فيما كان يأمل العاملون في قطاع الصناعة أن تنتهي في أسرع لجنة الصناعة والطاقة بمجلس الشوري الذي يمارس الدور التشريعي الكامل لحين انتخاب مجلس الشعب، من سن التشريعات التي يحتاجها القطاع الصناعي لحل مشاكله والنهوض به وبالاقتصاد المصري ككل، خاصة أن هناك العديد من مشاريع القوانين التي سبق وأن أعلن أنه سيتم الانتهاء منها في فبراير الماضي ولم يحدث ذلك، حيث انشغل الشوري بالقوانين ذات الانتهاء من أيا من القوانين التي تساهم في النهوض بالصناعة المصرية. "النهار" رصدت مشاريع القوانين التي ينظرها "الشوري" ورؤية بعض أعضاء الغرف التجارية لما يجري بشأنها وأسباب تجاهل المجلس للقوانين الخاصة بهذا القطاع. في البداية قال المهندس طارق مصطفي، رئيس لجنة الصناعة بمجلس الشوري، إن كل من مشروع قانون "الصناعة الموحد" و"التعريفة الموحدة للكهرباء" و"التعدين" علي جدول أعمال اللجنة في الفترة الحالية، موضحا إنه يأمل أن يتم الانتهاء من هذه القوانين في أقرب وقت. وأشار مصطفي في تصريحات ل"النهار" إلي أن مشروع قانون الصناعة الموحد يهدف لتيسير الإجراءات علي المستثمرين في استصدار تراخيص وحماية الصناعة المحلية من الإغراق، أما قانون التعريفة الموحدة للكهرباء فيهدف إلي دخول القطاع الخاص وإشراكه في توليد الكهرباء، فيما ينظم قانون "التعدين" أعمال المناجم والمحاجر والملاحات، وهو بديل للقانون الحالي الذي تم سنه عام 1956، ولا يناسب مع العصر الحالي. من جانبه، قال محمد المرشدي رئيس غرفة الصناعات النسيجية ل"النهار" إن هناك قوانين عديدة عرضت علي مجلس الشوري متعلقة بالصناعة المصرية، وتم الإعلان عن إنه ستتم مناقشتها والانتهاء منها في غضون شهر ونصف، ولم يتم مناقشتها من الأساس. وأشار المرشدي إلي أن الصناعة المصرية بحاجة لمناخ جيد لكي تنهض في الوقت الحالي بالتوازي مع تعديل قانون الصناعة وتعديل القوانين الخاصة بالتهريب، مشددا علي ضرورة اعتبار "التهريب" جريمة مخلة بالشرف عقوبتها الحبس، خاصة إنه أصبح يتم بشكل ضخم يضر بالصناعة المصرية. واعتبر المرشدي أن القوانين ذات الطابع السياسي والصراع السياسي أثر بشكل كبير علي الصناعة المصرية، وجعل مشاريع القوانين المتعلقة بالنهوض بالصناعة موضوعة "في الدرج". من جانبه، قال يحيي زلط رئيس غرفة صناعة الجلود ل"النهار" إن الصناعة المصرية بحاجة لتشريعات سريعة لكي تدور عجلة الإنتاج، وشدد علي ضرورة أن تتخذ الحكومة قرارا بوقف استيراد المواد المتوفرة في السوق المحلي، مشيرا إلي أن المادة 18 من اتفاقية "الجات" تتيح للدول التي تتعرض لانتكاسات اقتصادية أن توقف الاستيراد لسنة وتجدد، ولفت "زلط" إلي أن الصين حظرت من قبل الاستيراد لعدة سنوات حتي تعافي الاقتصاد الصيني، وهي الآن دولة صناعية كبري. وأشاد رئيس غرفة صناعة الجلود في اتحاد الغرف الصناعية بقانون الصناعة الموحد الذي يهدف إلي تسهيل الإجراءات علي المستثمرين في تراخيص الصناعة وحماية السوق المحلي