موقع إلكتروني ولجنة استشارية، البلشي يعلن عدة إجراءات تنظيمية لمؤتمر نقابة الصحفيين (صور)    عُمان تستضيف اجتماع لجنة الشرق الأوسط بالأمم المتحدة للسياحة    البنك المركزي يسحب سيولة بقيمة 3.7 تريليون جنيه في 5 عطاءات للسوق المفتوحة (تفاصيل)    محافظة أسوان تستعد لإطلاق حملة التوعية "اعرف حقك" للأمان الإلكترونى    «القومي للمرأة» ينظم تدريب لميسرات برنامج نورة بسوهاج وأسيوط    الخارجية الإماراتية: لولا الدعم المصري ما استطاع أحد إيصال المساعدات إلى غزة    قبل لقطة كلوب.. كيف خطفت زوجة صلاح الأنظار في كل ختام للدوري الإنجليزي؟    "عبر الفيديو كونفرس".. اجتماع بين اتحاد الكرة وكاف والأهلي بخصوص تنظيم نهائي أبطال أفريقيا    يورو 2024، أول تعليق من راشفورد على قرار استبعاده من قائمة إنجلترا    لست وحدك يا موتا.. تقرير: يوفنتوس يستهدف التعاقد مع كالافيوري    "بشرى سارة لجماهير الأهلي".. قناة مفتوحة تعلن نقل نهائي دوري أبطال أفريقيا (فيديو)    الحماية المدنية تسيطر على حريق محل أدوات منزلية بالجمالية    بها 17 طعنة.. العثور على جثة شاب مجهول الهوية في نجع حمادي    إصابة 5 أشخاص إثر انقلاب سيارة ملاكى بالطريق الأوسطى    جنايات المنصورة تحيل أوراق أب ونجليه للمفتى لقتلهم شخصا بسبب خلافات الجيرة    «الأعلى للثقافة» يُعلن القوائم القصيرة للمرشحين لجوائز الدولة 2024    بهجة العيد وتلاقي التهاني: عيد الأضحى المبارك 2024 على الأبواب    علم فلسطين وحجاب في أبرز إطلالات سابع أيام مهرجان كان    كيف تحمى نفسك من الإجهاد الحرارى؟ وزارة الصحة تجيب فى إنفوجراف    دعاء اشتداد الحر عن النبي.. اغتنمه في هذه الموجة الحارة    «الجنايات» تقضي بإعدام مدرس الفيزياء قاتل طالب المنصورة    الجيش الإسرائيلى يعلن اغتيال قائد وحدة صواريخ تابعة لحزب الله فى جنوب لبنان    مصدر سعودي للقناة ال12 العبرية: لا تطبيع مع إسرائيل دون حل الدولتين    "السرفيس" أزمة تبحث عن حل ببني سويف.. سيارات دون ترخيص يقودها أطفال وبلطجية    تأجيل محاكمة 12 متهمًا في قضية رشوة وزارة الري ل25 يونيو المقبل    أبو علي يتسلم تصميم قميص المصري الجديد من بوما    تعرف على تطورات إصابات لاعبى الزمالك قبل مواجهة مودرن فيوتشر    محافظ أسيوط: مواصلة حملات نظافة وصيانة لكشافات الإنارة بحي شرق    لمواليد برج الثور.. توقعات الأسبوع الأخير من شهر مايو 2024 (تفاصيل)    جهاد الدينارى تشارك فى المحور الفكرى "مبدعات تحت القصف" بمهرجان إيزيس    وزير الري: إيفاد خبراء مصريين في مجال تخطيط وتحسين إدارة المياه إلى زيمبابوي    أمين الفتوى: قائمة المنقولات الزوجية ليست واجبة    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي، أم يجوزُ لي تأجيلُه؟.. الأزهر للفتوى يوضح    مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى.. والاحتلال يعتقل 14 فلسطينيا من الضفة    رئيس الوزراء يتابع عددًا من ملفات عمل الهيئة المصرية للشراء الموحد والتموين الطبي    «الرعاية الصحية» تدشن برنامجا تدريبيا بالمستشفيات حول الإصابات الجماعية    الجامعة العربية والحصاد المر!    «غرفة الإسكندرية» تستقبل وفد سعودي لبحث سبل التعاون المشترك    السيسي: مكتبة الإسكندرية تكمل رسالة مصر في بناء الجسور بين الثقافات وإرساء السلام والتنمية    المالية: بدء صرف 8 مليارات جنيه «دعم المصدرين» للمستفيدين بمبادرة «السداد النقدي الفوري»    «بيطري المنيا»: تنفيذ 3 قوافل بيطرية مجانية بالقرى الأكثر احتياجًا    وزير الأوقاف: انضمام 12 قارئا لإذاعة القرآن لدعم الأصوات الشابة    يوسف زيدان يرد على أسامة الأزهري.. هل وافق على إجراء المناظرة؟ (تفاصيل)    أفعال لا تليق.. وقف القارئ الشيخ "السلكاوي" لمدة 3 سنوات وتجميد عضويته بالنقابة    تفاصيل حجز أراضي الإسكان المتميز في 5 مدن جديدة (رابط مباشر)    في اليوم العالمي للشاي.. أهم فوائد المشروب الأشهر    «الشراء الموحد»: الشراكة مع «أكياس الدم اليابانية» تشمل التصدير الحصري للشرق الأوسط    لهذا السبب.. عباس أبو الحسن يتصدر تريند "جوجل" بالسعودية    هالاند.. رقم قياسي جديد مع السيتي    حفل تأبين الدكتور أحمد فتحي سرور بحضور أسرته.. 21 صورة تكشف التفاصيل    وزير التعليم: مدارس IPS الدولية حازت على ثقة المجتمع المصري    «القومي للمرأة» يوضح حق المرأة في «الكد والسعاية»: تعويض عادل وتقدير شرعي    «ختامها مسك».. طلاب الشهادة الإعدادية في البحيرة يؤدون امتحان اللغة الإنجليزية دون مشاكل أو تسريبات    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 49570 جنديًا منذ بداية الحرب    اليوم.. «خارجية النواب» تناقش موازنة وزارة الهجرة للعام المالي 2024-2025    مندوب مصر بالأمم المتحدة لأعضاء مجلس الأمن: أوقفوا الحرب في غزة    منافسة أوبن أيه آي وجوجل في مجال الذكاء الاصطناعي    بوتين: مجمع الوقود والطاقة الروسي يتطور ويلبي احتياجات البلاد رغم العقوبات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انه عمل غير صالح ..!!
نشر في الشعب يوم 05 - 02 - 2008


بقلم عبد الرحمن عبد الوهاب

الواقع العربي غني عن التحليل وتوضيح ما هو على بيّن الملأ إنها أيام طغيان وعذابات شعوب تضرب في التيه ،، أمة الإسلام العظيمة تعيش أيام نحس مستمر أو حسب ما يقول اليهود diaspora
الشتات ، وتبحث عن الخلاص . إننا نعيش دياسبورا إسلامية .. نريد فقط أيام مجد نضرب فيه الرقاب . نشد الوثاق ، فقط نريد يوم يشفي صدور قوم مؤمنين .. أمه الإسلام كالأيتام على مأدبة اللئام ..
غرض لنابل وأكلة لآكل ، ويحتوشها الأوغاد من كل جانب .. ولا من خليفة متوضيء يحكم الكون ويدفع الكفر له الجزية ..حسبنا صناديد الكفر في واشنطن ..
كان السياق الإسلامي في الحكم .. إصلاح الدين والدنيا للبشر ونصرة الله ورسوله.. لقد كتب الإمام علي إلى مالك الاشتر يوما : هذا ما أمر به عبد الله علي أمير المؤمنين، مالك بن الحارث الأشتر في عهده إليه، حين ولاه مصر: جباية خراجها، و جهاد عدوها، و استصلاح أهلها، و عمارة بلادها. أمره بتقوى الله، و إيثار طاعته، و اتباع ما أمر به في كتابه: من فرائضه و سننه، التي لا يسعد أحد إلا بإتباعها، و لا يشقى إلا مع جحودها و إضاعتها، و أن ينصر الله سبحانه بقلبه و يده و لسانه، فإنه، جل اسمه، قد تكفل بنصر من نصره، و إعزاز من أعزه.
