الجامعة العربية المفتوحة بمصر تحتل المركز السادس في التصنيف الدولي للجامعات    طارق سعدة في عيد الإعلاميين : الإعلام المصرى يلعب دورا كبيرا لتشكيل وعى المواطنين    تخفيضات 40%.. "المصرية للحوم والدواجن" تزف بشرى سارة للمواطنين قبل عيد الأضحى    المؤشر الأوروبي يحقق أكبر مكاسب شهرية منذ مارس الماضي    المشاط: تقرير التوقعات الاقتصادية في إفريقيا صوت قوي أمام المجتمع الدولي    رغيف عيش    عمرو أديب: أمل ترامب في العودة رئيسا لأمريكا قد تضيّعه علاقة مع سيدة    بايدن: يجب تكثيف الأعمال مع مصر وقطر وإسرائيل لإنهاء الحرب في غزة    مرصد الأزهر يدين الهجوم الذي وقع صباح اليوم في ألمانيا    كارلوس: على المدربين اتباع أنشيلوتي    دوري أبطال أوروبا.. اللقب الخامس عشر لريال مدريد أم الثاني ل بروسيا دورتموند ؟    الأرصاد تحذر: طقس غد السبت شديد الحرارة نهارا    الصحة تحذر.. سم سمكة الأرنب ليس له مصل ويتسبب في الوفاة خلال 8 ساعات    يوسف يكشف حقيقة خلافه مع حميدة.. ويصف الفخراني ب"غول تمثيل"    الاتحاد الأوروبى: ندعم خطة بايدن لوقف دائم لإطلاق النار وإطلاق المحتجزين    صوت بلدنا    خالد يوسف يكشف حقيقة خلافه مع محمود حميدة    المفتي: عدم توثيق الزواج الجديد للأرامل للإبقاء على معاش المتوفى يُعد أكلاً للمال بالباطل    أسامة الأزهري: لو أخذنا الإسلام من القرآن فقط فلا وجود للإسلام    حسام موافي يوضح خطورة انسداد قناة البنكرياس    النيابة تامر بأخذ عينة DNA من طالب التجمع الأول المتهم باغتصاب زميلته وإنجابها منه    تغطية.. نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين 2024    المصرى للشؤون الخارجية: زيارة الرئيس السيسى لبكين تؤسس لمرحلة جديدة من التعاون    عصام خليل: الحوار الوطني يناقش غدا آليات تحويل الدعم العيني لنقدي    الصحة: المبادرات الرئاسية قدمت خدماتها ل39 مليون سيدة وفتاة تحت شعار 100 مليون صحة    780 شاحنة مساعدات في انتظار الدخول عبر رفح    21 الف طن قمح رصيد صوامع الغلال بميناء دمياط اليوم    بعد علمه بمرضه... انتحار مسن شنقًا بالمرج    "الأونروا" تحذر من اكتظاظ مخيمات النازحين بغزة ونقص اللقاحات والأدوية    عربية النواب: تصنيف إسرائيل ل أونروا منظمة إرهابية تحد صارخ للشرعية الدولية    حصاد وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني في أسبوع    إعادة افتتاح مسجد نور الإسلام في إطسا بعد صيانته    "يتضمن ملاعب فرعية وفندقا ومستشفى".. الأهلي يضع اللمسات الأخيرة لحفل توقيع عقد إنشاء الاستاد    ضبط المتهم بتسريب أسئلة الامتحانات عبر تطبيق "واتس آب"    وصول جثمان والدة المطرب محمود الليثي إلى مسجد الحصري بأكتوبر "صور"    عمرو الفقي يعلق على برومو "أم الدنيا": مصر مهد الحضارة والأديان    طقس غد.. ارتفاع بالحرارة على كل الأنحاء والعظمى بالقاهرة 37 درجة    ضمن مبادرة كلنا واحد.. الداخلية توجه قوافل طبية وإنسانية إلى قرى سوهاج    مرة واحدة في العمر.. ما حكم من استطاع الحج ولم يفعل؟ إمام وخطيب المسجد الحرام يُجيب    بعثة المواي تاي تغادر إلى اليونان للمشاركة فى بطولة العالم للكبار    طارق فؤاد والفرقة المصرية يقدمان روائع موسيقار الأجيال على مسرح السامر    "العاصمة الإدارية" الجديدة تستقبل وفدا من جامعة قرطاج التونسية    وزير الإسكان يُصدر قراراً بإزالة مخالفات بناء بالساحل الشمالي    في اليوم العالمي للإقلاع عن التدخين.. احذر التبغ يقتل 8 ملايين شخص سنويا    اعتماد 34 مدرسة بالإسكندرية في 9 إدارات تعليمية    ماذا يقال عند ذبح الأضحية؟.. صيغة مستحبة وآداب يجب مراعاتها    الاعتماد والرقابة الصحية: برنامج تدريب المراجعين يحصل على الاعتماد الدولي    محافظ أسوان يتابع تسليم 30 منزلا بقرية الفؤادية بكوم أمبو بعد إعادة تأهيلهم    وزارة الصحة تستقبل سفير كوبا لدى مصر لتعزيز التعاون في المجال الصحي    ميرور البريطانية تكشف عن بديل نونيز في ليفربول حال رحيله    الحوثيون: مقتل 14 في ضربات أمريكية بريطانية على اليمن    «حق الله في المال».. موضوع خطبة الجمعة اليوم في مساجد مصر    تعرف على موعد إجازة عيد الأضحى المُبارك    خالد أبو بكر يقاطع وزير التعليم: بلاش عصا إلكترونية باللجان.. هتقلق الطلاب    الطيران الحربي الإسرائيلي يقصف محيط مسجد في مخيم البريج وسط قطاع غزة    تامر عبد المنعم ينعى والدة وزيرة الثقافة: «كل نفس ذائقة الموت»    اتحاد الكرة يكشف أسباب التأخر في إصدار عقوبة ضد الشيبي    منتخب مصر يخوض ثاني تدريباته استعدادًا لمواجهة بوركينا فاسو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العقيدة والتطور
نشر في الشعب يوم 29 - 04 - 2008


عميد كلية أصول الدين بالأزهر سابقا
yehia_hashem@ hotmail .com


إنه لا يكاد يختلف مذهب من المذاهب أو دين من الأديان في أن للعقيدة الدور الأساسى في حياة الإنسان ، ولكننا نرى أن ما يحتاج إليه الإنسان ليس مطلق عقيدة ، ولكن العقيدة الصحيحة في الواقع ونفس الأمر

