«الأعلى للإعلام»: حجب المنصات غير المرخصة    مياه البحر الأحمر تحذر من مخلفات الأضحية وتدعو لترشيد الاستهلاك في العيد    «الخارجية» أطلقت تحذيرها لراغبى أداء الفريضة| «التأشيرة الوهمية» تهدد حلم الحج    وزير خارجية الأردن: الصراع في المنطقة سينتهي بوقف العدوان على غزة    تدريبات خططية خاصة للاعبي الزمالك استعداداً للقاء سيراميكا    الأهلي يعلن إعادة هيكلة قناته.. وسفر الخطيب بشكل عاجل    من رونالدو إلى كروس.. أساطير قد تظهر لأخر مرة في اليورو    تصالح المطرب رضا البحراوي وشقيق كهربا في واقعة مشاجرة الباخرة    سر تفوق «حبيبة» الأولى على الشهادة الإعدادية بسوهاج.. «حققت أمنيتها»    التحقيق فى إلقاء خراف نافقة بالبحر الأحمر    إلهام شاهين تهنئ صناع فيلم أهل الكهف (صور)    في أول تعليق له.. عريس كفر صقر: "كان معمول ليا سحر أسود"    الإفتاء توضح الأيام الخمسة التي يحرم الصيام فيها    خالد الجندي يعدد 4 مغانم في يوم عرفة: مغفرة ذنوب عامين كاملين    أمين الفتوى بدار الإفتاء: الأضحية لا تجزئ عن الأسرة كلها في حالة واحدة    هيئة الدواء: في حالة رصد نقص الأدوية نتواصل مع الشركات لمراجعة الأرصدة والضخ    وكيل «صحة الشرقية» يناقش خطة اعتماد مستشفى الصدر ضمن التأمين الصحي الشامل    «طه»: الاستثمار في العنصر البشري والتعاون الدولي ركيزتان لمواجهة الأزمات الصحية بفعالية    لطلاب الثانوية العامة.. أكلات تحتوي على الأوميجا 3 وتساعد على التركيز    أفضل طرق تخزين اللحوم في عيد الأضحى 2024    عبدالقادر علام: التفرد والتميز ضمن معايير اختيار الأعمال فى المعرض العام 44    الانتهاء من 34 مشروعًا أثريًا.. ننشر تفاصيل اجتماع وزير الآثار بالأمين العام    «ناسا» تكشف عن المكان الأكثر حرارة على الأرض.. لن تصدق كم بلغت؟    محافظ كفرالشيخ يتابع أعمال رصف طريق الحصفة بالرياض    أسعار الخضروات اليوم الثلاثاء الموافق 11/6/2024 في سوهاج    بريطانيا: ارتفاع مفاجئ في معدل البطالة يصيب سوق الوظائف بالوهن مجددا    قبل أولى جلسات المحاكمة.. مفاجأة بشأن قضية اتهام عصام صاصا مطرب المهرجانات    «بابا قالي رحمة اتجننت».. ابن سفاح التجمع يكشف تفاصيل خطيرة أمام جهات التحقيق    5 أعمال ثوابها يعادل أجر الحج والعمرة.. تعرف عليها    عيد الأضحى في المغرب.. عادات وتقاليد    روسيا: تدمير مقاتلتين أوكرانيتين من طراز سو-27 و سو-25 في مطاراتها    إنييستا: تعاقد برشلونة مع صلاح كان ليكون مميزا    «الدفاع الروسية» تكشف أسباب تحطم طائرة "سو-34" خلال طلعة تدريبية    "التنظيم والإدارة" يتيح الاستعلام عن القبول المبدئي للمتقدمين في 3 مسابقات    بدائل الثانوية العامة.. شروط الالتحاق بمدرسة الضبعة النووية بعد الإعدادية (رابط مباشر للتقديم)    مصرع 39 شخصا في غرق مركب تقل مهاجرين قبالة سواحل اليمن    قافلة مجمع البحوث الإسلامية بكفر الشيخ لتصحيح المفاهيم الخاطئة    رئيس الضرائب: المصلحة تذلل العقبات أمام المستثمرين السنغافوريين    بالصور- محافظ القليوبية يستقبل وفدا كنسيا لتقديم التهنئة بعيد الأضحى    نجم الزمالك السابق يفتح النار على حسام حسن.. «إنت جاي تعلمنا الأدب»    مدرب بولندا يقلل من حجم إصابة ليفاندوفسكي قبل يورو 2024    حكومة جديدة..