نلاحظ .. جهاد عدوها، واستصلاح أهلها وعمارة بلادها .. وتقوى الله وإيثار طاعته .. إلا أنهم اليوم لم يجاهدوا عدوها ولم يتقوا الله ولم يتبعوا الكتاب ولا السنة ،، وحاربوا الله ولم ينصروه . لا بقلبهم ولا بيدهم ولا لسانهم .
بل على العكس كانوا اشد على الرحمن عتيا.. (ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيّاً) (مريم : 69 ) ماذا يعني ، ان يسب شاعر الله سبحانه وتعالى .. على صفحات مجلات مبارك وفاروق حسني ، اننا اليوم إزاء مافيا شرسة المخالب والأنياب ،متعددة الأطراف كالاخطبوط . مافيا الأمن .. ومافيا المال ، ومافيا الإعلام . ومافيا السياسة .ومافيا الدين وما أدراك بزقزوق وابن ابي جمعه والمستغرب ان كل هذه الأنواع من المافيا أعلنت الحرب على الله ..ناهيك عن الحرب الدائرة في العراق ، ناهيك عن الساحة الإسلامية والحرب على الإسلام في هولندا .. والدانمارك من قبل . غريب ان يقوم المصلحين بدورهم على الساحة وقد اتسع الخرق على الراقع .. وعلى أي جهة يكون الإصلاح وكل ركن من الأركان ضرب فيه الفساد إلى منتهاه ..بالرغم انه لا يكلف الله نفسا الا وسعها ,, ويأتي النبي يوم القيامة ومعه الرجل والرجلان ويأتي النبي ليس معه أحد فالمفترض ان يؤدي كل منا واجب الدعوة الى الله..وان رجع من الصفقة صفر اليدين على ساحة المجتمع.. واقع كان فيه هذا الشعب، المصري العظيم .. لا يستحق كل هذا ، وايم الله لا يستحق كل هذا البلاء والظلم.. والتجويع، لأرى أحدهم يسب الشعب المصري على العربية نت .. قائلا عن مصر انها بلاد جائعة.. لماذا يفعل مبارك بمصر كل هذا ..؟!
هذا الشعب الذي سرق ملياراته اللصوص وحولوها إلى الخارج. وبقية الشعب..لا يجد وجبة الضعفاء (الفول والطعمية) .. أهذا ما يستحقه شعب مصر ؟!! أين الضعيف والمسكين .. ومن يحمل هم الأرامل والأيتام .. إذا كان من يعمل لا يسد فاقة بيته ،، فأين الأرامل والمساكين والأيتام ،، ليذهب احدهم ويحاول دفن أولاده أحياء. لقد قال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه .. لو تعثرت بعير في العراق لسألني الله عنها .. أما نحن اليوم .. لسنا بصدد بعير ، انه شعب والله سائل مبارك لا محالة عنه وليعد نفسه للمساءلة بين يدي جبار السماوات والأرض .. لم ضيعت الأمانة .. ولم ضيعت هذا الشعب .. وليدخر مبارك نفسه لايام سوء تسوقه فيه ملائكة العذاب في قاع جهنم وساءت مصيرا.. لم ضيع الأرملة والمسكين لم ضيع الشباب والفتيات.. لم ضيّع الدين..
