تعد دمياط من المحافظات الساحلية المتميزة في صيد الأسماك وبها قطاع كبير يعمل في صناعة الصيد لموقعها الفريد حيث يحيطها نهر النيل وبحيرة المنزلة والبحر الأبيض المتوسط لهذا ارتبطت صناعة الصيد بنشأة دمياط من آلاف السنين حيث كان الصيد بالطرق البدائية وهي السنارة والشوكة والصيد اليدوي ومع التطور بدء التحديث لتلك الصناعة وأصبحت السفن هي وسيلة الصيد بدلاً من المراكب في البحر الأبيض والآلات والأوناش لسحب الشباك من المياه وأعدت بها الثلاجات لحفظ الأسماك وحتي الزوارق الصغيرة في بحيرة المنزلة نالت جزءاً من التطوير بالإضافة إلي مواتير عالية السرعة لدفع الزوارق. و"عزبة البرج" مدينة تقع في نهاية مصب نهر النيل علي الضفة الأخري لمصيف رأس البر وتطل علي البحر الأبيض المتوسط ويعمل معظم أهلها في صيد الأسماك والأعمال المساعدة للصيد ويمتلكون 1500 مركب صيد تمثل 70% من أسطول الصيد المصري يعيش من داخلها 30 ألف صياد وعامل يعملون في الخدمات المساعدة علي البر مثل مصانع الثلج وتوريد الغذاء والأحبال وصناعة الشبك أو الغزول والتموين وشوادر السمك ومنهم القائمون علي تقشير الجمبري وسائقو عربات النقل والذين يقومون بفرز الأسماك وفصلها "السموخلية". ولعدم اهتمام الدولة بهم ونتيجة إصدار قرارات عشوائية وغير مدروسة تحولت المدينة من صيد الأسماك إلي تهريب السولار بل وتهريب البشر والاتجار في الممنوعات وآخر شيء تفرغ عدد كبير من أصحاب المراكب في استخراج النحاس المتبقي من الحروب السابقة من قاع البحر من دمياط مروراً ببورسعيد إلي العريش وبيعه بالكيلو كتجارة مربحة عدا القليل منهم الذين لا يجيدون مهنة أخري إلا مهنة صيد الأسماك. مشاكل كثيرة ومتراكمة يعاني منها صيادو عزبة البرج يؤكدها الريس علي المرشدي الذي يطالب بوضع عوائق لمنع مرور اللنشات السريعة تحت كوبري البغدادي الواقع علي طريق دمياط/بورسعيد وهي الفتحة التي تساعد علي تهريب السولار فبالرغم من أن هيئة الثروة السمكية قامت بعمل عوائق تحت الكوبري إلا أن المهربين قاموا بقطعها في اليوم التالي واستمر الحال علي ما هو عليه ولذلك لابد من إنشاء موقع للمسطحات المائية علي هذه الفتحة لخطورتها علي أمن مصر فهي تستخدم لتهريب السولار والأفراد للهجرة غير الشرعية بواسطة سماسرة المواد الغذائية بالإضافة إلي أن هذه الزوارق مسلحة وربما تمتد تجارتها إلي المخدرات خاصة أن هذه الفتحة قريبة من المنطقة التي تمر بها السفن إلي قناة السويس وموانئ البحر الأبيض المتوسط. أضاف عبيد أن الصياد الذي يذهب لدفع وسداد الدين لخصم الفوائد لم يطبق البنك هذا القرار عليه أيضاً ضرورة خصم الفائدة علي المراكب التي قام البنك بالحجز عليها ولم يعطها ترخيصاً للعمل ووقفها بسبب البطالة الإجبارية التي تطبق علي الصيادين بوقف الصيد شهراً كل عام وأحياناً تصل المدة إلي شهرين ولم تصرف الدولة أي إعانة للصيادين أثناء التوقف الإجباري السنوي والأهم عقد اتفاقية صيد بين مصر والدول العربية المطلة علي البحرين الأحمر والأبيض المتوسط والسماح بالصيد في المياه الإقليمية وتزويد مراكب الصيد بالأجهزة الحديثة التي تساعد علي زيادة الإنتاج مع السماح للدولة باستيراد الأجهزة المطلوبة. أما مشكلة الزريعة فيقول الحاج حمادة الحليلي إنه لا مانع من صيد الزريعة ولكن بشرط أن يتم الصيد في المواعيد التالية من أول ديسمبر إلي 31 مارس فقط وليس علي مدي