التوافق حول الدستور هو القضية التي تشغل الجميع في الوقت الحالي مع اقتراب عقد مجلس الشعب لجلساته وانتخابات الشوري.. حيث يعقب ذلك مباشرة اختيار الجمعية التأسيسية لإعداده.. الكثير من الخبراء يرون ان تحقيق التوافق ممكن إذا تم الاتفاق سريعاً علي الأبواب الأربعة الأولي التي تتحدث عن المواطنة وان الإسلام هو المصدر الرئيسي للتشريع وأن الجميع متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات وان التضامن الاجتماعي وتكافؤ الفرص حقوق أساسية. أضافوا أن باقي القضايا والأبواب والبنود تتحمل الخلاف والجدل حتي يتم التوصل لتوافق حولها دون حساسيات أو أزمات كما يتوقع البعض. قالوا إن هناك أموراً سوف تستغرق وقتاً في المناقشات منها صلاحيات رئيس الجمهورية والفصل بين السلطات واستقلال القضاء والجامعات والإعلام والأزهر.. وأيضاً ضرورة رقابة الجهاز المركزي للمحاسبات علي ميزانية في جلسات مغلقة ومحدودة في مجلس الشعب. أكدوا أن من حق الأقباط تطبيق قوانيهم علي المستوي الأسري في حالات الزواج والطلاق لاختلاف الأحوال المدنية لديهم عن المسلمين خاصة في العلاقات الأسرية والميراث.. وأوجدوا لذلك مخرجا بعبارة تتم إضافتها إلي المادة الثانية من الباب الأول التي تنص علي ان الإسلام هو المصدر الرئيسي للتشريع وهي عبارة عن أن غير المسلمين يخضعون لأحكام عقائدهم الدينية فيما يتعلق بالأحوال الشخصية. تقول الدكتورة أميرة الشنواني- أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية وعضو مجلس إدارة المجلس المصري للشئون الخارجية انه بالفعل إذا تم الاتفاق علي الأبواب الأربعة الأولي من الدستور فان الخلاف حول باقي الأبواب لن يحل لكن من المتوقع حدوث خلاف حول الباب السابع الخاص بمجلس الشوري حيث تري معظم التيارات السياسية ضرورة إلغائه. تضيف أن الباب الأول الخاص بالدولة فان المادة التي أثارت سوف تثير الجدل في هذا الباب هي المادة الثانية التي تنص علي أن الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومباديء الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع. وفي تصوري أنه يمكن تفادي الخلاف حولها إذا ما أضيف إلي هذه المادة عبارة "ان غير المسلمين يخضعون لأحكام عقائدهم الدينية فيما يتعلق بالأحوال الشخصية". .. أما الباب الثاني من الدستور الخاص بالمقومات الأساسية للمجتمع فمن المفترض ألا يكون هناك خلاف علي مواده لانها تتحدث عن التضامن الاجتماعي وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين وحماية الأسرة والطفولة لكن ربما يدور الخلاف فيما يتعلق بالمادة 37 من هذا الباب الخاصة بان القانون يحدد الحد الأقصي للمكلية الزراعية فقد يرفض انصار الاتجاه الليبرالي هذه المادة. تشيرد د.أميرة إلي أن الباب الثالث من الدستور الخاص بالحريات والحقوق والواجبات العامة كلها مباديء سامية لا أعتقد ان احدا سوف يختلف علهيا فالمهم هو تطبيقها علي ارض الواقع والا تكون مجرد مواد منصوص عليها فقط في الدستور كما كان يحدث قبل ثورة يناير وفي ظل النظام السابق. تضيف انه لا يجوز حدوث خلاف حول الباب الرابع من الدستور لانه متعلق بسيادة القانون ومواد هذا الباب كلها جيدة ربما فقط يحدث خلاف حول المادة 70 التي تنص علي انه لا تقام الدعوي الجنائية إلا بأمر من جهة قضائية فيما عدا الاحوال التي يحددها القانون علي أساس انه قد يتخوف البعض من انه سيكون هناك دعاوي جنائية يحددها القانون لا تكون بأمر من جهة قضائية. البوصلة يقول الدكتور عبدالرحمن عبدالعال خبير العلوم السياسية بالمركز القومي للبحوث الجنائية: أن الدستور هو ابو القوانين لانه يمثل البوصلة التي تحدد الاتجاه الطريق وتضع المباديء والأحكام والقيم التي تمثل القاسم المشترك بين كافة القوي السياسية بالاحزاب بمختلف تنتوعاتهم وأطيافهم.. مشيراً إلي أن تحقيق الاتفاق علي مواد الدستور بين جميع أطياف الشعب المصري يعتمد في الأساس علي نجاح أعضاء البرلمان في اختيار اعضاء الجمعية التأسيسية المسئولة عن وضع الدستور.. وهناك مواد في الدستور متوافق عليها خاصة المادة التي تنص علي ان التشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع واللغة العربية لغتها الرسمية والا النظام السياسي في مصر يكون علي أساس تعدد الأحزاب السياسية وان الشعب المصري له الحق في تكوين الأحزاب وفقاً للقانون. كما ان المادة الخاصة بتكافيء الفرص حق دستوري للجميع يكفله الدستور وايضا المادة الخاصة بان الحرية الشخصية حق طبيعي لا تمس والمساكن حرمه لا يجوز دخولها او تفتيشها إلا بأمر قضائي.. والمادة ايضا المتفق عليها ان سيادة القانون اساس الحكم في الدولة وان المتهم بريء حتي تثبت إدانته مواد كلها أساسية لاخلاف عليها. لكن المادة الخاصة بصلاحيات رئيس الجمهورية