قال الإمام علي لمالك الاشتر عندما ولاه حكم مصر :
ثم الله الله في الطبقة السفلى من الذين لا حيلة لهم، من المساكين والمحتاجين وأهل البؤسى والزمنى، فإن في هذه الطبقة قانعا ومعترا ، واحفظ لله ما استحفظك من حقه فيهم، و اجعل لهم قسما من بيت مالك، و قسما من غلات صوافي الإسلام في كل بلد، فإن للأقصى منهم مثل الذي للأدنى، و كل قد استرعيت حقه، فلا يشغلنك عنهم بطر، فإنك لا تعذر بتضييعك التافه لإحكامك الكثير المهم. فلا تشخص همك عنهم، و لا تصعر خدك لهم، و تفقد أمور من لا يصل إليك منهم ممن تقتحمه العيون، وتحقره الرجال، ففرغ لأولئك ثقتك من أهل الخشية والتواضع. فليرفع إليك أمورهم، ثم اعمل فيهم بالإعذار إلى الله يوم تلقاه، فإن هؤلاء من بين الرعية أحوج إلى الإنصاف من غيرهم، و كل فاعذر إلى الله في تأدية حقه إليه. وتعهد أهل اليتم وذوي الرقة في السن ممن لا حيلة له، ولا ينصب للمسألة نفسه، وذلك على الولاة ثقيل، والحق كله ثقيل، وقد يخففه الله على أقوام طلبوا العاقبة فصبروا أنفسهم، ووثقوا بصدق موعود الله لهم.
واجعل لذوي الحاجات منك قسما تفرغ لهم فيه شخصك، وتجلس لهم مجلسا عاما فتتواضع فيه لله الذي خلقك، و تقعد عنهم جندك و أعوانك من أحراسك وشرطك، حتى يكلمك متكلمهم غير متتعتع، فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله)يقول في غير موطن: «لن تقدس أمة لا يؤخذ للضعيف فيها حقه من القوي غير متتعتع». ثم احتمل الخرق منهم والعي ، ونح عنهم الضيق والأنف يبسط الله عليك بذلك أكناف رحمته، ويوجب لك ثواب طاعته. وأعط ما أعطيت هنيئا، وامنع في إجمال وإعذار .
لقد هجا أحدهم احد الحكام
قائلا:
إن تصبك من الايام جائحة *** من نبك منك على دنيا ولا دين
إلا انه قد استلفتني ،، أشياء غريبة .فيما تنقله المواقع على الشبكة أحدها كان من تونس .. حيث نزعوا حجاب جمع من الطالبات،، واعتقالات طالت من تظاهروا غضبا لغزة بالقاهرة. انتهاء الى تقرير إخباري عن فيلم يسيء الى القرآن الكريم،، في هولندا.. وعلى الساحة الدينية نرى معالجات وإفرازات فكرية تلعب على الحبلين، ان لم تكن على كل الحبال من رجال الدين، وأخرى تبيع الوهم للشعوب بمعالجات مستورده على غرار ما أتوا بالحضارة الأمريكية إلى ابي غريب . بداية ومن حيثيات المعالجات ،لابد أن نضع في الاعتبار أن مرتكزات النهضة تعتمد أساسا على القرآن ،،حصرا وبداية وانتهاء.. ونفيد ان استبعاد القرآن من أي معالجات للنهضة هي معالجات قاصرة ومكر السيئ لحاجة في نفس الأعداء ، وهاهي الحرب تدار في العلن ،،بما يعني ان هناك مخطط مدروس. ندرك يقينا من خلال رصيدنا القرآني بأن الذكر محفوظ.. (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر : 9 ) إلا ان لابد للحق من رجال وللحق من سيوف،، لا يمكن للحق أن يعيش بدون سيف.. من هنا قال تعالى.. (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (الحديد : 25 ) والحديد هنا السيف ومادة الالة العسكرية. ولقد قالها ابن تيميه اذ لم ينفع مع الكفر الكتاب تعينت الكتائب. بل لا يختلف الغرب عن تلك الأساسيات في المعالجات.. يقول نيقولو ميكافيلي،، من هنا نستنتج ان كل الأنبياء المسلحين كانوا منتصرين والمجردين من السلاح هزموا ..
Hence it comes about that all armed Prophets have been victorious, and all unarmed Prophets have been destroyed. Niccolo Machiavelli
الحرب،، قائمة.. وصارت الشعوب ما بين مطرقة الكفر من الأغراب ومابين سندان أبناء جلدتنا من الطغاة الذين لا يتورعون ان يبطشوا بيد من حديد لجريمة اللحية وحمل المصحف، الإسلام اعتقد انه لم يشهد مثل هذه الأوضاع.. من إجرام الطرفين في( وقت واحد) فيما سلف من أزمان .
