محافظ بني سويف: زراعة 100% من المستهدف بالمرحلة الثانية من مبادرة 100 مليون شجرة    الناتو يوافق على مهمة دعم وتدريب لأوكرانيا    كندا ترسل 2300 صاروخ من طراز "CRV7" إلى أوكرانيا    خبير: كلمة الرئيس السيسي بمؤتمر غزة خاطبت الشعور الإنساني العالمي    «أولمبياد باريس 2024 الأخيرة».. رافائيل نادال يعلن موعد اعتزاله التنس    «حاجة تكسف».. تعليق ناري من أيمن يونس على تصريحات محمد عبدالوهاب    بروكسي: ندرس عدم مواجهة الزمالك في بطولة الكأس    السجن المشدد 3 سنوات وغرامة 50 ألف جنيه لمتهم بحيازة حشيش وسلاح في الشرقية    حبس عاطلين بتهمة سرقة هواتف المواطنين بالأزبكية    السجن من 3 ل7 سنوات للمتهمين بقتل الطفلة ريتاج بمدينة نصر    دعاء يوم عرفة 2024.. الموعد وفضل صيامه والأدعية المستحبة    محافظ الشرقية يفتتح النصب التذكاري للشهداء    تخرج الدورة الأولى للمعينين بالهيئات القضائية من الأكاديمية العسكرية المصرية    الأنبا تيموثاوس يدشن معمودية كنيسة الصليب بأرض الفرح    الكويت: حبس مواطن ومقيمين احتياطا لاتهامهم بالقتل الخطأ فى حريق المنقف    يورو 2024.. نزلة برد تجتاح معسكر منتخب فرنسا    تطورات جديدة في بلاغ سمية الخشاب ضد رامز جلال    اليوم.. نتفليكس تعرض فيلم الصف الأخير ل شريف محسن    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الجمعة 14-6-2024، السرطان والأسد والعذراء    وزير التجارة يبحث مع اتحاد المصنعين الأتراك مقومات الاستثمار بمصر    أسواق عسير تشهد إقبالًا كثيفًا لشراء الأضاحي    تعرف على شروط الخروج على المعاش المبكر 2024.. للقطاعين (الخاص والعام)    رضا عبد العال: أرفض عودة بن شرقي للزمالك    قرار جمهوري بتعيين الدكتور فهيم فتحي عميدًا لكلية الآثار بجامعة سوهاج    محاولة اختطاف خطيبة مطرب المهرجانات مسلم.. والفنان يعلق " عملت إلى فيه المصيب ومشيته عشان راجل كبير "    رئيس صندوق التنمية الحضرية يتابع الموقف التنفيذي لمشروع "حدائق تلال الفسطاط"    وكيل الصحة بمطروح يتابع سير العمل بمستشفى مارينا وغرفة إدارة الأزمات والطوارئ    «يوم الحج الأعظم».. 8 أدعية مستجابة كان يرددها النبي في يوم التروية لمحو الذنوب والفوز بالجنة    فطار يوم عرفات.. محشي مشكل وبط وملوخية    حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن الأقصر    مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية يحذر من مصدر جديد للأمراض في غزة    صور | احتفالا باليوم العالمي للدراجات.. ماراثون بمشاركة 300 شاب بالوادي الجديد    نقيب الأشراف مهنئًا بالعيد: مناسبة لاستلهام معاني الوحدة والمحبة والسلام    انفجار مولد الكهرباء.. السيطرة على حريق نشب بمركز ترجمة بمدينة نصر    قطع الكهرباء عن عدة مناطق بطوخ الجمعة (موعد ومدة الانقطاع)    بيان عاجل بشأن نقص أدوية الأمراض المزمنة وألبان الأطفال الرضع    آداب عين شمس تعلن نتائج الفصل الدراسي الثاني    قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أكتوبر 2024    مصرع مواطن صدمته سيارة أثناء عبوره لطريق الواحات    ضبط نجار مسلح أطلق النار على زوجته بسبب الخلافات فى الدقهلية    أمل سلامة: تنسيقية شباب الأحزاب نموذج للعمل الجماعي    باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي.. ضبط تشكيل عصابى تخصص فى النصب على المواطنين    المفتى يجيب.. ما يجب على المضحي إذا ضاعت أو ماتت أضحيته قبل يوم العيد    إيران: ما يحدث بغزة جريمة حرب ويجب وقف الإبادة الجماعية هناك    عاجل| رخص أسعار أسهم الشركات المصرية يفتح شهية المستثمرين للاستحواذ عليها    بالأسماء.. غيابات مؤثرة تضرب الأهلي قبل موقعة فاركو بدوري نايل    وزارة الصحة تستقبل سفير السودان لبحث تعزيز سبل التعاون بالقطاع الصحى بين البلدين    محافظ القليوبيه يتابع أعمال إنشاء مستشفى طوخ المركزي    يوم عرفة.. إليك أهم العبادات وأفضل الأدعية    حملة مرورية إستهدفت ضبط التوك توك المخالفة بمنطقة العجمى    «معلومات الوزراء»: 73% من مستخدمي الخدمات الحكومية الإلكترونية راضون عنها    وزيرة التخطيط تلتقي وزير العمل لبحث آليات تطبيق الحد الأدنى للأجور    بالتعاون مع المتحدة.. «قصور الثقافة»: تذكرة أفلام عيد الأضحى ب40 جنيهاً    حريق هائل في مصفاة نفط ببلدة الكوير جنوب غرب أربيل بالعراق | فيديو    البرازيل تنهي استعداداتها لكوبا 2024 بالتعادل مع أمريكا    هاني سعيد: المنافسة قوية في الدوري.. وبيراميدز لم يحسم اللقب بعد    القائمة الكاملة لأفلام مهرجان عمان السينمائي الدولي في نسخته الخامسة    هشام عاشور: "درست الفن في منهاتن.. والمخرج طارق العريان أشاد بتمثيلي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل أصبحنا أمة بلا شرف ولا كرامة ولا دين ؟!
نشر في الشعب يوم 14 - 06 - 2008