بخريطة طريق رئاسية    رئيس مدينة الشهداء يناقش تجهيز المجزر ومراقبة الأسواق ومحلات الجزارة    تطوير وصيانة وإنتاج خرائط.. وزير الري يكشف عن مجهودات توزيع المياه في مصر    المجلس الوطني الفلسطيني: عمليات القتل والإعدامات بالضفة الغربية امتداد للإبادة الجماعية بغزة    الأزهر الشريف يهدي 114 مجلدا لمكتبة مصر العامة بدمنهور    إيلون ماسك: سأحظر أجهزة آيفون في شركاتي    رضا البحراوي يُحرر محضرًا ضد شقيق كهرباء بقسم المعادي    محاولات للبحث عن الخلود في "شجرة الحياة" لقومية الأقصر    وزير النقل يوجه تعليمات لطوائف التشغيل بالمنطقة الجنوبية للسكك الحديدية    محمد أبو هاشم: العشر الأوائل من ذى الحجة أقسم الله بها في سورة الفجر (فيديو)    الدولار يقترب من أعلى مستوياته في شهر أمام اليورو    طائرته اختفت كأنها سراب.. من هو نائب رئيس مالاوي؟    وفاة المؤلف الموسيقي أمير جادو بعد معاناة مع المرض    عصام السيد: وزير الثقافة في عهد الإخوان لم يكن يعرفه أحد    كواليس جديدة بشأن أزمة رمضان صبحي ومدة إيقافه المتوقعة    سيد معوض يتساءل: ماذا سيفعل حسام حسن ومنتخب مصر في كأس العالم؟    فلسطين.. شهداء وجرحى جراء قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ميدان التحرير بين ثوار الأمس.. وبلطجية اليوم
نشر في المراقب يوم 12 - 06 - 2011

تبدو المسافة بعيدة جدا بين الثوار فى ميدان التحرير حين قدَّموا لمصر أرواحهم وماتوا فى سبيلها وبين جموع البلطجية واللصوص الذين اقتحموا الميدان فى موقعة الجمل وما زالت آثارهم حتى الآن تهدد كل جوانب الروعة والجلال فى ثورة الشباب المصرى يوم 25 يناير.
يبدو الفرق كبيرا جدا بين صورة رائعة قدمناها للعالم طوال أيام الثورة وبين جموع شاردة من النصابين والبلطجية تطوف الآن فى الشوارع تهدد أمن المواطنين وتفزع الأطفال والنساء والشيوخ.
تبدو صورة مصر الثورة شيئا يختلف تماما عن مصر البلطجية والانفلات.. كان الإعلام الخارجى والفضائيات العالمية تقف مبهورة أمام شباب ثائر يتلقى الرصاص فى صدره أمام قوة غاشمة.. كان المشهد رائعا وجميلا لأمة قامت بعد سكون طال تطالب بحقها فى الحرية والعدالة والكرامة..
كان العالم يحيط ميدان التحرير بكل مشاعر الخوف والتقدير لصحوة هذا الوطن العظيم.. لا أدرى كيف تسللت مواكب البلطجية واندست بين جموع الشعب الثائر لتفسد صورة جميلة رسمتها دماء الشهداء.
تختلف صورة الأشياء وتتفاوت بين مشاعر الثوار ومشاعر البلطجية ويتساءل الإنسان كيف خرجت هذه الفروع من شجرة واحدة هذا يحمل العلم يرفرف فى السماء وهذا يحمل السكين يسكن فى صدور الأبرياء.
فى أيام الثورة كان المسلمون والمسيحيون يؤدون صلاة واحدة لإله واحد فى ميدان التحرير هؤلاء يحملون الصليب وهؤلاء يتجهون للقبلة.. ولم تنس فتاة مسيحية أن تساعد شابا مسلما ملتحيا وتصب له الماء وهو يتوضأ.