فماذا نفسر تضايق زين العابدين بن علي ان تضع طفلة مسلمة قطعة قماش على رأسها كما أمر الإسلام.. أو أن يجلب إلى السجناء في تونس المصاحف بعد تكرر مطالبهم ومن ثم يدوسها الأوغاد بالأقدام،، على مرأى من الجميع.. أو أن يضع القرآن في هولندا ضمن مشاهد داعرة.. أما على الساحة العربية فلا مانع ان يحول الطاغية المساحة الجغرافية إلى سجون ومعتقلات وزنازين ومقابر والدفن ليلا.. ويصرف عليها أكثر مما يصرف على التنمية.. غريب آمر الحكام العرب ، تراه ضاحك السن وفي اثوابه دماء العباد، وهكذا العالم العربي [إما نعجة مذبوحة أو حاكم قصابٍ] .. لقد كانت نوعية الحكام في زمننا الراهن لا تصلح لإدارة زريبة.. او مجزر أو مسلخ،، او مذبح.. لقد كانت معضلة الشعوب أنها يوميا تحت السكين .
لقد قال الإمام علي ..في رسالته للاشتر وما نحن بصددها :
إياك و الدماء و سفكها بغير حلها، فإنه ليس شي‏ء أدنى لنقمة، و لا أعظم لتبعة، و لا أحرى بزوال نعمة، و انقطاع مدة، من سفك الدماء بغير حقها. و الله سبحانه مبتدئ بالحكم بين العباد، فيما تسافكوا من الدماء يوم القيامة، فلا تقوين سلطانك بسفك دم حرام، فإن ذلك مما يضعفه و يوهنه، بل يزيله و ينقله. و لا عذر لك عند الله و لا عندي في قتل العمد، لأن فيه قود البدن. و إن ابتليت بخطأ و أفرط عليك سوطك أو سيفك أو يدك بالعقوبة، فإن في الوكزة فما فوقها مقتلة، فلا تطمحن بك نخوة سلطانك عن أن تؤدي إلى أولياء المقتول حقهم.

لا مانع ان يجلب الحاكم طعامه الخاص من أوربا بطائرات خاصة.. وعلى الجانب الآخر،، يرتفع سعر الفول إلى الضعف.. انه يعتبر أن وجبة الفول المدمس المضمخة بالسوس والطعمية ذات الزيت الذي احترق غليا على مر العصور وكر الدهور.. يعتبرها الطغاة (كثير) وانها من الترف الغذائي على الشعب، بل ويحاربه فيها..
يأكل من أوربا كما قال طباخه الخاص وما زالت (عينه) على طبق الفول الذي في يد المسكين على عربة الفول بالرصيف ؟!! أمر غريب. انه مسلك قارون .فلم يطالب موسى عليه السلام قارون.. إلا بالقليل من الزكاة من ماله ليعطيه للفقراء. ولكن قارون اعتبر هذا القليل في أوضاع كانت مفاتيح كنوزه تنوء بها العصبة أولي القوة،، (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ) (القصص : 76 ) اعتبر يومها قارون ان الزكاة.. كثير.
الطغيان يعتبر أن الآدميين ليسوا إلا حشرات متحركة.. تداس بالنعال.. فقط وليمر القارئ على سجون المشرق.. سترى صورة مبارك في ابي زعبل يطوف حولها السجناء.. انها صورة متطابقة مع ما قاله فرعون بالأمس..(فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى) (النازعات : 24 ) وكانت مصائب هذا القرن لم نشهد لها ..عندما يتم تهديد الطلاب يرفعون الأذان.. سيفصل من المعهد الدراسي. ويجعلون لمبارك ما ليس لله ..يطاف حوله بأبي زعبل هنا.. أما( الله أكبر) تصادر أذانا هناك .. أو ان يعتبر علي جمعة ان ميكرفون الأذان من الاذي البالغ. تعالى الله علواكبيرا عيب الطغيان أنه لا يدرك أنه بشر ممن خلق .. ويجعل نفسه لله ندا .. انها نفس منهجية النمرود .. أنا أحيي وأميت .. (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (البقرة : 258 )

قال الشاعر :
كنت من كربتي أفر إليهم *** فهم كربتي فأين الفرار ..