العام والسبب أن المياه في هذا التوقيت تكون مستقرة حسب الطقس الجوي مما يجعل الصيد مفيداً لأنه في غير هذا التاريخ لن ينجو من صيد الزريعة إلا 5% فقط وعدم نقل الزريعة للأماكن التي تبعد 12 كيلو متراً حفاظاً علي المخزون السمكي المنقول وأن يكون نقله بطريقة علمية بعربات مجهزة تحت إشراف الثروة السمكية وعلي شرطة المسطحات المائية أن تقوم بضبط المخالفين من مهربي الزريعة علي منافذ المحافظة وطالب بضرورة فتح الموانئ ليلاً أمام مراكب الصيد في حالة تعرضها للخطر وعدم إغلاقها أمام أي مركب في أي ظرف فهناك حالات إنسانية ومهنية تقتضي فتح الموانئ ليلاً أمام مراكب الصيد. كما طالب الريس علي مريل بعدم منع كل المراكب من الصيد أثناء فترة التوقف وتساءل كيف يعيش الصياد بدون عمل لمدة شهر أو شهرين بالإضافة إلي التوقف الطبيعي بسبب تقلب المناخ والنوات مؤكداً أن المنع يسري علي مراكب الجر فقط أما باقي طرق الصيد وهي الشنشلة والسنارة والعلق كلها مسموح بها قانوناً في جميع دول البحر الأبيض المتوسط ومن المعروف أن الدول التي تطبق هذه الاتفاقيات علي مراكب "الجر" تتحمل عبء رعاية صيادي "الجر" بالتعويض المادي عن مدة التوقف عن الصيد أما في مصر وفي عزبة البرج فلا رعاية ولا اهتمام ولا يفكر أحد في مصير آلاف الأسر التي يمنع عائلها عن العمل. أما القضية الأخطر والتي تحدث عنها كل الصيادين فهي قضية التلوث فقد لاحظ الصيادون اختفاء جميع الأسماك المحلية في هذه المنطقة مثل الأسماك ذات الكبد والقوانص مثل الطوبار والبوري والدنيس واللوت والسردين والباغة والأسوار بالإضافة إلي الدرافيل ومن المشاكل التي صنعها النظام السابق توقف الكراكة العاملة علي تعميق المجري الملاحي في عزبة البرج فهي معطلة منذ سنوات مما يزيد المجري الضيق ضيقاً والمسئولون عن عمل الكراكة نقولها لجانب البر واعتمدوا علي أن حركة مرور مراكب الصيد المستمرة كفيلة بتحريك رمال القاع واكتفوا بمشاهدة قدرة ريس المركب علي تخطي الخطر عند الدخول أو الخروج وبالفعل كثيراً ما تقع حوادث والمشكلة الكبري عندما فوجئ الجميع بالحجارة الأسمنتية المخصصة لحماية وتدعيم اللسان تلقي في وسط المجري المخصص للمرور دون شعور بأدني مسئولية مما زاد من احتمالات وقوع حوادث تتسبب في خراب البيوت وتقدم الصيادون بشكاوي لمحافظة دمياط ولوزارة الري وللهيئة العامة لحماية نهر النيل ولم يستجب أحد. أخيراً يعرف صيادو الأسماك في عزبة البرج كيف يواجهون الرياح ويعودون بمراكبهم لبر الأمان يعرفون الجهات الأربع الأصلية والفرعية ونجوم السماء دليلهم وريس واحد للمركب بمهام واضحة وقانون ملزم للجميع يعرف صيادو الأسماك كل ذلك لكنهم لا يعرفون لماذا يتجاهلهم المسئولون ولماذا لا ينصت لشكواهم أحد؟! تقول أم محمد من صيادي بحيرة المنزلة : إننا منذ نشأتنا أنا وزوجي وأولادي ونحن نعمل في مهنة الصيد وهي مصدر رزقنا وكان زمان الرزق كثيراً والسمك في البحيرة بكميات كبيرة وبعد تجفيف جزء كبير من البحيرة وتلوث المياه قلت الأسماك علاوة علي سيطرة رءوس الأموال علي أجزاء كبيرة من البحيرة واستخدامها كمزارع سمكية بالقوة ومنع الاقتراب منها. ويضيف العربي أبوشردي صياد إن عصابات صيد الزريعة المسلحة أصبحوا هم المسيطرين علي البحيرة وصيد الأسماك صغيرة الحجم وبيعها لأصحاب المزارع السمكية مما يتسبب في انخفاض الأسماك في البحيرة مما جعلنا لم نستطع