وفي مذاهب التطور : يرجع التفكير التطوري في عمومه إلي زمن أبعد من ظهور داروين . كذلك فإن فكرة التطور بمعني التقدم والارتقاء من مرحلة دنيا ومستوي متخلف إلي مرحلة الحضارة الحديثة ظهرت في كتابات عدد من علماء الأنثروبولوجيا والثقافة والاجتماع قبل أن تظهر نظرية داروين بقرن كامل علي الأقل .
فبينما كان دى موبرتوي مثلا في الخمسينات من القرن الثامن عشر يعبر عن آرائه التطورية في البيولوجيا ، كان الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو يتتبع في مقالاته تطور الإنسان من الحالة الوحشية إلي مرحلة الحضارة.
يقول هردر Hezder في فلسفته في التاريخ (1774 ):
( إن الشجرة النامية ، والإنسان المكافح ، لابد أن يمر بمراحل متعددة في تطور مستمر.
وهذا مايظهره بصورة عامة تحليل الطبيعة وأعمال الله . وهذه هي حالة الجنس البشري) ([1]).
ويصدق هذا الاتجاه علي كتابات الفلاسفة الاجتماعيين منذ أيام الفيلسوف الرياضي الفرنسي كوندوروسيه (1743- 1794 ) الذي حاول في كتابه الشهير عن تقدم الروح الإنسانية أن يتتبع تطور الجنس المستمر خلال الزمن .
وفي عام 1843 كتب عالم الأنثروبولوجيا الألمانى " جوستاف كلم" (1802- 1867) كتابه الهام عن تاريخ الثفاقة ، وضع فيه مبدأين يحكمان في نظره عملية التطور : الأول مايسمية "ثنائية السلالات البشرية " و هو يعني انقسام الجنس البشري إلي فئتين :

شعوب سلبية تعيش علي النقل والتقليد ، وشعوب إيجابية لديها القدرة علي الابتكار والخلق . ومع ذلك فإن الإنسانية عنده في عمومها تميل إلي الانتقال من الفئة الأولى إلي الفئة الثانية مارة بثلاث مراحل : مرحلة الوحشية أو الهمجية ، التي يمارس فيها الإنسان الصيد والتمرد علي السلطة .
ومرحلة الاستئناس التي يمارس فيها الزراعة والخضوع للسلطة وبخاصة للسلطة الدينية . ومرحلة الحرية التي يتحرر فيها من سلطة رجال الدين ([2]) .
ووجد هذا التفكير التطوري تعبيراً دقيقا في كتابات أوجست كونت ونظريته عن الحالات الثلاث ([3]) .
ويقول الدكتور أحمد أبو زيد (يمكن القول بأن أكبر الفضل في انتشار فكرة التطور في القرن التاسع عشر وسيطرتها علي معظم مجالات الفكر الإنساني يرجع إلي علماء البيولوجيا التطوريين الذين ذهبوا إلي أن الكائنات العضوية تطورت من أشكال وصور بسيطة للغاية)([4])
وهنا تظهر ضخامة الأثر الذي أحدثته نظرية داروين .
لم يكن داروين يتوقع لنظريته كل ذلك التأثير الذي تعدي مجال البيولوجية إلي بقية العلوم الأخرى : طبيعية كانت أو إنسانية ، مما دفع أحد كبار علماء الأنثروبولوجيا الأمريكيين المعاصرين الأستاذ ألفريد كروير إلي القول بأن هناك :
نوعاً من عدم التناسب بين الإسهام المحدود الذي أسهم به داروين في العلم - والذي ينحصر في وضع وتجسيد مبدأ الانتخاب الطبيعي - وبين كل هذا التأثير الهائل الذي تركه تأسيس هذا المبدأ البيولوجي علي العلم الكلي ) ([5]) .
فقد كان هذا المبدأ البيولوجي بمثابة ثورة علي الأوضاع السائدة في كل العلوم والتخصصات . ولكنها قوبلت بكثير من المقاومة العنيدة في كل مجالات الفكر والعلم ، وبلغت
تلك المقاومة أشدها في مجال التفكير الديني والدراسات اللاهوتية في أوربا ..
ومع ذلك فقد دفعت تلك الثورة علماء العصر إلي البحث عن أصول الأشياء مثل أصل اللغة ، وأصل المجتمع ، وأصل العائلة ، وأصل الدين أيضا ، بنفس الطريقة التي بحث بها داروين عن (أصل الأنواع ) .([6])
يقول الدكتور أحمد أبو زيد :
( أصبحت فكرة التطور أسلوبا ومنهجاً يتبع ليس فقط في فهم الحياة والكون ، بل وأيضا في فهم الإنسان والمجتمع بالذات ككائن عضوي حي ، ومقارنة ما يحدث فيه من تغيرات وتطورات بما يحدث في الكائنات العضوية الأخرى .
ومهما تختلف الآراء في أهمية تلك النظرية وقيمة الفكرة التي وراءها فالذي لاشك فيه أنها أحدثت ثورة هائلة في التفكير الإنساني كله . وأفلحت في أن تؤسس حركة من أهم الحركات الفكرية في العصر الحديث ، ونعني بها : التطورية الاجتماعية وفرعها الأكثر تخصصا وهو الداروينية الاجتماعية ) ثم يقول :
(ومن الغريب أنه على الرغم من أن هذه الحركة الفكرية تحمل اسم داروين فإن داروين نفسه لم يكن " داروينيٌا اجتماعياٌ " إن أمكن استخدام مثل هذا الاصطلاح هنا ) ([7]).
وفي عام 1850 م - قبل ظهور كتاب أصل الأنواع ،لداروين بتسع سنين ، كان هربرت سبنسر يضع أسس نظريتة عن التطور الاجتماعى فى أول كتبه وهو كتاب Social Statice(صاغ سبنسر قانون التطور صياغة غامضه علي النحو الآتي : "التطور هو تكامل المادة وما يصاحبها من تشتت الحركة ، تشتتاً وتكاملا تنتقل فيه المادة في أثنائهما من حالة التجانس المفكك إلى حالة اللاتجانس المتماسك المحدود " ) .

