الصوت الشجي المبحوح قليلا أو الصوت الحنون الهامس، هو أكثر الأصوات جاذبية عند الرجال والنساء على حد سواء. تجذبنا بعض الأصوات دون غيرها لأنها تترك في مخيلتنا انطباعاً معيناً عن شكل صاحب الصوت. هذا ما تقدره دراسة بريطانية. قد تجد نفسك تنجذب لشخص ما من صوته فقط. ربما سمعت صوتها أو صوته عبر الهاتف، وشعرت بأن الصوت يسحرك حتى قبل أن تنتبه للشكل. الصوت لغز كبير. في حياتنا اليومية نستحب أصوات بعض المذيعين والمنشدين والفنانين والشعراء. ومن غير المستغرب أن تتضمن لغتنا العربية أكثر من 25 وصفاً لأنواع الأصوات. فهناك الصوت الأبح، والناعم، والأجش، والأغن، والكرواني، والندي، والمقعقع، والشجي، والجهير وغيرها. كذلك تكثر الأوصاف عن صوت المحبوب في الشعر والموسيقى والأمثال: 'صوتك وسط القلوب أنا بعرفه صوتك مليون كمنجة بيعزفوا، صوتك أرق من النايات، صوتك ما فيش أي شعر يا حبيبتي يقدر يوصفه'. هكذا يغني الفنان محمد منير. وتكتب الروائية غادة السمان: 'وحينما يأتيني صوتك، تمتلك جسدي رعدة خفية كدت أنساها'. ما سر جاذبية الصوت؟ وهل هناك أصوات يمكن اعتبارها جذابة على خلاف أصوات أخرى؟ توصلت دراسة بريطانية عن هذا الموضوع لنتائج مثيرة. يبدو، وفقاً للدراسة، أن أغلب الرجال ينجذبون لصوت المرأة الذي فيه بعض الهمس والأنغام العميقة في الوقت نفسه. بمعنى آخر، الصوت الشجي الحنون الذي فيه أنغام عميقة، ويميل في الوقت نفسه إلى البحة الهامسة، في هذا الصوت تفاصيل بين مقاطع الكلمات مما يثير الجاذبية لدى الطرف الآخر. خلصت الدراسة لهذه النتائج بعد أن طلب الباحثون من مجموعة من الرجال والنساء سماع تسجيلات مختلفة لأصوات أشخاص من الجنس الآخر، وتقييمها بناء على درجة جاذبيتها. فتبين أنه عندما يسمع الرجل صوتاً شجياً هامساً، فإنه يثير في مخيلته صورة معينة. وكثيراً ما يتخيل امرأة بجسم صغير ومزاج رائق. صوت هامس النساء أيضاً ينجذبن إلى الرجال الذين يمتلكون صوتا مصحوباً بالهمس الحنون، وفقاً للدراسة. هذه النتائج فاجأت القائمين على البحث، ولكن على عكس الرجال الذين يفضلون صوت النغم العميق في الكلام، تفضل أغلب النساء صوت الرجل الذي لا يتضمن نغماً عميقاً. إن عدم وجود تفاصيل رنانة بين مقاطع الكلمات مثير أكثر للمرأة، إذ ينجذب أغلب النساء إلى الصوت الذي يعطي انطباعاً بأن صاحبه قوي البنية، ومرهف الحس والانفعال في الوقت نفسه. والغريب في الأمر أن صوت الهمس يعطي انطباعاً عكسياً بكون الشخص صاحب جسم صغير ورقيق. يفسر القائمون على الدراسة أن الصوت الحنون الهامس مستحب لدى النساء، لأنه يشعر المرأة بأن صاحب الصوت ليس عدوانياً، وإنما فيه بعض الرقة والحنان. والصوت الأكثر جاذبية يكون، تبعاً لذلك، الصوت الذي يدمج بين الرجولة والرقة، أو بمعنى آخر الصوت الرجولي الأجش المصحوب بنوع من الهمس أو البحة اللطيفة بين نبرات الكلمات. غريزة واشارات هذه الدراسة التي أنجزت في بريطانيا هي الأولى من نوعها، وتقدم دلائل حول أسباب جاذبية بعض الأصوات مقارنة بغيرها. وإذا نظرنا إلى عالم الحيوانات، سنلاحظ أنها تستقي معلومات وإشارات من أصوات الكائنات الأخرى. وفي قوانين الغاب، نلاحظ أن بعض الكائنات ذات البنية القوية والشرسة بعض الشيء تملك صوتاً جهوراً، في حين تملك بعض الكائنات الأخرى أصواتاً خافتة، وتستطيع بعض الكائنات التقاط بعض الإشارات من خلال هذه الأصوات. ومع تطور الكائن البشري، امتلك الرجل صوتاً فيه نبرات وأوتار طويلة، كي يتمكن من التنافس على الأنثى بشكل أفضل. ونتيجة لذلك، أصبح للرجل صوت جهور بفراغ قصير بين النبرات، مما يعطي الانطباع بالجهامة والخشونة ويساعد على التنافس
