على الرغم من هجومها المتكرر على جماعة الإخوان المسلمين حتى في المنهج الدينى والسياسي، إلا أنها كل يوم تخطو على خطاها هكذا أخذت الدعوة السلفية طريقها نحو تكرار جديد لجماعة الإخوان المسلمين حتى وإن انتقدت المنهج والفكرة ووقفت ضدها إلا أنها تحذو حذوها، حيث كشفت مصادر من داخل الدعوة السلفية أن الدعوة تتجه في الفترة القادمة لعمل مراجعات فكرية تتناسب مع الوضع السياسي الجديد تمهيدا لمطلبات العمل السياسى على حد وصفهم كمشاركة المرأة في العمل السياسي والبرلمانى ودخول الأقباط على قوائم الحزب ووضع نظرة جديدة لفقه الواقع والتعامل معه بما لا يجعل الدعوة السلفية تدخل في صدام مع الدولة كما حدث بين الإخوان والدولة والجماعة الإسلامية والدولة سابقا. وقالت المصادر إن الدعوة تتخذ من المراجعات الفكرية للتكفيريين ستارا جديدا يفتح لها الأبواب أمام تغيير بعض الفتاوى التي كانت ترفضها الدعوة في منهجها وتحذر منها دون الدخول حتى الآن في تفاصيل هذه الفتاوى والتي كشفت المصادر أنها لم تستقر عليها سوى في مسألة ترشح الأقباط على قوائم الحزب وكذلك دخول النساء إلى معترك العمل السياسي والنيابى وكذلك مواجهة الأفكار الصدامية مع الدولة. وأكدت المصادر أن الدعوة تلقت تحذيرات كثيرة من جهات أمنية بسبب انتشار الفكر التكفيرى الجهادى بين شبابها، خاصة أن الدعوة السلفية أكثر من صدر المجاهدين إلى سوريا للقتال في صفوف الجيش الحر «على حد وصف المصادر»، بالإضافة إلى انتشار الفكرى التكفيرى والجهادى مع الدولة ورغبة أيضا من الأجهزة الأمنية في تقليل الحركة التكفيرية والجهادية في المجتمع، وأكدت المصارد أن الدكتور ياسر برهامى، نائب رئيس الدعوة السلفية بدأ أولى حلقات المراجعات الفكرية الخميس الماضى. أضافت المصادر أن هذه ليست المرة الأولى التي يتبع فيها برهامى فكرة المرجعات الفكرية لفتاوى سابقة له خاصة أنه كان ينظر للديمقراطية كأنها كفر والحكم بغير ما أنزل الله كفر مخرج من الملة، لكنه بدخول حزب النور العمل السياسي مرة أخرى وجد نفسه مطالبا بمراجعة تلك الفتاوى التي أطلقها وهو ما حدث بالفعل وتراجع عنه برهامى وشارك في العمل السياسي، مضيفا أن المرحلة القادمة وبسقوط مرسي ستسعى الدعوة إلى التمكين في البرلمان القادم وهو ما يحتاج إلى تقارب فكرى مع التيارات الليبرالية والعلمانية وأيضا الدول الغربية في محاولة لإعادة صياغة جديدة للفكر السلفى. وأكدت المصادر أن أبرز المشاركين مع الشيخ ياسر برهامى في المراجعات الفكرية التي ينوى الخوض فيها طوال الفترة القادمة الدكتور عبدالمنعم الشحات، المتحدث باسم الدعوة السلفية ونادر بكار، مساعد رئيس الحزب القيادى بالدعوة والدكتور بسام الزرقا، والشيخ محمد القاضى، والشيخ محمود عبدالحميد، القياديين البارزين في الدعوة وشريف طه، عضو مجلس شورى الدعوة والشيخ عادل نصر، مسئول الدعوة السلفية بالصعيد، وقالت المصادر إن الشيخ ياسر برهامى سوف يشرف على إعداد عدد من الأبحاث والتي تحوى صياغة مواد وفتاوى