ويقضي قانون التطور عند هربرت سبنسر بأن كل شيء يبدأ ظاهرة بسيطة تلتئم حولها بالضرورة ظواهر أخري فتركب كلا أعقد فأعقد ..
والطبيعة مادة وحركة .
وما الحياة وما الشعور علي اختلاف صوره إلا تعقد المادة والحركة ([8]) ، وتقضي هذه النظرية بأن تطبق علي جميع الأشياء :
أولا في الفلك ، ثم في علم طبقات الأرض ، ثم في علم الحياة ، وأخيرا في العلوم الاجتماعية . والدين ([9]) .
في كل ذلك يجري التطور من البسيط إلى المعقد وهوما يشكل جوهر التقدم كما تراه هذه النظرية ([10]).
ويقول الدكتور هرمان راندال بالنسبة للدين :
كان الدين واللاهوت يعتبران حتي القرن الثامن عشر مجموعة قضايا استنتاجية برهانية ، والآن ينظر الناس إلي الدين في ظل النظرة التطورية علي أنه نتاج اجتماعي وطريقة حياة تنشأ من التنظيم الاجتماعي لتجارب الناس الدينية ، وينظرون إلى اللاهوت كصياغة عقلية لبعض مشاعر وتجارب أساسية في الطبيعة البشرية .. ولم يعد المفكرون يعنون بتقديم الدليل علي إثبات وجود الله ، ولكنهم باسم التطور يتحدثون عن " معني الله في التجربة البشرية " ،ولم يعودوا يقيمون الدليل علي الحياة الآخرة ، ولكن يدرسون أثر الاعتقاد بالخلود في السلوك الإنساني ..إلخ ..
وفي ألمانيا- أعطي ج . أي . ليسنغ زعيم حركة التنوير الكبير تعبيراً قوياً لفكرة التطور في الحقل الديني حاول فيه التوفيق بين فكرة التطور ، والحقائق الدينية . وذلك في
كتابه " تثقيف الجنس البشري الذي نشر عام 1780، فقد ذهب إلي أن الوحي السماوي يشغل في حياة الجنس البشري ذات المكان الذي تشغله التربية في حياة الفرد . أي أنه متطور باستمرار ، لايتوقف أبدا ، أما الفكرة السائدة عن وحي إلهي أول خيم فوقه الظلام بعدئذ من جراء جهل الناس ومكرهم فهي فكرة غير مقبولة لديه .
وبدلا منها : ينظر إلي الدين كوحي متطور لحقيقة الله . تقدم من روحية بدائية وعقلية خرافية الي الديانة المسيحية .
ولكن حتى العهدين القديم والجديد ليسا سوى مرحلتين من عملية النمو هذه (!!!)
والمسيحية ليست سوى خطوة في الطريق إلي ديانة روحية أسمى ؛ والناس يتلقون من اللٌه بفضل جهودهم حقيقة بعد أخرى كلما كانوا مستعدين لها . وليس الوحي كاملا ونهائٌيا في أي دور من الأدوار ، والتاريخ البشري بكامله يجسم نمو الإنسانية بهدي إلهي ([11]) .
ويعرض إميل بوترو فلسفة سبنسر في تطور الدين إذ يوضح أن الدين عند سبنسر من معطيات التجربة ، وأنه يخضع لقانون التطور كأية ظاهرة أخرى ( ونقطة البداية في جميع الأديان - عنده - هي فكرة القرين أو الشبح التي تطورت إلي وجود الأرواح السفلى ، ثم إلى وجود الأرواح العليا ، ثم إلي القول بإله واحد ) وبالرغم من أن سبنسر يقرر أنه لا يوجد شيء خارق للطبيعة .. فإنه كان يترك مكاناً للدين من حيث يرى أن هناك أمورا يعجز المرء عن إدراكها كمسألة أصل العالم ، ووجود اللًه ، والزمان والمكان .
ويرى سبنسر أن الدين ليس شيئا مصطنعا اخترعه العقل بوحي من نزوات خياله ، أو تحت تأثير مخاوفه وآماله ، بل هو رد فعل تلقائي للفكر والقلب استجابة لتأثير العالم الخارجي علي الإنسان ، وهنا يعمى سبنسر عن أن يرى هذه الاستجابة قد جاءت لتأثير الوحي .
ولايري سبنسر أن بين العلم والدين تعارضاً . لرجوعهما إلي أصل واحد ، إذ المصدر الذي يرتد إليه كل منهما إنما هو عملية احتكاك العقل البشري بالعالم ، أو تفاعله مع الطبيعة ، وهو يقرر أننا لونفذنا إلي أعماق كل منهما لاستطعنا أن نجد أساساً مشتركاً تتلاقي عنده الحقيقة الدينية والحقيقة العلمية ([12]).