والصناعة المصرية من الإغراق، وقال إنه يؤيد أي تسهيلات إدارية يتم إقرارها لأن ذلك يصب في مصلحة الصناعة المحلية. أما المهندس محمد عبد العزيز، رئيس غرفة الصناعات الهندسية، فقد طالب من مجلس الشوري سرعة إصدار قانون الصناعة الموحد، مشيرا إلي أن قطاع الصناعة يحكمه قانون رقم 21 لسنة 1958، الذي لم يتغير حتي الآن، بحسب قوله، وشدد عبد العزيز علي ضرورة إنجاز قانون اتحاد الصناعات الذي تم تقديمه مقبل اتحاد الصناعات إلي وزير الصناعة، الذي من المفترض إنه قدمه بدوره إلي مجلس الشوري، وطالب بتحويل قرار رئيس الوزراء السابق كمال الجنزوري رقم 736 لسنة 2012 إلي قانون، ويشار إلي أن القرار ينص بترشيد الإنفاق الحكومي وتشجيع الشراء المنتج المحلي، ومادته الثالثة تنص علي أن تقوم وزارة التخطيط بالإعلان عن المشروعات الاستثمارية وجميع البيانات المتاحة عن هذه المشروعات بجميع وسائل النشر ومن بينها موقعها الإلكتروني ، علي أن يتم الالتزام عند إسناد هذه المشروعات للشركات المحلية أو العالمية بل لا تقل نسبة مساهمة التصنيع المحلي لهذه المشروعات عن 40% أيا كانت مصادر التمويل ، ويجوز تخفيض هذه النسبة بالتنسيق بين وزراء التخطيط والتجارة الخارجية والمالية. وعن عدم انتهاء مجلس الشوري من القوانين المتعلقة بالصناعة، قال عبد العزيز إنه لا يستطيع أن يتهم الشوري بتجاهل مشاريع القوانين الخاصة بالصناعة، ولكن الواضح أن التركيز في المجلس علي المواضيع السياسية فقط، مشددا علي ضرورة أن يتم الانتهاء من القوانين الصناعية والسياسية بالتوازي، وانتقد رئيس غرفة الصناعة الهندسية، عدم تطرق نواب الشوري للمشاكل التي تعاني منها الصناعة المصرية، قائلا: "محدش منهم أتكلم علي مشاكل الصناعة خالص". من ناحيته، أوضح خالد أبو المكارم رئيس شعبة البلاستيك وعضو غرفة صناعة الكيماويات إن الصناعة المصرية عامة مظلومة، مشيرا إلي أن القطاع بحاجة لقوانين تجذب المستثمرين، مؤكدا إلي أنها بحاجة ضرورية لعمل قانون حوافز الاستثمار الجديد ليكون بديلا لقانون 8 لسنة 1997 الذي فقد من كثر التعديلات التي تمت عليه كل مميزاته، وأضاف أبو المكارم أن القطاع بحاجة إلي "قانون الصناعة الموحد" الذي تم تقديمه لوزير الصناعة بعد إعداده من قبل الشعبة وجمعية "الصناع المصريين" والمجلس التصديري للصناعات الكيماوية. وقال أبو المكارم إن قانون "الصناعة الموحد" ليس فقط يسهل الإجراءات علي المستثمرين في تراخيص الصناعة، وإنما هو مشروع متكامل ينظم علاقة العمل بين العامل ورب العمل، ويحافظ علي حقوق العمال، ويوضح واجباتهم، مؤكدا إنه يخدم العامل والصانع. والتمس رئيس شعبة البلاستيك العذر لمجلس الشوري في تأخره من الانتهاء من مشروعات القوانين المتعلقة بالصناعة، وقال إن أجندة لجنة الصناعة بالشوري مليئة بالمشاكل والمواضيع المهمة. من جانبه، قال الخبير الاقتصادي الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدي الاقتصادي للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية ل"النهار" إنه يجب علي اللجان النوعية المختلفة بمجلس الشوري أن تجتمع وتسن عاجلا القوانين التي تخدم الاقتصاد المصري، منتقدا سياسة قوي الأغلبية في مجلس الشوري التي كانت من قبل تستحوذ علي أغلبية مجلس الشعب ولم تصدر أي قانون يجذب الاستثمار وينهض بالصناعة المصرية. وشدد عبده علي اللجنة الاقتصادية بمجلس الشوري ضرورة إصدار قوانين جاذبة وداعمة للصناعة والاستثمار سواء كان محليا أو عربيا أو أجنبيا، فضلا عن تنقيح القوانين التي تتسبب في هروب الاستثمارات من مصر. وهاجم رئيس المنتدي الاقتصادي للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية الحزب الحاكم، وقال إنه لم يحقق ما يجذب ويدعم الاستثمار، واتهمه بأنه يخرج ويصرح بأنه يعمل جاهدا من أجل تخفيف العبء علي المواطن المصري، في الوقت الذي تصدر القرارات والقوانين التي تتسبب في مزيد من ارتفاع الأسعار علي المواطن. من جهته، قال الدكتور عماد جاد، نائب رئيس حزب المصري الديمقراطي والقيادي بجبهة الإنقاذ، إن مجلس الشوري المنتخب من 7% فقط من الشعب المصري يستخدم الآن ممن جانب جماعة الإخوان المسلمين لتمرير ما يريدون تمريره من مشرعات قوانين صدامية مع كل مؤسسات الدولة المصرية من قضاء، لافتا إلي دخول الشوري في صدام مع جميع مؤسسات الدولة ومع كل القوي السياسية. وأضاف جاد في تصريحات ل"النهار" أن مجلس الشوري أهمل القوانين المتعلقة بالصناعة ووضعوها في الدرج، ويعمل نوابه الآن علي القضاء علي مؤسسات الدولة بالقوانين، وتمكين جماعة الإخوان المسلمين من مفاصل الدولة، موضحا أنهم يريدون التخلص من ثلث القضاة من خلال إنزال السن لستين، لكي يصعد الإخوان القضاة الموالين لهم، مجددا تأكيدا بأن مجلس الشوري يستخدم في تمرير قوانين تمكن الإخوان من مفاصل الدولة. فيما قال ياسر الهواري، عضو مؤسس بحزب الدستور، إن الإخوان انشغلوا منذ وصولهم للحكم بمشروع التمكين، عن إصلاح الدولة المنهارة طمعاً منهم في حصد مكاسب أي إصلاح، مؤكدا أن ذلك هو سبب عدم انتهاء مجلس الشوري من الانتهاء من أيا من القوانين المتعلقة بالنهضو بالصناعة بالمصرية، وأضاف الهواري، أن انشغال الإخوان بالتمكين يشبه إلي حد التطابق مع انشغال مبارك بالتوريث، فنسي الرئيس مثلاً كل وعوده قبل جولة الإعادة، وحنث بها في المقابل انشغل حتي أذنيه في تحويل مصر إلي إمارة إخوانية تماماً، وأصبح واضحاً مثلاً أن عصام الحداد هو من يدير الخارجية، وبدا أن المسئول الإخواني وإن بدا أقل في الوظيفة الرسمية من رئيسه هو من يدير مؤسسته سواء كانت محافظة أو وزارة. وأشار إلي أن انشغال الإخوان عن الإصلاح بوجه عام، وانشغال مجلس الشوري عن التشريعات الخاصة بالنهوض بالصناعة بوجه خاص، رأيه ناتج عن رغبة الإخوان في الانفراد بالحكم لسنوات طويلة، ورغبتهم في الإصلاح بعد وليس قبل استحواذهم علي كل مفاصل الدولة المصرية تنفيذاً لأطماعهم في السلطة.