدم بشكوى ضد الزمالك.. ما حقيقة الأمر؟    صدقي صخر يكشف مواصفات فتاة أحلامه: نفسي يبقى عندي عيلة    أمين البحوث الإسلامية: أهل الإيمان محصنون ضد أى دعوة    وكيل صحة قنا يجري جولة موسعة للتأكد من توافر الدم وأمصال التسمم    لا تصالح.. أسرة ضحية عصام صاصا: «عاوزين حقنا بالقانون» (فيديو)    عيار 21 الآن بعد الارتفاع الأخير.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الثلاثاء 7 مايو بالصاغة    موعد مباراة الأهلي والترجي في نهائي دوري أبطال إفريقيا والقنوات الناقلة    صندوق إعانات الطوارئ للعمال تعلن أهم ملفاتها في «الجمهورية الجديدة»    4 ساعات فارقة.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم وتكشف أماكن سقوط الأمطار في مصر    مصرع سائق «تروسكيل» في تصادم مع «تريلا» ب الصف    صليت استخارة.. ياسمين عبد العزيز تكشف عن نيتها في الرجوع للعوضي |شاهد    عملت عملية عشان أخلف من العوضي| ياسمين عبد العزيز تفجر مفاجأة.. شاهد    التصالح في البناء.. اليوم بدء استلام أوراق المواطنين    الأردن: نتنياهو يخاطر بتقويض اتفاق وقف إطلاق النار بقصفة لرفح    بعد الارتفاع الأخير.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 7 مايو بالمصانع والأسواق    اللواء سيد الجابري: مصر مستمرة في تقديم كل أوجه الدعم الممكنة للفلسطينيين    مصرع شخص وإصابة 10 آخرين في حادثين منفصلين بإدفو شمال أسوان    الدوري الإنجليزي، مانشستر يونايتد يحقق أكبر عدد هزائم في موسم واحد لأول مرة في تاريخه    عملية جراحية في الوجه ل أسامة جلال اليوم بعد إصابته أمام فيوتشر    ياسمين عبد العزيز: لما دخلت الإعلانات كان هدفي أكون مسؤولة عن نفسي    ياسمين عبدالعزيز عن بدايتها الفنية: «مكنتش بحب التمثيل.. وكان حلمي أطلع ظابط»    شكر خاص.. حسين لبيب يوجه رسالة للاعبات الطائرة بعد حصد بطولة أفريقيا    وفد قطري يتوجه للقاهرة لاستئناف المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس اليوم    ب800 جنيه بعد الزيادة.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي الجديدة وكيفية تجديدها من البيت    مصر للطيران تعلن تخفيض 50% على تذاكر الرحلات الدولية (تفاصيل)    عاجل - تبادل إطلاق نار بين حماس وإسرائيل قرب بوابة معبر رفح    «الصحة العالمية» تحذر من أي عملية عسكرية في رفح: تفاقم الكارثة الإنسانية    برلماني يطالب بإطلاق مبادرة لتعزيز وعي المصريين بالذكاء الاصطناعي    "يا ليلة العيد آنستينا وجددتي الأمل فينا".. موعد عيد الأضحى المبارك 2024 وأجمل عبارات التهنئة بالعيد    مصرع شاب التهمته دراسة القمح في قنا    القومية للأنفاق تبرز رحلة بالقطار الكهربائي إلى محطة الفنون والثقافة بالعاصمة الإدارية (فيديو)    العمل العربيَّة: ملتزمون بحق العامل في بيئة عمل آمنة وصحية كحق من حقوق الإنسان    يوسف الحسيني: إبراهيم العرجاني له دور وطني لا ينسى    سؤالًا برلمانيًا بشأن عدم إنشاء فرع للنيابة الإدارية بمركز دار السلام    فيديوهات متركبة.. ياسمين عبد العزيز تكشف: مشوفتش العوضي في سحور وارحمونا.. فيديو    فرح حبايبك وأصحابك: أروع رسائل التهنئة بمناسبة قدوم عيد الأضحى المبارك 2024    إبراهيم عيسى: لو 30 يونيو اتكرر 30 مرة الشعب هيختار نفس القرار    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل كل قضاء قضيته لنا خيرًا    الأوقاف تعلن افتتاح 21 مسجدا الجمعة القادمة    تعرَّف على مواصفات سيارات نيسان تيرا 2024    حظك اليوم برج الميزان الثلاثاء 7-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    ياسمين عبد العزيز: «كنت بصرف على أمي.. وأول عربية اشتريتها ب57 ألف جنيه»    بالأسماء، إصابة 16 شخصا في حادث الطريق الصحراوي الغربي بقنا    في 7 خطوات.. حدد عدد المتصلين بالراوتر We وفودافون    هل يحصل الصغار على ثواب العبادة قبل البلوغ؟ دار الإفتاء ترد    رغم إنشاء مدينة السيسي والاحتفالات باتحاد القبائل… تجديد حبس أهالي سيناء المطالبين بحق العودة    بعد الفسيخ والرنجة.. 7 مشروبات لتنظيف جسمك من السموم    للحفاظ عليها، نصائح هامة قبل تخزين الملابس الشتوية    كيفية صنع الأرز باللبن.. طريقة سهلة    أستاذ قانون جنائي: ما حدث مع الدكتور حسام موافي مشين    في 6 خطوات.. اعرف كيفية قضاء الصلوات الفائتة    عقوبة التدخل في حياة الآخرين وعدم احترام خصوصيتهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجدي حسين يكتب: كامب ديفيد: دستور وعنوان المرحلة وليست مجرد معاهدة (1)
نشر في الشعب يوم 25 - 10 - 2014

يقولون إن حزب الاستقلال يشغلنا بموضوعات أقل أهمية ولا يجوز إثارتها الآن ، ومصر لديها من المشكلات الداخلية ما يكفي ويجب أن نحلها أولاً ، ولسنا بوارد الاصطدام بأمريكا وإسرائيل الآن وإلا كنا مجانين . وهذا في اشارة إلى مطالبة حزبنا بإسقاط كامب ديفيد .