روعة القرآن انك عندما تمر على مواقف الأنبياء مع الطغاة والمجرمين.. فما عليك إلا أن تقرأ وتسحب على الواقع.. وهنا تكمن روعة القرآن.. ستجد فرعون ما زال جاثما يذبح بالساطور.. وسترى قارون في الخليج ،،الذي يقول اوتيته على علم عندي ،، (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) (القصص : 78 ) وسترى الشعوب المسكينة غير مدربة على مواجهة الطغيان .. سترى شيوخا آتتهم آيات الله فانسلخوا منها مثل بلعام بن باعوراء .. (وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (الأعراف : 176 ) روعة القرآن .. انك ما أن تقف على آية ما إلا إن تصاب بالدهشة جراء الروعة.. ففي قصة نوح عليه السلام.. مكث نوح يدعو الى الله فترة زمنية ليست بالبسيطة،، ومع ذلك ما آمن معه الا قليل،، وبالرغم من تلك القلة.. إلا أن المؤمن عزيز على الله،، ولا يضيعه ولا يفرط فيه ،،فكانت السفينة ليركب بسلام ومن آمنوا معه ..كان السياق الاجتماعي بما يحمله من الألم لدى نوح عليه السلام ، بعدما استهلك نوح الدعوة بكل أشكالها ،، جهرا . (ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً) (نوح : 8 ). وإسرارا .. (ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً) (نوح : 9 ) إلا أنهم عصوه .. واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا .. (قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَاراً) (نوح : 21 )
نعم كانوا يريدون دراهم .. ولا يختلف السياق مع مسلك بني إسرائيل ، ان طالوت لم يؤت سعة من المال (وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (البقرة : 247 ) ونتوقف مع نوح عليه السلام في هذا الموقف العسير والأمواج ..كان ابن نوح ..يرفض ان يفيء إلى نداء ابيه .. يا بني اركب معنا .. قال سآوي الى جبل يعصمني من الماء .. (قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ) (هود : 43 )
من هنا نادى نوح ربه ..
(وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ) (هود : 45 )
فكان الجواب الإلهي ..

(قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ) (هود : 46 )
(نه عمل غير صالح )
ان روعة الإبداع ان يتكثف المشهد في عبارات دقيقة محكمة.. فكانت كلمات الله تختصر المشهد (انه عمل غير صالح ) لملمت قضية ابن نوح من كل الزوايا والأبعاد ..باختصار ..متقن ورهيب وجليل الإتقان ..
