أظهرت النتائج الرسمية لجولة الانتخابات البرلمانية الأولى أن أول مجلس تشريعي في مصر بعد ثورة 25 يناير يواجه انقسامات أيديولوجية يمكن أن تضعف سعيه للمطالبة بالسلطة السياسية من القيادة العسكرية المؤقتة التي أبدت عدم رغبة في التنازل عن السلطة.وقالت اللجنة العليا للانتخابات أمس الأحد إن جماعة جديدة من الإسلاميين السلفيين المحافظين نالت نسبة فاقت توقعات المحللين بفوزها بنسبة 24.4% من أصوات الناخبين.ويشار إلى أن حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين حصل على أغلبية بنسبة 36.6% ضد الكتلة المصرية العلمانية التي جاءت نسبة أصواتها 13.4% فقط في الجولات الثلاث الأولى للتصويت. وبهذا منحت النتائج الأحزاب الإسلامية أكثر من 60% من الأصوات، وهذا التوجه من المرجح أن يستمر في جولتي التصويت التاليتين.ويقول محللون إن الانقسامات البارزة داخل المجلس التشريعي الجديد تضع المسؤولية على عاتق حزب الحرية والعدالة لتحديد ما إذا كان البرلمان سيكون ضعيفا أم قويا.وكما يقول المحلل السياسي بجامعة القاهرة مازن حسن إن الديمقراطية تقف إلى جانب الإسلاميين وهم يسيطرون الآن على أغلبية المجلس المنتخب ولديهم تفويض مباشر. وإذا فشلت جماعة الإخوان المسلمين، التي تقدم نفسها بوصفها طرفا إسلاميا معتدلا، في التعاون مع الأيديولوجيات المختلفة التي تشكل البرلمان الجديد فإن الجيش سيواجه عوائق قليلة لمنعه من توسيع نفوذه على عملية صياغة الدستور القادم وتأمين مساحة محمية لنفسه في مستقبل مصر السياسي.ثقل مضادولكن إذا استطاع حزب العدالة والحرية أن يستوعب بفعالية المطالب المتنافسة للسلفيين من جانب والأحزاب الليبرالية من جانب آخر، فإن البرلمان المقبل يمكن أن يبرز كثقل قوي مضاد للهيمنة السياسية للعسكر.وحتى الآن فإن عدم رغبة الأحزاب الإسلامية في التجمع معا في تحالف -ونية الأحزاب الليبرالية المعلنة بتحجيم حزب الإخوان الأكثر اعتدالا- يمكن أن يجعل المجلس التشريعي الجديد عرضة للتلاعب من قبل المجلس العسكري الحاكم الذي أظهر بالفعل ميلا لبث العداوة والبغضاء بين الإسلاميين والعلمانيين.وول ستريت جورنالولمواجهة سلطة المجلس العسكري الثابتة، يرى المراقبون ضرورة في أن يلتف البرلمانيون حول فرص سياسية فريدة بدلا من تشكيل تحالفات دائمة.ورغم أن الأحزاب المكونة للكتلة المصرية العلمانية تنظر إلى الموقف السياسي الإسلامي للإخوان كلعنة، فإنهم سيحتاجون لتشكيل اتحاد غير مريح معهم على المدى القريب إذا كانوا يتطلعون لرؤية برلمان لديه أي سلطة.ويمكن لليبراليين، كما يقول حسن، أن يكونوا بمثابة معارضة للقوة الغالبة للإسلاميين، لكن هذه المعارضة يمكن أن تشكل أيضا خطرا بأن يُنظر إليها وكأنها تنحاز للمجلس العسكري غير المنتخب.ولكونهم مبتدئين في السياسة فإن السلفيين يمثلون ورقة متقلبة في البرلمان. ولإعطاء صورة متسامحة فإن حزب الحرية والعدالة سيتجنب أي فهم يتصادم مع السلفيين الذين ما زال منبرهم السياسي المحدود مجهولا إلى حد كبير سوى فرض شكل متعنت للشريعة الإسلامية.لكن عملية صياغة الدستور ستمنح فرصة للإخوان والسلفيين للعمل معا. ورغبة كلا الطرفين في إظهار إرادته على الدستور الجديد ستجعل التعاون صعب المقاومة.وفيما يتعلق بقضايا الدستور الجوهرية فإنهما لن يختلفا وسيمنعان أي محاولة لحذف المرجعيات الدينية من الدستور.