مجدى أحمد حسين
[email protected]

قررت أن أكون مع الجماهير المنتفضة لا مع الجماهير التى لا تزال تشاور عقلها. هذا هو سبب توقفى عن الذهاب للمصلين فى جامعى عمرو بن العاص والأزهر وليس بسبب القانون الارهابى الصادر عن المجلس غير الشرعى الذى يجرم التظاهر فى المساجد، لأننى لا أعترف بمجلس الشعب ولا بقوانينه المزعومة. وكذلك لم أتوقف عن الذهاب لجامع عمرو بن العاص بسبب 10 محاضر ضدى بعشر قضايا بعشر سنين سجن!! فكل هذا هراء لا يخيف هرة! ولكن لأن المصلين لم يوفوا بوعدهم ولم يحتشدوا فى مظاهرة أمام مجلس الشعب ضد ارتفاع الأسعار. لذلك قررت أن أنفق ما تبقى لى من عمر وأيام خارج السجن مع الجماهير المنتفضة حتى وان كان ذلك من أجل أبسط المطالب الانسانية لأن الانسان الذى يقاوم الظلم هو الانسان الحى وهو الذى يعول عليه وهو الذى سيتقدم مسيرة التغيير ومن الأفضل أن أموت بين الأحياء! بل ان خطبى فى جامعى الأزهر وعمرو ستتحول الى أسلوب لتنفيس غضب الناس دون عمل، بينما نحن فى زمن العمل، لاتوجد مشكلة فى التحدث الجاد المنضبط بالشرع عدة ساعات ولكن المشكلة ألا يقترن ذلك بالعمل. وفى ضوء هذا التصور الجديد سافرت الى دمياط وبرج البرلس والصف فى أسبوع واحد رغم تعارض ذلك مع أحوالى الصحية وتعليمات الطبيب. فأنا فعلا أريد أن أموت مع صيادى البرلس أو أهلى فى دمياط أو مع شخصيات مستعدة للانتفاض فى الصف التى أصبحت تبع ما يسمى محافظة حلوان. وغير مستعد أن أموت على فراشى كالبعير رغم مافى جسدى من جروح وعلامات اصابات بلطجية الأمن. والمسألة لاتتوقف على احساسى الشخصى فأنا أتحمس شخصيا لأمرما عندما أراه هو العمل الأصوب فى اللحظة المحددة وليس لأننى أحب أن افعل كذا وكذا فلو كان الأمر متعلق برغباتى لجلست فى بيتى أكتب مقالات واتابع كتابة الدراسات.

