لا يكاد يمضي يوما الا ويصل بريدنا الانساني عشرات الاستغاثات من آباء مكلومين يطلبون مساعدتهم في اجراء عمليات زرع قوقعه لأطفالهم الذين فقدوا حاسة غالية هي السمع وفقدوا معها النطق وسيصبح مصيرهم مدارس الصم والبكم والتعليم بالاشارة والتحدث بها مدي حياتهم. السيناريو والتحدث بها مدي حياتهم السيناريو واحد في كل الاستغاثات وهو فشل العلاجات التقليدية والسماعات الطبية بانواعها في استرداد ولو جزءا بسيطا من حاسة السمع . للاثرياء فقط لاطفالهم لينتهي بهم المطاف الي الطريق المسدود وهو زرع القوقعة تلك العملية التي تبلغ تكلفتها 160 الف جنيه لشراء وزرع القوقعة واجراء جلسات البرمجة لمدة ستة أشهر ثم تبدأ بعدها جلسات التخاطب المكثفة للتدريب علي الكلام بنفقات ليست بالقليلة. المبلغ الذي رصدته وزارة الصحة أو التأمين الصحي للمشاركة في نفقات تلك الجراحة لا يزيد بأي حال أو تحت أي ظرف عن 45 ألف جنيه ويصبح علي أهل المريض تدبير الباقي. وهكذا صارت تلك العمليات قاصرة علي المرضي الأثرياء فقط بينما حرم الفقراء منها إلا اذا وجدوا من يتبرع لهم بنفقاتها وعادة ما يحجم المتبرعون عن المساهمة في تلك النوعية من الجراحات "باهظة" التكاليف ويفضلون انفاق نفس المبلغ لحسم عشرات المشكلات. .. ولكن عندما يشاء الله تذلل العقبات وتسبب الأسباب وهدا ما حدث مع الطفل عبد الرحمن أحمد محمد الذي لم يبلغ الثانية بعد . الامل الوحيد واكتشفت أمه أنه فاقد للسمع منذ ولادته فكانت رحلتها المكثفة هي ووالده في البحث عن علاج له انتهت الي ضرورة اجراء عملية زرع قوقعه حيث استقر به الحال في مستشفي وادي النيل وصار له حساب باسمه وضع فيه مساهمة التأمين الصحي ومبلغ 20 الف جنيه هي أقصي ما نجح والداه في تدبيره ليصبح المبلغ المتبقي هو مائة الف جنيه . جلس الأب ذات يوم في المسجد بعد الصلاة يدعو الله باكيا ان يرزقه بتكاليف عملية ابنه فاقترب منه امام المسجد وان علي دعائه وعرض عليه ان يبعث للمساء باوراقه حيث يعلم بوجود نخبة رائعة من فاعل الخير الذين يسارعون في مساعده المحتاجين. فعل الرجل وأرسل الينا وكان الامل بداخله ضعيفا لأن المبلغ المطلوب كبير ولكن لم تمض سوي ساعات علي نشر همسة وفوجيء بمكالمة من ادارة المستشفي تطلب منه الحضور فورا بابنه ليجري الجراحة. المفاجأة اسرع الوالدان بابنهما الي المستشفي وكان الجميع في انتظارهم وتمت العملية بنجاح وهما لا يصدقان ما حدث فقد تبرع فاعل خير بالمبلغ كاملا وسدده في حساب عبد الرحمن بالمستشفي بعد أن قرأ رقمه بالجريدة وحرص علي ان تظل شخصية مجهولة للجميع ليحصل علي ثوابه مضاعفا . خرج "عبد الرحمن" من المستشفي وكان أول ما فعله الأب هو التوجه لامام المسجد ليحمل له البشري لينفعل الشيخ بما حدث ويظل يدعو بعد خطبة الجمعة لفاعل الخير والجريدة يؤمن عليه المصلين ويبكي الاب شكرا لله. قالت الأم: لولا جريدة "المساء" ما تحققت المعجزة. لم يبق سوي ان تدعوا جميعا لهذا الطفل الجميل بان ينعم الله عليه بتمام الشفاء ويعيش والده علي نفقاته جلسات التخاطب حتي يتواصل مع أقرانه.