لا شك أن السينما خلال السنوات الأخيرة ابتعدت عن تقديم أعمال فنية هادفة للمجتمع وتوغلت كثيراً في تقديم الأعمال الهابطة لدرجة أنها أعطت صورة تكاد تكون مشوهة وغير حقيقية عن المجتمع المصري وبالغت في ذلك بكل الطرق بهدف التربح السريع.. مما أدي لإفساد الذوق العام وكذلك الدراما التي راحت تركز علي السلبيات فقط دون النظر للايجابيات وابتعدت هي الأخري عن تقديم نماذج مضيئة في المجتمع. "المساء" استطلعت آراء عدد من الفنانين حول القيم الأخلاقية والسلوكيات غير اللائقة التي تناولتها السينما والأعمال الدرامية في السنوات الأخيرة وكيفية مواجهتها والتي تعتبر احدي القوي الناعمة المؤثرة في المجتمع: ہہ الفنان القدير عزت العلايلي يقول: مع كامل احترامي لحرية الابداع والتعبير في مصر إلا أن ماشاهدناه خلال الآونة الأخيرة في السينما المصرية أعطي صورة مشوهة وليست حقيقية عن مصر لأنها ركزت علي القبيح فقط ولم تلق الضوء علي النماذج الجيدة. اضاف: السينما إذا كانت مأخوذة عن مواضيع أدبية وفكر بشري جيد أهلاً به وإذا كانت تخرج عن الحدود الأخلاقية فلا. تساءل العلايلي: أين هي السينما حتي يقوموا بوضع تصنيف عمري.. لها بعد هدم كثير من السينمات وللأسف لا يوجد انتاج سينمائي بمصر التي كانت رائدة في هذه الصناعة منذ عام 1896. وبعدها تم بناء مؤسسة "استوديو مصر" وآنذاك كان ايرادات الأفلام أكبر من العائد من القطن وعلي مايبدو أنهم نسوا ثرواتهم تحت خطب باهتة وأصبح كل من له في الفن أو مالهوش يتكلم علي الحرية والابداع. يري العلايلي أن لكل مبدع يكتب تاريخه من خلال أعماله فنحن في مجتمع يخطئ ويسئ وأتمني أن أري سينما حقيقة تعكس الواقع الاجتماعي وتقديم نماذج للشرفاء والمخترعين والمبدعين في مجالاتهم خاصة وإن تأثير الفيلم السينمائي قوي ولذلك يجب علي المنتجين والمخرجين والقائمين علي صناعة تلك الأفلام مراعاة البعد الإنساني. ہہ تري الفنانة الهام شاهين أن أي عمل فني هو صورة لشيء واقعي وحقيقي وأتمني من السينما أن تقدم الشخصيات الايجابية علي الرغم من وجود سلبيات واخطاء كثيرة في مجتمعنا وليس معني ذلك أن نقوم بالتركيز علي السلبيات والأخطاء فقط. مؤكدة أنها بالفعل تحاول أن تقدم النماذج الايجابية في أفلامها التي تقوم حالياً بانتاجها منها فيلم "خلطة فوزية" التي قدمت فيه ايجابيات العشوائيات بشكل راق بعكس من يقدم الموبيقات بالعشوائيات. وكذلك فيلم "يوم للستات" الذي يعتبر دعوة للحرية للنساء. لافتة إلي أن كل فنان رقيب علي ما يقدمه ليس في احتياج من أحد أن يعطيه الحرية أو يسلبها منه. ہہ المؤلف والسيناريست فيصل ندا: منذ سنوات كانت الدولة تحتضن الفن. وللأسف الشديد الدولة رفعت يدها عن الثقافة وبالتالي انتشرت الأعمال التافهة تحت مبدأ حرية الابداع التي ذبحت كل القيم والأخلاقيات من مجتمعنا فضلاً عن تدخل شركات الإعلانات في اختيار النجم الذي يختار المؤلف والمخرج والممثلين. أضاف: الرقابة زمان كانت سيفاً مسلطاً علي رقابنا وعلي الرغم من ذلك قدمنا أجمل الأعمال. أما الرقابة الآن ليس لديها أي وظيفة وأصبحت مسئولة عن فساد ذوق الناس التي تصرح