الفقر والثأر هما الصفتان اللتان يحافظ عليهما.. فلا الثراء يأتي ولا الثأر يخرج من العقول التي ولدت في بيئة الشرف هو آخر مشوارهم في الحياة. وعندما يمس أحد ما هذا الشرف يكون الثأر هو الهدف الوحيد والطريقة المثلي للتخلص من العار حتي ولو لم يتأكدوا من وقوع ما يستدعي الثأر. بعض الفتيات لا يعرفن للحب قانونا فالحب عندهن هو القانون والفتاة الصعيدية لا تختلف عن الإسكندرانية أو القاهريه أو الباريسية أو السويسرية فقانون الحب موحد في كل بلاد العالم وينطبق علي المراهقات في كل بقاع الأرض لا فرق أمامه بين غني أو فقير أو جميلة وأخري قبيحة فهو سلوك خارج عن إرادة الإنسان لأنه جزء من غريزته ولكن هذه الفتاة لم تع هذا القانون فهي ابنة صعيدي نعم وعائلتها مازالت في سوهاج ولكنها عاشت هنا في العمرانية في مدينة القاهرة التي لا تنام ولا تعرف عائلات ولا روابط اجتماعية ولم تعد بلده مميزة بأهلها بل ضمت كل من استطاع أن يجد له مكانا علي أرضها حتي ولو كان عشة علي سطح بيت متهالك. تلك هي القاهرة التي تربت وعاشت فيها هذه الفتاة المراهقة فهي لم تصل بعد إلي سن الثامنة عشرة وقلبها لا يزال أخضر وبراءتها لم تلوث وتفهم أن الحب هو مجرد بضع كلمات يصبها ذئب محترف في رأسها فتخر صريعة أمامه علي أي فراش قريب فينال منها شهوته ثم يمضي إلي حيث فريسة أخري سهلة مثلها هكذا سقطت الفتاة الصعيدية فتحولت إلي بلاغ تلقاه مدير مباحث الجيزة اللواء كمال الدالي من رئيس مباحث العمرانية يؤكد فيه أن هناك فتاة اختفت ولم يبلغ أهلها باختفائها وأن عمرها لا يتجاوز 18 سنة. اللواء كمال الدالي أمر باستدعاء والد الفتاة المختفية للتأكد من صحة المعلومات الواردة حيث جاء وأكد اختفاء ابنته. الصعيدي لا يهرب من جريمته بل يسعي لارتكابها حتي ينقذ شرفه وسمعته ويتخلص من المعايرة أو النبذ من عشيرته أو قبيلته أو عائلته وعندما يسأل فإنه يجيب ويعترف بجريمته فورا وكأنه يزيح عن نفسه وعن عاتقه ثقلا طالما أرهقه. الفتاة خالفت قواعد بلادها وأرض أجدادها في سوهاج وعشقت وعرفت معني الحب علي الطريقة القاهرية حيث اللقاء في الحدائق واسفل الكباري وخلف جدران المباني غير المكتملة ثم تطور الغرام الملتهب في صدر المراهقة إلي التلامس ثم أصبح الأمر يتطلب ما هو أكثر من ذلك ليطفئ نار الحب علي قواعد المراهقة وما يحقق رغبة الذئب المحترف من ناحية أخري وكلمة السر التي لا تتحقق هي الزواج! كان اللقاء الذي يشفي الغليل لابد أن يتم في مكان منعزل حيث يحضر معهما الشيطان فاستقبلته في غياب أهلها مرة واثنتين وثلاث حتي انتبهت إحدي الجارات فكان البلاغ الأخير والايذان بنهاية حياة الفتاة. تلقي الأب الصعيدي بكل أفكاره وموروثاته القبلية الخبر كالصاعقة ابنته تلتقي شابا أعزب في بيته بعد خروجه. ويوميا.. هنا يذهب الفقر ويبقي الثأر. والثأر يعني قتل الاثنين ولكن المجرم هرب عندما شعر بأن شيئا مريبا يحدث في بيت فتاته التي افقدها عذريتها فهرب واختفي ولم يعد له أثر وترك الفتاة وحدها تواجه مصيرها وقدرها هي ومن في بطنها وكما ظهر في حياتها من العدم اختفي ولم يعد هناك من ينقذها إلا القدر ولكن القدر لم يتدخل فكانت النهاية. لم يكن الأب يريد أن يخلص من عاره وحده بل كان يريد شهوراً قبل أن يكونوا شركاء فقرر علي الفور أن يكون كتيبة إعدام لابنته.. الكتيبة ضمت شقيقي الفتاة وعمها وجدها ولكن رغم ذلك كله لم يكن الأمر يكفي الأب المطعون في شرفه.. لابد أن يبرئ شرفه أمام عائلته في سوهاج أيضا ولكن كيف الحل. قاد الأب كتيبة الموت إلي الدقهلية ومعهم الضحية بحجة زيارة شقيقتها المتزوجة في السنبلاوين ولا أحد يعلم حتي الآن هل كانت الشقيقة تعلم بأن شقيقتها ستذبح اليوم أم لا ولا أحد يعرف هل زاروا الشقيقة فعلا كما أوهموا الضحية أم لا.. وهناك في السنبلاوين بالدقهلية وبجوار إحدي الترع قام الأب بذبح الفتاة وقد صمم أذنيه عن بكائها وصراخها كما لم يسمع بقية فريق الإعدام صوتها وصرخاتها الشيء الوحيد الذين كانوا علي استعداد بل وشوق لسماعه هو أنهم غسلوا عارهم وانقذوا شرفهم مما علق به من تلوث نتيجة انحراف ابنتهم..كما تنحر الذبيحة نحر الأب ابنته وقيد الأشقاء يديها وساقيها ثم القوا بالجثة في الترعة بالدقهلية وعادوا علي الفور إلي العمرانية العميد محمود فاروق قام بالتحقيق مع فريقه من بلاغ اختفاء الفتاة وجمع فرقة الإعدام فاعترف الأب بكل تفاصيل الجريمة وقدم أذن الفتاة التي قطعها كدليل علي براءة شرفه من الجريمة للضابط.شرح الأب للمباحث مراسم الساعات الأخيرة من عمر الفتاة التي أخطأت خطأ العمر الذي كلفها حياتها باحالتهم للنيابة تولت التحقيق للتحقيق معهم.. في تهمة قتل.