والحقيقة أن كامب ديفيد ليست موضوعاً فرعياً ، وليست مجرد معاهدة لوقف الحرب مع إسرائيل . ولكنها عنوان مرحلة بل دستور يحكم مصر وسياساتها الداخلية والخارجية من عام 1978 حتى الآن . دستور يعلو على دستور مصر المفترض سواء دستور 1971 أو تعديلاته أو دستور 2012 أو 2014 ، بل كامب ديفيد دستور يعلو القرآن والسنة وينسخ كثيراً من الآيات والأحاديث ويهيمن عليهما والعياذ بالله . دون أي مبالغة أو رغبة في التحريض السياسي أو الديني ، بل كما سنوضح في سلسلة من المقالات ( إن شاء الله ) .
هذا بنصوص المعاهدة نفسها . وللتوضيح الشكلي فعندما نقول كامب ديفيد فإننا نشير إلى 3 اتفاقات : اتفاقيتا كامب ديفيد التي وقعت عام 1978 في البيت الأبيض بين الأطراف الثلاثة : مصر – إسرائيل – أمريكا . وهما اتفاقيتان تضعان إطاراً للسلام بين البلدين في واحدة – ومع باقي الدول العربية مع حل مشكلة فلسطين بحكم ذاتي في الاتفاقية الثانية . وقد سعى السادات لهذه الاتفاقية الثانية حتى يرفع عن نفسه شبهة الحل المنفرد ، وطبعاً لم يكن ذلك مقنعاً للأمة العربية وقتها ، ولكنها كانت ورقة توت الضرورية من وجهة نظره .ثم تمخض عن الاتفاقية الأولى – معاهدة السلام في أبريل 1979 بين مصر وإسرائيل .
وهذه الاتفاقات الثلاثة نسميها إجمالاً كامب ديفيد للاختصار ، ولأنها بالفعل مكتوبة بنسيج واحد وأهداف واحدة . برجاء العودة لكتاب ( كامب ديفيد في الميزان ) لمن يريد التوسع . ولكننا ننصح أساساً بعدم الغرق في التفاصيل وضرورة حسم قضية الحق بكلمة واحدة . ففي القضايا الكبرى : كالكفر والإيمان والوطنية والخيانة – والموقف من اليهود المحاربين ، لابد من كلمة فاصلة واحدة لا لبس فيها دون الغرق في التفاصيل .
وبعد تحديد الحق والفصل بينه وبين الباطل لابد من الخوض في التفاصيل بالتأكيد . عندما جاء قادة الشرك لآخر مرة لعم رسول الله ( صل الله عليه وسلم ) كي يتوصلوا إلى اتفاقية معقدة مع ( محمد ) لإنهاء هذا النزاع العقائدي من وجهة نظرهم . قال لهم رسول الله دون أن يخوض في التفصيلات التي طرحوها إنني لا أطلب منكم سوى كلمة واحدة تسودون بها العرب وتدين لكم بها العجم . فقال أبو جهل : كلمة واحدة هذا أمر سهل ما هذه الكلمة .. بل نحن نعطيك 10 كلمات أخرى . فقال رسول الله ( لا إله إلا الله ) فغضب الحاضرون وانصرفوا وبدأوا التفكير في اغتيال محمد ( صل الله عليه وسلم ).
هذا مثل رائع ففي القضايا الكبرى فإن الفصل بين الحق والباطل كلمة وهي في هذا الموضوع : كامب ديفيد
وكما حسم رسول الله قضية الكفر والإيمان بكلمة ( لا إله إلا الله ) فإن مسألة كامب ديفيد تحسمها كلمة ( لا اعتراف بالكيان بالكيان الصهيوني ) فكل قصة كامب ديفيد قائمة على كلمة واحدة .. فكرة واحدة : الاعتراف بإسرائيل . وكل الباقي تداعيات لهذه الكلمة .. ولذلك عندما أعلن الإخوان المسلمون حتى من قبل الثورة على لسان مرشدهم العام السابق ( مهدي عاكف )
أن الإخوان إذا وصلوا للحكم سيلتزمون بالاتفاقات الدولية فإن ذلك كان وعداً بالاعتراف بإسرائيل ، وأن الإخوان عندما التزموا بكامب ديفيد عند وصولهم للحكم كانوا قد اعترفوا رسمياً بإسرائيل .
