انضمت حديثا إلي صفوف رعاة الإبداع نافذة فنية وثقافية جديدة هي "مركز تنوير الثقافي" ببفرلي هيلز- 6 أكتوبر وكانت بداية أنشطة المركز وبداية تدشين فاعلياته في هذا الشهر معرض الفنان وليد ياسين. الذي يتضمن 41 لوحة تصوير زيتي علي قماش "توال" وكلها عبارة عن بورتريهات لوجوه ومعالم مصرية.. اعتمد الفنان في أسلوبه علي المباشرة مقابل الإبهار التقني في استخدام اللون ودرجاته المتباينة مما يتناسب مع الحالة الشعورية للوحة. ويعد وليد ياسين من الفنانين المتميزين جدا في هذا الأسلوب الكلاسيكي لفن البورتريه فهو يستشعر المشاعر وينقل كل تفاصيل الشخصية وإحساسها قبل رسمه للملامح باتقان ونعومة يظهران بوضوح في تصويره للون البشرة والملامس في الخلفيات والملابس قليلا ما نجدها في فن التصوير في هذا الوقت. الفنان من مواليد 1961 تخرج في كلية الفنون الجميلة قسم العمارة ويعمل مهندسا معماريا لكنه أحب الرسم والتصوير الفوتوغرافي فاحترفهما إلي جانب الهندسة وتعتبر مشاركاته الفنية في الحركة التشكيلية محدودة إذا اقتصرت علي معرضين أحدهما بالمركز الثقافي الروسي والآخر بساقية الصاوي. لكنه بطبيعة عمله كمهندس معماري شارك في بناء أهم وأكبر الأماكن والفنادق في مصر وقد وضعت لوحات له في معظمها وهو يعد هذا بمثابة عرض دائم لأعماله كما أن له مقتنيات بالولايات المتحدةالأمريكية والمملكة العربية السعودية. معرضه الحالي بجاليري تنوير بمثابة فرصة فنية للاستمتاع بزمن الفن الجميل الراقي الذي يحتفي بكل التفاصيل المصرية وفنونها فقدم في لوحاته مشاهد وبورتريهات لنجوم السينما المصرية الذين عشقناهم فنجده قد رسم لوحتين مختلفتين للفنانة هند رستم في مشاهد من أفلامها وكانت أبرزها لوحة لها "بالملاية اللّف" كما ظهرت بها في أحد أشهر أفلامها. وكذا صوّر السندريلا سعاد حسني في خمس لوحات ورسمها بزي الفلاحة ثم بالملابس الشعبية المصرية في أكثر من لوحة. كما فعل مع الوجه الصعيدي للفنان أحمد زكي فرسمه بالعمامة الصعيدية وجعل من ملامحه مرآة تري من خلالها مئات الحكايات في حياته. أما بقية لوحاته فكانت لوجوه وشخصيات مصرية فرسم الأطفال والنساء والرجال بمختلف أزيائهم المصرية من الريف للبدو للجنوب للأزياء والأجواء الساحلية فقد سافر كل مكان في مصر فرسمه وعبر عن شخصية أهله داخل لوحاته. حتي في تصويره لمرحلة الشيخوخة فقد كان ناقلا لكل الهموم والأفكار لهذه المرحلة. مما صنع حالة من التعايش مع كل لوحة بتفاصيلها وأجوائها. لم يرسم الملامح فقط لكنه خلق داخل أعماله عوالم تلك الشخصية التي يرسمها ونجح في إعطاء المشاهد كل المدخلات النفسية التي تجعله يتواطأ مع هذه الشخوص شعوريا من دراسته التصويرية الدقيقة للملابس والخلفيات والخزف في الأواني والخشب في الأثاث المرسوم للأماكن فجعلنا نقف مبهورين أمام دقته في المحاكاة لطبيعة كل ما تناوله بألوانه. في مجموعة أخري من لوحات المعرض التي كانت عبارة عن مناظر طبيعية خلابة لمناطق في مصر كلوحاته عن الاسكندرية والمراكب والصيادين وقصر المنتزه وجمال البحر في هدوئه وعنفوانه كما رسم الأحياء الشعبية والقاهرة القديمة بمعمارها وفي مجموعة أخري أعاد آلة الزمن ونقلنا من خلال بعض لوحاته لمشاهدة مصر في الخمسينيات من القرن الماضي لنمشي داخل شوارعها ونتأمل جمال معمارها ونتحاور مع هذه المشاهد بكل رقي تفاصيلها. وليد ياسين صاحب تجربة فنية وإنسانية ثرية. صنع من تجربته واجهة مشرفة للفنان المصري الذي يواجه القبح بالتأكيد علي القيم الجمالية للفن ويجعل المشاهد يثق في أن الفنان المصري مازال محتفظا بأصالته ويوصلنا بسلاسة لوحاته إلي قيمة معايشة الإبداع التشكيلي بشكل تلقائي.