دعا الدكتور سمير رضوان وزير المالية لوضع سياسات مالية مشتركة لتعافي الاقتصاديات العربية من اثار ما تشهده بعض الأقطار العربية من تغييرات سياسية وشعبية وتداعيات اقتصادية ويعد تآثيرها أكبر من تداعيات أحداث 11 سبتمبر، وستخلق وضعا جديدا على مستوى الشرق الأوسط والعالم. وقال ان نجاح تلك السياسة سوف يعتمد على التعاون بين الاقطار العربية في تحديد مؤشرات التعافي والخروج من الأزمة التى سوف يكون لها أكبر الأثر على الدول العربية ككل و بتنسيق الجهود والسياسات نحو الدعم المتبادل لزيادة النمو والاستثمارات وتوليد فرص العمل جاء ذلك خلال افتتاح مؤتمر وزراء المالية العرب الثاني والاجتماعات السنوية المشتركة للهيئات المالية العربية والتي تستضيفها العاصمة السورية دمشق. وقال الوزير انه للخروج من تداعيات هذا الوقت الحرج يجب مناقشة مجمل القضايا المالية والاقتصادية الدولية التي تهم عالمنا العربي بهدف تنسيق مواقفنا تجاه تلك القضايا بما يخدم مصالحنا الاقتصادية المشتركة. واكد الوزير ان الهيئات المالية العربية لعبت دور هاما في توفير التمويل اللازم للمشروعات التنموية ودعم موازين المدفوعات والتصحيح الهيكلي وخدمات ضمان الاستثمار وائتمان الصادرات للدول العربية. واشار الي انه في ظل الأزمة الاقتصادية التي تواجهها مصر وبعض البلاد العربية سوف تتفاوت حدة تأثيرات الأزمة على اقتصادات المنطقة، وسوف تتفاوت سرعة خروج اقتصاداتنا وتعافيها من تداعيات هذه الأزمة التي لم يرَ العالم العربي مثيلاً لها منذ فترة طويلة. وقال ان اجتماعات الهيئات الاقتصادية السنوية تعد منتدى هام للنقاش الدوري لمختلف القضايا الاقتصادية داعيا الي تكثيف دورية اللقاء خلال الأزمة الحالية أسوة بدول مجموعة العشرين التي كانت تلتقي كل بضعة أسابيع لضمان استمرار استنفار الجهود نحو الإصلاحات الاقتصادية اللازمة للخروج من الأزمة المالية العالمية، وبما يضمن استمرار النقاش المتبادل حول السياسات والإصلاحات الاقتصادية التي تتبعها دول المنطقة فيما بعد لضمان الاستقرار الاقتصادي في المنطقة . وأضاف الوزير إن مصر واليمن وسوريا وليبيا ودول أخرى تمر بظروف اقتصادية طارئة. فبعد أن حققت مصر معدلات نمو بلغت 4.8 خلال 2010 وكان من المتوقع أن تصل إلى 5.8% هذه العام، تشير التوقعات الأولية إلى انخفاض معدل النمو إلى 2.5% خلال العام الجاري. ومن المتوقع أيضاً أن تنخفض معدلات النمو الاقتصادي في عمان والبحرين من 4.6% و4.2% خلال العام الجاري إلى 4.1% و3.5% في العام المقبل. وعلي المقابل فإن نسب النمو بدول مجلس التعاون الخليجي لعام 2010 و2011 تشير إلى أن دول المجلس ستحقق في العام القادم متوسط نمو يبلغ 6, 6% وهي واحدة من أعلى معدلات النمو في العالم، مما أدى إلى إدراج دول المجلس ضمن الاقتصادات الناشئة. وقال انه بالرغم من ارتفاع معدلات النمو في مصر خلال الفترات السابقة لثورة 25 يناير إلا أن عدم المساواة والعدالة في توزيع الدخول كان يمثل ضغطا اجتماعياً ويشكل عاملا ضد الاستقرار، لذا فإن عدم الاستقرار الاقتصادي الحالي ربما تمتد جذوره إلى سنوات قبل 25 يناير 2011. وأضاف انه مع وجود هذه المؤشرات الإيجابية، إلا أن ذلك لا يعني أن دول المجلس – وهي الدول التي تحقق أعلى معدلات النمو – قد تجاوزت بصورة تامة تداعيات الأزمة المالية العالمية، إذ مازال هناك بعض الإجراءات الواجب اتخاذها لتنشيط الأوضاع الاقتصادية، وبالأخص تلك القطاعات التي تأثرت بشدة من جراء هذه الأزمة، كالقطاع العقاري.الذي ما زال يعاني من تداعيات الأزمة المالية العالمية في 2008. وأكد الوزير انه بشكل عام لا يبدو أن معالجة هذه التداعيات في أغلب دول المنطقة سواء التي شهدت تغييرات سياسة ومطالبات شعبية ستكون سهلة، بل سيتطلب الخروج من الأزمة الاقتصادية جهوداً مضاعفة لاستعادة الثقة، وجلب الاستثمارات وتحقيق النمو المتوازن المبني على العدالة الاجتماعية وقتا طويلا نسبياً، حيث ترتبط بعض الصعوبات الاقتصادية في مصر والمنطقة أيضاً بأوضاع الاقتصاد العالمي وتذبذبه خلال الفترة القادمة، وكذلك بارتفاع أسعار العديد من السلع، مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم المستورد في مصر ودول المنطقة.