د. جودة: ارتكبت كارثة بفرض الطوارئ وحظر التجوال.. وقراراتها أسهمت في هروب المستثمرين العرب والأجانب نجحت حكومة الانقلاب - أو كما يطلق عليها البعض «حكومة العواجيز» - فى وضع الاقتصاد المصرى فى مرحلة لا يرثى لها، حيث تؤكد معظم المؤشرات والتحليلات الاقتصادية أن الببلاوى ورجاله أخفقوا كثيرا على كل المستويات الاقتصادية المحلية والدولية؛ نتيجة غياب الرؤى والخطط حتى أصبح المواطن يتساءل «هى الحكومة فين»؟. فعلى الرغم من الترويج لحكومة الدكتور الببلاوى بأنها تتمتع بوجود مجموعة من الخبراء المحنكين، وأن رئيس الحكومة ذو خلفية اقتصادية فإنها افتقدت وجود خطة واضحة حول كيفية زيادة الاستثمارات الأجنبية وزيادة عجز الموازنة الذى تخطى العام الماضى 240 مليار جنيه، وقضية الدعم، والسياحة، والقضاء على المشروعات الإنتاجية القائمة وعدم التفكير فى مشروعات جديدة. مزيد من التراجع تشير التقارير الدولية إلى ارتفاع نسبة الفقر وتفاقم الأزمة المالية فى مصر، فعلى مستوى البطالة والتضخم سجل كل منهما نسبة عالية، كما أن أزمة رغيف العيش ازدادت تدهورا مع نقص حجم إنتاج القمح والعودة للاستيراد الخارجى مرة أخرى والقضاء على منظومة الخبز. كذلك فشلت حكومة «الببلاوى» فى احتواء أزمة أسعار المواد الغذائية من لحوم وخضراوات ومنتجات استهلاكية بعد لجوئها لحلول تقليدية تفتح الباب للسوق السوداء واستغلال المواطنين بشكل أكبر، حيث شهدت أسعار الخضر والفاكهة ارتفاعا ملحوظا، منذ يوليو مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضى، حيث بلغت النسبة ما بين 60 إلى 100%؛ نتيجة تراجع المعروض. أعلى مستوى ديون الديون لا حصر لها فى عهد الانقلاب، حيث ارتفع إجمالى الدين العام إلى تريليون و585 مليون جنيه، وارتفع الدين الخارجى من 45 مليار دولار إلى 54 مليار دولار رغم استلام مصر 9 مليارات دولار من إجمالى مساعدات مالية 12 مليار دولار أعلنت السعودية والإمارات والكويت عن تقديمها لمصر، وهو أعلى مستوى يصل له الدين الخارجى منذ عام 1991. كما سجلت أكبر معدل استدانة شهرى خلال الأعوام المالية الثلاثة الأخيرة، فقد طرحت الحكومة سندات وأذون خزانة بقيمة 81.5 مليار جنيه، بينما كان متوسط الاستدانة الشهرى يتراوح ما بين 55 و60 مليار جنيه فى يوليو الماضى، فيما طرحت المالية 60 مليار جنيه سندات وأذون خزانة أغسطس الماضى، وتعتزم طرح سندات بقيمة 206 مليارات جنيه خلال الفترة من أكتوبر حتى ديسمبر المقبل. هروب الاستثمارات وسط هذا، مازالت الحكومة تواجه صعوبات تتعلق بزيادة معدلات الاستثمار الأجنبى، وعزوف الكثير من المستثمرين الأجانب عن الاستثمار فى السوق المصرية؛ نتيجة عدم الاستقرار الأمنى وانتشار العنف، وتراجعت الاستثمارات الأجنبية من 10 مليارات دولار قبل ثورة يناير إلى 3 مليارات دولار. وأدت بعض القرارات، التى اتخذتها الحكومة إلى تحقيق خسائر مالية، مثل قرار وقف حركة القطارات الذى تم اتخاذه عقب فض اعتصامى رابعة والنهضة فى الرابع عشر من أغسطس الماضى. ووفقا لتصريحات المهندس حسين زكريا رئيس هيئة السكك الحديدية، فإن خسائر الهيئة بلغت مائة مليون جنيه؛ نتيجة توقف حركة قطارات الركاب والبضائع، فيما أعلنت هيئة مترو الأنفاق أن إيراداتها تراجعت بنسبة 60%، بسبب قرار حظر التجوال الذى قلص من ساعات عمل المترو. الغضب قادم