في خطابه للشعب الأمريكي في الذكرى السنوية الخامسة لهجمات سبتمبر، توعد الرئيسُ الأمريكي جورج بوش زعيمَ تنظيم القاعدة أسامة بن لادن باعتقاله وتقديمه للعدالة، واعتبر أن الحرب على الإرهاب لم تكد تتجاوز ساعاتها الأولى، داعيا مواطنيه إلى الوحدة. وأجمع حقوقيون في ندوة دولية على أن هجمات سبتمبر كانت ذريعة لإدارة الرئيس بوش لارتكاب "أعمال من نوع آخر" في مناطق عدة من العالم، مشددين على أن العالم العربي هو أكثر المتضررين من هذه الأعمال.
ولم تصدر عن بوش، الذي كان يتحدث عبر التلفزيون من المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض، أي إشارة إلى أن القوات الأمريكية قريبة من أسر أو قتل بن لادن، العقل المدبر لهجمات سبتمبر 2001 على نيويوركوواشنطن.
لكن الرئيس الأمريكي أصر على أن من الضروري مواصلة الولاياتالمتحدة مسيرتها في العراق، وقال: إن بن لادن يعتبره "الحرب العالمية الثالثة".
وقال بوش: "إذا سلمنا العراق لرجال مثل بن لادن، فإن أعداءنا سيتجرؤون... وسيحصلون على ملاذ آمن جديد، وسيستخدمون موارد العراق لتغذية حركتهم المتطرفة. ونحن لن نسمح لهذا بأن يحدث.. أمريكا ستواصل المعركة".
وحول إذا ما كانت أمريكا أكثر أمنا بعد خمس سنوات من هجمات سبتمبر، قال بوش في كلمته التي تأتي وسط نقاش حاد في عام انتخابات التجديد النصفي للكونجرس: "أيا كانت الأخطاء التي ارتكبت في العراق، فإن أسوأ غلطة هي الاعتقاد بأننا إذا انسحبنا فإن الإرهابيين سيتركوننا وشأننا". وأضاف: "أمن أمريكا يعتمد على نتيجة المعركة في شوارع بغداد".
ومع تعرضه لانتقادات من بعض الديمقراطيين للفشل في اعتقال بن لادن عندما كانت هناك فرصة في أواخر عام 2001 مع بدء "الحرب على الإرهاب"، جدد بوش وعده بملاحقة الزعيم الروحي لتنظيم القاعدة.
وقال الرئيس الأمريكي: "أسامة بن لادن وغيره من الإرهابيين ما زالوا مختبئين. رسالتنا إليهم واضحة.. أيا كان الوقت الذي سيستغرقه هذا فإن أمريكا ستقبض عليكم وستقدمكم للعدالة".
واعتبر بوش أن الحرب على الإرهاب لم تكد تتجاوز "ساعاتها الأولى"، واصفا إياها بأنها "نضال من أجل الحضارة".
وأضاف قائلا: "إننا نواجه طريقا صعبا أمامنا... الانتصار في هذه الحرب سيحتاج إلى الجهود الحازمة لبلد موحد، ولهذا يتعين علينا أن نضع خلافاتنا جانبا ونعمل معا لاجتياز الاختبار الذي وضعنا فيه التاريخ".
ودعا ساسة ديمقراطيون أيضا إلى الوحدة. وقالت نانسي بيلوسي، العضوة الديمقراطية البارزة في مجلس النواب الأمريكي: "يتعين علينا أن نحمي ونصون الشعب الأمريكي؛ لأننا الآن لسنا في أمان كامل ولم نتعافَ بشكل كامل... لهذا من المهم أن نواصل التكاتف".
وبينما تدعو نانسي وأقرانها الديمقراطيون إلى زيادة الموارد المخصصة لحماية مطارات وحدود ومواني أمريكا قال بوش: "لقد شددنا إجراءات الأمن" في تلك الأماكن.
وفي تعقيبه على كلمة بوش، اتهم السيناتور الديمقراطي إدوارد كنيدي الرئيسَ الأمريكي باستخدام الذكرى السنوية لهجمات سبتمبر لالتماس الدعم لحرب لا تحظى بتأييد شعبي.