لم ينس الشباب المسيحى أن يحيط المصلين المسلمين بسياج من الأمان وهم يتجهون إلى القبلة.. كانوا يقتسمون رغيف الخبز.. وقطرات الماء وأرصفة الشوارع.. من يصدق أن من بين هؤلاء من أحرق الكنائس ومنع المصلين من أداء الصلاة ومنهم من مات قتيلا وهو يشعل نارا أو يلقى حجرا أو يدمر بيوت الفقراء فى إمبابة وأطفيح وسول ومنشية ناصر.
فى أيام الثورة اجتمعت الجموع على نداء واحد لمصر: حرية.. عدالة.. مساواة.. بين أبناء الوطن الواحد.. لم تكن مواكب الجمال والخيول والحمير قد انطلقت فى ميدان التحرير لتعصف بالشباب الآمن وهو يؤدى الصلوات ويطالب بالحرية.. انطلقت مواكب البلطجية فى كل مكان وغابت إعلام الثورة والثوار لتطلق الجمال والخيول لتكتب صفحة هى الأسوأ فى تاريخ نظام رحل.
صور كثيرة غابت بعد ثورة 25 يناير.. من يصدق أن الشعب هو نفس الشعب وأن نقطة الضوء اغتصبتها نقطة سوداء فغيرت الحقيقة.. أخبار كثيرة سوداء تتناثر على الثوب الجميل الأبيض.
البلطجية فى ميدان التحرير يحاولون الاعتداء على الفنانة المريضة شريهان وتخرج من بين أيديهم بإعجوبة وهى المواطنة المصرية التى تحاملت على مرضها وسقم بدنها وشاركت فى ثورة يناير فى قلب ميدان التحرير.. وعندما اشتاقت إلى الميدان ونجحت الثورة عادت لتستعيد ذكرياتها معها ولكنها للأسف وجدت البلطجية وقد سرقوا أماكن الثوار..
حكاية المذيعة الشابة التى ذهبت لتغطية ما بقى من أحداث الثورة فى ميدان التحرير لتحيط بها مواكب البلطجية وينقذها من بين أيديهم ضابط شاب ما زال يرقد فى المستشفى بعد أن اعتدى عليه البلطجية وهو يؤدى عمله وواجبة فى إنقاذ فتاة.
حكاية الاعتداءات اليومية على المواطنين فى الشوارع ما بين عمليات النهب والسرقة والاغتصاب وكلها سلوكيات لا تنتسب إلى شعب ثائر استطاع تحرير إرادته وتخليص وطنه من الطغيان والاستبداد.
إن جرائم القتل والاعتداء على السجون وإحراقها والاعتداء على الآمنين فى بيوتهم.. كل هذه السلوكيات كانت دائما بعيدة عن أخلاق المصريين وسلوكياتهم الرفيعة.. ما حدث فى قطع خط السكة الحديد فى أحداث قنا.. ثم العياط.. ثم الهجوم على قسم الأزبكية ثم الهجوم على السكان الآمنين فى أكتوبر والمدن الجديدة.
حكايات أخرى لا تنتسب أبدا لأخلاق الثوار ولا يمكن أن تكون من نسيج هذا المجتمع.. عندما حدثت أزمة نقص السولار فى الشارع المصرى تكتشف قوات الأمن أن هناك من يقوم بتهريب السولار وبيعه للسفن العابرة فى قناة السويس وشواطئ بورسعيد ودمياط والإسكندرية.
هناك جماعات أخرى تقوم بتهريب الأسمدة حيث تباع فى مصر بسعر مدعوم يبلغ 75 جنيها للشيكارة بينما تباع فى عرض البحر للأجانب بسعر 300 جنيه.. هناك أيضا عمليات تهريب للأدوية المدعومة والمصريون المرضى أحق بها.. والأخطر من ذلك هو عمليات تهريب السلاح إلى حدود مصر الجنوبية وحدودها الشرقية مع ليبيا.. كل هذه السلوكيات أبعد ما تكون عن روح الثورة وضمير الثوار.
بقدر ما جمعت الكلمة والمكان والمشاعر أبناء مصر كلها فى ميدان التحرير بقدر ما انتشرت الصراعات والخلافات والمعارك بين أصحاب الرأى والفكر والمواقف.. لا شىء يتفق عليه المصريون الآن.. لقد انقسم الشارع المصرى إلى فصائل كثيرة.. هناك خلافات بين المسلمين والأقباط.. وصراعات بين المسلمين والمسلمين والأقباط والأقباط.. هذا مسلم إخوانى.. وهذا مسلم سلفى.. وهذا مسلم صوفى.. وهذا مسلم وهابى.. وهذا وسطى.. وهذا مسيحى علمانى.. ومسيحى كنسى.. ومسيحى وسطى.. وهذا فريق علمانى يتشيع للثقافة والنموذج الفرنسى.. وهذا علمانى أمريكى.. وهذا ليبرالى انجليزى.