الصيد أو الحصول علي رزق يوفر لنا لقمة عيش. ويقول قاسم مسعد عليوة باحث في أمور بحيرة المنزلة إن سياسة التجفيف ببحيرة المنزلة أدي إلي انخفاض مساحة البحيرة إلي أقل من 25% من مساحتها الأصلية وأدي التجفيف الذي يعتبر من أكثر السياسات تأثيراً وتدميراً للثروة السمكية إلي تغير تيبوغرافية البحيرة وانهيارها وقد أضر ذلك ضرراً بالغاً بالاقتصاد القومي لزيادة الفاقد الكبير في الإنتاجية ولسد الفجوة الغذائية والتي لا يمكن سدها إلا بالاستيراد من الخارج . وقد يكون الجفاف بسبب عدم تدفق المياه إلي البحيرة سواء كانت من مياه النيل أو من خلال قناتي العلاقي والعنانية المتفرعتين من فرع دمياط كما قلت مياه الصرف داخل البحيرة خاصة بعد إنشاء ترعة السلام والتي أدت إلي تجميع بعض مياه الصرف والتي كانت تلقي بالبحيرة أو بسبب إطماء البواغير خاصة القابوطي ببورسعيد أو فتحتي الشيخ علي والعلامة بالساحل الشمالي بدمياط مما أدي إلي قلة نسبة الملوحة بالبحيرة مما ساعد علي نمو الحشائش والنباتات المائية. وأضاف أن إنشاء ترعة السلام جنوب بحيرة المنزلة عرض البحيرة لاستقطاعات أخري بلغت 50 ألف فدان جنوب بورسعيد إلي جانب 62 ألف فدان شمال سهل الحسينية بالإضافة إلي المساحات التي تم عزلها من البحيرة بدمياط.. مشيراً إلي أن بحيرة المنزلة تتعرض للعديد من مصادر التلوث نتيجة الصرف الصحي الناجم عن مخلفات مساكن المجتمعات السكانية التي تلقي مخلفاتها علي جانبي شواطئ البحيرة أو التي تلقيها شبكات الصرف الصحي مباشرة من المدن والقري المطلة علي بحيرة المنزلة مباشرة وأقربها مصرف محب والسيالة بدمياط وكذا الصرف الصحي بمنطقة الهيشة الخياطة بدمياط رغم وجود محطة تنقية إلا أنها معطلة منذ عامين وتلقي بمخلفات الصرف الصحي مباشرة دون أدني معالجة. كما تتعرض للتلوث الناجم عن مياه الصرف الصناعي غير المعالجة والصرف الزراعي المحمل بالمبيدات ومصادرة مصارف "السرو" وتقدر كميات المياه التي تصرفها هذه المصارف في البحيرة حوالي 3 ملايين متر مكعب/ يومياً وينحصر الأثر الضار لهذا النوع من التلوث فيما تحمله المياه من بقايا مركبات المبيدات والأسمدة والمعادن الثقيله. أوضح أن أبعاد مشاكل التلوث بالبحيرة تعود إلي التأثير علي وجود الأسماك داخل البحيرة ونفوقها في حالة التلوث الشديد وبالتالي انخفاض الإنتاجية مشيراً إلي أن المادة 19 من القانون رقم 124 لسنة 1983 نصت بأنه لا يجوز جمع أو نقل حيازة زريعة الأسماك من البحر أو البحيرات أو المسطحات المائية الأخري إلا بتصريح من الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية وتعد هذه المخالفة من أخطر المخالفات المخربة للثروة السمكية وأصبحت ظاهرة صيد الزريعة للأسماك البحرية متفشية بين جموع الصيادين نظرا لانتشار المزارع السمكية داخل المحافظات المطلة علي البحيرة ومعظمها غير مرخص كما أن هذه المزارع تحصل علي احتياجاتها من زريعة الأسماك المصادرة من حول البواغيز المطلة علي بحيرة المنزلة أو البحر الأبيض المتوسط بالمخالفة لأحكام القانون الأمر الذي يؤدي إلي فقد ما لا يقل عن 75% من الزريعة أثناء الجمع والتداول والنقل والتحضين. أشار إلي أن أبعاد هذه المشكلة هي هذه التجارة غير المشروعة التي تحقق لمحترفيها أرباحاً طائلة بالمقابلة للعقوبة المرصودة لها حيث إن سعر ألف وحدة زريعة بوري أصيل "ملء مصفاة شاي" تباع بمبلغ 1000 جنيه.