أجمع عدد من الخبراء على فشل الحكومة الحالية فى إدارة الملف الاقتصادى، مشيرين إلى أن معدلات العجز والتضخم والبطالة فى تزايد، وأن الببلاوى بلا خطة وفكر ورغبة فى تغيير شكل مصر الاقتصادى. يقول الدكتور أحمد السيد النجار -الخبير الإقتصادى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية- إنه ما عاد فى قوس الصبر منزع للحكومة، مطالبا بفعل شىء للوطن حتى لا يكفر الناس بالثورة. وطالب «النجار» الحكومة بفعل شىء غير الاقتراض الداخلى والخارجى «البليد» دون استخدام للقروض فى أى مشروعات إنتاجية، كما شدد على ضرورة الابتعاد عن الظلم الاجتماعى والإفقار والتهميش وإهمال الفقراء والعاطلين وتبديد ثروات الوطن فى دعم فاسد للأجانب والأثرياء وعجز مزر عن استنهاض النمو الاقتصادى وتحقيق العدل الاجتماعى، مضيفا «افعلوا شيئا غير العمل من داخل الصندوق الفاشل والردىء ، وإلا فالغضب الساطع آت». ضبابية المشهد وافقه الرأى الدكتور صلاح جودة، الخبير الاقتصادى والمستشار الاقتصادى للمفوضية الأوروبية، إذ وصف أداء حكومة الببلاوى بالبطىء والضعيف ولم تتخذ أى قرارات تخدم المواطن البسيط، رغم أنها تتوافر لديها جميع المقومات المطلوبة، مشيرا إلى أن الحكومة ارتكبيت خطأ فادحا مع فرض حالة الطوارئ وحظر التجوال، بل ومدها، خاصة أن الحظر قد كبد هيئة النقل العام خسائر يومية تصل إلى 900 ألف جنيه؛ نتيجة تقليص ساعات العمل، كما حمل الكثير من المصانع خسائر فادحة. وأشار «جودة» إلى أن حكومة الببلاوى لم تقم حتى الآن بحل أى إشكاليات قد تواجه الاستثمارات وعودتها من جديد للسوق المصرى، مع وجود حالة من الضبابية على المشهد الاقتصادى، كما أنها لم تضع هذه المشكلات فى الاعتبار حتى الآن، وكل ما صدر عنها مجرد تصريحات كلامية فقط لا غير، وأنها لم تتخلص من زيادة موارد الموازنة العامه عن طريق الصناديق الخاصة، وترشيد دعم الطاقة ورفع الدعم عن جميع الصناعات كثيفة استخدام الطاقة، والتمثيل السياسى لمصر فى الخارج، و تعديل اتفاقيات الغاز، وتعديل الضريبة العقارية، وفرض ضريبة على معاملات البورصة. غريق يبحث عن قشة وصف الدكتور سرحان سليمان- الخبير السياسى والاقتصادى- الدكتور حازم الببلاوى بالغريق الذى يبحث عن قشة لإنقاذه، قائلا: «هناك تصريح عجيب لرئيس الحكومة: تطبيق الحد الأقصى يؤدى إلى هروب الكفاءات»، مشيرا إلى أن الكفاءات التى يتحدث عنها الببلاوى هى سبب تخلف مصر «اجتماعيا واقتصاديا وعلميا.. إلخ». وأضاف متهكما: «كنا نتمنى لو طبق الحد الأقصى لعله يكون فرصة لهروب تلك الكفاءات، ربما تجد مصر النور على يد شبابها والمستبعدين من علمائها الأكفاء فعلا وليس كفاءات الشعارات والفضائيات الذين لا يحققون سوى أمراض مجتمعية وتراجع مصر إقليميا وعالميا». مكافحة الفساد يقول د. رشاد عبده - رئيس المنتدى الاقتصادى المصرى - فى تصريح لجريدة الشرق الأوسط: إن الشق الاقتصادى فى الحكومة ضعيف جدا، واصفا حكومة الببلاوى بأنها «خائفة»، وأن كل ما اتخذته عبارة عن مجموعة من الإجراءات، مثل إعفاء الطلاب من المصروفات الدراسية وغيره، ولولا المساعدات العربية لم تستطع مصر أن توفر غذاءها. وأضاف عبده: «كان يجب أن تتحرك الحكومة لمكافحة الفساد، والحد من البيروقراطية، وتهيئة مناخ جاذب للاستثمار وحل مشكلات المستثمرين، إلا أنها لم تقم بأى شىء حتى الآن».