فالاتفاقات الثلاثة ( 2 كامب ديفيد + معاهدة السلام ) قائمة أساساً على هذا المحور ولا محور غيره . ويؤكد ذلك ليس خطاب مرسي الإجباري عليه، بمناسبة العيد " الوطني " لتأسيس إسرائيل .والقول بأنه وقع عليه دون أن ينتبه لا هو ولا كل مساعديه لنصه ،كلام سخيف وغير مقبول وعذر أقبح من ذنب . ليس هذا الخطاب البائس هو دليل التزام الإخوان بالاعتراف بإسرائيل .بل أساساً وأيضاً استمرار كل أعمال التطبيع التجاري والزراعي والسياحي والصناعي وتأكيد هشام قنديل أن العمل باتفاقية الكويز سيزداد توسعاً في النطاق الصناعي... إلخ .
وإذا كانت هذه مناورة من الإخوان وهذا رأي إسرائيل أيضاً ؟ إلا أننا نرى أن أمور العقيدة والشرف والعزة والكرامة ليست محلاً للمناورات . خاصة وأن الإخوان التزموا مع الأمريكان - في شقهم بكامب ديفيد - بمنتهى الإخلاص في استمرار التعاون العسكري وتلقي المعونة وعدم التعرض للمصالح الأمريكية في مصر حتى وإن كانت ظالمة لمصر ( كاتفاقات البترول والغاز ) ، واستمرار الاستثمارات الأمريكية في الأمور الاستهلاكية التافهة .
كامب ديفيد ( كاعتراف بإسرائيل ) كارثة لأنها أسرع هزيمة لأمة في التاريخ في صراع مصيري كبير . أمة عربية من 100 مليون مسلم وراءها 800 مليون مسلم في العالم ، تستسلم بعد 29 عاماً فقط أمام 3 ملايين يهودي غاصب جاءوا من أشتات الأرض ولا علاقة لهم بفلسطين ( من 1948 - 1977 ) من عام إقامة دولة الكيان إلى عام زيارة السادات للقدس المحتلة 29 عاماً . والمسألة ليست أرقاماً فحسب بل هي صراع عقائدي أنبأنا الله سبحانه وتعالى أنه سيكون محورياً في حياة المسلمين .ولا يملك مسلم أن يلغي آيات القرآن بدعاوى سياسية فارغة . ونحن بالعقيدة أمام فرق مسلحة محاربة من أهل الكتاب ( اليهود ) مدعومين من ( نصارى ) انجلترا وأمريكا والغرب عموماً جاءت واحتلت ديار المسلمين وشردت أهلها واغتصبت نساءها وتحولت إلى استعمار استيطاني طارد للسكان المسلمين الأصليين ، وهي جريمة لا تسقط بالتقادم .. بل هي لا تزال مستمرة في عمليات الاستيطان بالضفة الغربية ومنطقة القدس خاصة . وبنص القرآن فإن الإخراج من الديار هي الجريمة الكبرى الثانية بعد القتل ( إنما يناهكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون ) وبالتالي يحرم الله علينا مصادقة من يفعل ذلك .لا التوسع في عمليات الكويز معهم !! .أضف إلى ذلك أن الأمر هنا يتعلق بالأرض التي وصفها القرآن ب " المقدسة " والتي " باركنا حولها " في إشارة إلى فلسطين وأرض الشام عموماً . وقصة الإسراء والمعراج ليست عارضة بل هي تجسيد للعلاقة العضوية بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى . ولا أعتقد أنه من قبيل الصدفة أن تأتي سورة الإسراء في منتصف القرآن تقريباً .. وكأنها تقول " إنني قلب القرآن " .
فإذا كان احتلال الكفار لديار المسلمين مرفوضاً بصورة عامة ، فهو مرفوضاً بصورة مغلظة ومضاعفة للأرض المقدسة والمسجد الأقصى . كذلك فإن اليهود استولوا على فلسطين عام 1948 بذبح آلاف من النساء والأطفال والشيوخ، وليست مذبحتا كفر قاسم ودير ياسين إلا أشهر مثلين .وفعل اليهود مالم يعودوا يفعلونه الآن ، من اغتصاب للنساء أو خلع لملابسهن وحشرهن في سيارات نقل لترحيلهم خارج قراهم وكان المقصود إثارة الفزع والرعب في القرى المجاورة التي تصلها هذه الأنباء فتهرع الناس إلى الهرب . ولقادة الصهاينة تصريحات تشيد بهذه الأعمال القذرة ودورها في بناء إسرائيل .
بعد ذلك تم احتلال كل فلسطين وجنوب لبنان حتى بيروت والجولان واحتلوا سيناء مرتين : 1956 دون أي استفزاز من مصر ثم 1967 . وضربوا المفاعل النووي العراقي . وقتلوا كثيراً من العلماء المصريين والعرب . ثم يأتي السادات عام 1977 ليعتذر لهم . ويقول أن المشكلة مع إسرائيل ( نفسية - سيكولوجية ) . إذن لقد كنا نحن المخطئون من البداية وكان يجب منذ الثلاثينيات من القرن العشرين أن نستقبل موجات الهجرة اليهودية بالأحضان والورود . وأن نسلمهم منازلنا ونسافر نحن طواعية إلى أشتات الأرض !
