كان ذلك متوقعا.. أن يفوز التيار الاسلامي وان تخسر ائتلافات الثوار والجماعات الليبرالية.. وكان النقاش كله يدور حول النسبة التي يمكن أن يحصل عليها الإخوان ومعهم الجماعة السلفية في الانتخابات البرلمانية..! فالمعركة الانتخابية لم تكن متكافئة أو في التوقيت المناسب للتيار الليبرالي. فالإخوان المسلمون في الشارع منذ عقود وعقود وهم يخططون لهذا اليوم ويملكون من الخبرة والتنظيم والمهارة والأتباع ما يمكنهم من حشد الرأي العام لصالحهم حتي وان كان هناك خلاف معهم في الرأي والتوجه. والجماعة السلفية التي ظهرت علي الساحة بقوة بعد ثورة يناير والتي أتت من حيث لا يدري أحد استطاعت من خلال التمويل السخي والدعم اللا محدود أن تحقق تواجدا في الكثير من المناطق بحيث تمكنت من فرض وجودها في الساحة السياسية في زمن قياسي وبشكل لم يكن متوقعا. أما ائتلافات الثوار والجماعات الليبرالية فقد انشغل معظمهم بالحديث إلي الفضائيات ووسائل الإعلام والبحث عن المكاسب والغنائم بعد الثورة وتفرغوا لتخويف وإرهاب الرأي العام من التيار الديني دون أن يدركوا أو يتفهموا انهم يتحدثون لغة بعيدة عن واقع الشارع وقضاياه وانهم قد عزلوا أنفسهم عن الأغلبية الصامتة حتي تفرغوا للمليونيات والحديث في قضايا دستورية فقهية جدلية جعلت المواطن العادي يشعر بالقلق علي مستقبله ويتملكه شعور بالانقلاب علي الثورة والقائمين عليها..! وارتكبت هذه الجماعات الليبرالية والائتلافات الثورية الخطأ الأكبر عندما حصرت معركتها مع الفلول ومع الماضي علي حساب تقديم الحلول والرؤية الواقعية للمستقبل وكيفية النهوض بمصر الجديدة وتحسين أحوال المواطن المعيشية. ولأن هذه التيارات الليبرالية والعلمانية كانت بلا قيادة موحدة وبرؤية متضاربة في كثير من الأحيان وبعشرات ومئات الائتلافات التي يدعي كل منها انه يتحدث باسم الثورة فإن الخطاب الاعلامي لها جاء مشوشا ولم يعرف الناس علي سبيل المثال لماذا هم في التحرير بعد الثورة ولماذا يهاجمون مبني وزارة الداخلية ولماذا يدخلون في مواجهات مع المجلس العسكري رغم ان العديد من هذه القضايا كان للثوار فيها وجهة نظر صائبة وكان لمواقفهم المتصلبة تأثير ايجابي في صدور العديد من القرارات والخطوات والاجراءات الاصلاحية. ولم يكن هذا وحده سببا كافيا لخسارة التيار الليبرالي وائتلافات الثوار إذ انهم قد تعرضوا لهجمة شرسة منظمة من التيار الاسلامي لم يكن في مقدورهم صدها أو الرد عليها بهجوم مضاد. فقد كانت هناك الورقة الدينية المؤثرة.. ويكفي أن تصلك رسالة كالتي وزعت علي المواقع الالكترونية في كل مكان وتقول: لحظة من فضلك انت مسلم.. صح طب الحمد لله.. قررت أن تنتخب الكتلة المصرية؟ علشان خايف من الاسلاميين سواء إخوان أو سلفيين.. صح طب انت تعرف الكتل المصرية بتضم أحزاب إيه؟ تعرف الكتلة المصرية توجهاتها إيه تعرف مين رموزها وأهدافهم إيه؟ تعالي معايا بهدوء نشوف مين الأحزاب والتوجهات اللي بتضمها الكتلة المصرية. ولن أنشر بالطبع بقية الرسالة لأنها تتضمن مجموعة من العبارات والاتهامات التي لا تترك حزبا أو جماعة في هذه الكتلة إلا ونسفته نسفا وحطمته تحطيما.. والمعني ان الدخول في مواجهة أو معركة انتخابية مع من يتحدثون باسم الدين ويدافعون عنه هو نوع من المغامرة في مجتمع خرج يائسا بعد عقود طويلة من التجارب الاشتراكية والرأسمالية ويريد أن يري تطبيقا لما يرفعه الاخوان من شعار "بأن الاسلام هو الحل".. والناس في ذلك يعتقدون ان الاخوان خارج السلطة سيكونون غير الاخوان في السلطة وانه لا مانع من تجربتهم ولو مرة لكي يروا إلي أي مدي يمكن أن يحققوا لهم الرخاء المزعوم وإلي أي حد سينجحون في تنفيذ وتطبيق وعودهم..! والنتيجة ببساطة.. يكسب التيار الاسلامي باكتساح ويعود التيار الليبرالي وائتلافات الثوار إلي ميدان التحرير بعد الانتخابات. ان كان في مقدورهم ذلك أيضا..! ** ملحوظة أخيرة: من تعليقات الفيسبوكيين علي الانترنت بعد فوز الاسلاميين: عمرو دياب : من كام سنة وأنا إخوان اخوان نانسي عجرم: أنا سلفي وأبويا سلفي.. وكل سلفي بارك الله فيه. شعبولا: ها ابطل ابقه ليبرالي وأكون اخوان شديد.. وايييه..! ولا داعي للخوض في بقية التعليقات ونتركها "لعدوية" يغني.. يا بنت الاخوان.. حلمك علي البرلمان.. ده المجلس في ايديكي.. وساويرس عطشان..!