وقال كنيدي: "يجب على الرئيس أن يشعر بالخجل من استخدام يوم وطني للحداد لاغتصاب موجات الأثير لإلقاء خطبة ليس هدفها توحيد البلاد وتخليد ذكرى الضحايا بل التماس الدعم للحرب في العراق، اعترف هو بأنها لا علاقة لها بهجمات 11-9".
ومضى كنيدي قائلا: "سيأتي وقت لمناقشة سياسات الرئيس في العراق. والحادي عشر من سبتمبر ليس ذلك الوقت".
ومنذ هجمات سبتمبر تشهد شعبية الرئيس بوش تراجعا، فبعد أسبوع من هذه الهجمات بلغت شعبيته 90%، وواصلت تدهورها لتصل في عام 2006 إلى 37%.
ويرى مراقبون أن هذا التدهور سيمثل عائقا أمام مرشحي الحزب الجمهوري في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس المقررة في نوفمبر المقبل.
وفي تسجيل صوتي تزامن مع الذكرى الخامسة لهجمات سبتمبر، اتهم الرجل الثاني في القاعدة، أيمن الظواهري، قادة الدول الغربية بإخفاء ما وصفه بحجم الكارثة التي تواجه شعوبهم، مشددا على أن عناصر القاعدة لديهم كل المبررات للاستمرار في مهاجمة الغرب.
وبالتزامن مع كلمة بوش، اعتبر أكثر من 250 ناشطا حقوقيا (ينتمون لما يزيد عن 30 دولة عربية وغربية) -خلال ندوة دولية بالعاصمة المغربية الرباط حول القانون الدولي ومناهضة الإرهاب- أن هجمات سبتمبر كانت ذريعة لارتكاب واشنطن "لإرهاب من نوع آخر" في مناطق مختلفة من العالم، على رأسها احتلال العراق.
وقال عبد الهادي حويج، الأمين العام لاتحاد الشباب العربي، في ندوة حول "القانون الدولي ومناهضة الإرهاب.. العدل ومبادئ حقوق الإنسان" افتتحت في وقت متأخر من مساء الإثنين 11-9-2006: "باسم 11 سبتمبر استخدمت (واشنطن) شتى أنواع الإرهاب فكان احتلال العراق.. واستمرار العدوان، و(استمرار) احتلال الشعب الفلسطيني".
وأضاف قائلا: "وباسم مناهضة الإرهاب يسجن رئيس وثلث أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني المنتخب شرعيا وشعبيا.. كما لا يزال أكثر من 10 آلاف أسير فلسطيني وعربي في سجون الاحتلال، وتمارس الولاياتالمتحدة ديمقراطية السجون على الطريقة الغربية في جوانتانامو وأبو غريب".
أحمد بوشيبة، رئيس المنظمة العربية للمحامين الشباب، شدد بدوره على أن "قضية الإرهاب وما ارتبط بها من مصطلحات سبب ونتيجة لأحداث دارت معظمها في منطقتنا العربية".
وقال: "الحديث عن الإرهاب يختلف شكلا ومضمونا عن حق الشعوب في المقاومة المسلحة ضد قوات الاحتلال".
ومضى بوشيبة قائلا: إن "أكثر الشعوب تضررا من الإرهاب هو شعبنا العربي في ظل ما تقوم به الولاياتالمتحدةالأمريكية والدول الغربية.. من حرب إبادة وجرائم ضد الإنسانية في كل من فلسطين ولبنان والعراق".
وتنظم الندوة المنظمة العربية للمحامين واتحاد الشباب العربي، وهما منظمتان غير حكوميتين، برعاية جامعة الدول العربية وبالمشاركة مع وزارة العدل المغربية، وبتنسيق مع المجلس العالمي للشباب لمواجهة الإرهاب. وتستمر الندوة حتى غد الأربعاء.
ومن المنتظر أن تتطرق الندوة إلى محاور عدة، مثل "الإرهاب.. الإشكالية والمفهوم وتحليل الظاهرة"، و"الإرهاب.. التحديات والآثار"، و"الإرهاب.. الديمقراطية وحقوق الإنسان".