الصراع مع الكيان اليهودي الصهيوني ليس مجرد صراع حول الحدود وترسيمها ، ولكن هذا الكيان جاء ليحكم المنطقة بالحديد والنار ، بل وليحكم العالم من فلسطين وفقاً لعقائدهم الفاسدة . )
أن احتلال اليهود لفلسطين .. جريمة لا تسقط بالتقادم ، وأنه احتلال من الذين كفروا من أهل الكتاب لديار المسلمين ، وإن إخراج المسلمين من ديارهم جريمة أخرى لا تسقط بالتقادم وأن قتال الكفار الذين يحتلون جزءاً من دار الإسلام فرض عين على أهل هذا الجزء المحتل فإن لم يستطيعوا يصبح قتال المسلمين المجاورين لهم للاحتلال فرض عين عليهم .ثم نضيف لذلك أن فلسطين ليست أرضاً عادية بل هي أرض مباركة مقدسة بنص القرآن وبها المسجد الأقصى .
ثم نضيف اليوم أن إسرائيل لم تكن مجرد مشروع لتسكين اليهود " الغلابة " المشتتين في الأرض ، بل هي مشروع لهيمنة اليهود على ما تسمى منطقة الشرق الأوسط وهي مركز العالم من خلال دولة من النيل إلى الفرات. بل من خلال هيمنة شاملة اقتصادية ( مشروع الشرق الأوسط الكبير ) وعسكرية ( سلاح نووي ) . بل أكثر من ذلك يرى اليهود ومعهم الطائفة البروتستانتية الحاكمة في أمريكا ( الكنيسة المعمدانية الجنوبية ) أن فلسطين ( إسرائيل ) ستكون مركز العالم حيث سيعود المسيح ليحكم العالم ألف عام من جديد( بينما يرى اليهود أنه سيأتي للمرة الأولى !!! ). ومن وجهة نظر وطنية مصرية صرف فإن هذا المشروع يستهدف بالأساس تدمير الدور القيادي لمصر في المنطقة العربية والإسلامية . فيبرهن التاريخ أن هذه المنطقة لم تكن في أحسن أحوالها إلا عندما كانت مصر ركيزة الدولة الموحدة أو على الأقل إحدى ركائز هذه الدولة .وليس من قبيل الصدف في كتاب منزل من لدن عزيز حكيم أن مصر هي البلد الوحيد الذي ذكر باسمه في القرآن : اسمه الذي يستخدم حتى الآن . وحتى فلسطين لم تذكر بالاسم إلا بذكر المسجد الأقصى وهذا يؤكد دور مصر القيادي في حياة الأمة الإسلامية وهو دور لا يمكن أن تتفلت منه مصر إلا بتحولها إلى دولة فاشلة محطمة تابعة خاضعة لاحتلال أجنبي كما هي حالها الآن . وحتى بدون البعد العقائدي فإن أي مصري وطني مخلص وشريف لابد أن يدرك أن إسرائيل قامت وتقوم على جثة مصر ، وأن الصراع على قيادة المنطقة بينهما أمر حتمي وضروري . وإسرائيل لأنها دولة قزمية ومصطنعة لابد أن تقوم خطتها على تدمير مصر لا التحالف معها وهذا سر الحرب البيولوجية التي شنتها إسرائيل ( ولا تزال ) على مصر ونشرت فيها السرطان والفشل الكلوي والكبدي . ونشر المخدرات ومنع مصر من امتلاك أي أسباب للقوة الاقتصادية أو العسكرية . ولكن إذا عدنا للمستوى العقائدي سنجد أن المشروع اليهودي هو أخطر تهديد للإسلام بنص القرآن . (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ) ( المائدة ) وفي سورة الإسراء يتبدى الأمر أكثر خطورة وعالمية . فلم يتهم القرآن أبداً أي فئة محددة من البشر بهذه التهمة الكبرى (" وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُواًّ كَبِيراً) (الاسراء -4 ) وأرجو أن يمد الله في عمري ويعطيني الفسحة والمراجع لأقدم تصوراً فيه إضافة لتفسير هذه الآيات القليلة من سورة الإسراء لأن فيها جوهر الصراع العالمي وأن مركزه سيكون في فلسطين . وهذا ما نشاهده الآن .. نشاهد إعجازاً سياسياً تاريخياً للقرآن لا ينتبه إليه كثير من الناس .. نشاهد بعد 14 قرناً هيمنة وسيطرة وتغول اليهود على مقدرات العالم . وأقوم بدراسة حالياً حول هيمنة اليهود على أمريكا والغرب يمكن مراجعة الحلقات الأولى لها على الموقع . المهم أن الكيان الإسرائيلي لا يستهدف سحق مصر وحدها فهذه حلقة ضرورية على الطريق .. وإنما يستهدف السيطرة على العالم بأسره من مركز القيادة في إسرائيل .
