بدأت مباحث أمن الدولة في استدعاء أئمة وخطباء المساجد الكبري علي مستوي الجمهورية لمناقشتهم حول الخطوط الحمراء التي لا يجب عليهم تجاوزها في خطبهم وندواتهم خلال شهر رمضان، وطلبت مباحث أمن الدولة من الأئمة تجنب الحديث في السياسة الداخلية ومن بينها غلاء الأسعار، في حين سمحت لهم بانتقاد سياسة الدول الخارجية مثل أمريكا وإسرائيل. عملية استدعاء الأئمة من قبل مباحث أمن الدولة رواها لنا الشيخ «عثمان .ع» - 35 سنة - أحد أئمة المساجد الكبري بالصعيد، مشيراً إلي أن ضباط أمن الدولة كانوا في غاية الحزم وهم يؤكدون ضرورة عدم تناول غلاء الأسعار أو الفساد الداخلي بالخطب والندوات الرمضانية، وقد حذرهم أحد الضباط قائلاً: «البلد علي كف عفريت.. مش عايزين تهييج للناس». وقد استمرت مناقشة كل مجموعة من الأئمة مدة لا تزيد علي نصف ساعة وهو ما اعتبره الأئمة بمثابة بيان عاجل أرادت أجهزة الأمن توجيهه إليهم. من ناحية أخري وزعت وزارة الأوقاف تعليمات هذا العام ولأول مرة علي خطباء وأئمة المساجد بمحافظة الدقهلية تأمرهم بالالتزام بها خلال شهر رمضان وحذرت من أن مخالفة تلك التعليمات يعرض صاحبها للعقاب والمساءلة القانونية، وقد صدرت تعليمات بعدم تمكين أحد من إلقاء كلمات داخل المساجد إلا بخطاب من الأوقاف، وعدم جمع تبرعات من المصلين داخل المساجد ومنع الاعتكاف والإفطارات الجماعية بالمساجد وعدم استخدام مكبرات الصوت قبل صلاة الفجر والصلاة الجهرية خصوصاً صلاة التراويح والاكتفاء فقط بالسماعات الداخلية بالمساجد. وعدم استخدام المساجد في عقد القران إلا بخطاب رسمي من الأوقاف يسمح بذلك ويكون تحت إشراف الإمام وغلق المساجد بعد صلاة التراويح مباشرة ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل أمرتهم بعدم الخروج إلي الساحات في صلاة العيد والصلاة في المساجد، ومن ثبت عليه أنه ترك مسجده وخطب في أي مكان «ساحة أو جمعية شرعية أو أنصار سنة» يحول الإمام إلي الشئون القانونية والجهات المختصة ما لم يكن معه خطاب رسمي من الأوقاف. يأتي هذا في الوقت الذي أكدت فيه وزارة الأوقاف عدم صحة صدور قرار منع الاعتكاف خلال شهر رمضان المبارك وأنه لم تصدر عنها أي تعليمات بشأن منع إقامة هذه الشعيرة المباركة. وذكرت الوزارة في بيان صحفي لها أنها الجهة المنوطة بشئون الدعوة والمسئولة عن إقامة الشعائر بجميع المساجد في مصر وانطلاقاً من حملها هذه الأمانة تحرص حرصاً شديداً علي إحياء سنة الاعتكاف وذلك باختيار عدد من المساجد لإحياء هذه الشعيرة وفقاً لرغبة رواد المساجد. وقد استغرب عدد من الدعاة وأساتذة الشريعة تلك الإجراءات التي اعتبروها تعدياً علي شعائر الإسلام واستنكروا كل ما من شأنه التضييق علي المسلمين في أداء طاعتهم وعبادتهم. وقد أثار هذا القرار جدلاً واسعاً وإجماعاً علي رفضه من جموع أئمة المساجد خصوصاً مع إصرار الوزارة هذا العام علي توقيع كل إمام بتسلم القرار وتسلمه كذلك نسخة بيده واعتبر الدكتور محمد الصاوي - أستاذ الشريعة - مثل هذا القرار خاطئاً جملة وموضوعاً وقال «لا شك أن له أبعادا سياسية»، لكن - ولله الحمد - فإن قرارات المنع هذه عادة ما يكون لها رد فعل عكسي وتدفع الناس إلي المزيد من التمسك بدينهم. وتساءل: ألم يقرأ صاحب القرار قول الله تعالي: «ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعي في خرابها»؟ ووصف القرار بأنه قرار جائر وخطير وسابقة، يتحمل وزرها من عمل علي تنفيذها. من ناحية أخري استدعت أجهزة الأمن معتقلي الجماعة الإسلامية المفرج عنهم حديثاً وطالبتهم بالتزام الهدوء وحذرتهم من أداء الصلاة خارج محافظاتهم أو القيام برحلات للدعوة خلال شهر رمضان وهي الرحلات التي تجوب المحافظات بعد موافقة مباحث أمن الدولة. يذكر أن أمن الدولة قد رفضت أكثر من ألف طلب تقدم به المعتقلون المفرج عنهم حديثاً للقيام برحلات للدعوة بالمحافظات.