أثار الإعلان عن تولي أحد قيادات الدعوة السلفية منصب وزير الأوقاف في الحكومة التي يجري تشكيلها الآن برئاسة الدكتور هشام قنديل، جدلا في مصر بين جميع القوى السياسية بمن فيهم الإسلاميون.وكشف مصدر مقرب من الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر لالشرق الأوسط عن وجود قلق شديد يخيم على مقر مشيخة الأزهر بعدما تردد ذلك، لكون شيخ الأزهر هو من يختار المرشحين لشغل منصبي مفتي الديار المصرية ووزير الأوقاف.ورفض اتحاد علماء الصوفية تعيين الدكتور محمد يسري إبراهيم، عضو الجبهة السلفية، وعضو حزب الأصالة (السلفي) في منصب وزير الأوقاف، واعتبرت ترشيحه بداية لسيطرة السلفيين على منابر المساجد.يأتي هذا في وقت تعثر فيه تشكيل الحكومة الجديدة بعد رفض العديد من الشخصيات البارزة تولي الحقائب الوزارية مما دعا رئيس الحكومة لتأجيل إعلانها إلى يوم (الخميس) المقبل أو موعد بعد ذلك.وقالت مصادر مطلعة في مجلس الوزراء لالشرق الأوسط: إن الدكتور هشام قنديل قد استقر بالفعل على الدكتور يسري في منصب وزير الأوقاف، خلفا للدكتور محمد عبد الفضيل القوصي، الذي انضم للحكومة في عهد الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء الأسبق في مارس 2011.ويذكر أن الدكتور يسري إبراهيم قد خسر الانتخابات البرلمانية السابقة في دائرة مدينة نصر أمام الدكتور مصطفى النجار، مؤسس حزب العدل، على الرغم من دعم الإخوان المسلمين له، ولعب يسري دورا مهما ومحوريا في تقريب وجهات النظر بين السلفيين والمهندس خيرت الشاطر، نائب مرشد الإخوان المسلمين عند طرحه من قبل الجماعة كمرشح لرئاسة مصر، واستطاع يسري إقناع الجبهة السلفية بدعم الدكتور مرسي في جولة الإعادة من انتخابات الرئاسة.وقال مصدر مقرب من شيخ الأزهر إن القلق انتاب جدران مقر مشيخة الأزهر بالدراسة فور الإعلان عن ذلك التعيين، كاشفا عن أن شيخ الأزهر كان من يختار وزير الأوقاف ومفتي البلاد ممن يطمئن لهما لمعاونته في توصيل رسالة الأزهر الوسطية إلى العالم الإسلامي، فضلا عن أن اختيار أي قيادة دينية في مصر لا بد أن يكون بموافقة الإمام الأكبر، نافيا أن يكون رئيس الوزراء قد أخذ رأي الدكتور الطيب في وزير الأوقاف الجديد، بقوله: شيخ الأزهر خارج القاهرة في زيارة لبلدته بمحافظة الأقصر بصعيد مصر ووصل إلى مكتبه عصر أمس (الأحد).وأضاف المصدر نفسه، أن الدكتور الطيب اختار الدكتور القوصي وزير الأوقاف الحالي، لأنه يشغل منصب نائب رئيس مجلس إدارة الرابطة العالمية لخريجي الأزهر الشريف التي يرأسها الدكتور الطيب، معتبرا أن ما حدث هو تخط واضح لمكانة الدكتور الطيب، وبداية لتقليص دوره تمهيدا لعزله من قبل السلطات، أو التضييق عليه لتقديم استقالته بموافقته، خاصة مع وجود معارضة لشيخ الأزهر داخل المؤسسة الدينية في مصر، خاصة من علماء الأزهر الذين ينتمون للإخوان المسلمين.وقال المصدر المقرب في تصريح خاص لالشرق الأوسط إن ما حدث من تعد على صلاحيات الإمام الأكبر هو الموقف الثالث الذي يتجاهل فيه الرئيس محمد مرسي الدكتور الطيب.وتجاهل الدكتور مرسي مصافحة شيخ الأزهر في حفل تخريج الدفعة الجديدة بالكلية الجوية يوم 10 يوليو الحالي، حيث صافح مرسي الفريق سامي عنان وقيادة عسكرية أخرى كانت بجواره بينما تجاهل مصافحة الدكتور الطيب الذي كان يجاورهما، كما شهد حفل تنصيب مرسي رئيسا لمصر بجامعة القاهرة بوادر الأزمة بين مرسي والطيب.وقد تم تجاهل تخصيص مقاعد خاصة للطيب والوفد المرافق له باستراحة قاعة احتفالات الجامعة، أما في داخل قاعة الحفل فقد تم تخصيص مقاعد لشيخ الأزهر وقياداته في الصفوف الخلفية، وهو الأمر الذي تسبب في انسحاب شيخ الأزهر اعتراضا على تجاهله، ورغم تعليق الرئيس مرسي على الواقعة، بأنه يكن كل تقدير لمؤسسة الأزهر؛ فإن الأزمة لاحت في الأفق من جديد الآن، الأمر الذي ينم عن احتدام الخلافات بين مؤسسة الأزهر متمثلة في الطيب ومؤسسة الرئاسة متمثلة في الرئيس مرسي.وكشف المصدر نفسه عن وجود توجه لتعيين الدكتور عبد الرحمن البر، مفتي جماعة الإخوان المسلمين، والأستاذ بجامعة الأزهر، في منصب مفتي الديار المصرية، تمهيدا لتوليه منصب شيخ الأزهر، مؤكدا أن الدكتور الطيب سيجري اتصالات بالمشير حسين طنطاوي، القائد العام للقوات المسلحة، رئيس المجلس العسكري، لمنع قرار تعيين يسري، لأنه يعتبر تعيينه في منصب وزير الأوقاف - حسب قول المصدر - (شلا ليد الإمام الأكبر).في السياق ذاته، أصدر اتحاد علماء الصوفية برئاسة الدكتور حسن الشافعي مستشار شيخ الأزهر، ونقابة الأئمة المستقلة بالأوقاف، وعدد من الجمعيات الإسلامية بيانا أمس، أهابوا فيه برئيس الدولة عدم التصديق على تعيين يسري، قائلين: إن للدكتور يسري مواقف معروفة تخالف ما اتفق عليه علماء المذاهب الأربعة بشأن مسائل خلافية مشهورة.وأعلن الدكتور يسري أنه قبل تولي وزارة الأوقاف، قائلا على حسابه الشخصي على فيس بوك: كل من شاورتهم من العلماء أشاروا بقبول الوزارة، نافيا أن تكون علاقته بالمهندس خيرت الشاطر وراء اختياره لمنصب وزير الأوقاف.