لليهود عبر السنين مجلس أعلى لمتابعة شئونهم وخطتهم للسيطرة على العالم ، وكان يجتمع علناً أحياناً وسراً أحياناً أخرى . وهوما يسمى أحياناً الحكومة الخفية . وهذه ليست خرافات كما يتصور البعض . ولكن الكتب التي صدرت حولها ليست محكمة ودقيقة بما يكفي . وتأخذ صورة الحكاوي . ولهذا أقوم بدراسة علمية لتوثيق حركة اليهود في القرنين الأخيرين . ومن علامات الهزيمة التي مثلتها كامب ديفيد أن الدراسات عن اليهود اختفت من المكتبات المصرية ومن المناهج الدراسية والإعلام وبالتالي ضاعت كثير من المفاهيم ، كمفهوم " شعب الله المختار " فاليهود يسمون أنفسهم هكذا ولا يعترفون بباقي البشر رغم أن عددهم يتراوح بين 13- 15 مليون ، لا يعترفون بمليارات البشر ( ربما 7 ملياراً الآن ) لأنهم يعتقدون كما ورد في التلمود وهو عندهم أهم من التوراة أن اليهود من نسل آدم وحواء أما باقي البشر فهم من نسل حواء عندما ( ونستغفر الله ) تواقعت مع بعض الشياطين .وهذا هو الأساس العقائدي لاحتقار (الأغيار) أي غير اليهود واستباحة القيام بأي شيء معهم : زنا - قتل - سرقة - ربا - كذب ، بينما ذلك محرم مع اليهود بعضهم البعض ، لأن هؤلاء الأغيار من نسل الشياطين وهم أشبه بالحيوانات الضالة فكل شيء مباح معهم بلا أي تأنيب ضمير . وهذه هي عقيدة البروتستانت الذين يحكمون أمريكا ، وهكذا تعاملوا مع سكان أمريكا الأصليين ( الهنود الحمر ) . أما التلمود الذي ورد فيه فهو قصة طويلة ، إنه أقوال أحبار بني إسرائيل ولا يوجد تلمود واحد ولكن عدداً لا يحصى ولكن منها الأشهر والأهم . والتلمود أهم من التوراة لأن أحبار بني إسرائيل يصححون للرب أقواله أحياناً !! والعياذ بالله.
ولعل من أبرز مخاطر كامب ديفيد:
1- الاعتراف بإسرائيل بدون حدود:
تحدثنا عن المخاطر العقدية ومن ثم السياسية للاعتراف بهذا الكيان الغاصب لفلسطين على حدود مصر مباشرة / وأؤكد دائماً في كل دراساتي أنه لا تعارض بين الأمور العقدية ( العقائدية ) والسياسة الواقعية ، فالله سبحانه وتعالى لم يفرض علينا واجبات وأوامر تتعارض مع الواقع أو المصلحة ، ولكن مهمتي تكون في أي مقال أو دراسة البرهنة على ذلك والتأكيد بالوقائع أن الموقف الشرعي هو الموقف الأجدى والأنفع والأصلح دنيوياً ، وقد أشرنا لطرف من ذلك ( أن مصر هي الأكثر تضرراً بعد فلسطين من نشأة هذا الكيان ) وسنعود إليه تالياً .. ولم تحدد الاتفاقية الحدود بشكل قطعي وبقيت عدة نقاط أبرزها طابا ولم تحسم إلا بعد سنوات في التحكيم .. ولكن إسرائيل كانت مستعدة منذ البداية لإرجاع سيناء لمصر مقابل فصلها التام عن العرب ، وإخراجها من الصراع العربي - الإسرائيلي ، وهذا هو الثمن الغالي لإرجاع سيناء ، ولكن منزوعة السلاح وسنأتي لذلك . ولكن الاتفاقية لم تنص على العودة لحدود 1967 وبالتالي ظلت الجولان والضفة الغربية وغزة مسائل مفتوحة . ورغم اعتراف مصر بإسرائيل فإن إسرائيل ضمت القدس تماماً وأعلنت أنها عاصمة أبدية ، وضمت الجولان بقرار وتشريع ، وضمت الضفة الغربية عملياً ، بل حدث قبل عودة سيناء توسع إسرائيلي في جنوب لبنان تطور بعد ذلك لاحتلال جزء من بيروت عام 1982 . وخلال المباحثات التالية مع سوريا تأكد أن إسرائيل مصممة على العودة لحدود 4 يونيو 1967 لأن النظام السوري لم يوافق على الشروط المذلة المماثلة للمعاهدة المصرية كمسألة التطبيع الإجباري . ولكن الأهم من ذلك إصرار إسرائيل على التمسك بمصادر المياه في هضبة الجولان وبالأخص بحيرة طبرية ، وبالتالي ظلت الجولان جزءاً من دولة إسرائيل حتى الآن . إن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي لا توجد لها خريطة حدود رسمية قاطعة وكامب ديفيد قننت لها هذا الامتياز ، حيث قال أحد قادة إسرائيل إن حدود إسرائيل تصل حيث تصل الدبابات الإسرائيلية !! ومن ثم انطلقت الصداقة المصرية الإسرائيلية بغض النظر عما تفعله إسرائيل مع باقي العرب في لبنان أو سوريا أو الأردن أو العراق وهي سياسة لا تمت بمبادئ وضوابط الإسلام . بل بغض النظر عما تفعله إسرائيل بمصر !!
