يقول الخبير الاقتصادى، البيروفى هيرناندو دى سوتو، الذى وضع خطة للاستفادة من أصول قيمتها 380 مليار دولار على الأقل بالسوق السوداء فى مصر، إن على الرئيس عبد الفتاح السيسى أن يستعيد أولا أصولا أخرى انخفضت قيمتها على مر السنين، ألا وهى ثقة الرأى العام. خبير اقتصادى دولى: على السيسى أولا استعادة ثقة الرأى العام الخبير الاقتصادى يوضح أسباب فشل الحكومات السابقة وحتى عهد المعزول مرسى دى سوتو يقف على معظم مشاكلنا الاقتصادية ويقدم الحلول وأولها: "سيادة القانون" وأضاف: تلك مهمة بالغة الصعوبة فى بلد طالما تجاهلت فيه الحكومات مهامها الأساسية وتركت المواطنين فى كثير من الحالات يدافعون عن أنفسهم ويتحايلون على القوانين والبيروقراطية التى تعرقل أكثر مما تقدم يد العون. لكن الاقتصادى البيروفى هيرناندو دى سوتو الذى استشاره العشرات من زعماء العالم بشأن إصلاح الملكية الخاصة خلال الخمسة والعشرين عاما الأخيرة، والتقى مع السيسى ثلاث مرات منذ مايو، تملؤه الثقة فى أن الرئيس المصرى سيغتنم الفرصة لمعالجة شكوك المصريين الواسعة تجاه الحكومة. وقال دى سوتو: المصريون لا يثقون فى حكومتهم، لن يقدموا أسماءً أو بيانات لذا عليك أن تبدأ ببناء المصداقية. وقدم دى سوتو للسيسى خطة بالتغييرات المحددة المطلوب إدخالها على النظام البيروقراطى والمنظومة القانونية بغية إدماج ما يقدر بنحو 60% من السكان فى النظام عن طريق تسجيل وتوثيق أصول المصريين العاديين. ويتوقع دى سوتو أن تضاعف مثل هذه الإصلاحات معدلات النمو الاقتصادى بأكثر من المثلين فى غضون خمس سنوات من خلال توفير فرص حصول المواطنين على الائتمان وحماية أوضاعهم القانونية. وتتراوح التوقعات للنمو فى مصر فى العام الحالى بين اثنين و2.5%. وتأتى مبادرة دى سوتو ضمن الجهود الرامية لإصلاح أوضاع المالية العامة وجذب الاستثمار الأجنبى وانعاش اقتصاد أنهكته ثلاث سنوات من التوترات السياسية، ومن المتوقع تنفيذ هذه المبادرة إلى جانب خطط أخرى من بينها اقتراحات من شركة استراتيجى أند الاستشارية الأمريكية وبنك لازارد الاستثمارى. كما يتبنى السيسى مبادرات طموحة أخرى مثل بناء 48 مدينة جديدة فى الصحراء. وذكر دى سوتو فى مقابلة أن السيسى بدأ فى تعيين مسؤولين لتشكيل هيئة ستضطلع بإدارة حملة تهدف إلى حشد التأييد للإصلاحات وضمان تنفيذها. وصدر بيان من حملة السيسى قبل أسبوعين من الانتخابات الرئاسية التى جرت فى مايو ذكر أن المرشح التقى مع دى سوتو لبحث رؤية من أجل مستقبل القطاع الاقتصادى غير الرسمى فى مصر. وكان السيسى الذى فاز بالانتخابات الرئاسية فى مايو بنسبة 93% خاطر بالفعل بجزء من رأسماله السياسى بعد قرارات بزيادة الضرائب وخفض الدعم. وتحدثت الحكومات السابقة عن إصلاح الاقتصاد دون حدوث تأثير يذكر. وكان دى سوتو قد اجتمع مع مسؤولين من حكومة الرئيس السابق حسنى مبارك منذ نحو 10 سنوات، ومع جميع مرشحى انتخابات الرئاسة فى 2012 بمن فيهم مرسى الذى ينتمى لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة. لكنه يشعر بأنه خدع مرارا بالوعود الحكومية الجوفاء التى من شأنها فقدان ثقة الرأى العام، ولاستعاة الثقة وهى أول خطوة فى خطة دى سوتو وأكبر عقبة على الأرجح أمام السيسى، ويتوقع دى سوتو أن يستغرق ذلك نحو عام. وقال دى سوتو: أعتقد أن السيسى يدرك ما تعنيه لحظته التاريخية ويريد فعلا تحسين أوضاع البلاد. ويضبف بأنه يجب أن يحدث هذا بسرعة نسبيا لأنه يجب الاستفادة من كون الآمال كبيرة حاليا. وتتفشى الأوضاع غير الرسمية فى مصر وهى ما يعتبره دى سوتو (آفة الحكومة). ويملأ الباعة الجائلون الشوارع ويبيعون كل شيء من الملابس والإلكترونيات إلى الخضروات والأسماك. وتتحايل الحافلات الصغيرة التى يعتمد عليها كثير من المصريين كوسيلة للتنقل على القوانين. وتتشكل أحياء كاملة داخل المدن الرئيسية وتعمل خارج سيطرة الحكومة وهى ظاهرة بات ينظر إليها باعتبارها طبيعية. فى الوقت نفسه يضع القطاع العام الضخم فى مصر العقبات البيروقراطية فى طريق ملايين المصريين الذين يلجأون للعيش والعمل خارج نطاق القانون. وكان فقدان الثقة فى الحكومة من بين الأسباب الرئيسية لثورة 25 يناير التى أنهت حكم مبارك الذى دام 30 عاما. وتعمقت حالة الارتياب فى السنوات التالية مع تخلى الشرطة عن مواقعها، وإحجام المسؤولين عن اتخاذ قرارات خشية أن ينتهى الحال بهم فى السجن. وقال دى سوتو إن الركيزة التى تقوم عليها خطته هى أن يخلق السيسى (حماسا كافيا لفكرة القدرة على العمل فى إطار نظام يحترم فيه الجميع القانون.. هذا سيمكنك من كسر حالة الخمول). ومنذ أن أعلن نيته الترشح للرئاسة يتبنى السيسى خطابا يناشد فيه المصريين مساعدته فى إنقاذ البلد من الانهيار من خلال العمل الجاد والتضحية. ويقول دي سوتو: سيقول الرئيس ويحدد لهم ما هى العراقيل وكيف تنوى الحكومة العمل لإزالتها؟ وسيطلب العون. ويقول دى سوتو إنه إذا نجح السيسى فإن الخبير الاقتصادى لديه وصفات تستند إلى خمس سنوات من البحث فى القطاع غير الرسمى، فى مصر أجريت قبل ثورة 25 يناير وقام فريق من معهد الحرية والديمقراطية البحثى الذى ينتمى إليه بتحديثها مؤخرا. وأضاف إنها محددة للغاية، نقطة بنقطة ومكتب بمكتب وقاعدة بقاعدة، لكنه رفض أن يكشف عن التفاصيل، وإدخال تعديلات قانونية وتغييرات على الإجراءات الإدارية هو بوضوح جزء من البرنامج لكن ليس كل شيء فيه. ويذكر الموقع الإلكتروني لمعهد الحرية والديمقراطية أن من بين إنجازات دى سوتو تنفيذ أو إلهام مبادرات لتنظيم الملكية فى دول من تايلاند إلى روسيا، ويقول إنها حسنت الوصول إلى الائتمان وقلصت أعداد الفقراء. وقال دى سوتو (هنا تكمن معظم موارد البلد التى يمكن أن تمنحك معدلات النمو العالية، إنه الاقتصاد غير الرسمى).