للفنان الفلمنكي "روبنز" لوحة واحدة عندنا بمتحف الجزيرة المغلق الآن ومنذ 22 سنة.. وقد تعرضت هذه اللوحة للسرقة عام 1967 من أربعة شباب ثم أعادوها مع خطاب أعلنوا فيه أن هدفهم هو لفت الأنظار إلي ما تعانيه المتاحف من إهمال.. ومعروف أن لوحات روبنز في المزادات العالمية تحقق أرقاماً قياسية لأنها رغم كثرتها معروضة في المتاحف وعدد قليل منها لدي الأفراد الذين يعرضون جزءاً من مقتنياتهم للبيع في المزادات العالمية. الفنان روبنز كان من أشهر رسامي المدرسة الفلمنكية التي تضم الآن بلجيكاوهولندا.. فكان رساماً بارعاً ومعلماً وسياسياً.. ويعتبر من أشهر رسامي الأجسام العارية. خاصة أجسام النساء البدينات والأطفال. فقد كانت الأجسام التي يرسمها يشع منها النور وتتفجر بالحيوية وتضج بالحياة والحركة. ولم يعرف تاريخ الفن نتاجاً غزيراً لفنان واحد مثل إنتاجه. إذ بلغ عدد ما تم حصره من لوحاته أكثر من ألفي لوحة تقريباً موزعة علي متاحف العالم والمجموعات الخاصة. فقد كان "روبنز" يدير مرسماً كبيراً يضم عدداً من المساعدين الذين كانوا يجهزون له لوحاته بعد أن يضع تصميماتها. ثم يضع لمساته الأخيرة فوقها. ومن أشهر تلاميذه الذين عرفوا فنياً من بعده الرسام الشهير "فان ديك". ومعروف أن متحف بروكسلببلجيكا وجه إعلاناً لأصحاب المجموعات الخاصة أنه مستعد لدفع أي مبلغ من أجل استكمال مجموعة لوحات "روبنز" التي يضم المتحف معظمها. وينحدر "روبنز" من أسرة من الطبقة الوسطي.. كان جده دباغاً للجلود في هولندا وكان والده متخصصاً في القانون وقد شغل عدة مناصب إدارية. وكانت بلاد الأراضي المنخفضة "التي تضم هولنداوبلجيكا الآن" تحت الحكم الإسباني. واضطر أبوه تحت الضغط السياسي والديني الإسباني أن يغادر البلاد وينزح إلي "كونوني" لاتهامه باعتناق المذهب البروتستانتي "أتباع كالفن".. وهناك صادفته متاعب أكثر. واستقرت الأسرة في "وستفاليا" حيث ولد روبنز سنة 1577 "وتوفي عام 1640" وبعد وفاة أبيه عادت الأسرة إلي "انتيورب" وهناك استطاع الغلام الصغير وعمره 14 سنة أن يحصل علي وظيفة ضيف شرف في بلاط الأميرة أرملة الحاكم السابق.. وهكذا بدأت حياته في القصور والسياسة. وقد التحق بمرسم أحد أقربائه حيث تلقي مباديء الرسم.. ثم انتقل إلي مرسم الفنان "أتوفان فاين" حيث استكمل دراسته وحصل علي الاعتراف به كرسام محترف. وسافر إلي إيطاليا ليتدرب علي نسخ لوحات مشاهير الفنانين أمثال "تيتايان" و"فيرونيز".. وهناك لفت أنظار الدوق الذي أعجب به وألحقه في خدمته ووثق فيه إلي حد أن أرسله في مهمة رسمية عام 1603 إلي الملك فيليب الأول ملك إسبانيا ومعه هدايا من اللوحات الفنية والخيول الأصيلة. عاد إلي "انتيورب" سنة 1608. حيث عين رساماً في بلاط الحاكم.. وبعد وفاة الحاكم أصبح "روبنز" المستشار الأول للأميرة الحاكمة. التي أرسلته سفيراً لها في عدة مهام رسمية إلي ملوك إنجلترا وفرنسا وإسبانيا.. وكان ذلك سبباً في ازدياد شهرته كسفير فوق العادة وكرسام من ألمع فناني عصره. كان شعلة من النشاط والحيوية والذكاء. ويُقال إنه كان يستطيع أن يرسم بالألوان. ويتحدث مع ضيوفه. ويقرأ الرسائل. ويرد علي الخطابات.. كل ذلك في وقت واحد. وقد بلغت ثقة الملك فيليب الرابع ملك إسبانيا بالفنان الكبير أن جعل منه ممثلاً شخصياً له لدي "شارل الأول" ملك إنجلترا. ليكون واسطة في تدعيم السلام بين إنجلتراوإسبانيا. ويُقال إنه بينما كان يرسم إحدي لوحاته الضخمة ليهديها إلي ملك إنجلترا. تقدم إليه أحد رجال القصر وسأله: "هل يقوم سفير ملك إسبانيا بتسلية نفسه "بالرسم أحياناً""؟.. فأجابه روبنز: بالعكس. فإني أسلي نفسي بأن أكون سفيراً أحياناً. وقد اشتهر روبنز برسم النساء العاريات من زوايا مختلفة. ومعظمهن من صديقاته. إذ أنه تزوج خمس مرات غير العديد من صديقاته.