من الناحية الاستراتيجية فاننا نعانى من مأزق تاريخى بكل ما تحمله الكلمة من معنى. فنحن أمام نظام متهالك وآيل للسقوط بكل المقاييس والمعايير الموضوعية وأمام حالة من الانتفاض الجماهيرى غير مسبوق فى تاريخنا بعد 1952 ، فهو حالة من الانتفاض المستمر والمستطيل على مدار أكثر من عام ولكنه يتراوح بين منخفض ومتوسط ومرتفع الشدة بين لحظة وأخرى وهو كمعدل عام أقرب الى حالة من الانتفاضة متوسطة الشدة ولكنها مستمرة بلا انقطاع تقريبا. ولكن الحلقة الوسيطة والاساسية للتغيير غير جاهزة وهى حلقة القوى والاحزاب الوطنية التى لابد أن تلعب دور قيادة التغيير الثورى. ولا أريد أن أنظر كثيرا فى هذا الأمر لأنه لن يفيد كثيرا. ولكن وصف الحالة أن التنظيم الأكبر المؤهل للقيادة ( الاخوان المسلمين ) مستقيل من الدور التاريخى المناط به ولو بصورة مؤقتة كما نأمل باذن الله. وكان اعلان القيادة المشاركة فى 4 مايو بصورة متأخرة جدا أى يوم 2 مايو. غلطة ولن تعود! وينسحب ممثل الاخوان عن عمد من مشاورات تأسيس جبهة ائتلاف وطنى. وبالتالى تبقى الكتلة الثورية كما هى وهى تتحرك على قدر طاقتها التنظيمية ( العمل – كفاية – بعض اليسار – بعض التيار الناصرى ). وهذا لايضيف جديدا بل ان بعض الأطراف انشغل بأولويات خاصة عن تطوير العمل الجبهوى فى لحظة صعود الغضب الجماهيرى الى الذروة بسبب زيادة أسعار البنزين والسولار.

نحن أمام نخبة مأزومة ومستقيلة أو عاجزة عن القيادة وبالتالى فان التقدم نحو التغيير يرتبط بتجديد دماء هذه النخبة سواء داخل كل تنظيم على حدة أو من خلال تنظيمات جديدة. وهذه الخطة لاتنجح بدون قيام العناصر الحية من النخبة الراهنة بتوثيق الصلات مع الحركات الجماهيرية الصاعدة العمالية والفلاحية والطلابية وبين الموظفين والمهنيين، وتأسيس لجان شعبية ونقابات مستقلة وهيئات أهلية تمثل اوعية منظمة لاحتواء هذا الدم الجديد وتنظيمه وخلطه فى سبيكة واحدة مع من تبقى من الأحياء فى النخبة القيادية الراهنة.
هذه الرحلات الثلاث ( ألف كيلومتر جيئة وذهوبا ) التى قمت بها أثبتت صحة هذه الرؤية التى تأخرت بعض الشىء ولنبدأ من دمياط:

دمياط تعطى درسا لقيادات المعارضة فى القاهرة..
عندما علمت أن الحركة الشعبية فى دمياط قررت تنظيم وقفات أمام كل مساجد المحافظة عقب صلاة الجمعة 6 يونيو 2008 رأيت هذه فرصة مواتية للالتحام بهذه الحركة الرشيدة والقاء اطلالة عليها. ولكن ليس من رأى كمن سمع. وقد كان مارأيته رائعا: المعارضة الشعبية موحدة ومتناغمة ومتجانسة تعمل كفصيل واحد حتى ان الجمهور لايفرق بينهم ويسميهم جميعا المعارضة. أبرز الأدوار للاخوان المسلمين وحزب التجمع والكرامة والأحرار والعمل على الترتيب، مقرا التجمع والأحرار يستخدما كمقرين للجميع، توزيع البيانات والملصقات يتم بشكل جماعى، هناك مجموعة بارزة من المستقلين تلعب دورا رياديا من أبرزهم محمد التوارجى منسق لجان دعم الشعب الفلسطينى. والحقيقة فان هذه المجموعة انصهرت معا خلال العمل الاغاثى والمناصر لانتفاضة الشعب الفلسطينى على مدار سبع سنوات.

النقطة الثانية تخص نجاح هذه القيادة الشعبية فى تعبئة الرأى العام الى أقصى حد ممكن الى درجة تكاد تصل الى 100% باستخدام كافة الوسائل التقليدية والمبتكرة: توزيع نصوص الوثائق والمستندات على الناس ( فعلنا هذا فى حملة الألفى وزير الداخلية السابق ) – بيانات – ملصقات – لافتات قماش تكاد تغطى كل مدينة دمياط – "استكرز" على السيارات والدراجات – أعلام سوداء على الشرفات – مظاهرات - وقفات – مؤتمرات – عرائض توقيعات. ومن الوسائل المبتكرة: مسيرة الدراجات – مسيرة أطفال ونساء – اطلاق بالونات سوداء – نقل احتفال منظمة حابى للبيئة الى دمياط ...الخ.
نقطة ثالثة: ان الحركة تنتقل تدريجيا لربط كارثة أجريوم بباقى الكوارث التى تدهم دمياط ومصر بأسرها بسبب غول الفساد، والعدوان على البيئة وصحة الانسان أحد مظاهر أنشطة هذا الغول. ( دمياط بها نسبة اصابة بالسرطان والفشل الكلوى أعلى من باقى محافظات مصر بسبب وقوعها فى نهاية النيل حيث تتراكم ملوثات مصر بأسرها فى مجرى النهر النهائى ).

أقول اذا تعلمت قيادات المعارضة المركزية هذه الدروس من الحركة الشعبية فى دمياط ما كان هذا حال المعارضة السياسية.
باختصار لقد تحولت المحافظة بأسرها الى حالة من الانتفاضة المستمرة، وغباء السلطات يساهم فى الحفاظ على استمرار اشتعال أوارها كلما هدأت، والأخبار تترى عن تقرير لجنة تقصى الحقائق الذى سيصدر ممالئا للمفسدين!