2- التسليم بضياع فلسطين:
وهذه جريمة دينية ووطنية وقومية وأخلاقية ، فكما ذكرنا أن الكلمات والعهود والمواثيق أخطر من البنادق والصواريخ والصواعق لأن كل هذه الأخيرة لا تقرر حقاً ثابتاً لأحد ، ولكن المواثيق والكلمات والعهود تعطي شرعية للمعتدي الغاصب . أما بالنسبة للقدس والمسجد الأقصى فقد قاموا بلعبة لا يتذكرها أحد لأنها لعبة سخيفة ولا قيمة لها . فعندما قال السادات لكارتر أن موضوع القدس محرج له ولابد من مخرج بعدم التسليم بضياعها ، وفي وقت أصر فيه بيجن على أن القدس الموحدة عاصمة لإسرائيل أبد الدهر ، توصل المجتمعون إلى هذه اللعبة السخيفة : أن يرسل السادات خطاباً لكارتر رئيس الولايات المتحدة يؤكد فيه تمسكه بالقدس الشرقية التي احتلت في 1967 ، ويرسل بيجن رئيس وزراء إسرائيل خطاباً لكارتر يقول فيه : أنه متمسك بالقدس . وتم وضع الرسالتين في أحد أدراج البيت الأبيض حتى الآن . وشكراً . ومن شدة سخافة هذه اللعبة فإن أنصار لكامب ديفيد لا يشيرون إليها أبداً ولا أحد يتحدث عنها . رغم أن الرسالتين من ملاحق كامب ديفيد . وهذا تلاعب بالمقدسات ، فاستمرار اغتصاب القدس 37 عاماً بعد هذه الواقعة لم يؤثر على الصداقة المصرية الإسرائيلية لأن القدس أصبحت مشكلة فلسطينية - إسرائيلية !!
3- كامب ديفيد فوق الدستور .. وفوق القرآن والسنة:
هذا هو عنوان المقال .. ورغم أن كامب ديفيد علت في كل جوانبها على الدستور والقرآن والسنة كما يبدوا في سياق الحديث إلا أن اليهود لا يتركون شيئاً للصدفة وهم يحذقون فن سد كل الثغرات .. فنصت معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية وهي أهم وثائق عملية كامب ديفيد ، لأنها الصياغة العملية والتنفيذية للسلام المصري الإسرائيلي نصت على أنه في حالة تعارض أي نص بها مع نص آخر لأي اتفاقية أخرى، فإن الالتزام يكون بنص معاهدة السلام . وبالتالي فإن أي نص في أي اتفاقية مع دولة إسلامية يتعارض مع نص في معاهدة السلام يلغي النص الأول ، وهذا خرق واضح وسافر لآيات القرآن الكريم العديدة التي تحدثت عن موالاة المؤمنين بعضهم لبعض دون الكافرين . وقد حدث ما يؤكد ذلك فإن مصر شريكة في اتفاقية الدفاع المشترك العربية . وبالتالي فإن أي اعتداء أجنبي على دولة عربية يحتم مشاركة مصر في الدفاع بشكل أو بآخر مع الدولة العربية ، ولكن مصر لم تحرك ساكناً عندما ضربت إسرائيل لبنان أو الضفة أو غزة أو عندما ضربت أمريكا العراق ، بل كانت مصر تشارك في العدوان على العراق، وتعطي مظلة سياسية لإسرائيل في ضرب لبنان وغزة ، بل وتشارك في المجهود الحربي الإسرائيلي بمحاصرة غزة !! فنحن لسنا إزاء نصوص باردة مركونة في الأضابير ، بل حكام مصر مخلصون لنصوص كامب ديفيد إخلاصاً لم نعهده مع أي نص قرآني أو حديث نبوي ، بل هم مخلصون لنص يناقض وينسخ عشرات من آيات القرآن الكريم ، وليس هذا إلا مجرد مثال ( اتفاقية الدفاع المشترك ) أم أخطر ما في كل هذه القصة ( كامب ديفيد ) هو البند التالي .. الذي يحوي كل المصائب والرزايا التي عانت منها مصر ولا تزال على مدار 3 عقود .. وهو ..
4- تكريس مسألة العلاقات المثلثة " الأبدية ":
بين مصر وإسرائيل وأمريكا بالنص على أن أمريكا هي المشرفة على عملية السلام بين البلدين وستدعمها بمعونة الطرفين . وهذا هو النص الدستوري الأهم الذي يعلو فوق الدستور المصري عملياً ، ويعلو فوق القرآن والسنة بل ويخالفهما على خط مستقيم . فكل الدساتير المصرية من 1971 حتى 2014 تنص على أن مصر جزء من الأمة العربية . ولكن نص كامب ديفيد يعلو فوق ذلك وقد كرس أن العلاقات المصرية - الإسرائيلية - الأمريكية هي الأعلى والأهم ولا تتأثر بأي شيء، فحتى إذا أهانت إسرائيل مصر، بل حتى إذا نشرت الأمراض المميتة عبر التعاون الزراعي لا نستطيع أن نقطع العلاقات معها ، وحتى إذا قتلت أمريكا 2 مليون مسلم في العراق وأفغانستان فهذه مسألة تستوجب الحوار مع أمريكا لا أكثر ، بل أحياناً نشاركها .. ولكن نختلف معها في بعض التفاصيل في مسألة العراق ، لكن بسبب مباراة كرة أعلنا الحرب على الجزائر ، وبسبب روايات ملفقة أعلنا الحرب على غزة .. الخ انتماء مصر منذ 1977 حتى الآن لهذه الدائرة المثلثة فنحن أذلة على الكافرين ونخفض لهم جناح الذل ، أعزة على المؤمنين ! والغريب أن هذا النص لم يوضع في الدستور ولكنه أصبح قرآن حكام مصر : منذ السادات حتى الآن .. " العلاقة المثلثة " .. فأمريكا تحت شعار السلام ولأنها هي اليد العليا بمعونة 2.3 مليار دولار لمصر ( و3.3 مليار دولار لإسرائيل ) فإنها أصبحت تتدخل في كل شئون مصر ليس العسكرية فحسب بل الثقافية والتعليمية والتشريعية والإعلامية والاقتصادية والقضائية ،و إسرائيل تساعدها من خلال يهود أمريكا وأوروبا ومن خلالها مباشرة . وبذلك ضمنت إسرائيل الأمان من أكبر دولة عربية ، وهي لم تكتف بذلك بل عملت على إعمال معول الهدم في مصر ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً .. تدمير الزراعة .. نشر الأمراض من خلال المبيدات المسرطنة .. المخدرات ، الفتن الطائفية .. الخ ومع ذلك تظل صديقة هي وأمريكا بل في الدائرة الأولى . مصر قاطعت على مدار عهد كامب ديفيد كل البلاد العربية والإسلامية وآخرها الآن دعوات لمقاطعة تركيا وقطع العلاقات معها. ولكن إسرائيل وأمريكا من الثوابت فنحن الثلاثة " أمة واحدة من دون الناس " وهكذا قلبنا كل المعاني القرآنية ومعاني الأحاديث الشريفة . وبعد ذلك يتساءل البعض بسذاجة : لماذا حل الشؤم على البلاد وتلاشت البركة ؟!
