مدبولي مهنئا السيسي بعيد الأضحى: أعاهدكم على استكمال مسيرة التنمية والبناء    «التعليم» تحدد حالات الإعفاء من المصروفات الدراسية لعام 2025 الدراسي    «المجتمعات العمرانية» تُحذر من شراء وحدات في كمباوند بيوت بالمنصورة الجديدة    ارتفاع معدل التضخم في ألمانيا إلى 2.4% في مايو    إي اف چي هيرميس تنهي صفقة طرح «أرامكو» بقيمة 11 مليار دولار    رئيس جهاز السويس الجديدة تتفقد تنفيذ وحدات "سكن لكل المصريين" والخدمات والمرافق    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 12 يونيو 2024    التفاصيل الكاملة لحريق مبنى في الكويت.. الشرطة تتعرف على الجثامين بالبصمة    أ ف ب: لجنة تحقيق أممية تتهم إسرائيل و7مجموعات فلسطينية مسلحة بارتكاب جرائم حرب    رئيس الوزراء اليوناني: تيار الوسط الأوروبي لديه الزخم للتغيير بعد انتخابات البرلمان الأوروبي    يونيسف: نحو 3 آلاف طفل في غزة معرضون لخطر الموت    ميدو: على حسام حسن الابتعاد عن الأزمات.. ولسنا أقل من المغرب    سر البند التاسع.. لماذا أصبح رمضان صبحي مهددا بالإيقاف 4 سنوات؟    بيراميدز يرد على مطالب نادي النجوم بقيمة صفقة محمود صابر    «التعليم» توجّه بتفتيش دورات المياه في لجان امتحانات الثانوية    التأمين الصحي بالغربية: غرفة طوارئ لتلقي أي شكاوى خلال امتحانات الثانوية    الذروة 3 أيام.. الأرصاد تحذر من موجة حارة تضرب البلاد في عيد الأضحى    والدة طالب الثانوية الذي مُنع من دخول امتحان الدين ببورسعيد: «ذاكروا بدري وبلاش تسهروا»    ماس كهربائي.. تفاصيل نشوب حريق داخل شقة في العمرانية    مناسك (6).. الوقوف بعرفات ركن الحج الأعظم    المهن السينمائية تنعي المنتج والسيناريست الكبير فاروق صبري    دعاء اليوم السابع من ذي الحجة.. فضل وثواب واستجابة    توقيع بروتوكول تعاون ثنائي بين هيئة الرعاية الصحية ومجموعة معامل خاصة في مجالات تطوير المعامل الطبية    البورصة المصرية تطلق مؤشر الشريعة EGX33 Shariah Index    تعرف على التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات اليوم بالسكة الحديد    امتحانات الثانوية العامة 2024.. هدوء بمحيط لجان امتحان الاقتصاد والإحصاء بأسيوط    بايدن يدرس إرسال منظومة صواريخ باتريوت إلى أوكرانيا    وزير الصحة: تقديم كافة سبل الدعم لدولة غينيا للتصدي لالتهاب الكبد الفيروسي C    طفرة تعليمية بمعايير عالمية    تفاصيل مشاجرة شقيق كهربا مع رضا البحراوي    مصطفى مدبولى يهنئ الرئيس السيسى بعيد الأضحى المبارك    بدأ مشوار الشهرة ب«شرارة».. محمد عوض «فيلسوف» جذبه الفن (فيديو)    بطل ولاد رزق 3.. ماذا قال أحمد عز عن الأفلام المتنافسة معه في موسم عيد الأضحى؟    رئيس إنبي: لم نحصل على أموال إعادة بيع حمدي فتحي.. وسعر زياد كمال 60 مليون جنيه    وزير الأوقاف يهنئ الرئيس السيسي بعيد الأضحى المبارك    دار الإفتاء: يجوز للحاج التوجه إلى عرفات فى الثامن من ذى الحجة يوم التروية    "مقام إبراهيم"... آيةٌ بينة ومُصَلًّى للطائفين والعاكفين والركع السجود    انتظام لاعبي الأهلي الدوليين في مران اليوم    احذري تعرض طفلك لأشعة الشمس أكثر من 20 دقيقة.. تهدد بسرطان الجلد    وزير الصحة: تقديم كافة سبل الدعم إلى غينيا للتصدي لالتهاب الكبد الفيروسي C    موعد مباراة سبورتنج والترسانة في دورة الترقي للممتاز والقنوات الناقلة    نقيب الصحفيين الفلسطينيين: موقف السيسي التاريخي من العدوان على غزة أفشل مخطط التهجير    ماذا يحدث داخل للجسم عند تناول كمية كبيرة من الكافيين ؟    