شن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد هجوما على السياسة الأميركية في الشرق الأوسط, ودافع عن حق إيران في امتلاك التكنولوجيا النووية, ودعا إلى إعادة هيكلة الأممالمتحدة وإصلاح مجلس الأمن الدولي. وقدم أحمدي نجاد في كلمته أمام أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك, مطالعة مطولة تتهم الولاياتالمتحدة بتكريس المنظمة الدولية لخدمة مصالحها. وتساءل الرئيس الإيراني لماذا تعارض الولاياتالمتحدة التي تنتج أسلحة نووية وأساءت استخدامها عبر التاريخ, أن يكون لدولة مثل إيران تكنولوجيا نووية. ووجه أحمدي نجاد انتقادا لاذعا لما أسماها "القوى المهيمنة التي تفرض سياساتها القائمة على الاستبعاد في الهيئات الدولية بما فيها مجلس الأمن", قائلا "لا يستخدم مجلس الأمن على ما يبدو إلا لتوفير أمن وحقوق بعض القوى العظمى"، فيما تحض واشنطن هذا المجلس على فرض عقوبات على طهران بسبب رفضها تعليق أنشطتها النووية.
وفي خطابه الذي اتسم بنبرة عقائدية وتضمن كثيرا من الإشارات الدينية، انتقد الرئيس الإيراني سياسة الولاياتالمتحدة وحلفائها البريطانيين والصهاينة في الشرق الأوسط.
ففي العراق، قال إن "المحتلين عاجزون عن بسط الأمن، وليست لديهم الإرادة السياسية الضرورية للقضاء على مصادر عدم الاستقرار". واتهم الولاياتالمتحدة باستخدام تكثيف الأعمال العدائية والإرهاب في العراق ذريعة للحفاظ على وجودها في هذا البلد.
وبشأن الحرب الأخيرة على لبنان, أعرب أحمدي نجاد عن أسفه لمنع بعض القوى العظمى مجلس الأمن من الدعوة إلى وقف إطلاق النار، في إشارة أخرى إلى الولاياتالمتحدة. كما هاجم "أبطال الديمقراطية المزعومين" لرفضهم الاعتراف بالحكومة الفلسطينية برئاسة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) المنتخبة ديمقراطيا في يناير الماضي.
وقال إن الولاياتالمتحدة والكيان الصهيوني هي مصدر تهديد للأمن في الشرق الأوسط وهي وسيلة لقهر الشعوب. وأضاف أن مأساة اللاجئين الفلسطينيين لا يبررها أي قانون في العالم, وتساءل "لماذا لم يأخذ مجلس الأمن أي خطوة لفك الحصار عن الحكومة الفلسطينية".
وقال الرئيس الإيراني إن الولاياتالمتحدة تعطي لنفسها الحق في أن تكون القاضي والشرطي في آن, محذرا من أن هذا سيفقد مجلس الأمن مشروعيته وفعاليته. وأضاف أن "استخدام (الدول الكبرى) للفيتو يؤكد أن مجلس الأمن فقد مشروعيته".
ودعا الرئيس الإيراني الجمعية العامة إلى إصلاح مجلس الأمن, كما طلب أن تمثل حركة عدم الانحياز ومنظمة المؤتمر الإسلامي والاتحاد الأفريقي داخله ويكون لها حق استخدام الفيتو, موضحا أن ذلك سيحقق التوازن داخل المجلس وسيمنع حدوث انتهاكات.
وتمسك أحمدي نجاد بحق إيران في امتلاك التكنولوجيا النووية, مطمئنا بأن برنامج إيران النووي يتسم بالشفافية, وبأن طهران ملتزمة بمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية, كما أنها عضو في الوكالة الدولية للطاقة الذرية, وليس لها "سجل أسود" في استخدام الأسلحة النووية. وقال إن الحقائق التاريخية والمعاصرة تفيد بأن العدالة أصبحت ضحية العدوان, وحلت القوة محل احترام حقوق الإنسان والقانون الدولي.
وتأتي كلمة الرئيس الإيراني ردا على ما قاله نظيره الأميركي بشأن طموحات طهران النووية. فقد قال بوش إن على إيران أن تتخلى عن طموحاتها بامتلاك سلاح نووي, وأن الولاياتالمتحدة لن تعترض على برنامج نووي سلمي.
وقال بوش في رسالة وجهها إلى الشعب الإيراني إن حكومة الرئيس محمود أحمدي نجاد تستغل موارده في تمويل "الإرهابيين" وتأجيج التطرف والسعي لصنع أسلحة نووية. وأكد أن واشنطن تعمل من أجل إيجاد حل سلمي لأزمة إيران النووية.
وبشأن الملفات الأخرى, كلف الرئيس الأميركي وزيرة خارجيته كوندوليزا رايس بترؤس جهود دبلوماسية جديدة مع الدول العربية الحليفة لبلاده لإصلاح أجهزة الأمن الفلسطينية, فيما اعتبر الخطوة الأميركية المباشرة الأولى لإنعاش عملية السلام بين الكيان الصهيوني والفلسطينيين منذ فوز حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الانتخابات الفلسطينية في يناير الماضي.
وبشأن دارفور, دعا بوش الأممالمتحدة إلى التحرك إذا استمرت الحكومة السودانية في رفض نشر قوات دولية في الإقليم الواقع غربي السودان. وأعلن بوش أنه عين أندرو ناتسيوس الرئيس السابق للوكالة الأميركية للتنمية الدولية مبعوثا خاصا لمحاولة إنهاء العنف في الإقليم.
من جانبه قال الرئيس الفرنسي جاك شيراك إن المفاوضات الدولية بشأن ملف إيران النووي الإيراني يجب أن تترافق مع وقف طهران لتخصيب اليورانيوم. وعارض شيراك تحديد موعد نهائي لفرض عقوبات على إيران, داعيا إلى منح الحوار فرصة كي يأخذ مجراه.
أما الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان فدعا في كلمته الوداعية التي ألقاها لدى افتتاحه أعمال الجمعية, إلى إنهاء النزاع الفلسطيني الصهيوني, قائلا إن مصداقية الأممالمتحدة ستبقى موضع تشكيك ما دام مجلس الأمن الدولي يقف عاجزا عن تطبيق قراراته بشأن النزاع في الشرق الأوسط.
وقد نظم الآلاف من الأميركيين المناهضين للحرب في العراق مسيرة إلى مبنى الأممالمتحدة في نيويورك أثناء إلقاء بوش كلمته. وطالب المتظاهرون برحيل الإدارة الأميركية الحالية.