على خلفية تقديم عدد من أعضاء لجنة الثقافة والإعلام والآثار بمجلس النواب شكوى إلى رئيس المجلس الدكتور على عبدالعال، ضد أسامة هيكل، رئيس اللجنة، يتهمونه فيها بعدم عرض تقرير اللجنة حول أزمة نقابة الصحفيين الأخيرة عليهم، وتسجيله جزءا من اجتماعات اللجنة دون إذن- تصاعدت الأزمة داخل اللجنة، واعتبر "هيكل" أن ما حدث من قبل أعضاء اللجنة بتقديم شكوى ضده ونشرها فى وسائل الإعلام يعد تشهيرا به. وضمت الشكوى توقيع 10 أعضاء منهم "خالد يوسف، وعبير تقبية، وأسامة شرشر، وجليلة عثمان، ومرتضى العربى، ونشوى الديب، وجلال عوارة، ويوسف القعيد، وتامر عبدالقادر، ورشا إسماعيل"، إلا أن معظم وسائل الإعلام تطرقت إلى متابعة ردود الأفعال على الأزمة دون الرجوع إلى السبب الحقيقى وراءها وهو تسجيل "هيكل" اجتماعات اللجنة دون إذن الأعضاء ومدى قانونية ذلك. أزمة تجسس "هيكل"– حسبما وصفها الخبراء القانونيون- على أعضاء لجنة الثقافة والإعلام فى اجتماعاتهم تجعلنا نعود إلى نص المادة 193 من قانون العقوبات التى تعتبر ذلك جريمة استراق للسمع وتشترط الحصول على إذن من النيابة العامة قبل التسجيل لأى شخص، وقد بدأت الأزمة حينما تقدم عضو لجنة الإعلام والثقافة بالبرلمان، النائب أسامة شرشر، و9 نواب آخرين من أعضاء اللجنة، بمذكرة إلى رئيس مجلس النواب، يطالبون فيها بالتحقيق فيما قام به "هيكل" بتقديم تقرير عن أعمال اللجنة بشأن أزمة نقابة الصحفيين ووزارة الداخلية، دون أن يعرض هذا التقرير على اللجنة وأعضائها وإقراره، ومن ثم لم يأخذ الموافقة لعرضه على رئيس المجلس أو على المجلس. وقال بعض النواب الموقعين على المذكرة فى بيان لهم إنهم أثناء تواجدهم بمكتب رئيس المجلس ناقشوا النائب أسامة هيكل، بخصوص عدم عرض التقرير على أعضاء اللجنة وأنه أذاع جزءا من جلسة اللجنة بعد تسجيلها على تليفونه المحمول، فى مخالفة صارخة للقوانين والأعراف البرلمانية، متابعين: "لو كان يريد أن يستدل على شىء قد حدث فى اللجنة، كان عليه أن يعود لمضبطة اللجنة المسجلة وليس للتسجيل الذى قام به دون علمنا وبما يخالف صحيح القانون". من جانبه، قال المحامى والفقية الدستور عصام الإسلامبولى إن ما فعله النائب أسامة هيكل بستجيله لاجتماعات لجنة الثقافة والإعلام دون علم أعضاء اللجنة يعد جريمة ومخالفة للقانون لأن قانون العقوبات يجرم ذلك ويعتبره تجسسا أو تنصتا دون علم، مضيفا أنه على المجلس اتخاذ الإجراءات القانونية ضد "هيكل" ومن ثم تحويله إلى لجنة القيم لتوقيع العقوبة عليه. وأضاف الفقية الدستورى فى تصريحات خاصة ل"النهار" أنه فى حالة ثبوت ذلك يجب أن يباشر مجلس النواب اختصاصه وفقا للائحة الداخلية التى تنظم العمل داخل المجلس، متسائلا: "كيف يتقدم (هيكل) بشكوى ضد الأعضاء الذين قدموا شكوى ضده وهو الذى خالف القانون وارتكب جريمة فى حقهم؟". كان "هيكل" قد تقدم بمذكرة لرئيس مجلس النواب يطالب فيها بالتحقيق مع النواب "أسامة شرشر، وخالد يوسف، ويوسف القعيد" وعدد من أعضاء اللجنة بتهمة التشهير