تحويلات مرورية جديدة.. غلق كلي لكوبري تقاطع محور "محمد نجيب والعين السخنة"    استشهاد 6 فلسطينيين برصاص إسرائيلي في جنين بالضفة الغربية    هيئة الدواء: هناك أدوية ستشهد انخفاضا في الأسعار خلال الفترة المقبلة    رئيس الأساقفة جاستين بادي نشكر مصر بلد الحضارة والتاريخ على استضافتها    عاجل.. تريزيجيه يكشف كواليس حديثه مع ساديو ماني في نهائي كأس الأمم الإفريقية 2021    زواج شيرين من رجل أعمال خارج الوسط الفني    «الزمالك بيبص ورا».. تعليق ناري من حازم إمام على أزمة لقب نادي القرن    خلال 3 أشهر.. إجراء عاجل ينتظر المنصات التي تعمل بدون ترخيص    الكويت: ملتزمون بتعزيز وحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتنفيذ الدمج الشامل لتمكينهم في المجتمع    الفرق بين الأضحية والعقيقة والهدي.. ومتى لا يجوز الأكل منها؟    رسميًا.. تنسيق الثانوية العامة 2024 في 5 محافظات    نقيب الصحفيين الفلسطينيين ل قصواء الخلالى: موقف الرئيس السيسي تاريخى    عصام السيد يروى ل"الشاهد" كواليس مسيرة المثقفين ب"القباقيب" ضد الإخوان    بالفيديو.. عمرو دياب يطرح برومو أغنيته الجديدة "الطعامة" (فيديو)    حظك اليوم| الاربعاء 12 يونيو لمواليد برج الميزان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ميدان التحرير بين ثوار الأمس.. وبلطجية اليوم
نشر في الشروق الجديد يوم 12 - 06 - 2011

تبدو المسافة بعيدة جدا بين الثوار فى ميدان التحرير حين قدَّموا لمصر أرواحهم وماتوا فى سبيلها وبين جموع البلطجية واللصوص الذين اقتحموا الميدان فى موقعة الجمل وما زالت آثارهم حتى الآن تهدد كل جوانب الروعة والجلال فى ثورة الشباب المصرى يوم 25 يناير.
يبدو الفرق كبيرا جدا بين صورة رائعة قدمناها للعالم طوال أيام الثورة وبين جموع شاردة من النصابين والبلطجية تطوف الآن فى الشوارع تهدد أمن المواطنين وتفزع الأطفال والنساء والشيوخ.
تبدو صورة مصر الثورة شيئا يختلف تماما عن مصر البلطجية والانفلات.. كان الإعلام الخارجى والفضائيات العالمية تقف مبهورة أمام شباب ثائر يتلقى الرصاص فى صدره أمام قوة غاشمة.. كان المشهد رائعا وجميلا لأمة قامت بعد سكون طال تطالب بحقها فى الحرية والعدالة والكرامة..
كان العالم يحيط ميدان التحرير بكل مشاعر الخوف والتقدير لصحوة هذا الوطن العظيم.. لا أدرى كيف تسللت مواكب البلطجية واندست بين جموع الشعب الثائر لتفسد صورة جميلة رسمتها دماء الشهداء.
تختلف صورة الأشياء وتتفاوت بين مشاعر الثوار ومشاعر البلطجية ويتساءل الإنسان كيف خرجت هذه الفروع من شجرة واحدة هذا يحمل العلم يرفرف فى السماء وهذا يحمل السكين يسكن فى صدور الأبرياء.
فى أيام الثورة كان المسلمون والمسيحيون يؤدون صلاة واحدة لإله واحد فى ميدان التحرير هؤلاء يحملون الصليب وهؤلاء يتجهون للقبلة.. ولم تنس فتاة مسيحية أن تساعد شابا مسلما ملتحيا وتصب له الماء وهو يتوضأ.
