انتقدت منظمة المؤتمر الإسلام في بيان على موقعها الالكتروني تصريحات بابا الفاتيكان بينديكت السادس عشر المسيئة للإسلام والنبي الكريم (محمد) صلى الله عليه وسلم، واعتبرته جاهلا بالإسلام لما قاله عن الجهاد الإسلامي، وهددت المنظمة بالخوض في تاريخ الكنيسة الدموي، مالم يتراجع البابا عن تصريحاته ويعتذر للمسلمين. وجاء في النص الكامل للبيان: "ألقى قداسة بابا الفاتيكان بندكت السادس عشر، محاضرة يوم 12 سبتمبر 2006، في جامعة ريجنسبرغ في ألمانيا، بعنوان "العقيدة والعقل وذكريات الجامعة وتأملاتها"، تعرّض في مقدمتها إلى الإسلام، وإلى شخص الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وإلى صفات الله في القرآن الكريم. وتأسف منظمة المؤتمر الإسلامي للاقتباس الذي أورده البابا عن سيرة الرسول الكريم وعما أسماه بنشر الإسلام بحد السيف، كما تأسف للمغالطات الأخرى المسيئة للعقيدة الإسلامية التي وردت في نص المحاضرة. ويأتي أسف المنظمة لهذه الحملة لأنه لم يكن هنالك ما يبرر إقحامها في نص المحاضرة لأنها خارجة عن السياق، وعن الفحوى الأساسي لها، باعتراف قداسته شخصيا، ولأنها تسيء إلى سيرة النبي الكريم الذي تتهمه بإتيان الشرور وكل ما هو غير إنساني، في تناقض كبير لما أُثر عنه عليه السلام عبر العصور من كونه رحمة للعالمين. كما أن نعته انتشار الإسلام في العالم بكونه تمّ عن طريق "إراقة الدماء والعنف مما يتعارض مع طبيعة الله"، اتهام باطل يدل على جهل بالدين الإسلامي وتاريخه. ولمّا كان الإسلام قد بجّل كل الأنبياء المرسلين، وخص منهم بالذكر النبي عيسى عليه السلام وأمّه الطاهرة مريم ابنة عمران، وأضفى عليهما طابع القداسة، وجعل الإيمان بنبوة المسيح ورسالته القائمة على التسامح والمغفرة والرحمة، جزءاً من كمال الدين الإسلامي، فإن المنظمة تربأ بنفسها عن الخوض فيما قامت به الكنيسة من حروب صليبية وحروب دينية في أوروبا وتنكيل بالمسلمين في محاكم التفتيش باسم رسالة المسيح السمحة.
وتأمل المنظمة ألا تكون هذه الحملة المفاجئة معبّرة عن توجه جديد لسياسات الفاتيكان إزاء الدين الإسلامي، خصوصا بعد عقود من الحوار جمعت رجال الفاتيكان ورجال الدين والفكر في العالم الإسلامي منذ عهد البابا الأسبق بولوس السادس، كما ترجو أن يصدر عن الفاتيكان ما يعبّر عن حقيقة موقفه من الإسلام وتعاليمه." وفي مدينة غزة، أصدر رئيس الوزراء الفلسطيني، اسماعيل هنية، إدانة لتصريحات البابا، وقال إنها "غير صادقة وتشوه جوهر الدين والتاريخ الإسلامي." وطالب هنية، البابا "بمراجعة ملاحظاته، والتوقف عن التشهير بالإسلام الذي يؤمن به أكثر من بليون ونصف بليون مسلم." وجاءت تصريحات رئيس الوزراء الفلسطيني عقب أداء صلاة الجمعة. وفي رد فعل آخر، قال رئيس جماعة الإخوان المسلمين في مصر، محمد مهدي عاكف، إن تصريحات البابا جاءت "لتصب زيتا على النار، وتثير الغضب داخل العالم الإسلامي، وتبرز عداء السياسيين ورجال الدين في الغرب للإسلام." وصدرت إدانة أيضا لتصريحات البابا من تركيا، والتي من المقرر أن يزورها في نوفمبر. وفي هذا السياق، نقلت وكالة أنباء الأناضول عن رئيس الإدارة العامة للشؤون الدينية في أنقرة، علي بارداكوغلو، قوله " إن كلماته (البابا) مؤسفة ومزعجة للغاية فيما يتعلق بالعالم المسيحي والسلام المشترك للإنسانية، ولا أرى فائدة في زيارة شخص للعالم الإسلامي يفكر بمثل هذه الطريقة عن نبي الإسلام محمد." وفي باكستان، أصدرت الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ الجمعة، قرارا بالإجماع ضد تصريحات البابا المثيرة للجدل. وقالت وزارة الخارجية الباكستانية إن تصريحات البابا هي مثار تساؤلات، وأكدت أنها مؤسفة للغاية وضد الإسلام. ومن ناحية أخرى، جاء البيان الذي أصدره الفاتيكان حول تصريحات البابا على النقيض. وقال البيان إن تصريحات البابا أعربت عن رغبته في إيجاد نزعة "للاحترام والحوار بين الأديان والثقافات الأخرى، ومن بينها الإسلام." وذكر المتحدث الصحفي باسم البابا، فيديركو لومباردي، أن خطبة البابا كانت تحذيرا موجها إلى الحضارة الغربية "لتفادي اعتبار السخرية من المقدس بمثابة حرية تعبير." وكان البابا أثناء زيارته إلى ألمانيا، وفي معرض حديثه خلال محاضرة حول قضية العقل والدين، استشهد البابا بمقطع من كتاب يحوي محادثة بين الإمبراطور البيزنطي المسيحي مانويل باليولوغوس الثاني وأحد المثقفين الفارسيين حول المسيحية والإسلام في القرن الرابع عشر. وقال البابا "وتحدث الإمبراطور عن موضوع الجهاد، أو الحرب المقدسة. وقال الإمبراطور - وأنا هنا أقتبس مما قاله - أرني شيئا جديدا جاء به محمد، ولن تجد إلا كل ما هو شر ولا إنساني، مثل أمره بأن ينشر بحد السيف، الدين."