وقد تغلغلت هذه الفكرة في أوساطنا الثقافية متجاهلة المخاطر والصعوبات التي تمثلها في الجانب الديني .
يقول الأستاذ إسماعيل مظهر مبشراً ومدافعاً عن هذه الفكرة علمتنا هذه الأبحاث أن مثل الأديان كمثل الأنواع الحية في الطبيعة لم تخلق فجأة ، بل إنها قد مضت متطورة في خطاً نشوئية تدريجية ، حتى إن الديانات التي بها مبشرون من أكبر من يذكرهم التاريخ قدراً ، قد كونت علي أساس كان بذاته نتاجاً لخطا من النشوء والتدرج المستمر ) ([13])
ويقول :
(إن أولي البدايات الدينية بين السلالات الفطرية تنحصر في مظاهر من المعتقدات هي عبارة عن صورة من صور الرئي الروحاني ، يصحبها عادة اعتقاد في السحر والشعوذة ) ([14])
ويقول :
( وغالباٌ ما كانت تجتمع صغار الآلهة مع إله رئيسي فتؤلف ثالوثأ خاصاً ..
وهكذا كانت الحال في مصر القديمة حيث كان كبير الآلهة في إقليم ما يقترن بزوجة ويعقب ولدا ([15]).
ويقول :
(وبقاء الأصلح سنة يصح تطبيقها علي الكائنات العضوية أفراداً وأنواعًا . كما يصح تطبيقها علي الآثار العقلية ومنتجات الفكر ..
ومن هنا عفت آثارالوثنية الأولي ، وأعقبتها أديان التوحيد متابعة لرقي الإنسان المدني وحاجته الاجتماعية ) ([16]) .
أفيدرك التطوريون نتائج هذه النظرية بالنسبة للأديان السماوية ؟
بالنسبة للدين الذي كان عليه آدم عليه السلام ؟
بالنسبة للإسلام في عصور قادمة تقترض النظرية أن الأديان فيها خاضعة للتطور والترقي والسير دوماً نحو ما هو أصلح ؟
وقد كان يمكن أن نبحث لمظهر وأمثاله عن مهرب لكي لا يقع في نتيجة مذهبه هذا من أن الإسلام ليس دينا سماوياً - أنزل من اللًه علي الأنبياء جميعا ، أو علي محمد r : إلا أنه لا يترك لنا هذه الفرصة .
فهو يقول : (إن الطفرة محال حتى في عالم الفكر ) ([17])
ومن العجيب أنه بذلك يبدي تجاهلا لما عليه نظرية التطور الداروينية من القول بالطفرة في عالم المادة .
إن تطبيق فكرة التطور علي " الدين " تؤدى منطقياً إلي ما ذهب إليه فويرباخ من الاعتراف بالدين علي أنه من صنع الإنسان .. والقول بأن فكرة "اللٌه " نفسها ليست سوي مثل أعلي متغير وضعه الناس لأنفسهم سداً لحاجات ما يسميه " التجربة الدينية " . ([18])
أنظر كتابات أركون وحسن حنفي حول الموضوع
وهي عند من لا يكشفون عن وجوههم من ذيولهم المنتشرة بيننا ، تؤدي بالضرورة إلي تكذيب النصوص الدينية التي تقرر سمو التصور الديني عند سيدنا آدم علية السلام ، وتقرر استحالة قبول تعدد الآلهة في أي ساحة من ساحات النبوة ، كما تقرر وحدة الدين عند اللًه : (إن الدين عند اللٌه الإسلام )
وقد تنطبق هذه النظرية - أولا تنطبق - علي الأديان الوضعية ، أما الدين الذي هدى اللٌه إليه الإنسانية منذ آدم ، فلا يقبل هذه النظرية علي أي حال من الأحوال . وإنه لمن العبث في تقديرنا وفي تقدير كل منصف أن يتخذ مفكر مسلم هذه النظرية المتهاوية أساسا يفسر في ضوئه الدين الذي هدى اللٌه الإنسانية إليه وإن كان من الجائز أن تتخذ أساسا لتفسير الأديان الموضوعة .
ويتضح لنا انهيار مزاعم هذه النظرية وفقا لما تقرر في مجال العلماء التطوريين أنفسهم ، وذلك في أهم الأركان التي يفترض أن تقوم عليها :
أولا : في ادعاء المماثلة بين التطور الاجتماعي والتطور البيولوجي
ثانيًا : في ادعاء التلازم بين التطور والتقدم .
ثالثاً : في تفسيرالتطوريين للتاريخ والحضارة.
رابعا ً: في قيامها علي نذر قليل من المعلومات .
خامساً: في قيامها علي تأملات افتراضية .
أما انهيار النظرية في " المنظور القيمي " ، فهو ما نتحدث عنه في مبحث آخر
أولا : في قياس التطور الاجتماعي علي التطور البيولوجي :
يمكن أن يقال : إن سبنسر لم يتمكن من أن يربط بأسلوب واضح بين النظريتين البيولوجية الاجتماعية إلا بعد أن نشر داروين " أصل الأنواع "
ففي عام 1863 أي ظهور كتاب داروين بأربع سنين ظهر كتاب سبنسرعن المبادئ الأولي ، الذي يعد المدخل الأساسي لفلسفته التطورية الاجتماعية ([19]) .
(وقد كان هذا التصور العام للتطور سابقاً علي نشر كتاب داروين . كما كان قائما علي عمل علماء الأحياء من الألمان الذين زعموا أن الطابع الذي يميز الأشكال العليا من الكائنات العضوية هو زيادة التخصص في الوظائف وفى الأعضاء ) ([20]) .
لقد ساهم علم الحياة الدارويني مساهمة هامة في نظرية التطور الاجتماعي : إذ أدى إلي تأسيس علم نشأة الإنسان الكلاسيكي ، أو المقارن ، الذي وضعه تايلور و لانج و فريزر و مورغان ، ودفع العلماء إلى جمع نماذج من الثقافات والمؤسسات البدائية حتى إذا رتبت ترتيبا ملائماً أمكن أن يخلقوا منها أنظمة تأملية لتفسير النمو الاجتماعي .
يقول الدكتور هرمان راندال :
(علي مثل هذه المواد المتشعبة والتعميمات السريعة أقيم علم الاجتماع بقوانينه الاجتماعية المبسطة إلي درجه السخف ) ([21]) .
ويقول الدكتور أحمد أبو زيد :
(إن الغالبية العظمى من التطوريين المعاصرين ينظرون إلى الإنسان على أنه حيوان حامل للثقافة ، وناقل لها عن طريق المحاكاة والتعليم ، وهما عمليتان تختلفان كل الاختلاف عن عملية نقل الخصائص والصفات الفيزيقية عن طريق التكاثر البيولوجي ..
ومن هنا فإن كلا من هاتين العمليتين تؤلف موضوعا لعلم مستقل متمايز تماما عن العلم الآخر .
وعليه فليس ثمة ما يدعو إلي تفسير النظرية الاجتماعية تفسيرا بيولوجيا ، أو صياغتها في حدود وألفاظ مصطلحات البيولوجيا ، وإن كان هذا لا يمنع من وجود بعض أوجه الشبه بين التطور البيولوجي والتطور الثقافي ) ([22])وليتأمل القارئ الفرق بين عملية النقل التي يمارسها الإنسان بما تنطوي عليها من قدر من الاختيار والإرادة والإبداع وعملية النقل في المجال البيولوجي البحت
وبالرغم من أن جوليان هكسلي يحاول في القرن العشرين أن يبقي علي الاتجاه القديم الذي كان سائدا في القرن التاسع عشر من محاولة إقامة علم تطور للإنسان والمجتمع يستند على مقابلة التطور الاجتماعي بالتطور البيولوجي ... ( فإن هذه المحاولات - كما يقول الدكتور أحمد أبو زيد - لا تعبر في الوقت الحاضر عن رأي كل علماء البيولوجيا ، فكثير من هؤلاء العلماء يرتابون في إمكان فهم التطور البشري عن طريق المماثلة بالتطور البيولوجي ، والغالبية العظمي من المتخصصين في العلوم الإنسانية في الوقت الحاضر لا يهتمون بالدراسات التطورية ، ويتجهون في دراسة الثقافة والمجتمع والنظم اتجاها وظيفياً ) ([23]) .
ويقول الدكتور هرمان راندال :
بالرغم من طبيعة الإنسان البيولوجية فإن الطرق والمفاهيم التي استعارتها العلوم الاجتماعية من علم الحياة بعد عام 1859 أدخلت إلي علم الإنسان من الإبهام بقدر ما أدخلت من التوضيح ، فالمقايسة بالعضوية أبعدت أنظار الناس عن دراسة المجتمع الحقيقي دراسة مثمرة.
والقائلون بالانتخاب الطبيعي ألقوا رداءً من الظلام علي النواحي الهامة لاختلاف النمو الاجتماعي عن النمو الطبيعي . وأدت الطريقة المقارنة إلي تشويه الحقائق وتزويرها ، وكان لابد من بذل جهد كبير من نقد أنصاف الحقائق الخاطئة.
حتى إن تقدم العلوم الاجتماعية في الجيل الأخير كان إلى حد كبير عبارة عن دحض للنظريات الكبيرة المستوحاة من التطور الدارويني ) ([24]) .

ثانياً : ادعاء التلازم بين التطور والتقدم :
يقول الدكتور أحمد أبو زيد :
(يتفق العلماء التطوريون في الأغلب في أن الصفة الغالبة علي سير الحضارة هي التقدم ، وأن التدهور ليس إلا حالة استثنائية عارضة ومؤقتة ، وأن الحياة تسير بالضرورة نحو تحقيق مزيد من التقدم والرقي ) ([25])
(وربما كان الفيلسوف الاجتماعي البريطاني هربرت سبنسر هو الأكثر استخداماً لكلمة " تقدم" في كتاباته بالمعني التطوري دون أن يضمنها في الوقت نفسه أي معان أخلاقية أو معيارية)([26]) .
ويقول الدكتور هرمان راندال :
( ذهب عدد من المفكرين إلي القول " بأن الغاية الوحيدة التي يكشف عنها مجرى الطبيعة هو التغير والنمو ذاتهما ، وعلي ذلك جعلوا من النمو مثلهم الأعلى . فالعلم عملية من النمو، وهو نمو مستمر صوب التنوع والتعدد . ومن هنا كان كل غنى الحياة ومضاعفة صورها وإمكانياتها وفق قانون الطبيعة ، وهو في الطبيعة والإنسان معاً.
الحياة هي بذاتها المبرر لوجودها ، وإن عالما ينتج التنوع الغني الذي نراه محيطا بنا ، ويعد بمستقبل أكثر تنوعاً وغنى للمجتمع البشري ، يجب أن يكون خيراً في ذاته ، فالطبيعة لا تتوقف عن إنتاج الجدة والتنوع ، والتطور بكلمة واحدة تطور خلاق . والإنسان الواقف علي القمة يمتلك في ذكائه أكبر عامل خلاق في العالم ، فليعش إذن ، وليفعل ولينتج وليخلق ، وهو بوقف نفسه علي العمل من أجل العمل ، والنمو من أجل المزيد من النمو يصبح طبيعياً وإنسانيًا وإلهيا إلي أبعد حد ممكن ) ([27])
ثم يقول الدكتور هرمان راندال في نقد هذه النظرة :
( لقد ظهر أنه لا يوجد هناك أنماط بسيطة من المراحل المتسلسلة . وأن جانباً من التبدل الاجتماعي قد حدث نتيجة للهيئة المتبدلة ، وذلك بالدرجة الأولى عن طريق انتشار المؤسسات بفضل الاتصالات الثقافية .
( قد يكون هذا التبدل تدريجياً وقد يكون شديداً مفاجئاً إلي الوراء ، وقد يتجه إلي الأمام .. فيكون إما تقدماً أو تفسخا ، والسبيل الوحيد لفهم التطور الاجتماعي هو بالدراسة المركزة الصابرة للثقافات المحلية المحدودة علي مسرحها التاريخي والجغرافي ) .