به، مؤكدا فى مذكرته لرئيس البرلمان أن الأمر داخلى لا يصح نشره، فضلا عن كون شكوى المذكورين سلفا لم تتضمن وقائع صحيحة- على حد قول "هيكل" فى مذكرته- مؤكدا أنه توافق معهم بشأن إرسال التقرير ولم يعترضوا، مطالبا رئيس البرلمان بالتحقيق فى الواقعة. فيما قال الدكتور شوقى السيد، الفقيه الدستورى، إن قيام النائب أسامة هيكل رئيس لجنة الثقافة الإعلام بمجلس النواب بتسجيل مناقشات اللجنة دون أن يستأذن الأعضاء أمر لا يجوز حدوثه، لافتا إلى أنه لا يجوز حتى تسجيل الجلسات أو المناقشات إلا بإذن النواب وموافقتهم، مشيرا إلى أن هذا الأمر يعد اختراقا للخصوصية وإفشاء للمعلومات والأسرار. وأكد السيد فى تصريحات خاصة ل"النهار" أن ما قام به رئيس لجنة الثقافة والإعلام يعد تجاوزا فى حق الأعضاء، وهذا ما دفع النواب لتقديم شكوى لرئيس المجلس الدكتور على عبدالعال لرفضهم هذا التصرف. وقال النائب صابر عبدالقوى، عضو لجنة الثقافة والإعلام بالبرلمان، إن قيام النائب أسامة هيكل، رئيس اللجنة، بتسجيل وقائع اجتماعات اللجنة عبر هاتفه الشخصى واقعة تعد مخالفة لقانون العقوبات، وللسوابق البرلمانية المتعارف عليها. وأضاف عبدالقوى أن النائب أسامة هيكل مدان، لأنه لا يجوز التسجيل دون الحصول على إذن من النيابة أو من أعضاء اللجنة، مشيرا إلى أنه يرفض أى تصرفات تسىء للجنة وللنواب. من جانبها، أكدت النائبة عبير حنفى، عضو لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب، أن توقيعات نواب اللجنة على المذكرة المقدمة لرئيس البرلمان بشأن التحقيق مع "هيكل" صحيحة وغير قابلة للشك، وأن نفى "هيكل" لتلك التوقيعات يعد مخالفة أخرى تضاف لحجم المخالفات التى قام بها من تقديمه التقرير دون الرجوع للجنة وتسجيله الجلسة سرا. وأشارت "حنفى"، فى تصريحات صحفية، إلى أنهم فوجئوا ب"هيكل" عند تقديمهم للمذكرة فى مكتب "عبدالعال" بإصداره ردودا غير متوقعة واتهامات صريحة لعدد منهم بأنهم أعضاء غير أساسيين باللجنة ولا يحق لهم الاعتراض، مؤكدة أن الدافع الأساسى وراء تقديم "هيكل" التقرير دون الرجوع للجنة هو إدانة الصحفيين فى حين أن اللجنة كانت قد قررت تشكيل لجان استماع عديدة بين الطرفين لمحاولة الوصول للحقيقة والاستماع لكل الأطراف والتفاصيل. وأضافت أنهم متمسكون بمطالبة "عبدالعال" بفتح تحقيق فورى فى واقعة التقرير خاصة تسجيل "هيكل" السرى لجلسة اللجنة دون الرجوع والاستئذان، مشيرة إلى أن ذلك مخالف لجميع الأعراف والتقاليد البرلمانية. فيما علق النائب عفيفى كامل، عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بالمجلس، فى تصريحات خاصة ل"النهار" على تقديم "هيكل" للتقرير الخاص بالأزمة بين نقابة الصحفيين ووزارة الداخلية إلى رئيس مجلس النواب، دون علم أعضاء اللجنة، قائلا: "كان على رئيس لجنة الثقافة والإعلام الرجوع أولا للأعضاء لأنه لا يصح أن يتخذ أى قرار دون التصويت عليه، وفى حالة وجود اعتراض من قبل بعض الأعضاء تُكتب أسباب الاعتراض قبل العرض على رئيس المجلس".