تمكن مجاهدو المقاومة الإسلامية من تحرير العاصمة الصومالية، مقديشو، يوم الخميس بعد أقل من 24 ساعة على انسحاب قوات الاحتلال الإثيوبية منها، وفق شهود عيان. وكانت قوات الاحتلال الإثيوبية قد سحبت آخر جنودها من قواعدها في مقديشو ليل الأربعاء، أمام هجمات المجاهدون وبعد عامين من دخولها لدعم الحكومة المغتصبة للسلطة في الصومال. ومباشرة سيطرت المقاومة الإسلامية، على القواعد العسكرية التي كانت قد تحتلها القوات الإثيوبية، وقال صحفي صومالي إن المدينة أصبحت تحت سيطرة الإسلاميين. وحظي الاحتلال الإثيوبي بدعم الولاياتالمتحدة. وردت المقاومة الإسلامية على الاحتلال الإثيوبي والحكومة الانتقالية بشن حرب حررت كل أراضي الصومال، وتعتبر حركة الشباب المجاهدين أبرز الحركات الجهادية في الصومال. ظهرت حركة شباب المجاهدين كواحدة من أهم الفصائل المسلحة الصومالية ذات الوجود العسكري الملحوظ في ساحات المعارك، وكانت جزءًا مهمًّا من اتحاد "المحاكم الإسلامية" قبيل انهياره، وإعلانها فيما بعد اختلافها مع "تحالف إعادة تحرير الصومال" بزعامة شيخ شريف شيخ أحمد الذي كان يرأس اتحاد المحاكم الإسلامية، معتبرةً أن هذا التحالف انحرف عن المنهج الإسلامي الصحيح، وضم بين صفوفه علمانيين. وبالرغم من عدم وجود تاريخ محدَّد لتأسيس الحركة إلا أنها أعلنت في 22/12/2007م عن أميرها الجديد، واسمه الحركي أبو زبير مختار عبد الرحمن خلفًا لأميرها السابق القائد إسماعيل عرالي، والذي أسر منتصف العام الماضي 2007م في جيبوتي، وهو الآن أسير في جوانتانامو. وبدأت الحركة في التركيز على المجال العسكري؛ حيث خاضت معارك شرسة ضد قوات الاحتلال الإثيوبي وقوات الحكومة الانتقالية. وبعد مرور وقت ليس طويلاً بدأت الحركة في السيطرة على الكثير من البلدات والمدن الإستراتيجية؛ ففي فترةٍ وجيزةٍ تمكَّنت حركة شباب المجاهدين من السيطرة على مناطق إستراتيجية، مثل بورهاكابا ودينسور ومناطق أخرى مهمَّة على الخارطة العسكرية في الصومال، وخاضت معارك طاحنة في مناطق أخرى، مثل مطار بلدوغلي. ومع توالي انتصارات حركة شباب المجاهدين بدأ القلق والخوف الأمريكي على حلفائها من الإثيوبيين وقادة الحكومة الانتقالية في الصومال، ومع تأكُّد الإدارة الأمريكية من اقتراب هزيمة عملائها في الصومال بدأت وزارة الحرب الأمريكية (البنتاجون) في مهمات تجسُّسية بطائرات تجسُّس بدون طيار تجوب سماء العاصمة ومناطق أخرى، وتوجيه ضربات عسكرية جوية لقادة حركة الشباب، وما يؤكِّد هذا الضربة الجوية التي قامت بها طائرات حربية أمريكية على منزلٍ قالت إن أحد قادة القاعدة يختبئ فيه، إلا أن هذا الهجوم كان يستهدف بالذات قائدًا في حركة شباب المجاهدين، وأسفر عن مقتل 3 أشخاص، وباء الهجوم بفشل ذريع. ولم تكتفِ الإدارة الأمريكية بذلك فقط، بل إنها سارعت إلى تصنيف حركة "شباب المجاهدين" بأنها منظمة إرهابية أجنبية لكي تزيد الضغط على ما تقول واشنطن إنها الرابطة الرئيسية لتنظيم القاعدة في هذه الدولة بالقرن الإفريقي. ووضع هذا التصنيف الأمريكي حركة الشباب إلى جانب منظَّمات تعتبرها الإدارة الأمريكية إرهابيةً، مثل القاعدة وجبهة نمور تحرير تاميل إيلام في سريلانكا وحركة حماس في فلسطين. وفي أعقاب إعلان الإدارة الأمريكية إدراج حركة الشباب على قائمة المنظَّمات "الإرهابية"، فإن الحركة وفي أول رد فعلٍ على القرار الأمريكي سارعت إلى الترحيب بالإعلان الأمريكي. وقال مختار روبو أبو منصور الناطق باسم الحركة: "إن الحركة سعدت وتفخر بقرار الولاياتالمتحدةالأمريكية وضعها في لائحة الإرهاب"، مضيفًا أن واشنطن وضعت الحركات الإسلامية والتحريرية في العالم كله في لائحتها لقوى الإرهاب، وأكَّد أنه لا يوجد تفسير جامع للإرهاب، "وما تريده منا أمريكا هو أن نستسلم للأحباش الذين أتَوا إلى بلادنا بدعم منها"، مؤكِّدًا أن هذا لن يحدث لأن خيار الحركة الوحيد لطرد الاستعمار هو القتال. واعتبر أن الإدارة الأمريكية أرادت من وراء قرارها هذا تخويف الحركات الإسلامية الأخرى ودفعها إلى الخضوع لها؛ الأمر الذي قد يؤدي وفقًا لتخطيطها إلى نشوب حرب بين حركات المقاومة الإسلامية في الصومال. وبحسب محلِّلين سياسيين فإن إدراج حركة الشباب المجاهدين في لائحة الإرهاب الدولية جاء بسبب نجاح الحركة في إفشال مشروع بوش السري في الصومال وفشل الحلفاء الإثيوبيين في مساعدة الحكومة الانتقالية في بسط نفوذها على عموم الصومال، بل والتورُّط في محنةٍ سبَّبتها لهم الإدارة الأمريكية وحربها المزعومة على الإرهاب؛ فإثيوبيا لم تظن للحظةٍ أن الوضع سيئُول إلى هذا الشكل المأساوي على قواتها التي كانت تسحل يوميًّا في شوارع مقديشو وسط فرحة الأهالي والتكبيرات.