ويقول الدكتور أحمد أبو زيد .
(إن فكرة التطور بمعني التقدم والارتقاء لم تسلم من كثير من الانتقادات العنيفة التي وجهها إليها عدد من العلماء ورجال الدين بالذات .
وقد ظهر هذا الاتجاه بشكل واضح جلي ، عند بعض رجال الدين واللاهوت علي الخصوص في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر .
ومن أكبر مشايعي هذه النظرة الأسقف هويتلي أسقف كانتربري في ذلك الحين . وقد كتب هويتلي في ذلك كتاباً بعنوان " مقال عن أصل الحضارة " . كان له دوي كبير في ذلك الحين .
ويبني هويتلي كل كتابه علي حجة استقاها من نيبوهر أحد أعداء النظرة التقدمية المتطرفين ، وكان نيبوهر ينكر بشدة إمكان نهضة الإنسان الأول وتقدمه وارتقائه من مرحلة متوحشة أولى ، إلي المراحل الأكثر تحضراً عن طريق التطور التلقائي الذاتي ، ودون تدخل أية عناصر أو عوامل أخري . وكان يتحدى العلماء التقدميين في أن يأتوا بمثال واحد لشعب بدائي واحد أمكنه أن يرقى إلي مرحلة التحضر من تلقاء نفسه . إنما البدائيون عنده وعند أتباع نظرية تدهور الثقافة الأولي سلالة متدهورة من شعب متحضر في الأصل . وقد أفلحت هذه النظرة في إغراء وجذب بعض العقول الكبيرة الممتازة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر مثل :الكونت دي ميستر ، ودي بروس ، وجوجيه .)
ثم يقول :
بالرغم من تحمس تايلور - من علماء الأنثروبولوجيا - لنظرية التقدم ..
فإنه : ( لا يتردد في أن يعترف بأن نظام الرق في العالم القديم ، كأن أسمي وأرقى من العبودية والرق في المستعمرات الأفريقية تحت نير الاستعمار الحديث .
وأن العلاقات الجنسية عند الشعوب البدائية تتضمن عناصر أسمي وأكثر تهذيباً من نظرة الرجل للمرأة عند كثير من الشعوب الشرقية " المعاصرة " .
وأن نظام مجالس شيوخ القبائل في المجتمعات البدائية ، تكشف عن درجة عالية من الحكم الديمقراطي هي أسمي ولاشك من الديكتاتورية في العصر الحديث ) ([28])
ويذكر تايلور في هذا الصدد مدي تمسك الكاريبيين - كشعب بدائي - بالأمانة إلي جانب التواضع والسماحة ، إلي حد أنه لو ضاع شئ ما من مكان ما فإنهم يقولون علي الفور وبدون أدني تكلف كما لو كانوا يقررون مسألة بديهية لا يرقي إليها الشك : " لقد كان هنا أحد المسيحيين ، أي الأوربيين " ([29]) .
ثم يقول الدكتور أحمد أبو زيد :
( أمكن للعلماء المعاصرين أن يسقطوا من حسابهم تماما فكرة " حتمية التقدم " التي كان يتمسك بها التطوريون القدامى : خاصة وأن الدراسات الأنثروبولوجية الميدانية الحديثة كشفت عن تفاوت المجتمعات الإنسانية المختلفة ، بل والمجتمعات التي توصف عادة بأنها بدائية .. في درجة التقدم والتطور . فبينما وصل بعضها إلي حد الثورة الجارفة ، يكاد البعض الآخر لا يكشف عن أي درجة من التقدم ، وإنما يعيش في حالة من الركود والاستقرار .
ونظرية التطور عن طريق " التكيف الثقافي " ، تسمح بقبول هذا التفاوت والتسليم به ، كما تقبل إمكان وجود الركود والتطور جنباً إلي جنب ، ليس فقط في المجتمع الإنساني ككل ، بل في كل مجتمع علي حدة . بل إن " الاستقرار ": قد يكون دليلا علي نجاح عملية التكيف ،لأن الثقافة التي يتم تكيفها بنجاح تميل إلي رفض أي تغيرات أخري )([30])

ثالثا : تفسيرالتطوريين للتاريخ والحضارة والدين :
إذا كان ماركس لم يهتم بكتابات داروين إلا من حيث إفادته في موقفة العدائي من الدين والمثالية ، فإن إنجلز تأثر بداروين تأثراً عميقاً ، وبدأت علي يديه عملية تطعيم النظرية الماركسية ببعض التأثيرات الداروينية ، عن طريق إبراز التكنولوجيا كوسيلة يعتمد عليها الحيوان البشري للتكيف مع البيئة الطبيعة .
ثم كان كل من جوردن تشايلد وليزلي وايت من أكبر علماء الاجتماع المشايعين للاتجاهات القديمة اللذين يخرجان التطورية الكلاسيكية في كتاباتهما ببعض آراء سبنسر وماركس.
ولكن آراء تشايلد وليزلي وايت لا يمكن اعتبارها ممثلة للعلم الاجتماعي الحديث كما يقول جون جرين : فقد تعرضت هذه الآراء للنقد اللاذع من علماء الأنثربولوجيا ، وقد جاء معظم هذه الانتقادات من جوليان ستيوارد .
يقف جوليان ستيوارد موقف المعارضة من التطورية الكلاسيكية التي كانت تبحث عن القوانين العامة التي تحكم تطور الثقافة الإنسانية ككل ، وتحاول إعادة بناء التاريخ عن طريق افتراض سير الأحداث في خط واحد أو طريق واحد ، وتذهب في ذلك إلى تصور أن المجتمعات والثقافات لابد أن تمر بمراحل متتابعة محددة ومرسومة بدقة ، بحيث تكون كل مرحلة منها مترتبة علي ما سبقها من مراحل ، وتؤدي في الوقت ذاته إلي المرحلة التالية .
فلقد نبذ جوليان ستيوارد منذ البداية فكرة البحث عن تلك القوانين التي يزعم التطوريون الكلاسيكيون - ومعهم جوردون تشايلد ، وليزلي وايت - أنها تحكم التطور الثقافي والاجتماعي ككل ، كما نبذ الفكرة التي كانت سائدة من قبل من أن التطور الثقافي هو امتداد للتطور البيولوجي أو أنه يلازم " التقدم " .
ويؤمن جوليان ستيوارد بما يسميه " النسبية الثقافية " و " التفرد التاريخي " ومع ذلك فإنه يميل إلى ( أن التطورات الثقافية تخضع للقانون ، وأن التكيف مع البيئة الطبيعية عامل هام في التغير الاجتماعي ) .
وفي هذه النقطة يختلف ستيوارد مع الكثيرين من علماء الاجتماع والإنثروبولوجيا الذين يميلون إلي التهوين من شأن البيئة الطبيعية والدور الذي تلعبه الثقافة ، علي أساس أن البيئة الواحدة قد يوجد بها أنماط ثقافية مختلفة ( وأن النمط الثقافي بالتالي يتطور حسب عوامل وعناصر ديناميكية . داخلية تتحدي كل التوقعات العلمية ) .([31])
يقول الدكتور أحمد أبو زيد :
( إن كتابات العلماء المعاصرين تعتمد في المقام الأول علي الدراسات الميدانية ما أمكن ، وعلى الحقائق المؤكدة ، بعكس الحال في كتابات القرن الماضي التي كانت تعتمد علي ما أسماه دوجالد ستيوارت بالتاريخ الظني أو التخميني لمعرفة الصورة الأولى التي كانت عليها النظم الاجتماعية : لإعادة تركيب تاريخ المجتمعات البشرية وتصنيفها ، من حيث درجة رقيها وترتيب مراحل الحضارة التي مرت بها هذه المجتمعات حتى الآن ، وذلك حسب نظام عقلي دقيق يرسمون هم أنفسهم خطته ويحددونه تحديداً تعسفياً .
ولذا فكثيرا ما يصلون إلي نتائج غريبة ومتناقضة ، فبينما نجد - علي سبيل المثال - السير هنري مين يذهب إلي أن العائلة الأبوية هي الشكل الأول للنظام العائلي على الإطلاق ، نجد باخوفن يذهب إلى أن الإنسانية عرفت أولا - بعد مرحلة الإباحية المطلقة -نظام العائلة الذي يرتكز على الانتساب إلى الأم قبل أن تصل إلي العائلة الأبوية ،) ([32])