فى بحيرة البرلس الجماهير بدون غطاء سياسى ضد الاستبداد:
كانت رحلتى لبحيرة البرلس أيضا فى أقصى شمال مصر، وكانت مغامرة محفوفة بالمخاطر فقد ذهبت الى المنطقة والأحداث لا تزال ساخنة ودوى الرصاص المطاطى مايزال يلعلع صوته فى سماء برج البرلس، ولم أكن متأكدا من امكانية اختراق الحواجز الأمنية التى توقعت أن تحيط بالبلدة احاطة السوار بالمعصم وكان توقعى فى محله، ولكن الله سلم هم لن يفعلوا بى شيئا على الأغلب ولكن قد يمنعونى من دخول البلد. ولكننى مررت ببراءة أمام حشود الأمن المركزى وكأننى قادم لشراء السمك الطازج! وكانت القوات قد انسحبت لتوها من وسط البلد الى مداخلها من كل الجهات وكانت فى حالة هدنة واسترخاء ومع ذلك وأنا موجود بالبلدة لم تنقطع الغارات عليها حيث اقتحمت قوة أحد البيوت واعتدت على أحد الشباب الذى أصيب اصابة بليغة فى رأسه وتم نقله الى قسم الطوارىء فى مستشفى بلطيم. ومن مصاعب هذه الرحلة عدم وجود لجنة أو وجود تنظيمى لحزب العمل. ولذلك بمجرد تخطى حشود الأمن أخذت أبحث عن المسجد الكبير بالبلدة وقد كان. واستعنت بقراءة القرآن وقمت بوردى فى حفظ القرآن الكريم ( 7 آيات ). وكنت مترددا ماذا أفعل ؟ وأمامى تجربة مريرة فى العمل فى مساجد القاهرة حيث تصاب ادارة المساجد بمس من الجنون عندما يلقى أحدهم كلمة سياسية أو كلمة تربط الدين بالسياسة والأحداث وهموم الأمة. ولكننى توكلت على الله السميع العليم وبمجرد انتهاء صلاة المغرب عرفت الحاضرين بنفسى وقلت اننى قدمت من القاهرة خصيصا للتضامن معهم فى مطالبهم العادلة بخصوص استمرار صرف حصص الدقيق، وتحدثت عن تكافل المؤمنين وانهم جسد واحد اذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى، ولكن المسجد كان كبيرا وكان صوتى خفيضا وكنت منتظرا لهجمة على من ادارة المسجد، ولكننى فوجئت بالجمهور يطالب باعطائى الميكروفون الكهربائى للمسجد الذى يوصل الصوت لمساحة كبيرة خارج المسجد.