والفصل بين السلطات واستقلال القضاء من الضروري مناقشتها قبل الجمعية التأسيسية باستفاضة. يري سعد عبود نائب رئيس حزب الكرامة وعضو مجلس الشعب بدائرة ببا ببني سويف ان تحقيق التوافق حول الأبواب الأربعة الرئيسية في الدستور المصري ليست مهمة صعبة لان هناك شبة توافق بين القوي الوطنية عليها والمشكلة هي صلاحيات رئيس الجمهورية وعلاقته بمؤسسات الدولة ووضع القوات المسلحة في الدستور الجديد لأن المناقشات في هذه الموضوعات سوف تستغرق وقتاً والأبواب الأربعة الأولي في الدستور وهي ان جمهورية مصر العربية دولة نظامها يقوم علي أساس المواطنة وان الدين الإسلامي هو المصدر الرئيسي للتشريع وان الشعب هو مصدر السلطات وان النطام الاقتصادي في مصر يقوم علي العدالة الاجتماعية والحفاظ علي حقوق العمال. ولا نريد توريثاً عائليا كما حدث في عهد الرئيس المخلوع مبارك ولا توريثا مؤسسي لحكم العسكر ولاتوريثا في دولة دينية وهي ولايه الفقيه وقد حدث تحول هائل بعد الثورة لذلك نرفض الحصانة للمجلس العسكري ولا نوافق علي وضع خاص للجيش في الدستور ويجب مناقشة ميزانية القوات المسلحة في جلسة خاصة بحضور لجنة الدفاع والأمن القومي وبحضور رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الشعب ورئيس مجلس الشوري والوزراء ورئيس مجلس الوزراء وإعداد الدستور لا يأخذ وقتاً كبيرا لان لدينا تجارب كاملة في كل دساتير العالم لكن هناك مواد سوف تستغرق وقتا في مناقشتها خاصة كل ما يتعلق بصلاحيات رئيس الجمهورية. مطالب الأقباط يؤكد الدكتور شوقي السيد الفقيه الدستوري وعضو مجلس الشوري السابق ان الحقوق والحريات العامة وحقوق الإنسان والديانة في الأبواب الرئيسية في الدستور معترف بها دولياً ومصر وقعت علي اتفاقيات دولية تنص عليها والأقباط لا يختلفون علي هذه المواد خاصة ان الإسلام دين الدولة والمصدر الرئيسي للتشريع وكل ما يطلبه الأقباط هو تطبيق القوانين الخاصة بهم في المحاكم الأسرية والزواج والطلاق وهناك إتفاق بين القوي السياسية علي المواطنة والحقوق والواجبات وعدم التميز بين المواطنين أمام القانون. يضيف أن المواد التي سوف تأخذ بعض الوقت في مناقشتها هي المادة "77" و"78" و"79" الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية بسبب اختلاف آراء القوي السياسية حول هذه المواد وصلاحيات الرئيس القادم وعدم انفراده بالقرارات ومشاركة أكبر لمؤسسات الدولة في صنع القرارات المصيرية في البلاد. المستشار أحمد مكي نائب رئيس محكمة النقض سابقا ورئيس لجنة تعديل قانون السلطة القضائية يوضح ان الدستور هو عملية تنظيم بين السلطات وإعادة بناء لمؤسسات الدولة وهذا يتطلب إعادة توصيف العلاقة بين السلطات التنفيذية والتشريعية ومنصب رئيس الدولة.. والمواد الأساسية في الدستور وهي المواطنة والإسلام المصدر الرئيسي للتشريع وان الشعب هو مصدر السلطات وان الاقتصاد يعتمد علي العدالة الاجتماعية وحفظ حقوق العمال ليس عليها خلاف أو تعارض في اراء القوي السياسية الوطنية ولكن لابد من تحديد كيفية استقلال القضاء والجامعات والازهر والمؤسسات الدينية ووسائل الإعلام عن الحكومة وايضا اختصاصات رئيس الجمهورية وحجم الاتفاق علي هذه المواد والبنود هو الذي يحدد فترة إعداد الدستور مع ملاحظة انه سيكون امام لجنة إعداد الدستور اكثر من مشروع دستور ونماذج له من دولة العالم ولابد أولاً من اتفاق القوي السياسية والأحزاب حول المادة "76" الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية والمادة "77" الخاصة بمدة الرئاسة وكيفية الفصل بين السلطات مع وضع التعديلات اللازمة علي المواد التي تثير المشاكل والخلافات بين القوي الوطنية والتي تعطي صلاحيات غير محدودة لرئيس الجمهورية. الدكتورة عالية المهدي عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية سابقا تؤكد أن الأبواب الاربعة الرئيسية في الدستور وهي الخاصة بالمواطنة وان الإسلام هو المصدر الرئيسي للتشريع وأن المواطنين متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات وان مصر دولة نظامها ديمقراطي تقوم علي أساس المواطنة كلها مواد لن تأخذ وقتا طويلا في المناقشات فدستور 1971 به مواد مقبولة دستوريا لا تحتاج لمناقشات كثيرة لكن لابد من مناقشات مستعصية لصلاحيات رئيس الجمهورية ومناقشة ميزانية الجيش وخضوعها لمراقبة الجهاز المركزي للمحاسبات وعند مناقشة الميزانية الخاصة بالجيش لابد من عقد جلسات خاصة بدون الإعلام حفاظاً علي الأمن القومي. ومازال هناك خلاف علي نسبلة 50% عمال وفلاحين في مجلس الشعب وان الأقباط يطالبون بتطبيق قوانينهم علي المستوي الأسري في حالات الزواج والطلاق لان الاحوال المدنية لهم تختلف عن الأحوال المدنية للمسلمين خاصة من العلاقات الاسرية والميراث.