جديدة تناسب الواقع السياسي الحالى. وأكدت المصادر أن الشيخ ياسر يرى الوقت الحالى أنسب توقيت بعدما تبين لقيادات الحزب والدعوة أنه كان على حق من عدم الاشتراك مع الإخوان وخاف على دماء الشباب وخاصة بعدما عاد عدد كبير من أبناء الحزب والدعوة الذين استقالوا اعتراضا على موقف الدعوة السلفية السابق من عزل مرسي وهو ما يراه برهامى مناسبا وبعد إقرار الدستور بينما يتأكد لأبناء الحزب أن قرار الدعوة كان صائبا وأن الشيخ سيبدأ سلسلته بالمراجعات الرافضة للفكر الجهادى التكفيرى وصولا إلى إعادة صياغة لمنهج سياسي جديد للحزب والدعوة بضوابط شرعية جدية لكنها أكثر انفتاحا على المجتمع. يأتى ذلك سعيا من برهامى وقيادات حزب النور في السيطرة على البرلمان القادم وتقليل الاعتراضات على الحزب والدعوة وإزالة النظرة السلبية للتيار السلفى والذي يعرف عنه بالتشدد خاصة في مشاركة المرأة وموقفه من الأقباط. وأكد الشيخ عادل نصر، أحد علماء الدعوة السلفية مسئول الدعوة في الصعيد أن الدعوة مهتمة منذ فترات طويلة بتخصص جزء كبير من منهجها لمواجهة الفكر المنحرف وخاصة التكفيرى، مضيفا أن الفترة القادمة ستشهد حملات قوية من الدعوة تجاه هذا الفكر في كل محافظات مصر. أضاف نصر أن فكرة المرجعات السياسية أيضا واردة وبقوة مع اختلاف المراحل السياسية والواقع، مضيفا أننا لم نخطئ خطأ شرعيا في السياسة لأن هناك ثوابت في العمل السياسي تحكمنا بناء عليه نتحرك ونتخذ القرار وفقا للضوابط الشرعية وإذا لزم الأمر لمراجعات سياسية مع الالتزام بالشرع سنقوم بها وندرسها أيضا في ضوء الثوابت والتغيرات فالفتوى تتغير بحكم الواقع. ونفى الدكتور طلعت مرزوق، مساعد رئيس حزب النور للشئون القانونية أن يكون الحزب في حاجة إلى مراجعات سياسية جديدة تناسب الشرع مضيفا أن الحزب لم يخالف الشرع في الأساس وقائم على مرجعية إسلامية ولا نحتاج أن نرضى أي طرف سياسي على حساب ديننا. أضاف مرزوق أن الحزب بالفعل لديه تفعيل للكثير من الأمور السياسية مثل اللجنة النسائية والتي أخذت دورا كبيرا في الدعوة للاستفتاء والحشد له وبالتأكيد سيكون لها دور فاعل في الانتخابات البرلمانية والرئاسية. وأضاف مرزوق أن الحزب كيان سياسي شامل وله برنامج سياسي لا ينتقص منه شيء، كما أنه ملتزم بالشريعة الإسلامية ومتطلباتها ولا يخالفها. فيما أكد الشيخ محمد الأباصيرى، الداعية السلفى أن ما يفعله التيار السلفي السكندري من إعلان تغيير مواقفه من بعض القضايا المطروحة على الساحة السياسية كالموقف من الديمقراطية والمشاركة السياسية واحترام دور المرأة والموقف من الأقباط أن هذا ليس سوى نوع من المخادعة على غرار ما كانت تفعله الجماعة الإرهابية من أجل كسب التعاطف والتأييد الشعبي والحصول على أصوات الناخبين في صناديق الاقتراع، وهو ما يطلقون عليه «الأهداف التكتيكية» أو «المرحلية» في العمل السياسي على أساس من كون «الحرب خدعة»، فلابد من خداع الآخر حتى يحصل التمكين ثم نعلن بعد ذلك حقيقة مواقفنا واعتقادتنا.