طوفان الثورات الشعبية الذي يجتاح منطقة الشرق الأوسط والبلدان العربية أصبح يهدد الاقتصاد العالمي بشكل واضح والذي يعاني منذ 3 أعوام مضت من أزمة عالمية غير مسبوقة في خطورتها وتداعياتها وتأتي خطورة الثورات العربية علي الاقتصاد العالمي من اعتماد العالم علي هذه المنطقة بالتحديد في أكثر من نصف موارده من مصادر الطاقة وخاصة البترول وجاءت أحداث الثورة المصرية وانفجار أنبوب الغاز المصري إلي إسرائيل لتثير التوتر والتقلبات في أسواق الغاز العالمية وتدفع أسعار الغاز لأول مرة منذ سنوات طويلة ثم جاءت ثورة ليبيا لتقلب أسواق البترول العالمية رأساً علي عقب وجعلت الخبراء يتوقعون أن تصل الأسعار في الأيام القادمة إلي ضعف السعر الحالي أي تتجاوز المائتي دولار للبرميل الواحد. ومن الخطأ أن يتصور البعض أن الدول المنتجة للبترول أمامها فرصة ذهبية لزيادة دخلها من وراء ارتفاع الأسعار خاصة والأزمة العالمية تضرب الاقتصادات العالمية ككل وليس قطاعات محددة والدول المرشحة لزيادة دخلها من عائدات البترول ليست بمأمن من تداعيات الأزمة في مجالات أخري في اقتصادها. وأوضح تقرير صدر مؤخرا لوكالة موديز للتصنيف الائتماني عن تأثير التوتر السياسي في الشرق الأوسط علي صناعة النفط والغاز العالمية أن منطقة الشرق الأوسط تمتلك نصف احتياجات العالم من النفط والغاز و30% من الإنتاج العالمي.. مشيراً إلي أنه في عام 2009 انتجت ليبيا ما يقارب 1،4% من انتاج البترول في العالم بينما انتجت مصر وتونس مجتمعتين 1،4% من الانتاج العالمي. وأكد التقرير أن أي توتر محتمل في الشرق الأوسط قد يؤدي إلي توقف انتاج البترول ويزيد من الضغط علي سعر احتياطيات "أوبك" وسيدفع بأسعار البترول إلي مستويات أعلي وبالتالي سيشكل تهديداً حقيقياً لتعافي الاقتصاد العالمي الذي مازال إلي الآن "هشا" خاصة في أوربا. بينما أكد رئيس البنك الدولي روبرت زوليك في تصريح له مؤخراً أن الاضطراب الحالي في دول الشرق الأوسط لن يؤدي إلي أزمة مالية عالمية أخري مشيرا إلي أن التأثير ينبغي أن يقتصر علي ارتفاع أسعار البترول.. وفي المقابل يخشي الاقتصاديون أن يؤدي ارتفاع تكاليف الطاقة إلي ارتفاع التضخم مما يضغط علي الإنفاق الاستهلاكي ويفشل الانتعاش العالمي الذي لايزال "هشا". حيث تري الدكتورة أمنية حلمي كبير الاقتصاديين بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية أنه وفق مفهوم التكامل والتعاون بين الاقتصادات إذا امتدت هذه الأزمة إلي دول أخري مثل البحرين أو ربما السعودية وإذا تفاقمت الأوضاع في ليبيا فإن ذلك يشكل خطراً علي البترول وتوريده للأسواق العالمية وبالتالي ارتفاع أسعاره وبخلاف أهمية تلك المنطقة اقتصاديا فإن تلك المنطقة تمثل منطقة حرجة لجيرانها من الناحية السياسية وخاصة لدول الاتحاد الأوروبي. وأكدت الدكتورة أمنية أن أسعار البترول والمواد الغذائية عالميا تتجه للصعود ومع استمرار هذه الأحداث في المنطقة بنفس الوتيرة سوف تزداد أسعارها ارتفاعاً وبالتالي ستؤثر علي الاقتصاد العالمي الذي مازال يحاول أن يخرج من تداعيات الأزمة المالية العالمية. ويختلف مع الرأي السابق الدكتور إيهاب الدسوقي أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات حيث يري أن استمرار الثورات في منطقة الشرق الأوسط دون تحقيق أهدافها أو نجاحها هو الذي يؤثر سلبا علي المنطقة وبالتالي علي الاقتصادات المرتبطة بتلك المنطقة مشيراً إلي أنه علي العكس فإنه عند نجاح هذه الثورات فإنها تحقق للدول وبالتالي للمنطقة نقلة حضارية خاصة وأن هناك ارتباطا واضحا وقويا بين الديمقراطية والتقدم الاقتصادي لأن الدول الديمقراطية تكون سياساتها الاقتصادية رشيدة وناجحة فضلا عن انخفاض حجم الفساد الكبير في تلك المنطقة وهو ما يوفر أموالا ضخمة لتنمية منطقة الشرق الأوسط في حال القضاء عليه. وأضاف أن التخوف من ارتفاع أسعار البترول وتأثيره علي الاستهلاك العالمي ليس هو العامل المحدد الوحيد وإنما هو عامل ضمن مجموعة عوامل ولا يستطيع أن يجر العالم إلي أزمة جديدة بدليل أن أسعار البترول تجاوزت