إن معارضة الغالبية العظمى من التطوريين المعاصرين للنظرية التطورية الكلاسيكية لا تتوقف عند حد عدم قبول المماثلة بين التطور البيولوجي والتطور الثقافي والاجتماعي ، وتأكيدهم لأهمية التفرد التاريخي والنسبية الثقافية ، وإنما تذهب ببعضهم إلى حد إنكار أن يكون التنافس والصراع من وسائل التقدم الاجتماعي على ما كان يذهب إليه هربرت سبنسر في نظريته عن البقاء للأصلح .
فكلمة الأصلح في رأيهم اصطلاح غير دقيق ومضلل ، ولا يفيد بالضرورة الامتياز والسمو في الخصائص والقوى والقدرات في كل الأحوال .
وهذا معناه أن العلماء المعاصرين - ويشاركهم في ذلك عدد من علماء البيولوجيا أنفسهم - يميلون إلي التشكك في الدور الذي يلعبه الانتخاب الطبيعي في التاريخ البشرى والتهوين من أهمية ذلك في التاريخ ) ([33])
إن ألفريد لويز كرويبر هو العالم المعاصر الذي بدد الأحلام في إقامة علم طبيعي للتطور التاريخي ، و أسدل ستارآ كثيفا على هذه الدعوة .
وتقوم آراء كرويبر على التمييز بين المدخلين التاريخي .. والعلمي لدراسة الظواهر الاجتماعية ، فالعلم إنما يعنى بالتجريد والبحث والدقة في القياس ، ويستعين في ذلك بإجراء التجارب الدقيقة . وذلك بعكس المنهج التاريخي الذي لا يسعه إلا أن يبين نواحي الشبه بين الظواهر الثقافية والكشف بالتالي عن الأنماط لا القوانين .
ومع أن كرويبر يرى أن كلا المنهجين يمكن تطبيقهما على كل الظواهر الموجودة في الكون بلا استثناء ، فإنه يقرر أن استخدام المنهج العلمي يحقق نجاحآ أكبر في دراسة الظواهر العضوية بينما يناسب المنهج التاريخي دراسة الظواهر الثقافية الاجتماعية والسيكولوجية .
وبهذا التمييز يهدم كرويبر كثيرآ من آمال العلماء التطوريين المحدثين .
ولا يهتم كرويبر في كتابه " صيغ النمو الثقافي " بالبحث في " لماذا " أى عن أسباب التغير الاجتماعي ، اعتقادا منه أن المهمة الأولى للأنثروبولوجى هي البحث عن " كيف " أى عن الطريقة التي تعمل بها الثقافات .
كما كان يرى أن التاريخ أوسع وأعمق وأكثر تنوعآ من أن يرد إلى مجرد عدد من العوامل المتتابعة . ([34])
يقول كرويبر: ( إن العمليات الحضارية الفعالة تكاد تكون مجهولة لدينا ، والعوامل التي تتحكم في بناء الحضارات لا تزال لغزآ بالنسبة لنا .. وليس في وسع المؤرخ حتى الآن سوى أن يبحث عن الأشياء ، ويصل ما بين الذي يبدو منها متباعدا جدآ ، ويوازن ويوحد ، لكنه في الحقيقة لا يفسر ، ولا هو من حقه أن يمسخ الظواهر شيئآ آخر . إن طريقته ليست هي العلم ، وإن كل الذي نستطيع أن نقوم به جميعا هو أن نتحقق من هذه الفجوة ، وأن يخلف فينا عمقها اللامتناهي انطباع المهابة والتواضع ، وأن نمضي في سبيلنا على حافتيها دون القيام بمحاولات كاذبة لسد الفجوة الأبدية ، أو التفاخر بلا حق بإقامة جسر بين حافتيها ) ( [35] )

