و ستبقى مذبحة "أبو زعبل" لعنة على مرتكبيها، حيث راح ضحيتها 38 معتقلا مصريًا من رافضى الانقلاب العسكرى، سطرت المجزرة أحداثها بدماء الأبرياء الذين كانوا يرفضون الانقلاب ولم يكن لهم أى جريمة تذكر . جاءت الذكرى الأولى لمجزرة "أبو زعبل"، و التى تعد من ضمن المجازر التى ارتكبتها قوات السيسى بحق رافضى الانقلاب العسكرى عقب فض رابعة و النهضة ورمسيس والذى قاده السيسى، حاملة فى طيَّاتها حزنًا كبيرًا لاستشهاد 38 من المعتقلين السياسيين أثناء ترحيلهم إلى سجن أبو زعبل، فيما عُرف بمذبحة "سجن أبو زعبل" بعدما أطلقت قوات السيسى قنابل الغاز السامة فى عربة الترحيلات، مما أدى إلى وفاتهم بالاختناق. وكشف تحقيق أجرته صحيفة "جارديان" البريطانية تفاصيلًا مروعة للمجزرة، وتضمن التحقيق شهادات موثقة لناجين وعسكريين، لما واجهه السجناء خلال نقلهم إلى المعتقل، والطريقة التى قضى بها على بعضهم. تقول الصحيفة: "إنه فى صباح يوم 18 أغسطس الماضى ألقى 45 رجلا مكبلين داخل سيارة تتسع ل24 شخصا، بعد ساعة توقفت السيارة فى سجن أبو زعبل فى ظل اكتظاظ شديد وصعوبة بالغة فى التنفس فى درجة حرارة تقارب الأربعين". وأُجبر المعتقلون بحسب التحقيق على انتظار ستمائة معتقل آخرين استغرق إنزالهم ساعات، ولما طال بهم العهد بدؤوا فى الاستغاثة والطرق على أبواب العربة، وبحسب شهادة الناجى حسين عبد العال، فقد طلب منهم قادة الانقلاب أن يسبوا الرئيس محمد مرسى، ثم أن يطلقوا على أنفسهم أسماء نساء، ففعلوا ولم يجدوا غير الاستهزاء. وبعد أن ظلوا لحوالى سبع ساعات فى "عربة الموت" سمح لهم أخيرا بالنزول، ولكن حينها كان بعضهم يحتضر. يقول التحقيق: "إنه بعد ذلك قال ضباط كذبًا فى التحقيقات إن السجناء قاموا باحتجاز ملازم، مما حدا بأحد العسكريين لإلقاء قنبلة غاز داخل العربة، لكن روايات ممن نجا من السجناء تكذب ذلك". كما صرح المتحدث باسم المشرحة التى نقلت إليها الجثث أن الغاز كان المسمار الأخير فى نعش الضحايا. وكان حقوقيون قالوا فى وقت سابق: "إن المعتقلين الذين استشهدوا فى سجن أبو زعبل تعرضوا للتعذيب والحرق بهدف إخفاء الأدلة، مطالبين بلجنة تحقيق دولية فى ظل ما وصفوه بغياب منظومة العدالة فى البلاد". يذكر أن السلطات المصرية لم تحاسب -حتى الآن- أي مسؤول عن تلك الجريمة، واكتفت النيابة بتوجيه تهمة الإهمال والقتلِ الخطأ لأربعة عسكريين. وقال الشاهد الناجى من المذبحة، ويدعى محمد عبد المعبود إبراهيم من محافظة الشرقية: "إنه ألقى القبض عليه وأربعة آخرين فى كمين للجيش بطريق القاهرةالسويس الصحراوى، بينما كانوا فى طريقهم إلى بلدتهم؛ لدفن أحد القتلى بفض اعتصام رابعة العدوية". وأضاف أنه تم ترحيلهم بصحبة أربعين آخرين إلى سجن أبو زعبل بعد احتجازهم بقسم مصر الجديدة لمدة ثلاثة أيام، مشيرا إلى أن سيارة الترحيلات اكتظت بهم، وطالبوا بركوب سيارة ترحيلات أخرى، لكن طلبهم قوبل بالرفض. وأكد شاهد العيان: "إنهم ظلوا داخل سيارة الترحيلات داخل أسوار سجن أبو زعبل منذ السادسة صباحا وحتى الثالثة عصرا، مشيرا إلى أن أغلب المحتجزين سقطوا ما بين قتيل أو مغمى عليه باستثناء نحو خمسة فقط". وتابع أنهم ظلوا يصرخون طلبا للماء، أو لخروجهم من سيارة الترحيلات، لكن أحد أفراد وزارة الداخلية الموجودين خارج السيارة قال لهم "مش مشكلة... إحنا عاوزينكم تموتوا"، وفى أحيان أخرى كان يطلب منهم سب أنفسهم وسب الرئيس مرسى. وختم الناجى من الموت بمذبحة أبو زعبل شهادته المروعة بأن أحد الضباط بعد خروجهم من سيارة الترحيلات كان يمرر صاعقا كهربائيا على الموتى فى محاولة لإفاقتهم ظنا منه أنهم مغمى عليهم فقط. و بعد انتشار صور الضحايا الأليمة بكافة وسائل الإعلام وضع الانقلابيون فى موقف محرج و اضطروا لفتح تحقيق صورى فى الواقعة فى مسرحية هزلية تعكس مدى فساد قضاء السلطة الذى بات يخدم الانقلاب فقط، و التى انتهت بحكم البراءة للمتهمين ! فيبدو أن هذه ما كانت إلا محاولة من قبل نائب عام الانقلاب هشام بركات؛ لتهدئة الرأى العام وقتها بعد انتشار الصور الأليمة للضحايا . لم تكن هذه المذبحة هى الأولى، حيث سبقها العديد من المذابح وراح ضحيتها الآلاف، فى المجازر التى ارتكبها قادة الانقلاب الدموى، ومنها " مجزرة بين السرايات، مجزرة الحرس الجمهورى، مجزرة رمسيس الأولى، مجزرة حرائر المنصورة، أحداث المنصة، مجزرة بور سعيد" .