باختصار شديد، نحن أمام تجربة جماهير تصبر على الفقر والفاقه وشظف العيش ولكن عند حد معين تثور من أجل أبسط حقوقها المضيعة. فى الصيف الماضى شهدت البلدة انتفاضة بسبب عدم وجود مياه الشرب وتم حل المشكلة. وهذا الصيف اعتدى عليهم محافظ كفر الشيخ بوقف تسليمهم حصص الدقيق التى يأخذوها منذ 40 عاما! ويعطى المواطن فى المقابل أقل من رغيف فى اليوم! ان هؤلاء لم يثوروا اذن الا لأنهم وصلوا الى مرحلة المجاعة! وبعد ذلك يلومونهم أنهم قطعوا الطريق الدولى! طبعا بالبلد التى قوامها الصيادون وصيد الأسماك قيادات شعبية من شبابها المثقف وهى نموذج لظهور نخبة جديدة، ولها مدونات على الانترنت عن البرلس ومشكلاتها. وهذا هو درس البرلس الثانى.
ولكن ما أريد التوقف عنده، هو حالة الغيبوبة فى المعارضة السياسية المركزية فى القاهرة. كيف نترك جند مبارك يروعون الأهلين ويسقطون الحوامل ويعتقلون الصبية حتى الصبى المعاق عقليا اعتقلوه!
ونفس الشىء حدث بعد ايام فى عزبة البارودى بالبحيرة حيث قام جند مبارك بالتنكيل بالحوامل، ولا أدرى هل أصبحت سياسة جديدة أو ثمرة من ثمرات الفكر الجديد لجمال مبارك، الاعتداء على الحوامل، ولماذا كل هذا الحقد على المرأة المصرية ؟ ولماذا يبدو نظام مبارك مذعورا من النساء ؟ ومعدوما فى الأخلاق والنخوة والرجولة ؟
انهم كبنى اسرائيل ( ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهى كالحجارة أو اشد قسوة ).
هذه المشاهد التى سمعتها ولم أرها فهى اذا حدثت أمامى فسأقاومها باليد رغم ضعف جسدى، هذه المشاهد التى سمعتها جعلتنى أعود للوراء 20 عاما وأخذت أروى لأهل البرلس عن زيارتى لقرية الكوم الأحمر بالجيزة عندما كنت عضوا بمجلس الشعب عقب عدوان مماثل للعدوان على برج البرلس. منذ 20 عاما حدثت مشكلة بين مواطن وفرد من الشرطة أدت الى فقد مسدسه فى مشاجرة، وبدلا من تعقب الشخص المسئول قررت الداخلية ترويع القرية بأسرها، فقاموا بغزوة يحسدهم عليها التتار، فقامت جحافل الأمن المركزى بالتنكيل بالقرية واعتقال المئات وتحطيم سيارات المواطنين وتخريمها بسناكى البنادق ( شاهدت ذلك بنفسى وأخذت معى صورا فوتوغرافية ) بل اقتحموا بعض البيوت وحطموا كل ما فيها من أثاث ومزقوا الكتب بما فى ذلك المصاحف ومن بين الركام أخذت جزءا من مصحف ممزق معى. وتمكنت بأعجوبة من الحديث فى اليوم التالى بمجلس الشعب عن هذه الجرائم النكراء فى حضور رئيس الوزراء عاطف صدقى الذى أصابه الصمم ولم يحر جوابا، ولكننى عندما أنهيت كلمتى تعمدت أن أمر عليه وأنا فى طريقى الى مقعدى لأعطيه صورا فوتوغرافية لهذه الأحداث، وأخذها منى وهو يتمتم بكلام غير مفهوم حيث خشى أن يقول لى شيئا على مسمع من الوزراء والأعضاء يحسب عليه!! ولم يعاقب أحد فى الشرطة على هذه الهمجية. طبعا خلال العشرين عاما وقبلها تكررت مثل هذه الأحداث عشرات ومئات المرات، ولكن جلدنا أصبح سميكا واعتدنا أن نستمع اليها كأمور عادية لاتستوجب الوقفات. بل لدينا وزير الداخلية الحالى اعترف رسميا بأنه يراقب التليفونات وأنه يمارس التعذيب. وهو ما أدى الى تثبيته فى الكرسى! وأنا لا ألوم الطاغية ولكن ألوم الضحية، ألوم الأمة التى تعودت على التساهل فى حقوقها التى هى فى ذات الوقت حقوق الله. ألم يئن الوقت لنقطع هذه الأيادى المجرمة، والى متى سنظل أمة بلا شرف ولا كرامة ولا دين. لماذا لانثور لديننا كما نثور للدقيق، حقا ان ديننا يحض على مقاومة الظلم والجوع ويضع الميزان بين ماهو مادى وروحى ومع ذلك لأن أبيت ليلتى جائعا خيرا من أبيت ليلتى بلا شرف. والدين يأمرنى بحفظ الحياة والعرض. كيف نسمح لحكام العمالة الذين حولوا سيناء الى ماخور لليهود أن يظلوا يعبثوا بقيمنا الدينية ويعتدون ببساطة على الحرمات والنساء والأطفال ويهدمون البيوت ويحطمون الزروع ويطردون الفلاحين من أراضيهم والعمال من مصانعهم. ما قيمة حياة الأموات التى نحياها وقد تحولنا الى 80 مليون عبد لمبارك وجمال وسوزان والعصابة المحيطة بهم. أى شرف وأى سعادة فى دنيا بهذه المواصفات الحقيرة. ومن يؤمن بالآخرة حقا كيف يرضى بكل هذا الهوان فى دنيا قصيرة العمر لا تساوى قلامة ظفر بالنسبة لخلود الآخرة. انه عدم اليقين، لذلك قال الله سبحانه وتعالى ( واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ) الحجر 99 . ان قبولنا بمبارك بصمتنا عليه يعنى عدم اليقين بالله وعدم الايمان الحق به. لأن مبارك يستهزىء كل يوم بشرائع الله ويشرع لنا ما تريده أمريكا ( قانون الطفل آخر انجاز). ولا أدرى اذا كان لدى البعض تنظيم اسلامى كبير فالى متى يدخرونه ؟! هل ينتظرون المزيد من تضييع الدين ؟ وما الذى بقى بعد التعاون الحربى مع الامريكان واعطاء الغاز مجانا لاسرائيل وحصار القتل لمليون ونصف مليون مسلم فى غزة واصابة عشرات الملايين فى مصر بأمراض قاتلة جراء التطبيع الزراعى المستمر حتى الآن مع الكيان الصهيونى، هل ينقص الحركة الاسلامية فى مصر الرجال ؟ لا هل ينقصها المال ؟ لا هل ينقصها غضب الجماهير ؟ لا.