لقد ضرب الله تعالى مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط فهل كان ابن نوح منساقا وراء أمه في الخيانة للرسالة والله ورسوله وحسب التعبير القرآني (فخانتهما)...بالرغم أن هناك فرضيات اجتماعية كانت من المفترض أن تجعل ابن نوح عليه السلام وهو يرى صلاح الوالد ونور الوحي في زوايا الحيز البيئي الصغير للبيت الذي نشأ فيه ..ولكنه رفض الاستجابة للمنطق والضمير .. فضلا عما قاله الإمام علي: أضاء الصبح لذي عينين، لم تكن القضية بالنسبة لابن نوح إنها تحتاج إلى قدح زناد فكر، أو أنها معضلة عويصة على الاستيعاب أو كثير من المجهود الذهني وهو يرى وحي السماء في بيته.. وان والده بالمقاييس الأخلاقية.. رجلا فاضلا جليلا بكل الأوصاف المعتبرة للإنسان الكريم.. وعلى مقاييس السماء كان الاصطفاء كنبي كريم (إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ) (آل عمران : 33 ) وبالثناء الإلهي (إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً) (الإسراء : 3 )، كان هناك أمثلة رائعة.. من ال ابراهيم عليه السلام ،في إسماعيل وهو في الانصياع لأمر الله في المصطلح القرآني (فلما أسلما وتله للجبين) ،(فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) (الصافات : 102 ) وكان وضوح المشهد تجاه موضوع (الصلاح )في آدم عليه السلام وهو يقول لمحمد صلى الله عليه وسلم في الإسراء والمعراج ..مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح،، وتكررت نفس الكلمة من إبراهيم عليه السلام مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح .. ورأيناها في تحية الأنبياء مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح .. كانت مسيرة الأنبياء أنها ركب الصالحين ،، والرموز من الصلاح .. وقالوا في نظريات المجد ان هناك شخص ماجد في ذاته ويرفع الآخرين الى مستويات مجده ، لهذا قالها المصطفى آل محمد كل تقي ، لتتسع الدائرة لتشمل الأتقياء ليكون امة محمد هذا الشعب من الأتقياء .. كانت أمثلة رأيناها في الصالحين من العباد ممن نسلم عليهم في الصلاة (السلام عليك ايها البني ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين .) كان محمد صلى الله عليه وسلم هو الابن الصالح لإبراهيم عليه السلام ..
فلقد قالوا
المجد ما بني والد الصدق ***وأحيا فعاله المولود
فكان بناء إبراهيم عليه السلام للبيت الحرام وخوضه التجربة العظمى في ميدان التوحيد ودفع ضريبة المجد والتضحية وان كان الإلقاء في النار ،، الى محمد صلى الله عليه ليخوض الملحمة .. على نحو مشابه في روعة الثبات والتحدي والتضحية ولم يختلف ال محمد عن سياق التضحية ..فكانت تضحية الحسين بشكلها الرائع .. (ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (آل عمران : 34 )
فهل استنفذ ابن نوح كل درجات الرسوب في ميدان الإيمان ..بوصف جمع كل متعلقات جوانبه الشخصية والحياتية والدينية في هذا المصطلح القرآني الرهيب ..(انه عمل غير صالح )
كانت مسيرة الصالحين من العباد بمدى ما كان لهم من جانب التضحية والبذل في سبيل الله ، فلم يكن لابن نوح في ذلك الميدان شروى نقير وهو الذي كان من المفترض بما رآه من الحق المحض لرسالة أبيه ،كان من المفترض أن يحمل عبء الدعوة وما لها من سياق البذل والتضحية وهو الذي لم يقدم مجرد الطاعة أي شيء حتى وان كان الأمر يتعلق بركوب السفينة فكان (العصيان) حتى آخر طلقة في الميدان .

وإذا أردنا أن نسحب المصطلح القرآني (انه عمل غير صالح ) على واقعنا السياسي والاجتماعي ، وتلك الرموز على الساحة في ظل إعلان الحرب على الله ، آو التقاعس عن الانتصار لله ورسوله ناهيك عن تحويل حياة الشعوب الى ما لا يطاق من العذاب لتتحول حياتهم الى نوع من الجحيم سواء بالسجون او اضطرارها إلى الانتحار.. او الهروب الى شواطئ أوربا حيث الموت .وان كان ثمة نجاة من الموت فهناك موتات أخرى ..يوم ان تعاملك بلاد الاغتراب كالكلب الضال، ولا مفارقة ان تموت في سجن ابي زعبل او معتقل وادي النطرون موت الكلاب حال البقاء.. ان الإسلام يعيش المجزرة في بلاده وما زال الحاكم شاهرا سيفه في وجه الشعب.. قائلا هل من منازل .؟!
وكان السياق ..حرقوه وانصروا آلهتكم ..
وفي النهاية نفيد ، لا خلاف أن كل رمز على الساحة من هؤلاء .. ينسجم يقينا مع المصطلح القرآني وينسحب عليه القول الإلهي (انه عمل غيرصالح )
وان كان لديكم نقيض ذلك أي (أنهم عمل صالح ) فأتوني به إن كتنم صادقين .!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.