بالأغاني التافهة والأعمال المبتذلة. مؤكداً: لقد آن الأوان لكي يهتموا بالثقافة والفن لأنه لا يقل أهمية عن رغيف العيش. يقول المخرج محمد فاضل رئيس لجنة الدراما سابقاً مازالت اعتبر التصنيف العمري للأعمال الدرامية "فنكوش" لأنه لا يمكن تطبيقه للأعمال التليفزيونية لطبيعة المشاهد المصري خاصة وأن التصنيف العمري لا تطبقه القنوات ونجد المسلسل يذاع ويعاد طوال النهار مؤكداً علي أنه مستعد لعقد مؤتمر علمي لشرح "مفهوم حرية الابداع". ہہ الناقدة الفنية خيرية البشلاوي: أتمني أن ينتبه المبدعون لذلك. انه ليس كل "هلس" أو "ابتذال" أو "اسفاف" ينقل من الورق إلي الشاشة يصبح ابداعاً لأن هناك فهماً خاطئاً لمفهوم حرية الابداع ويجب علينا أن نحدد ما هو الابداع وما معني الحرية. وأن لا يكون هناك شيء مقلد ويكون هناك مزيد من الجمال والوعي الإنساني الذي يشبع العقل والقلب والمشاعر. وإذا اكتملت هذه العناصر في عمل سينمائي يصبح عملاً مبدعاً مثل أعمال أسامة أنور عكاشة ومحفوظ عبدالرحمن ووحيد حامد ومحمد صفاء عامر وهذا ميراث ثقافي في المجال التليفزيوني والسينمائي وبالتالي فالإبداع "يضيف إلي إنسانية الإنسان ولا يزيد من قبح الإنسان قبحاً". مشيرة إلي أنه لا يوجد حرية مطلقة في العالم باستثناء أفلام "البورنو" وفي مصر لا توجد هذه النوعية من الأفلام مؤكدة أن الأعمال التي تقبح الإنسان المصري وتفكك الأسرة المصرية وتلغي مقوماتها الأساسية فهذا ليس ابداعاً ولكنه هدم للمجتمع وتأخذه للوراء في وقت نجد البلد محاطاً بشتي الحروب وبالتالي هناك معايير للابداع والترفيه ولابد أن ننتبه إلي القوة الناعمة. وأضافت البشلاوي: هناك تيار يسمي "الليبراليون" الذين يقومون بشن حرب علي أي صوت يطالب بتقنين الابداع ووضع معايير للدراما ومنهم ما يطلقون علي أنفسهم "جبهة الابداع" و"حراس الابداع" وهؤلاء جميعاً يريدون الفوضي تحت شعار "حرية الابداع". ہہ ويري الناقد الفني طارق الشناوي أن عليهم أن يتركوا المبدعين يبدعون بأفكارهم وهناك الرقابة لديها الآن التصنيف العمري التي تستطيع أن تحدد العمل الفني من يراه ومن لا يراه علي أن يكون هناك عقاب لدور العرض التي لا تلتزم بقرارات الرقابة. ولا سيما وأننا في احتياج إلي ضم اساتذة علم نفس واجتماع كأعضاء للرقابة. وأكد الشناوي دور الدولة عندما تدخلت وصادرت فيلم "حلاوة روح" وكان آنذاك لا يطبق التصنيف العمري ولكن كان كلمة "للكبار فقط" واقام المنتج دعوي قضائية والقضاء اعاد الفيلم لدور العرض السينمائي دون حذف أي مشاهد من مشاهد الفيلم. ويضيف علي الرغم من ذلك إلا أن الجمهور لن يحضر الفيلم ولم يحقق الفيلم ايرادات بالرغم من الدعاية الكبيرة التي كانت حول الفيلم. وبالتالي الجمهور فقط وحده هو من يقول لا للفيلم الذي يحمل "الفجاجة". وإذا كان الفيلم سيئاً فالجمهور سوف يعاقب القائم علي الفيلم وينبذه. وأضاف الشناوي: لا يمكن أن يكون هناك فن في الدنيا ويخرج فن "معقم" هناك اخطاء كثيرة سواء كانت الفاظاً أو مشاهد غير لائقة فنحن أمام نشاط ابداعي به بشر وليس معني ذلك أننا نمارس قيوداً علي المبدع من البداية حتي لا يخترق الفن.