لم ينس الشباب المسيحى أن يحيط المصلين المسلمين بسياج من الأمان وهم يتجهون إلى القبلة.. كانوا يقتسمون رغيف الخبز.. وقطرات الماء وأرصفة الشوارع.. من يصدق أن من بين هؤلاء من أحرق الكنائس ومنع المصلين من أداء الصلاة ومنهم من مات قتيلا وهو يشعل نارا أو يلقى حجرا أو يدمر بيوت الفقراء فى إمبابة وأطفيح وسول ومنشية ناصر.
فى أيام الثورة اجتمعت الجموع على نداء واحد لمصر: حرية.. عدالة.. مساواة.. بين أبناء الوطن الواحد.. لم تكن مواكب الجمال والخيول والحمير قد انطلقت فى ميدان التحرير لتعصف بالشباب الآمن وهو يؤدى الصلوات ويطالب بالحرية.. انطلقت مواكب البلطجية فى كل مكان وغابت إعلام الثورة والثوار لتطلق الجمال والخيول لتكتب صفحة هى الأسوأ فى تاريخ نظام رحل.
صور كثيرة غابت بعد ثورة 25 يناير.. من يصدق أن الشعب هو نفس الشعب وأن نقطة الضوء اغتصبتها نقطة سوداء فغيرت الحقيقة.. أخبار كثيرة سوداء تتناثر على الثوب الجميل الأبيض.
البلطجية فى ميدان التحرير يحاولون الاعتداء على الفنانة المريضة شريهان وتخرج من بين أيديهم بإعجوبة وهى المواطنة المصرية التى تحاملت على مرضها وسقم بدنها وشاركت فى ثورة يناير فى قلب ميدان التحرير.. وعندما اشتاقت إلى الميدان ونجحت الثورة عادت لتستعيد ذكرياتها معها ولكنها للأسف وجدت البلطجية وقد سرقوا أماكن الثوار..
حكاية المذيعة الشابة التى ذهبت لتغطية ما بقى من أحداث الثورة فى ميدان التحرير لتحيط بها مواكب البلطجية وينقذها من بين أيديهم ضابط شاب ما زال يرقد فى المستشفى بعد أن اعتدى عليه البلطجية وهو يؤدى عمله وواجبة فى إنقاذ فتاة.
حكاية الاعتداءات اليومية على المواطنين فى الشوارع ما بين عمليات النهب والسرقة والاغتصاب وكلها سلوكيات لا تنتسب إلى شعب ثائر استطاع تحرير إرادته وتخليص وطنه من الطغيان والاستبداد.
إن جرائم القتل والاعتداء على السجون وإحراقها والاعتداء على الآمنين فى بيوتهم.. كل هذه السلوكيات كانت دائما بعيدة عن أخلاق المصريين وسلوكياتهم الرفيعة.. ما حدث فى قطع خط السكة الحديد فى أحداث قنا.. ثم العياط.. ثم الهجوم على قسم الأزبكية ثم الهجوم على السكان الآمنين فى أكتوبر والمدن الجديدة.
حكايات أخرى لا تنتسب أبدا لأخلاق الثوار ولا يمكن أن تكون من نسيج هذا المجتمع.. عندما حدثت أزمة نقص السولار فى الشارع المصرى تكتشف قوات الأمن أن هناك من يقوم بتهريب السولار وبيعه للسفن العابرة فى قناة السويس وشواطئ بورسعيد ودمياط والإسكندرية.
هناك جماعات أخرى تقوم بتهريب الأسمدة حيث تباع فى مصر بسعر مدعوم يبلغ 75 جنيها للشيكارة بينما تباع فى عرض البحر للأجانب بسعر 300 جنيه.. هناك أيضا عمليات تهريب للأدوية المدعومة والمصريون المرضى أحق بها.. والأخطر من ذلك هو عمليات تهريب السلاح إلى حدود مصر الجنوبية وحدودها الشرقية مع ليبيا.. كل هذه السلوكيات أبعد ما تكون عن روح الثورة وضمير الثوار.
