الدنيا تغيرت والحروب أيضا تغيرت وما كان يصلح للماضي لم يعد مناسباً لهذه المرحلة التي تحول فيها العالم الي قرية صغيرة مايحدث في أقصي الشرق يؤثر في الغرب والعكس بفضل ثورة الاتصالات غير المسبوقة. وما يجري من تدخلات في عالمنا العربي مثل سورياوالعراق نموذج للحروب الحديثة أو الحروب بالوكالة التي تسعي فيها قوي دولية للحفاظ علي التوازن بين الجيوش النظامية والمنظمات الارهابية حتي تستمر الحروب لأطول فترة ممكنة لانعاش سوق السلاح من ناحية وضمان شيوع الفوضي في منطقتنا العربية من ناحية أخري. والحقيقة أن مصطلح "الفوضي الخلاقة" الذي أطلقته وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس خلال حرب العراق لم يكن محض صدفة أو ذلة لسان وانما كان تعبيراً دقيقاً للغاية عن المنهج أو الخطة الموضوعة للسيطرة علي المنطقة بأسرها أو بالأحري مراكز القوة في العالم العربي. السيناريو واحد في كل مناطق الصراع والذي حدث بالعراق تكرر بطريقة أو بأخري في سوريا ومن قبلها اليمن وليبيا وتونس. الأسلوب مكرر باحداث فوضي في الشارع سواء باستغلال مناخ عدم الاستقرار الذي واكب ثورات الربيع العربي أو بتدخلات أجنبية مباشرة مثلما حدث في العراقوسوريا.وقد فشل ذلك فشلا ذريعا حينما فكروا أن ينفذوه في مصر. كل ذلك بدعوي نشر النموذج الغربي للديموقراطية وكأن ذلك لايحدث الا بتدمير المنطقة واستنزاف ثرواتها. ثم انتقلت الفوضي من الشارع الي مواقع التواصل الاجتماعي عبر سيل من الأخبار المغلوطة والشائعات بهدف لايخفي عن أولي الألباب. وبمناسبة الحديث عن الحروب الحديثة فإنني انقل جزءا من محاضرة للبروفيسور ماكس مانوارينج الأستاذ والباحث في الشئون العسكرية بكلية الحرب الأمريكية والتي ألقاها عام 2014م بعنوان "الوعي المزيف" ويصف فيها حروب الجيل الرابع بأنها محاولة لزعزعة الاستقرار بأيدي أبناء الدولة العدو فإذا تمكنت من استخدام عدوك بطريقة جيدة وببطء كاف فسوف يستيقظ ميتا. هذا الكلام يكفي لاصابتنا بالفزع من انتشارالشائعات والتي أصبحت مسلسلاً مكرراً نشاهده بأنفسنا كل يوم.. من الأرز المسرطن إلي إلغاء اجازة السبت للموظفين والطلاب الي سداد رسوم قدرها جنيه واحد لا غير نظير عبور التلميذ بوابة المدرسة وغيرها من الشائعات التي جعلت مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء يتفرغ لنفي مايتردد من أخبار لا أساس لها. انتشار الشائعات ليس موضوعاً بسيطاً أو سطحياً كما يتصور الكثيرون بل خطة ممنهجة يستخدمها أعداؤنا علي المدي البعيد حتي لو ادعي البعض أنه ينقل ما يتردد بحسن نية فالطريق الي جهنم مفروش بالنوايا الحسنة. [email protected]