* أقامت الفنانة الدكتورة فيروز سمير عبد الباقي الأستاذ المساعد بقسم التصوير بكلية الفنون الجميلة جامعة حلوان معرضها الشخصي السادس بعنوان "إنكوستيك" بقاعة عرض الكلية في حي الزمالك. وجاء اسم المعرض دالا علي التقنية التصويرية التي استخدمتها في رسم لوحاته. "الإنكوستيك" هو أسلوب التصوير الشمعي يستخدم في الغالب مع اللوحات الخشبية وفيه تخلط المواد الملونة المسحوقة بالشمع المصهور ثم يُرسم به وهو ساخن باستخدام فرش من ألياف النخيل. حيث ينتج سطحاً خشناً مكوناً من خطوط انسيابية وأحيانا يتم استخدام آلة حادة لإبراز التفاصيل. وبهذا الأسلوب شاهدنا لوحات فنية رائعة كبعض بورتريهات الفيوم. وجدير بالذكر أن مُبتكر هذا الأسلوب الفني هو جين ماري جيراود. وعلي قيثارة هذا الأسلوب الفني عزفت الفنانة مقطوعات لونية أقرب للتجريد. ففي أي وقت كنت أجيب عن سؤال الكثيرين عن معني لوحة أو مقصد الفنان في العمل الفني بأن العمل التشكيلي كالمقطوعات الموسيقية قد لا نعرف كيفية تأليفها أو تفاصيل الحالة التي تعبر عنها لكننا فقط لا نملك إلا أن نستشعرها كل من وجهة نظره وبالتالي فإن المتذوق للعمل الفني يكون شريكا بخياله في آلية تلقيه من خلال الحالة الشعورية وهذا ما نجحت فيه الفنانة في معرض "إنكونستيك" بأن تجعل المتلقي شريكا متضامنا في العمل الفني. * للفنانة العديد من المشاركات الفنية المحلية والدولية منها معرض "إبداعات المرأة المصرية" بالأكاديمية المصرية بروما 2006 وترشيح لموبا- بازل بالمكتب السياحي المصري بزيوريخ- سويسرا 2011. ومعرض "الأساتذة" في كلية الفنون الجميلة بالكويت 2015. وبينالي الشيخة سعاد الصباح 2017. وصالون الأقصر الدولي للفنون البصرية 2018. * حصلت د. فيروز علي العديد من الجوائز والتكريمات وأقامت خمسة معارض خاصة أولهم معرض ثنائي "ألوان وأبيض وأسود" بمركز الإبداع الفني بالإسكندرية 2007 ثم معرض ثلاثي "Elle" أو "هي 2013" وفيه امتلأت لوحاتها عن المرأة بالرموز والدلالات شديدة الخصوصية من مرحلة الصبا ولقاء الصديقات إلي الهودج وفارس الأحلام وكأنها تسرد قصة حياة متكررة في إيقاع متواتر ومترابط قد يتشوه أو يتحول ويتشابه بيننا وبين بطلاتها. * في معرضها "حائط الصد الأخير 2014" استوحت الفنانة فكرته من أحداث الثورة ودور المرأة وحضورها القوي من خلال تنوع أدوارها واختلاف ردود أفعالها أثناء وبعد الأحداث واعتبرتها الخاسر والفائز والباقي والقابض علي الجمر في تلك الفترة وما تلاها من تبعات ومحاولات القمع المستمرة والدءوبة لدورها تحت شعارات مختلفة ومتناقضة ولوحات المعرض تصور لحظة صمت لسبعة نساء في أعمار سنية متقاربة. يجمعهن مشهد واحد ولحظة واحدة ولكهن منفصلات ومحجوزات داخل فراغ خاص لكلي منهن. الخلفية تمثل مجمع التحرير في حالة ضبابية وخطوط متكسرة كرمزية للمكان والزمان. يقفن في أوضاع مختلفة مستوحاة من إيحاءات لغة الجسد التي تكشف خبايا النفس بشكل تلقائي وتظهر الحالة الخاصة والتضارب في الأفكار والمشاعر لكل منهن كما اتخذت الفنانة من الوشاح رمزا للقيود المفروضة علي الحرية المرهونة التي تبحث عنها المرأة في مجتمعنا. ولا تستطيع التخلص منها بل وتتمسك بها بشكل لا إرادي. أما الألوان المُستخدمة في خلفية اللوحة ألوان باردة ضبابية. واللمسات تحمل من الحركة والتداخل والترابط في كل أجزاء اللوحة. مما يجعل العين تنقل في سلاسة ومرونة. ترتدي النساء زيا شبه موحد يميل للزرقة القاتمة. ألوان الأوشحة ساخنة ما بين الحمراء والبرتقالية. * أما معرضها "جهنميات 2015" ففيه استلهمت لوحاتاتها من تكوينات نبات الجهنمية وحاولت تطويع أشكاله وألوانه بالمعالجات التصويرية المختلفة.. وكل لوحة اختلفت في اللون والملمس والتكوين حسبما استدعته ألوانها وتكويناتها من أشكال ورموز ثم "غاب الريح 2016" وعبرت فيه عن فلسفة الإيقاع الكوني وايقاعات الحياة في انتظامها ورتابتها ثم انقلابها وتحولاتها نحو الفوران في تداخل يصعب فصله. فكما تتلاعب الأحداث بالبشر.. تتلاعب الرياح بالغاب علي طول ضفاف النيل وكان نبات الغاب هو بطل لوحات هذا المعرض فهذا النبات المصري استغلته كرمز للإيقاع ودوره في تكوين اللوحة الفنية وإمكانية التنويع والاختلاف في الترديدات اللونية والخطية وإحداث انطباعات مختلفة بالرغم من ثبات العنصر المرسوم. * تنطلق أعمال الفنانة مجملا من ثقافة بصرية رفيعة ومخزون فلسفي وفكري وثقافي جعل من إبداعاتها حالة فنية استثنائية تصدح منها موسيقي الكون في همس الألوان.