بقدر ما جمعت الكلمة والمكان والمشاعر أبناء مصر كلها فى ميدان التحرير بقدر ما انتشرت الصراعات والخلافات والمعارك بين أصحاب الرأى والفكر والمواقف.. لا شىء يتفق عليه المصريون الآن.. لقد انقسم الشارع المصرى إلى فصائل كثيرة.. هناك خلافات بين المسلمين والأقباط.. وصراعات بين المسلمين والمسلمين والأقباط والأقباط.. هذا مسلم إخوانى.. وهذا مسلم سلفى.. وهذا مسلم صوفى.. وهذا مسلم وهابى.. وهذا وسطى.. وهذا مسيحى علمانى.. ومسيحى كنسى.. ومسيحى وسطى.. وهذا فريق علمانى يتشيع للثقافة والنموذج الفرنسى.. وهذا علمانى أمريكى.. وهذا ليبرالى انجليزى.
بقدر ما جمعت الثورة أبناء مصر على قلب وطن وحلم واحد ومشروع وطنى واحد بقدر ما أطاحت خلافات الرأى والمواقف بكل ما اجتمعنا عليه فى ثورة 25 يناير.. ولا أدرى ما هى صورة المستقبل القريب والبعيد إذا استمرت كل هذه الصراعات وكل هذا المعارك.
أين الأحزاب السياسية التى ظلت سنوات تطالب بالحرية.. وأين جماعة الإخوان المسلمين وقد عانت زمانا من البطش والتنكيل.. وأين النخبة التى اختفى دورها بعد الثورة وبعد أن قضت زمانا فى حظيرة الدولة مع حملة المباخر والدجالين وكذابى الزفة؟.
بعد شهور قليلة تبدأ معارك الانتخابات البرلمانية لاختيار أعضاء مجلس الشعب.. كيف ستدور المعركة خاصة فى ريف مصر.. حيث الجذور العائلية والقبليات القديمة.. كنا نتصور أننا سنخرج من ثورة 25 يناير وقد انصهرنا جميعا فى بوتقة واحدة هى الوطن.. ونداء واحد هو مصر.. وحلم هو الحرية.. ولكن يبدو أن المستقبل سوف يحمل معه أمراض سنوات الانقسام والتشرذم وأيديولوجيات الماضى الكريه.
بعد شهور قليلة سوف يجرى إعداد الدستور ولا أعتقد أن مواكب الانقسام التى يشهدها الشارع المصرى الآن يمكن أن تجمع المصريين على كلمة واحدة فى دستور يحترم كرامة المواطن وقدسية الوطن.
بعد شهور قليلة سيأتى ميعاد الانتخابات الرئاسية وفى كل يوم تظهر أسماء جديدة ترشح نفسها لمنصب الرئاسية وهذا حق مشروع ولكن هناك أسماء طرحت نفسها لا أعتقد أنها ستعطى صورة مناسبة عن انتخابات رئاسية جادة.. فنانات ومطربون ومطربات ومهرجون من السيرك السياسى والغنائى.. يحدث هذا بعد ثورة جسّدت أحلام مصر كلها فى رئيس مصرى يدرك قدسية المنصب وأمانة المسئولية وحقوق الشعب.
نحن الآن وبعد نجاح ثورتنا نريد أن يستعيد المواطن المصرى إحساسه بالأمان وأن تختفى مواكب البلطجية التى أفسدت صورة الثورة وشوهت أجمل ما فيها. إن فلول النظام السابق وبقايا الحزب الوطنى تملك تاريخا طويلا مع البلطجة وهى لن تستسلم بسهولة وسوف تحاول أن تفرض واقعا من الخوف والقلق فى الشارع المصرى،، إنها تغرس سمومها فى هذه الصراعات ما بين المسلمين والأقباط وما بين الصوفية والوهابيين.. هذا المناخ يساعد على تشتيت إرادة هذا الشعب حتى يتسلل إليه الضعف واليأس والخوف من المستقبل.
إن حشود الثورة التى انطلقت فى يناير الماضى بالملايين قادرة على أن تطيح بالآلاف من البلطجية الذين يهددون أمن هذا الوطن.. إن شباب الثورة وهم يدركون ثمن دماء الشهداء لن يفرطوا فى ثورتهم أمام جموع الغوغائية والبلطجية من فلول النظام السابق وحزبه المخلوع.. إن مسئولية الشباب الآن أن يواجه فتنة الانقسام فى الشارع المصرى لكى يستعيد الأمن والاستقرار.. وحين يعود الأمن سوف تختفى أشباح الخوف بين المواطنين.. ويعود الشعب المصرى إلى عمله وإنتاجه ودوره فى بناء مصر المستقبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.