بقدر ما جمعت الثورة أبناء مصر على قلب وطن وحلم واحد ومشروع وطنى واحد بقدر ما أطاحت خلافات الرأى والمواقف بكل ما اجتمعنا عليه فى ثورة 25 يناير.. ولا أدرى ما هى صورة المستقبل القريب والبعيد إذا استمرت كل هذه الصراعات وكل هذا المعارك.
أين الأحزاب السياسية التى ظلت سنوات تطالب بالحرية.. وأين جماعة الإخوان المسلمين وقد عانت زمانا من البطش والتنكيل.. وأين النخبة التى اختفى دورها بعد الثورة وبعد أن قضت زمانا فى حظيرة الدولة مع حملة المباخر والدجالين وكذابى الزفة؟.
بعد شهور قليلة تبدأ معارك الانتخابات البرلمانية لاختيار أعضاء مجلس الشعب.. كيف ستدور المعركة خاصة فى ريف مصر.. حيث الجذور العائلية والقبليات القديمة.. كنا نتصور أننا سنخرج من ثورة 25 يناير وقد انصهرنا جميعا فى بوتقة واحدة هى الوطن.. ونداء واحد هو مصر.. وحلم هو الحرية.. ولكن يبدو أن المستقبل سوف يحمل معه أمراض سنوات الانقسام والتشرذم وأيديولوجيات الماضى الكريه.
بعد شهور قليلة سوف يجرى إعداد الدستور ولا أعتقد أن مواكب الانقسام التى يشهدها الشارع المصرى الآن يمكن أن تجمع المصريين على كلمة واحدة فى دستور يحترم كرامة المواطن وقدسية الوطن.
بعد شهور قليلة سيأتى ميعاد الانتخابات الرئاسية وفى كل يوم تظهر أسماء جديدة ترشح نفسها لمنصب الرئاسية وهذا حق مشروع ولكن هناك أسماء طرحت نفسها لا أعتقد أنها ستعطى صورة مناسبة عن انتخابات رئاسية جادة.. فنانات ومطربون ومطربات ومهرجون من السيرك السياسى والغنائى.. يحدث هذا بعد ثورة جسّدت أحلام مصر كلها فى رئيس مصرى يدرك قدسية المنصب وأمانة المسئولية وحقوق الشعب.
نحن الآن وبعد نجاح ثورتنا نريد أن يستعيد المواطن المصرى إحساسه بالأمان وأن تختفى مواكب البلطجية التى أفسدت صورة الثورة وشوهت أجمل ما فيها. إن فلول النظام السابق وبقايا الحزب الوطنى تملك تاريخا طويلا مع البلطجة وهى لن تستسلم بسهولة وسوف تحاول أن تفرض واقعا من الخوف والقلق فى الشارع المصرى،، إنها تغرس سمومها فى هذه الصراعات ما بين المسلمين والأقباط وما بين الصوفية والوهابيين.. هذا المناخ يساعد على تشتيت إرادة هذا الشعب حتى يتسلل إليه الضعف واليأس والخوف من المستقبل.
إن حشود الثورة التى انطلقت فى يناير الماضى بالملايين قادرة على أن تطيح بالآلاف من البلطجية الذين يهددون أمن هذا الوطن.. إن شباب الثورة وهم يدركون ثمن دماء الشهداء لن يفرطوا فى ثورتهم أمام جموع الغوغائية والبلطجية من فلول النظام السابق وحزبه المخلوع.. إن مسئولية الشباب الآن أن يواجه فتنة الانقسام فى الشارع المصرى لكى يستعيد الأمن والاستقرار.. وحين يعود الأمن سوف تختفى أشباح الخوف بين المواطنين.. ويعود الشعب المصرى إلى عمله وإنتاجه ودوره فى بناء مصر المستقبل.
نقلا عمن جريدة الشروق المصرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.