5- التطبيع إجباري:
وهكذا أصبح التطبيع إجبارياً لا يملك أي حاكم في ظل كامب ديفيد أن يوقف التطبيع مع إسرائيل في حين أنه لو فعل ذلك مع اليابان أو تركيا أو روسيا فلا تثريب عليه . أما مع إسرائيل فقد أصبحت علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري وغيرها نصاً في المعاهدة . إذا أوقفناها ستكون " الطامة الكبرى " !! هذا خطير وسيء بطبيعة الحال ، بل وانتقاص واضح من سيادة البلاد . فمعروف ومستقر أن إقامة العلاقات مع الدول مسألة سيادية واختيارية وهذا ما كان يقوله الرئيس السادات في أحاديثه العلانية قبل التوقيع على الاتفاقية ، ولكنه رضخ؛ لأنه اختار "سكة اللي يروح ما يرجعش" فبعد كل ما عمله من زيارة إسرائيل وإلقاء خطاب في الكنيست ولقاءاته الودية مع الإسرائيليين وحديثه المفعم عن السلام الأبدي ، لم يكن بإمكانه أن يعلن فشل مفاوضات السلام فوافق على كثير مما كان يرفض وليست هذه النقطة الجوهرية فحسب . ( راجع دراسة كامب ديفيد في الميزان ) . ومع ذلك فإن ما يروجه الإعلام وساسة الحكومة أخطر من هذا النص . وأقصد إرهاب الناس من مسألة عدم الالتزام بأي شيء في المعاهدة وأنها يمكن أن توردنا مورد التهلكة ، علماً بأن إسرائيل لا تلتزم بكثير من بنود المعاهدة ولم تتعرض لأي مخاطر أو عقوبات . ويروج الإعلام الرسمي أن المعاهدات مقدسة أكثر من القرآن وكأن دول العالم تلتزم فعلاً بالمعاهدات بدقة وبكل بنودها . وهذا ترويج للأكاذيب لتخويف الناس وتعليمهم الجبن والخوف من أمريكا وإسرائيل . وأسهل كلمة تقال : هل تريدون أن نحارب أمريكا وإسرائيل مرة أخرى ؟! وتذهب مصر في داهية ؟! وعلى سبيل المثال صرح مرة مراد موافي مدير المخابرات العامة السابق عندما كان محافظاً لشمال سيناء : بأن دخول حرب مع إسرائيل معناه عودة البلاد 100 سنة للوراء . وعندما يقول ذلك رمزاً للجيش المصري كان يتولى حرس الحدود .. فهذه كارثة . طبعاً الإعلام امتلأ بمثل هذا الغثاء منذ 37 سنة . بل صوروا للشعب أن الإخلال بأي بند من كامب ديفيد يعرضنا للحرب ولضياع سيناء مرة أخرى . وأنا استطرد في هذه النقطة لأن السياسات والأجواء التي ارتبطت بمرحلة كامب ديفيد أخطر من نصوص المعاهدة ذاتها . فعلموا الشعب أن القانون الدولي مقدس وأن التراجع عن تصدير الغاز لإسرائيل يعرضنا لعقوبات دولية في المحاكم . وواقع الأمر أن الدساتير والقوانين تحترم إلى حد معقول داخل كل دولة على حدة ( في البلاد غير الاستبدادية ) أما القانون الدولي فهو لا يحترم أساساً بين الدول ، ولا يتم الالتزام به إلا من قبل الضعفاء ، ولا يوجد أصلاً قانون دولي !! بمعنى أنه لا يوجد سفر أو مجلد أو كتاب اسمه القانون الدولي كما يوجد كتاب اسمه الدستور ، ولا يعتبر ميثاق الأمم المتحدة هذا الكتاب بل القانون الدولي مجموعة من القواعد المنبثقة من مجموعة من المعاهدات المتشابكة العديدة ولا يوجد إجماع حول تفسيرها !! فكل دولة تفسرها على هواها وهناك مدارس ووجهات نظر في كل مسائل القانون الدولي . وعملياً فإن تفسير القوي هو الذي يطبق على أرض الواقع . ولا توجد جهة دولية تقوم بدور الحكومة المحلية في فرض القانون .