رابعا : في الاعتماد على نذر قليل من المعلومات والاكتفاء بالتأملات الافتراضية ... والأحكام الاعتقادية :
يقول الدكتور أحمد أبو زيد :
إن النظريات التي كان يصنعها هؤلاء العلماء [ التطوريون ] لم تكن تقوم على الحدس والتخمين فقط ......
وإنما كان يداخلها على ما يقول إيفانز برتشارد : كثير من العناصر التقويمية أيضا .. وكانت تفسيراتهم للنظم الاجتماعية لا تعدو أن تكون موازين ومعايير نظرية [ قبلية ] لقياس التقدم ، بحيث توضع أشكال النظم أو العقائد التي كانت موجودة في أوربا وأمريكا في القرن التاسع عشر في طرف ، وتوضع النظم والعقائد البدائية في الطرف المقابل .
وهكذا نجد أنه على الرغم من إيمانهم بأهمية المذهب التجريبي في دراسة النظم الاجتماعية ، فإن علماء القرن التاسع عشر لا يكادون يقلون عن الفلاسفة الأخلاقيين في القرن الثامن عشر اعتمادا على الجدل والتفكير النظري والمسلمات التحكمية ) ([36]) .
ويقول الدكتور هرمان رندال في بيان كيف قامت هذه النظريات على " تأملات استنتاجية " لاعلى منهج علمى تجريبي :
(إن المذاهب الاستنتاجية التأملية الكبيرة التي رتبت الوقائع بحيث تنسجم مع افتراضاتها كمذهب كونت وسبنسر انهارت أمام هجمات المحققين الباحثين ).
ويقول :
( إن علماء تطوريين بارزين كهربرت سبنسر ولستر . ف وورد الأمريكى بالرغم مما قد زينوا به صفحات مؤلفاتهم من الألفاظ البيولوجية .. بقوا إلى حد كبير من أصحاب المذهب الاستنتاجي - التأملي - المعتمدين على اليقينيات المسبقة ، إذ يبتدئون من بضع مقدمات مفترضة ، ويذهبون منها إلى بناء مذاهب واسعة ، وهذا واضح كل الوضوح في حالة سبنسر الذي عالج التطور وهو متأثر بالميول الموروثة من القرن الثامن عشر ، المنادية بالمذهب الميكانيكي في العلم ، وبمذهب حرية العمل في المجتمع .
لقد حاول سبنسر أن يقحم جميع الحقائق ضمن مجرى تطوري كوني منسجم واحد ينمو كل شيء فيه من حالة بسيطة غير متميزة إلى حالة عضوية بالغة الفردية
وحاول أن يثبت - على طريقة القرن الثامن عشر - أن ثقل الكون بكامله يكمن وراء النظرية الفردية في المجتمع .
وهكذا بالرغم من أهمية منزلته بإدخال فكرة التطور العامة في دراسة المؤسسات الاجتماعية ، فإنه أيضآ نقل الطريقة الاستنتاجية إلى مفاهيم التطور ، وقد استغرق تحرير العلوم الاجتماعية من هذا النقل المضلل والافتراض التوكيدي جيلا بكامله .
وقبل أن ينهي عمله الضخم بزمن طويل أصبحت صفحات كتابه صفراء وعديمة الجدوى ) ([37])
ويقول عن هربرت سبنسر ، وا . ب تايلور : إنهما عمما من بضع ملاحظات نظما بسيطة قاسية ، بموجبها تنمو المؤسسات التي تتفتح بذاتها بصورة آلية متبعة نفس الترتيب في كل أنحاء العالم ، وبناء على ذلك كان لابد للمجتمع في كل مكان أن يجتاز نفس المراحل المحدودة منذ الشيوعية البدائية والحرية الجنسية ، حتى الأشكال ( العليا) للحضارة الأوروبية الحالية .( وقد أدخلت الحقائق بمهارة في هذه القواعد ، دون أقل انتباه إلى الوسائل التي تجرى بها هذه التبدلات على اعتبار أنها كانت تتم " بالتطور " .
ونذكر من هؤلاء العلماء التطوريين التوكيديين ، لويس مورغان الذي وجد خطته بين الهنود الأيركوبيين ، وهم لسوء الحظ جماعة فريدة من نوعها .
و ج.ج فريزر الذي يحوى كتابه " الشجرة الذهبية " معلومات زاهية مغلوطة وصلت إليه بطريق غير مباشر.
بعد مرحلة البدء هذه دخل على الأنثروبولوجيا مرحلة أخرى تحطمت فيها نظرياته المحببة بفعل الحقائق الباردة . فاضطرت فكرة التطور الثابت السائر في خط واحد ، إلى التراجع إزاء الدراسة الممحصة ) .
ويقول :
( لقد كان من المستحيل تقريبا أن يتجنب الباحث انتخاب حقائقه التي يريدها على نور نظرية سبق أن اعتقد بها .
وما شيده بناة الأنظمة هدمه النقاد . ففى علوم الاقتصاد ، ونشأة الإنسان والاجتماع والسياسة ، بل في كل حقل أخذ كبار المفكرين يشعرون أن جميع النظريات لاتلبث أن تفند بزيادة المعلومات .
لكن هنالك شيئا واحدا بدا أنه وحده قد اكتسب بصورة نهائية : وذلك هو أن على الناس أن يجدوا الحقائق ، وأن يدعوا النظريات تتحمل نتيجتها ، تلك كانت حالة العلوم الاجتماعية العامة في مطلع القرن الحاضر )[ العشرين ].

ويبين الدكتور هرمان راندال النتائج السلبية الهدامة التي يؤدى اليها إيمان العلماء بهذه النظريات :
( كانوا دائما يبدءون من معرفة ناقصة عن المجتمع البشرى المعقد التركيب ، معتقدين دائما بأن من الممكن استكشاف بضعة مبادئ بسيطة وإنشاء علم كامل منها ، وكانوا ينتهون دائما إلى نظرية اجتماعية قادرة على تحطيم العقائد التقليدية ، ولكنها عاجزة عن أن تقيم بدلا عنها نظاما أكثر شمولا منها ، كان كل منهم يحمل فكرة علم الاجتماع عظيمة الأهمية ولكن أحدآ منهم لم يكن يملك لا الطريقة ولا الحقائق اللازمة لإنجاز مثل هذه المهمة . لهذا نرى العلوم الاجتماعية التي نشأت في القرن الثامن عشر بالرغم من كونها أدوات انتقادية عظيمة قد انتهت إلى نظم شاملة ومتحجره أثبتت عجزها عن أى حل ) ([38])

التطور الأخير لعلم الاجتماع المعاصر
يقول الدكتور أحمد أبو زيد :
( أخذت المشكلات التطورية تتراجع بشدة وتتوارى من التفكير الاجتماعي والأنثروبولوجي المعاصر .
أو على الأقل تتخذ شكلا جديدا يختلف عما كانت عليه في القرن الماضي
. كذلك فإن نظرية التقدم الاجتماعي عن طريق الانتخاب الطبيعي لم تعد تؤخذ بعين الاعتبار الآن .
وبدلا من محاولة إبراز النواحي البيولوجية ، في التطور البشري ومقابلتها بالتطور الاجتماعي والثقافي ، فإن العلماء المعاصرين يفضلون أن ينظروا إلى الإنسان على أنه حيوان ناقل للثقافة ، وبهذا فإنهم يميزون بين الانسان وبقية الحيوانات تمييزآ قاطعآ ، يكاد يماثل ما كان عليه الموقف قبل عصرداروين ......
وجانب كبير من مسئولية انحسار التطورية الكلاسيكية يقع على عاتق النزعة البنائية الوظيفية التي سيطرت على الدراسة الاجتماعية والأنثروبولوجية من القرن الحالي )
( ويمكن القول بوجه عام أن التطورية المعاصرة تختلف عن النظريات السابقة في ناحيتين أساسيتين :
تتعلق الأولى منهما بأشكال التكيف الثقافي ، إذ حلت فكرة التكيف الثقافي محل البحث عن الأصول الأولى ، ومحل مبدأ الصراع .
وقد ذهب بعض العلماء المعاصرين إلى أن عملية التكيف الثقافي لاتشمل البيئة الطبيعية فقط ، بل وكل عمليات التوافق مع النظم والأنساق الاجتماعية ، والاختراعات والاكتشافات والاستعارات الثقافية . كل هذا يؤلف المادة الخام للتغير التطوري في الثقافة )

( وتتعلق ثانيتهما بالتوفيق بين الاتجاهات والمبادئ التي كانت تعتبر متناقضة في الماضي ) .

هذا ويهتم العلماء المعاصرون الآن بدراسة بعض المشكلات التي لم تكن تجد كثيرا من العناية من جانب العلماء السابقين ولعل أول هذه الأمور :
ما الذي يتطور؟ هل هي الثقافة ككل التي كان علماء القرن التاسع عشر يتصورون أنها تمر خلال عدد من المراحل الكبرى ؟ أم أن الذي يتطور هو بعض الأنساق الاجتماعية المعينة بالذات ؟
( وإن كان الرأي الأخير لا ينفي تأثر الكل بهذه التغيرات الجزئية فهو على كل حال يتميز عن المنظور التطوري العام الذي يعتبر مقياسا للتقدم .

