دفعني الشوق والحنين إلي الماضي للذهاب إلي مسقط رأسي والتجول في شوارعها وحاراتها ودروبها وأزقتها بعد غياب دام أكثر من عشرين عاما.. بالمناسبة لقد ولدت في قلب الدولة الطولونية حيث بيتي الذي يقع في "درب الطالوني" يطل علي مئذنة جامع أحمد بن طولون مؤسس الدولة الطولونية في مصر كما يطل البيت مباشرة علي مدخل شارع قلعة الكبش " القطائع سابقا " هكذا مكتوبا علي لوحة اسم الشارع.. والقطائع هي عاصمة الدولة الطولونية وهو ماپيعني بلغة العصر أن البيت الذي ولدت فيه وقضيت فيه طفولتي وصباي وجزء من شبابي يقع في قلب العاصمة ولكن مع الفارق أن العاصمة التي أتحدث عنها هنا عاصمة دولة عمرها 1150 عاما كانت جزءا من تاريخ مصر.! تأسست الدولة الطولونية في سنة 868 ميلادية واستمرت حتي العام 905 ميلادي وقد استطاع أحمد بن طولون أن يخلد اسمه في تاريخ مصر عندما أرسله الخليفة العباسي حاكما لمصر فأعلن ابن طولون نفسه حاكما مستقلا عن الخلافة العباسية وأسس تلك الدولة وبني عاصمة لها "القطائع".. وقد توفي أحمد بن طولون في مارس العام 884 ميلادي عن عمر يناهز 50 عاما وخلفه في الحكم ابنه خمارويه.. ويعتبر جامع أحمد بن طولون الذي شيد في عهده شيخ جوامع مصر حيث يعد أقدم جامع ظل علي حالته الأصلية وهو تحفة معمارية أذكر منذ الصغر أن السياح الاجانب من شتي بقاع الارض كانوا يحرصون علي زيارته والتجول في أرجائه كلما وطأت أقدامهم مصر. تلك المنطقة تاريخية بمعني الكلمة حيث يوجد بها العديد من المباني الأثرية كما يوجد بها جامع أثري يلاصق جامع أحمد بن طولون هو جامع "سرختمش" وسبيل أم عباس وهو سبيل أقامته والدة الخديو عباس بشارع الصليبة وهو تحفة أثرية حزنت كثيرا حين شاهدت حالته والاتربة تملأ جدرانه والقمامة تحيط به من كافة الأرجاء.. والمنطقة عموما لم تعد كما كانت عليه.. صارت أشبه بالمناطق العشوائية والاهمال هو سيد الموقف سواء كان مصدره الاهالي أو المسئولين.! وزارة الآثار هي المعنية في المقام الأول وهي المسئولة عن الحفاظ علي تاريخ مصر الذي طالته يد الاهمال.. لا أقصد هنا منطقة طولون وقلعة الكبش وشارع الصليبة فقط.. مصر دولة غنية بالآثار في كل بقاع المحروسة سواء كانت آثارا فرعونية أو قبطية أو إسلامية.. أكثر من ثلث آثار العالم موجودة في مصر.. لكننا يبدو أننا شعب لا يدرك بكل أسف قيمة تاريخه وحضارة بلاده.!! ** كلام وبس : "دوام الحال من المحال".. جملة كثيرأ ما نرددها.. وقليلاً ما نعمل بها!.