بالأمس وقف باراك اوباما مرشح الحزب الديموقراطي للرئاسة الأميركية أمام الحضور في منظمة ايباك الصهيونية وقال كلاما أطربهم وأثار تصفيقا حادا في صفوفهم , في الوهلة الاولى اعتقدت انني استمع لجورج بوش الصغير الذي لا يتوقف عن كيل المدائح والاعلان عن دعمه غير المحدود لاسرائيل وقد أصابني الذهول حين ادركت انني استمع لكلمات باراك اوباما الصغير وليس لبوش الصغير . إن باراك اوباما استوعب الدرس بسرعة وأقدم بلا تردد على الأخذ بالقذارة المطلوبة من أجل النجاح في لعبة الرئاسة ولا شك أن حسه الفطري جعله يدرك ان السباق الى البيت الابيض هو بالضرورة سباقا لا ينافس فيه غير الصغار ولا مكان للكبار فيه.
إن خطاب اوباما الصغير امام ايباك تطابق مع خطاب بوش الصغير امام الكنيست الاسرائيلي الذي القاه بمناسبة الذكرى الستين للنكبة, كلاهما أكداعلى يهودية دولة اسرائيل وعلى القدس الموحدة عاصمة أبدية لها وعلى قدسية أمن اسرائيل واللجوء لجميع الوسائل بما فيها العسكرية من أجل حمايتها وعلى ضمان تفوقها العسكري مقابل جميع العرب والمسلمين مجتمعين وكلاهما وجه تهديداته لايران وسوريا ولحزب الله وحماس وهما متفقان حول عدم وجود حقوقا للعرب او للمسلمين وكلاهما اعلنا اننا اقوام لا احلام مشروعة لهم ولا ينتظر العالم منهم سوى الشرور والإرهاب .
تكلم اوباما حين دشن حملته الانتخابية عن عزمه على سحب قوات بلاده من العراق واعترف بخطا الغزو فاستبشر البعض بعودة الرشد الى السياسة الأميركية على قاعدة صحوة اميركية قد تأتي قبل فوات الأوان من أجل نجاة اميركا من الأوحال العراقية والأفغانية , كي تتمكن من توظيف امكاناتها لحماية الارض وسكان الارض من المخاطر التي تهددها, استبشر هذا البعض بعودة الرشد لإدارة أميركية جديدة يقودها رجال كبار من أمثال جون كينيدي وايزينهاور ليساهموا في انقاذ العالم من كوارث اصبحت تحيط به وتهدد وجوده وأولها وضع حد لسباق التسلح العالمي وإرساء الحلول من أجل توفير الغذاء والطاقة الرخيصين لجميع ابناء آدم وتعميم العلوم ومحو الأمية ومكافحة البطالة ووضع حد لظاهرة الإحتباس الحراري التي تهدد مستقبل الكرة الارضية ورسم الخطط لمكافحة الاوبئة والامراض التي تفتك بملايين البشر سنويا على امتداد القارات الخمس.
بعد أشهر قليلة سيودع العالم رئيسا أميركيا أدخل بلاده والعالم في حروب دامية ذهب ضحيتها اكثر من مليون عراقي والوف من شعبه ومئات الألوف من الفلسطينيين ومن الأفغان والسودانيين والصوماليين والباكستانين وجميعهم مسلمون,وهدرت فيها مئات المليارات من الدولارات, سيودع العالم رئيسا صغيرا لم يجلب سوى الأضرار لبلاده وللعالم وبعد اشهر قليلة سوف يستقبل العالم رئيسا اميركيا صغيرا آخرا أكان هذا الرئيس اوباما أو ماكين. إن الصغار لا يشيّدون ولا يبنون ولا يصنعون أمجادا بل حروبا ودمارا وخرابا للديار , امامنا سنين عجاف سوف لا ينقذنا من شرورها سوى اللطيف الخبير. [email protected]