شهدت أفغانستان أمس يومًا داميًا وحزينًا على قوات التحالف الصليبي، ونصرًا كبيرًا لقوات المجاهدين من حركة طالبان – طليعة المقاومة الأفغانية البطلة – تمثل في هجوم كبير شنه المجاهدون على قاعدة أمريكية شرق أفغانستان وصفها الخبراء بأنها من أشد المعاقل الأمريكية تحصينًا هناك. غير أن المجاهدون لا يهمهم قوة عدوهم، وذلك لتوكلهم الكامل على ربهم وثقتهم في نصره عز وجل، حيث قامت قوة مسلحة أمس بشن الهجوم عل القاعدة الأمريكية من أكثر من جهة ونجحوا في إحداث ثغرة كبيرة بجدار القاعدة، حيث فوجئ العلوج الأمريكان بالمجاهدين فوق رؤوسهم يحصدونهم بنيرانهم، حتى بلغ عدد القتلى الأمريكان أكثر من 9 قتلى –كما أعلنت قوات الاحتلال الأمريكي وما خفي كان أعظم - وإصابة عشرات آخرين، ويأتي ذلك بالتزامن مع تنفيذ المقاومة الأفغانية عمليات فدائية ضد قوات "الناتو" والجيش الأفغاني العميل أسفرت أيضًا عن مصرع وإصابة عدد منهم. ويومًا بعد يوم يثبت المجاهدون تفوقهم النوعي على قوات الاحتلال الصليبي رغم تقدم عتادها وتدريب جنودها العالي، ويؤكدون لكل العالم أن أفغانستان لم ولن تكون لقمة سائغة لأعداء الله والإسلام. فقد أعلن أمس مسؤول في حلف شمال الأطلسي (الناتو) مساء الأحد إن تسعة جنود أميركيين قتلوا في معركة ، بينما أعلنت قوات إيساف إصابة 15 من عناصرها في يوم دام شهد العديد من العمليات المتلاحقة في مختلف أرجاء البلاد. وأضاف المسؤول أن الجنود قتلوا في ولاية كونر حيث دارت معركة استمرت يوما كاملا. وتقع الولاية على مقربة من الحدود الباكستانية. واستهدف الهجوم "النوعي" الذي قام به مجاهدو طالبان قاعدة عسكرية أمريكية تقع في قرية "وانات" في إقليم "كونار" شرق أفغانستان، نجح المجاهدون فيه فب فتح ثغرة في جدار القاعدة الأمريكية وقاموا بفتح النار على جنود الاحتلال الأمريكي بكثافة. وقال متحدث باسم قوات "حلف شمال الأطلسي" بأفغانستان أن مسلحي طالبان أطلقوا النيران من أسلحتهم الخفيفة ورشاشاتهم، كما ألقوا القنابل وقذائف الهاون من المنازل والمحال التجارية ومسجد قرية وانات، وذلك بغية التغطية على الهجوم. وأشار المسؤول إلى أن ثمانية من القتلى التسعة كانوا من القوة الدولية للمساعدة في إرساء "الأمن" في أفغانستان (إيساف)، بينما ينتمي الجندي التاسع لقيادة قوة منفصلة تقودها الولاياتالمتحدة. وأعلن بيان للتحالف الصليبي أن 15 من عناصره إضافة إلى أربعة جنود أفغان أصيبوا في اشتباكات عنيفة في أفغانستان قرب الحدود الباكستانية الأحد. وتعتبر هذه المعارك من أعنف المعارك التي خاضتها قوات التحالف الصليبي التي قامت باحتلال أفغانستان أواخر عام 2001. ويعد الهجوم الذي قام به المجاهدون أمس هو الأكثر دموية في صفوف القوات الأمريكية منذ مايو/أيار 2006. ففي يونيو/حزيران 2005، لقي 16 جنديا أمريكيا مصرعهم عندما أصابت قذيفة مروحية كانت تقلهم في نفس المنطقة. وقبل ذلك بشهرين، لقي 15 جنديا أمريكيا مصرعهم، إضافة إلى ثلاثة متعاقدين، عندما تحطمت مروحيتهم "التي كانت تحلّق في ظروف جوية قاسية" قرب غزني. وفي مايو/أيار 2006، لقي 10 جنود أمريكيين حتفهم في تحطم مروحيتهم قرب أسدأباد في إقليم كونار. وبلغ عدد القتلى في صفوف القوات الأمريكية في أفغانستان 470 منذ بدء الحرب هناك. وكانت ما يسمى ب "قوات التحالف الدولي في أفغانستان" زعمت في وقت سابق إن نحو أربعين مسلحا قتلوا في مواجهات على مدى اليومين الماضيين في جنوب البلاد. وقال بيان للتحالف إن المسلحين شنوا هجوما على دوريات للقوات الدولية في ولاية هلمند أمس، مشيرا إلى استخدام الضربات الجوية في عمليات قال إنها كانت لا تزال مستمرة، وتحدث البيان عن تدمير عدد من القوارب والجسور الصغيرة في نهر هلمند. وتأتي تلك التطورات بعد ساعات من تفجير فدائي استهدف دورية للشرطة الأفغانية في ولاية أورزوغان وسط أفغانستان، حيث اعترفت الشرطة بمقتل خمسة من عناصرها في الهجوم الذي نفذه فدائي باستخدام دراجة نارية. وفي تطور آخر قتل جندي من قوات إيساف التابعة للناتو في انفجار بهلمند أيضا، طبقا لبيان عسكري من الناتو دون إيراد أي تفاصيل. كما أشار البيان إلى وفاة جندي آخر متأثرا بجراحه, دون أن يكشف جنسيته. من جهة ثانية اندلعت مواجهات جديدة في ولاية كونر شرق أفغانستان إثر هجوم مسلح على قافلة لقوات الناتو التي اتهمت المهاجمين باستخدام المدنيين والمساجد دروعا بشرية. وأشار المتحدث باسم وزارة الدفاع الأفغانية إلى إصابة أربعة من رجال الشرطة في مواجهات كونر. ورغم زعم التحالف الصليبي نجاحه عام 2007 في تحجيم عمليات المقاومة الأفغانية بقتل أو اعتقال قياداتها، إلا أن أفغانستان تشهد عودة قوية للهجمات والعمليات التي تنفذها عناصر المقاومة الباسلة. وتطابق الأحداث على أرض الواقع مع تقرير حديث للبنتاغون تحدث عن إعادة حركة طالبان المتشددة تنظيم صفوفها وتشكيل "تمرد مرن"، والتقرير، الذي جاء بعنوان "تقرير حول الأمن والاستقرار في أفغانستان"، هو الأول من نوعه الذي يرفع إلى الكونغرس. وجاء في التقرير أنه رغم بعض التقدم الذي تم إحرازه في الحرب المعلنة ضد الحركة، التي أطاح بها الغزو الأمريكي لأفغانستان في أواخر عام 2001، إلا أنه من المتوقع حدوث بعض التراجع عن هذا التقدم. وتوقع تقرير وزارة الدفاع الأمريكية عودة الحركة عام 2008، وجاء فيه: ""من المرجح أن تحافظ حركة طالبان، بل وقد تزيد من مدى هجماتها الإرهابية وتسرع منها خلال العام 2008."