يقولون أن قرارات مجلس الأمن إلزامية ولكن معظم قراراته لا تنفذ خاصة مع إسرائيل ، كذلك لا تصدر قرارات ضد دولة عظمى لأن لها حق الفيتو !! والآن أمريكا تفعل ما تريد خارج مجلس الأمن عندما تتوقع فيتو روسي أو صيني كما حدث منذ غزو العراق 2003 . والقوات الدولية الموجودة في سيناء تحت إمرة أمريكا ولا علاقة لها بالأمم المتحدة . وأمريكا تستخدم قوات الأمم المتحدة فقط عندما يكون هناك إجماع دولي ، وهي تكون عادة قوات مراقبة وليست قوات قتالية كقوات اليونيفيل في لبنان . باختصار القانون الدولي هو قانون الذئب الذي يتهم الحمل بتلويث المياه رغم أن منبع المياه عند الذئب !!
ومن قواعد القانون الدولي أن المعاهدات ملزمة للأطراف التي توقع عليها . ومسألة القوة لا تتوقف عند صياغة بنود المعاهدة والإلزام باستمرارها . أي أن المسألة ليست معادلة صفرية فحسب ( فرض معاهدة أو إلغاء معاهدة ) بل في كثير من الأحيان تبقى المعاهدات ولكن يتم انتهاكها من الطرف الأقوى نسبياً ، وإذا استطاع الطرف الأضعف أن يحسن من وضعه فبإمكانه أن ينتهك هو الآخر بعض البنود !! فمثلاً إسرائيل لا تلتزم بدفع تعويضات لمصر عن خسائر الاحتلال حتى الآن وهذا نص في المعاهدة !! ومصر يمكن أن توقف التطبيع في مجال معين أو تدخل قوات مسلحة أكثر لسيناء بالمخالفة للمعاهدة بدون إذن إسرائيل .. وهكذا يتم تبادل الانتهاكات حسب موازين القوى .
من الأمثلة الأخيرة أن قائد حلف الناتو أعلن أن من حق الحلف أن يحشد قواته في أي مكان في العالم وهذا التصريح يخالف معاهدات عديدة مع روسيا !! أي أن الانتهاك لا يحدث في صمت بل يحدث أحياناً بتحدي عندما تكون هناك أزمة سياسية . ولا يؤدي ذلك إلى إلغاء روسيا للمعاهدات فوراً . وقد يؤدي حسب حساباتها في أي وقت . وبسبب ذلك كثيراً ما تتحول المعاهدات إلى قطعة ورق مهلهلة ، لا ينظر إليها أحد ولا يتحدث عنها أحد ، ولا تستحق حتى قرار الإلغاء !! . وإذا توجه باحث إلى أرشيف المعاهدات القائمة سيجد مادة طريفة للسخرية والاستهزاء والضحك .
طبعاً كامب ديفيد معاهدة مركزية وإن كان يمكن تعريض بعض بنودها للانتهاك من جانبنا ، ولكن لابد أن تلغى صراحة لأن هناك قوات أمريكية ودولية على أرض سيناء . وقائدها يقدم تقريره للإدارة الأمريكية وليس للحكومتين المصرية والإسرائيلية !! باعتبار أن أمريكا المشرف . وقائد القوات في سيناء شخصية مهمة جداً ، وقد تولاها مرة مسئول محطة المخابرات الأمريكية CIA في السفارة المصرية وهو يجيد اللغة العربية ، فهو موقع استخباري وليس منصب مراقبة بالمعنى الضيق والفني . أما بالنسبة لتقييد القوات المصرية في سيناء فأرجو مراجعة دراسة ( كامب ديفيد في الميزان ) على موقع الاستقلال .
ولكن إلغاء كامب ديفيد لا يعني إلغاء كل ما فيها من بنود مذلة لمصر فحسب بل سيعني ضربة لعلاقات التبعية للولايات المتحدة التي أصبحت شبكة معقدة على أرض الواقع ولكن لا يمكن تفكيكها بالتدريج لأنها لن تتركك بل ستلتف عليك وتخنقك لابد من ضربة سريعة ومفاجئة تصيب الرأس بالشلل وتقطع صلته بالأطراف ، وهو أمر يتطلب حشد جماهير الأمة حول هذا المطلب ، كما حدث في إسقاط معاهدة 1936 عام 1951 والتي أدت في النهاية لخروج الإنجليز بعد إسقاط الملكية . أهم شيء في إلغاء كامب ديفيد هو إلغاء هذه العلاقة المثلثة " المقدسة "، وإلغاء حكاية الإشراف الأمريكي على السلام التي تحولت إلى إشراف أمريكي على التعليم حتى حضانات الأطفال ! وإعلان الاعتذار عن الاستمرار في قبول المعونة الأمريكية التي أصبحت مجرد سلاح خردة للجيش المصري لا يصلح لمحاربة إسرائيل ولكن يصلح للاستعراضات العسكرية وضرب المتظاهرين
(نواصل)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.