مفارقة غريبة يرصدها المتابعون للانتخابات الرئاسية في البرازيل التي جرت جولتها الأولي يوم الأحد الماضي وتجري الاعادة فيها بعد نحو ثلاثة أسابيع في الحادي والثلاثين من اكتوبر الحالي فالمفروض ان هذه الجولة سوف تجري بين ديلما روسيف مرشحة حزب العمال الحاكم بزعامة الرئيس لولا دا سيلفا وبين منافسها مرشح الحزب الديمقراطي الاشتراكي خوسيه سيرا. ويأتي ذلك بعد أن فشلت روسيف في الحصول علي الأغلبية المطلقة اللازمة لإعلان فوزها من الجولة الأولي وحصلت بدلا من ذلك علي 47% من عدد الأصوات. أما سيرا فقد حصل علي 33% فقط وأصبح من الضروري ان يخوض الاثنان جولة إعادة. ورغم ذلك فإن الصحافة في البرازيل بعد الجولة الأولي لم يكن اهتمامها الرئيسي روسيف أو منافسها كان اهتمامها الرئيسي هو مرشحة خرجت من الجولة الأولي وهي "مارينا سيلفا" زعيمة حزب الخضر البرازيلي والتي حققت نتيجة غير متوقعة عندما فازت ب 19% من عدد الأصوات "حوالي عشرين مليون صوت" ومن هنا اصبح الكثيرون ينظرون إليها كصانعة مرتقبة للملوك من خلال الطرف الذي يمكن أن تطلب من أنصارها تأييده في معركة الاعادة من هنا فقد بدأت المساومات تدور وراء الكواليس بين المرشحين المتنافسين وبين مارينا وانصارها لضمان الحصول علي أصواتهم في معركة الإعادة. يذكر ان مارينا وزيرة سابقة في حكومة الرئيس لولا وانشقت عليه عام 2008 وتركت منصبها الوزاري احتجاجا علي ما قالت انه تقاعس الحكومة في حماية غابات الأمازون التي تتآكل بمعدلات رهيبة وكان ذلك أمرا طبيعيا باعتبار ان مارينا التي يسمونها "جامعة المطاط" تنحدر من اسرة فقيرة من الأمازون تأثرت بالتأكيد من القطع العشوائي لهذه الغابات. ولأن مارينا استشعرت أهمية الدور الذي يمكن أن تقوم به في هذه الحالة فإنها أجلت اصدار تعليماتها إلي انصارها بتأييد روسيف أو سيرا لمدة اسبوعين علي أمل أن تكون قد وصلت إلي أكبر قدر ممكن من المكاسب سواء لها شخصيا أو لحزبها أو للقضايا التي تدافع عنها وهنا بدأ المراقبون يبحثون عن إجابة لسؤال مهم.. هل يمكن ان تقوم مارينا فعلا بدور صانعة الملوك وإذا كان الأمر كذلك فلمن يتجه تأييدها؟ هناك فريق يري انها غير قادرة علي القيام بدور صانعة الملوك فالحزب الحاكم له انجازات عديدة في المجال الاقتصادي تضاعف من شعبيته الذي يستمدها من شعبية زعيمه خوسيه الرئيس خوسيه لولا ولا يمكن أن يتأثر إذا ما اتجهت بتأييدها إلي المرشح المنافس ويشير هؤلاء إلي ان فارق الأصوات بين روسيف وسيرا "47%و33" مطمئن ولا يبعث علي القلق. لكن هناك من يحذر من الاسراف في التفاؤل بهذا الفارق فالأصل ان السياسة البرازيلية لا عقل لها ولا منطق وكم من مرشح جاء في المركز الأول بأغلبية مريحة ثم خسر في معركة الاعادة بلا مبرر منطقي يقبله العقل ويقول هؤلاء ان هناك خلافات عديدة بين مارينا وروسيف يمكن أن تجعلها تتجه بتأييدها إلي خصمها. فسيلفا "52سنة" تهتم بشكل خاص بالقضايا البيئية وتضعها في المقدمة.. بينما تهتم روسيف بالتنمية وتضعها في المقدمة ومارينا سيلفا مسيحية انجليكانية متدينة ترفض بشدة الاجهاض الذي يجتمع علي رفضه الكاثوليك والانجليكانيون في البرازيل هذا بينما طالبت روسيف أكثر من مرة بإباحة الاجهاض. ويتوقع البعض أن يتم ابرام اتفاق بين مارينا وسيرا "العمدة السابق لساوباولو" بتشكيل تحالف وحتي الآن لاتزال مارينا تتهرب من الاجابة علي أي سؤال في هذا الصدد وتكتفي بالتأكيد علي ان قرار حزب الخضر بتأييد روسيف أو سيرا أو الوقوف علي الحياد سوف يكون قرارا جماعيا يتخذه الحزب ولن يكون قرارها وحدها.