المشكلة هي : هل يتم التطور بطريقة لاشعورية ولاعقلانية ويخضع لعوامل لا يدركها الإنسان أو يتم حسب خطة مرسومة بشكل أو بآخر ؟
ومع القول بأن الخطة المرسومة لاتمنع من ظهور نتائج غير متوقعة ، فإن هذا لا يمكن اعتباره مساويا للانتخاب الطبيعي في البيولوجيا ، لأن عملية الانتخاب الثقافي تخضع في كثير من الاحيان لقدرة الإنسان على تحليل سلوكه وترتيب أموره وتدبيرها

والمشكلة الثالثة هي : أين تكمن الدوافع التطورية ؟
هل توجد في وسائل الإنتاج أو في التكنولوجيا أو في صراع الطبقات ، أو في تقسيم العمل ، أو في قوة من قوى الكون يصعب إدراكها وتحديدها ؟
إن العلماء المعاصرين يميلون إلى عدم ربط التطور بأشكال الحياة الاقتصادية وحدها في جميع الحالات وهم يرون أنه : من السفه افتراض أن التطور يحدث دائما في كل الأحوال في قطاع معين بالذات من قطاعات الثقافة ).

والخلاصة هي أن معظم الأنثروبولوجيين الثقافيين لم يعودوا يحفلون بدراسة الثقافة الإنسانية كلها لإطلاق أحكام عامة عليها ، وهم يرون أنه ( يتعين على العلماء قبل أن يقدموا على مثل هذه الدراسة أن يدرسوا أولا عمليات التغير الثقافي التي تحدث بالفعل في ثقافات محددة معينة ، دراسة تفصيلية مركزة )
( ويظهر ذلك بشكل واضح في كتابات فرانزبواز الذي يعتبر بحق شيخ الأنثروبولوجيين في أمريكا فهو يعارض بشدة : الفكرة السائدة عن وجود صيغة واحدة ثابتة للتطور الثقافي ، تنطبق على الماضي مثلما تنطبق على المستقبل بالنسبة لكل المجتمعات وبغير استثناء ، وأن التطور يسير دائما من البسيط إلى المركب في مراحل معينة ومرسومة تحدد بالضرورة درجات التقدم التي أحرزها الجنس البشري كله ) ([39])
يقول الدكتور هرمان راندال : ( إنها لسخرية غريبة أن موقف علمي الحياة والنفس قد قوى الاتجاه اللاعقلي الذي أراد محاربته ‍‍‍‍!
ذلك لأنه اذا كانت الاعتقادات بالدرجة الأولى وسائل لمؤالفة المحيط ، فكيف يكون مصير الحقيقة ، بل مصير العلم ذاته ؟
لا يمكن أن يكونا سوى شكل خاص للمؤالفة البيولوجية ، تجلبه بسبب نجاح وظيفته فى تثبيت دعائم الحياة ، فالحقيقة بأى معنى آخر ، الحقيقة المطلقة التي نادى بها قدماء العقليين عديمة المعنى فى عالم متطور ، ألا يمكن حينئذ أن يكون صحيحا أى اعتقاد يؤدى إلى نتيجة ؟ هكذا بدا الباب مفتوحا بالنسبة للكثيرين من أجل أن يبرروا تبريرآ جديدآ إيمانهم المقدس )
انظر : تكوين العقل الحديث ج 2 ص 156
وها قد رجعنا من خلال العلم إلى دعم الأسطورة في حلقة مفرغة لا يمكن أن تعني التقدم من خلال التطور !! أليس كذلك ؟
فهل يبقىبعدذلك للتطورية الاجتماعية " سند يصلح لمصاولة الدين " الدين الذي هو عند الله الإسلام ؟
إن النتيجة التي نخرج بها من هذا المبحث هو أن التطور والتقدم كليهما لا يفسر لنا "الدين " بل ندعى - على العكس من ذلك - أن الدين هو وحده الذي يمكنه أن يقدم تفسيرآ للتطور والتقدم .


------------------------------------------------------------------------
([1]) تكوين العقل الحديث ج2 ص117 0
([2]) عالم الفكر يناير فبرابر مارس 1973 بحث للدكتور احمد ابو زيد 0
([3]) انظر مبحث "التطور الفكري : قانون الأحوال الثلاثة " 0
([4]) مجلة عالم الفكر يناير فبراير مارس ص 110 0
([5]) انظر عالم الفكر يناير وفبراير ومارس 1973 تمهيد فى النشوء والارتقاء ص 3 0
([6]) المصدر السابق 0
([7]) عالم الفكر عدد يناير فبراير مارس ص 105 - 106 0
([8]) تاريخ الفلسقة الحديثة ليوسف كرم ص 347 0
([9]) تكوين العقل الحديث ج2 ص 127 ، 143 0
([10]) بينا في مبحثنا عن " التقدم من خلال النظرة المادية : أن التطور في المادة من جانب ، وفي الحياة من جانب آخر يسبران في خطين متعاكسين ،وانظر00 كتابنا ( العقيدة الاسلامية بين الفلسفة والعلم 0 )0
([11]) تكوين العقل الحديث ج2 ص 117 0
([12]) ملقي السبيل ص 104 0 0 يحاول سبنسر أن يوفق بين نظريتة تلك وبين حقيقة الدين ، أنظر ماذكرناه فى مبحث عبادة المادة 0
([13]) ملقي السبيل ص104 0
([14]) المصدر السابق نفس الصفحية 0
([15]) ملقي السبيل ص 106
([16])ملقي السبيل ص 147 0
([17])ملقي السبيل ص 131 0
([18]) تكوين العقل الحديث ج 2 ص 119 0
([19]) وانظر أيضا " العلم والدين لإميل بوترو ص 84 وما بعدها 0
([20]) الموسوعة الفلسفية المختصرة ص 179 0
([21]) تكوين العقل الحديث ج2 ص 176 ،177 0
([22]) عالم الفكر يناير فبراير مارس 1973 ص 122 0
([23]) عالم الفكر يناير فبرابر مارس 1973 ص 117 0
([24]) تكوين العقل الحديث 2 ص 176 ، 177 0
([25]) مجلة عالم الفكر السابقة ص111 0 112
([26]) تكوين العقل الحديث ج2 ص 316 0
([27]) تكوين العقل الحديث ج 2 ص 316 انظر نقدنا القيمي لهذه النظرة في مبحثنا عن قيمة الإنسان من خلال النظرة الكونية في الباب الرابع 0
([28]) تايلور للدكتور أحمد أبوزيد 0
([29]) عالم الفكر يناير فبراير مارس 113 0
([30]) عالم الفكر يناير فبراير مارس 1973 ص 126 ، 127 0
([31]) عالم الفكر يناير فبراير مارس 1973 ص117 - 120 0
([32]) عالم الفكر يناير فبريا مارس 1973 ص122 0
([33]) عالم الفكر يناير فبراير مارس 1973 ص 122 - 125
([34]) عالم الفكر يناير فبراير مارس 1973 ص 122 - 125 0
([35]) تكوين العقل الحديث ج 2 ص 195 - 197
([36]) عالم الفكر يناير فبراير مارس ص 116
([37]) تكوين العقل الحديث ج 2 ص 167 ، 168 0
( [38]) تكوين العقل الحديث ج 2 ص 463
([39]) انظر بحث الدكتور أحمد ابوزيد فى مجلة عالم الفكر يناير فبراير مارس 1973 ص 120 : 129


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.