حملات التخويف والتهديد التي يتم الترويج لها حاليا تنذر بحدث جلل خلال الأيام القلية القادمة.. كلنا يستشعر الخطر من جراء عمليات الحشد وإثارة الغضب والهتافات الانقلابية التي تمهد لثورة ثانية قادمة يوم 25 يناير.. وهذه الثورة لن تكون في الواقع الا انقلابا علي الثورة الحقيقية المجيدة لعرقلة مسيرتها وتعطيل انجازاتها. الذين صنعوا ثورة 25 يناير وأعطوها وجهها السلمي المشرق يجاهرون برفض أية مخططات للحرق والتدمير.. ويدعون إلي احتفالات حضارية تليق بمصر العظيمة في الذكري الأولي للثورة. ليس هناك عاقل في مصر يزعم أن الثورة اكتملت أو حققت أهدافها.. وانما الصحيح أن الثورة اسقطت نظام القهر والاستبداد واسقطت جدار الخوف.. ووضعت السلطة كاملة في يد الشعب بعد أن تحرر من كل القيود.. وفتحت أمامه الأبواب والنوافذ ليستنشق هواء نقيا نظيفا.. وجعلته يضع قدمه علي أول الطريق المستقيم الذي سيوصله إلي الديمقراطية والعدالة الاجتماعية. وكانت أول ثمرة طيبة من ثمار الثورة اجراء أول انتخابات برلمانية حرة ونزيهة في تاريخ مصر.. حيث خرج المصريون في مهرجان مبهر لكي يختاروا ممثليهم بحرية تامة.. ولكي يعبروا عن ارادتهم الحرة.. وبالطبع كانت هذه هي الخطوة الأولي التي ستتلوها خطوات في وضع دستور جديد تفخر به مصر وانتخاب رئيس للدولة الديمقراطية الحديثة بعد سقوط النظام الدستوري. التجربة محكومة الآن بخريطة طريق وضعها المجلس العسكري والتزم فيها بتسليم السلطة كاملة لرئيس مدني منتخب في 30 يونيه القادم حتي يمارس الرئيس الجديد مع حكومته والبرلمان السلطة في مصر وفق الدستور في أول يونيه .2012 ولا أحد ينكر أنه خلال المرحلة الانتقالية منذ 11 فبراير 2011 وحتي الآن وقعت اخطاء وتغيرت قناعات ورفعت مطالب وأهداف.. ولكن لم يتصور أحد علي الاطلاق أن التغيير المنتظر كان من الواجب ان يتحقق خلال هذا العام.. أو أن الأهداف الكبيرة للثورة كان من الضروري أن تتحقق خلال هذا العام.. كلا.. من يفكر بهذا الشكل انما يقع فريسة للخيال.. والصواب ان تقدر الأمور بقدرها حتي ننجو من المزايدات والمبالغات ومن حق الناس جميعا أن يطالبوا بحقوقهم المشروعة.. وأن يرفعوا مطالبهم.. ومن واجب المسئول أن يصارح الجميع بقدراته وامكانات الدولة.. وأن يضع جدولاً زمنيا للاصلاح.. يكون شاهده ودليله بأن يسير في الاتجاد الصحيح.. والذين يطالبون المجلس العسكري بأن يضغط علي زر فيلبي كل الاحتياجات والمطالب دفعة واحدة بعيدون عن العدل والموضوعية. ومما يؤسف له أن تتحول الذكري الأولي للثورة من احتفالية تاريخية جميلة إلي فزاعة تهدد الأمن والاستقرار وتخيف الناس من المخططات المعدة لحرق مصر واسقاط المجلس العسكري واحداث حالة من الهيجان والفوضي.. والبعض صرح بأنه يتم التجهيز لثورة ثانية. والسؤال: هل الشعوب تقوم كل عام بثورة؟!.. وماذا سنقول لأبنائنا اذا سألونا لماذا فشلت ثورة 25 يناير قبل أن تبدأ في جني ثمارها؟! ان هناك من لم يعجبه نتائج انتخابات مجلس الشعب.. وهناك من لم يعجبه اصرار الدولة علي تنظيم التمويل الخارجي والرقابة عليه.. وهناك من لم يعجبه محاولات ضبط الانفلات الأمني ويريد أن تستمر أعمال العنف والبلطجة.. وهناك من لم يعجبه التوجهات السياسية الجديدة نحو الاستراتيجية الأمريكية الصهيونية في المنطقة.. وبعض هؤلاء وهؤلاء يتعاونون اليوم لهدم المعبد فوق رءوس المصريين جميعا.. وذلك باعلان الثورة الثانية التي أراها في الحقيقة انقلاباً علي الثورة المجيدة.. ومحاولة لجرنا إلي صراعات واشتباكات داخلية. لم يبق إلا شهور قلائل ويسلم المجلس العسكري السلطة ليعود إلي ثكناته معززاً ومكرما مرفوع الرأس.. مشكوراً علي الاعباء الثقيلة التي حملها وهو غير مؤهل لها وغير مختص.. ولكن البعض يريد أن يتورط الجيش في قضايا الداخل أكثر وأكثر.. ويدخل في معارك وثارات مع المدنيين.. ويصبح موضع خلاف وانقسام.. وفي هذه الحالة يتحقق الهدف الكبير لواضعي المخطط إياه.. وهو أن ينغمس الجيش في قضايا الداخل ويتغافل عن دوره الرئيسي والأهم وهو حماية حدودنا وقهر أعدائنا وتأمين سيادتنا في أوطاننا. حيا الله جيش مصر.. وحفظه من كل مكروه.. فقد كان دائما وسيظل درعنا وسيفنا ولو كره الكارهون.