كثيراً ما أشعر ان هناك إصراراً لدي البعض علي إضاعة هيبة الدولة.. كثيرة هي المشاهد والاحداث التي شاهدها الشعب المصري منذ اندلاع ثورة 25 يناير والتي تؤكد ان هناك رغبة في إضعاف الدولة واسقاطها عبر إهانة رموزها بدأت بقطع الطرق والسكك الحديدية وإهانة رجال الشرطة.. ثم منع حكومة الدكتور كمال الجنزوري بعد أدائها اليمين من ممارسة عملها داخل مقر الوزراء بشارع مجلس الوزراء "الأمة سابقا".. ثم محاولة اقتحام وزارة الداخلية.. وممارسة البلطجة والسطو المسلح في وضح النهار.. وأخيراً وليس آخرا إهانة منصب رئيس الجمهورية عبر فتح الباب أمام كل من هب ودب لسحب أوراق الترشح للرئاسة دون وضع أي معايير أو شروط تليق بهذا المنصب الرفيع!! مهزلة علي الهواء نشاهدها كل يوم عبر الفضائيات أمام مقر اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية.. مواطنون بسطاء عاديون يتزاحمون لسحب أوراق ترشحهم لرئاسة مصر.. مكوجي وسباك ومبلط ولص تائب وحلواني علي اعتبار ان "اللي بني مصر كان في الأصل حلواني".. وحلاق أعلن ترشيح نفسه وحين سألوه لماذا قال من أجل تنظيف كرسي الرئاسة.. طبعاً حلاق.. وبائع أنابيب بوتاجاز يؤكد عزمه في حال فوزه بالرئاسة علي حل أزمة الانابيب.. وكأن تلك هي المشكلة الوحيدة التي تؤرق المصريين.. وكهربائي يطمح في "إنارة" مصر.. وساعاتي قادر علي "ضبط" البلد.. وحانوتي يبدو من مهنته انه قرر دفن المصريين أحياء حتي يريح ويستريح!! كان من الممكن عدم إهانة منصب رئيس الجمهورية عن طريق وضع ضوابط وشروط تليق بهذا المنصب عند سحب الأوراق.. بدلاً من فتح الباب علي مصراعيه أمام كل ما يروق له الظهور أمام الفضائيات ليعلن انه جاء لانقاذ مصر وانه لديه برنامج قادر علي عبور المرحلة الانتقالية بسلام في الوقت الذي تعلم فيه تلك النوعية من المرشحين المحتملين انها لا تملك أي مقومات لتولي هذا المنصب فضلاً عن انها لا تملك أصلاً شروط التقدم بأوراق الترشيح فهؤلاء لا ينتمون لأحزاب ولن يكون في مقدورهم الحصول علي تأييد 30 نائباً من نواب مجلسي الشعب والشوري المنتخبين.. كما انه لا أحد منهم يستطيع جمع توكيلات بالتأييد من 30 ألف مواطن في 15 محافظة!! إذن الفرصة متاحة أمام ما يقرب من 20 مرشحاً فقط لخوض انتخابات الرئاسة.. أما الباقون وعددهم حتي الآن بالمئات فلن ينالوا شرف التقدم بأوراق ترشيحهم لأن هناك فرقاً بين سحب الأوراق وبين التقدم بتلك الأوراق ليكتشفوا في النهاية انهم نجحوا في تشويه أهم حدث سياسي تشهده البلاد ألا وهو إجراء أول انتخابات رئاسية حقيقية في تاريخ مصر!! وليس هذا فقط ما يعكر صفو المشهد.. فهناك ظاهرة شراء التوكيلات المتهم فيها مرشحون بارزون.. فضلاً عن المادة 28 من الإعلان الدستوري التي تحظر الطعن علي قرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية.. والأهم من كل هذا وذاك ان رئيس مصر القادم لا يدري ما هي صلاحياته - والتي يبدو انها ستكون محدودة - في انتظار وضع دستور جديد للبلاد.. حماك الله يا مصر !!