أجازت "دار الإفتاء" في فتوى رسمية، التعامل مع البنوك، والحصول على فوائد الأموال المودعة، مؤكدة أن القول الذي ذهب إلى توصيف المعاملة بين البنك والمودع والمستثمر أنها من قبيل الاستثمار هو الأولى بالإتباع، رغم إشارتها إلى وجود اختلافات حول أعمال البنوك والحكم عليها والإفتاء بشأنها. وأباحت الفتوى إيداع الأموال في البنوك لاستثمارها في تمويل المشروعات الكبيرة، وأخذ عائد استثماري عن المبلغ المودع و"إن كان محددا"، كما أجازت للبنك أن يأخذ العائد المتفق عليه مع أصحاب المشروعات الكبيرة التي يتم تمويلها، "باعتبار ذلك استثمارا وليس قرضا ولذا فهي من العقود الجديدة غير المسماة التي يجوز استحداثها". وأوضحت أن هذه الفتوى راعت الحالة المصرية، طبقا لآخر تعديلات قانون البنوك ونظام البنك المركزي وقواعد الجهاز المصرفي وكل الأنظمة المشابهة لذلك في الدول الأخرى، أما النظم التي لا تشابه ذلك أو تعده قرضا أو تجيز الإقراض مع الزيادة؛ فالأصل فيها الحرمة وتحتاج مع ذلك لبحوث مستقلة. وشددت "دار الإفتاء" على أن الربا محرم بالقرآن والسنة النبوية والإجماع وهو من الكبائر والسبع الموبقات، وحرمته من المعلوم من الدين بالضرورة، وقد أجمعت الأمة الإسلامية على حرمته. واستعرضت الخلاف حول توصيف الودائع ودفعها للمستثمرين مقابل حصول المودع والبنك على فائدة، مؤكدة أن الاختلاف بين علماء الإسلام نجم عن الاختلاف بين فقهاء القانون والاقتصاد في توصيف هذه المعاملة؛ فأهل القانون يرون أن العلاقة بين المودع والبنك وبين البنك والمستثمر هي قرض، ويرون الفائدة التي يأخذها البنك من المستثمر هي نفع نتج من الإقراض، لذا ذهب الفقهاء الذين تتابعوا هذا التوصيف إلى أن ما يحدث بين البنك والمودع والمستثمر هو الربا لأنه قرض جر نفعا. أما أهل الاقتصاد، فيقولون إن العلاقة هي الاستثمار، وإن الفائدة من قبيل العائد الاستثماري الثابت، وعليه يكون البنك وكيلا عن المودع في استثمار هذه الأموال، والعائد الاستثماري تم الاتفاق عليه بالتراضي بين البنك والمودع، حيث يقصد المودع أن يستثمر له البنك هذه الأموال فيما أحله الله مع تحديد الربح مقدما زمنا ومقدارا، وقد وقع الاختلاف بين الفقهاء الذين تتابعوا هذا التوصيف في تحديد الربح مقدما، فمنعه بعض الفقهاء وقالوا إنه حرام وغير جائز شرعا. بينما رأى فريق آخر من الفقهاء، أن هذه المعاملة لا تخضع لأي نوع من أنواع العقود المسماة التي ورد بشأنها التحريم، وهي معاملة نافعة للأفراد والمجتمع وليس فيها استغلال أو غش أو خداع أو ظلم من أحد طرفي التعامل للآخر، أو هي من قبيل المضاربة الشرعية، ولا يمنع من كونها مضاربة تحديد الربح مقدما، لأنه من باب الوعد لتحقيق هذا المسمى عند التعاقد اعتمادا على الغالب في مثل هذه المعاملات من تحقيق الربح في المعاملات التي تحققت قبل هذا العقد، والوعد ملزم عند بعض الفقهاء كما هو مذهب المالكية.