رحلة الى مركز الصف فى حلوان:

كان من المفترض أن تكون هذه الرحلة لاعادة بناء الحزب فى هذا المركز الحيوى الذى تصدر فيه 4 مطبوعات صحفية دورية بالاضافة للنشرات الأخرى. ولكن اللقاء مع النخبة القيادية هناك تحول الى عمل أكبر وهو ضرورة بناء قيادة شعبية موحدة على طريقة دمياط للتصدى لقيادة الثورة القادمة من كل بد، ورأى الحاضرون عن حق أن كل شروط الثورة متوفرة عدا القيادة الواعية بادارة الصراع، وعناصر هذه القيادة موجودة ولكنها متفرقة، واذا تمت ترجمة ما اتفقنا عليه على أرض الواقع فسنكون أمام دمياط جديدة فى جنوب القاهرة وعلى تخوم الصعيد. أى أن نفس القضية التى بدأت بها فرضت نفسها فى هذا اللقاء. ووصلنا الى ضرورة تحرك ما تبقى من النخبة الحية مع عناصر نخبوية جديدة ومع أوسع الجماهير فى اطار لجان شعبية موحدة أو جبهوية.

زيارة الى مستشفى فلسطين:

وفى اطار التحرك للتضامن مع الحركات الاحتجاجية واقامة جسور معها كانت زيارة لمستشفى فلسطين بالقاهرة التى يضرب عمالها وموظفوها وأطباؤها وممرضوها عن العمل منذ 6 أيام من أجل ال30% المزعومة التى لم يحصلوا عليها. وهو اضراب مبتكر فالعمل مستمر فى المستشفى كالمعتاد ولكن نصف العاملين يتوقفون عن العمل بالتناوب ويتجمعون فى ردهة المستشفى يتظاهرون ويهتفون ويعقدون الندوات بينما يقوم النصف الآخر بالعمل بصورة طبيعية. وأهم تجربة فى هذه الحركة التى تجمع بين المصريين والفلسطينيين هو الوحدة المتماسكة لكل العاملين فى المستشفى من أصغر عامل حتى أكبر طبيب. ولهم تجارب ناجحة بسبب وحدتهم هذه على مدار 3 سنوات فقد حصلوا كل عام على العلاوة بالاضراب وهذا هو العام الثالث وهم على وشك الانتصار. وفى هذه المستشفى يلتقى فساد النظام المصرى مع فساد السلطة الفلسطينية فهذه المستشفى بلا ميزانية على الاطلاق ولا يعرف أحد كيف تتصرف الادارة فى التبرعات الهائلة التى تتلقاها!!

ما يهمنا الآن هو خبرة النجاح فى التضامن والوحدة بين كل صفوف العاملين، وتطور الاضراب من مطلب جزئى الى مطلب اقالة الادارة الفاسدة للمستشفى التى تسيطر عليها عائلة واحدة بنفس نظرية الحكم فى مصر. وكذلك اعتبار رئيس اتحاد عمال فلسطين ان تأسيس نقابة للعاملين فى المستشفى هو خط أحمر!!
ومستشفى فلسطين وضعها متداخل فهي تابعة للهلال الأحمر الفلسطينى ولكنها خاضعة لقوانين مصر ولذلك فهى مستشفى مصرى فلسطينى.

******************

نخلص من كل ما سبق الى أن الحراك السياسى والاجتماعى فى حالة سيولة سريعة وان مانطرحه من أهداف كبرى يمكن ان يتحقق فى زمن قصير نسبيا لأن الظرف السياسى والاجتماعى غير عادى: أعنى تجديد دماء النخبة القيادية للحركة الوطنية - الربط بين التحركات الجماهيرية المطلبية والسياسية بحيث لاتظل فى جزر معزولة – وتوحيد حركة الشعب نحو الأهداف الكبرى وعلى رأسها الاطاحة بحكم مبارك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.