الولاء للقوة العسكرية الأمريكية وتمجيدها من الأمور التي لا يمكن فصلها عن معاداة الشيوعية. ويسحق حركات التحرر الوطني في الدول التي تعتبرها الولاياتالمتحدة ضرورية لتحقيق مصالحها. لقد بقيت هذه القوة علي أهبة الاستعداد لكبح الأصوات والقوي الوطنية المنادية باستقلال الإرادة وفرملة الرأسمالية المتوحشة التي تلتهم موارد الشعوب التواقة للاستقلال اقتصادياً وسياساً. وبعد هزيمة أمريكا في حربها ضد فيتنام. نجحت بعض الأصوات الليبرالية في نهاية السبعينيات في التقليل نسبياً من هذه النزعة العسكرية. واعترض بعضهم علي سياسة التدخل في الشئون الداخلية للدول. ولكن هذه الأصوات عجزت كلية في تحويل هزيمة فيتنام إلي فرصة لإصلاح البنية الأيديولوجية للعسكرية الأمريكية. ذلك لأن التاريخ العسكري لأمريكا يستدعي إعادة شحن وتجديد قوتها للإبقاء علي مصالحها وحماية الدول التي تدور في فلكها وتطلب حمايتها عسكرياً واقتصادياً. وبعد الحرب العالمية الثانية اشتد العداء للشيوعية وبات التصدي لها أيديولوجياً من الأمور الثقافية الملحة. وهنا يتقدم الفيلم الهوليودي باعتباره العمود المركزي في إرساء ثقافة ما بعد الحرب. أصبح علي السينما في هوليوود دور في تشويه صورة الإنسان "الأحمر" "الروسي" واعتباره جنساً أدني. عدوانياً. وفاشياً. ونازياً من حيث التكوين السيكولوجي والسلوكي. ومن السذاجة تصور أن مسألة النزوح إلي تمجيد العسكرية الأمريكية التي لعبت السينما الهولودية دوراً عظيماً في نشرها من خلال عشرات الأفلام مسألة عفوية. وإنما هي المصالح والتطلع إلي إرساء قواعد الإمبراطورية الأمريكية المهيمنة علي العالم. وفي بداية الثمنانينيات شهدت "القوة العسكرية" انتعاشة جديدة عبرت عنها السينما بحكايات وقصص أسطورية تتناول عظمة هذه القوة وقدرتها عبر أفلام من نوعية "فايرفوكس" "Fire Fox" و"الليالي البيضاء" التي أيقظت من جديد مشاعر العداء للشيوعية. ومن ثم تبرير حتمية امتلاك قوة عسكرية مهولة للتصدي ل"الإرهاب الأحمر" بأنماط تختزلهم في صفات قبيحة ولا إنسانية. وفي عام 1982 أنتجت هوليوود بدعم من وزارة الدفاع الأمريكية فيلم "ميجا فورس" "Mega Fors" ومعناه "قوة عظيمة" إشارة إلي اسم فرقة من المقاتلين الأمريكيين الأقوياء تشبه إلي حد كبير قوات الانتشار السريع التابعة للبنتاجون. الذين يستخدمون معدات عسكرية تكنولوجية شديدة التطور بإمكانها دحر أي عدوان أو قوي مناوئة لأمريكا. وعلي نفس النمط تم إنتاج أفلام بعناوين "دلتا فورس" بنفس المواصفات.. فالسينما الأمريكية خادم أمين للسياسات الأمريكية. وفي نفس هذه الفترة الثمانينيات اشتغل الفيلم الهوليودي علي موضوع العداء والتصدي للخطر الشيوعي. ذلك الهاجس الملح لدي الأمريكيين. فخرجت أفلام "الفجر الأحمر" 1984 للمخرج اليميني المحافظ "جون ميليس" الذي يصور غزواً افتراضياً من قبل الشباب السوفييتي المقاتل للولايات المتحدة ويصور المجموعة المقاتلة تشبه الإرهابيين في حرب العصابات الذين يختبئون في الجبال. ويشكلون فيما بينهم فرقة من المقاتلين. ولكنهم يواجهون حتفهم جميعاً. الفيلم يجسد أفكار اليمين الأمريكي في تلك الفترة ويروج للعدو السوفيتي باعتباره جنساً أدني يصلح لحراسة معسكرات الإبادة. وكذلك يصور الثوار في أمريكا اللاتينية باعتبارهم مجرد عملاء وجواسيس وأن الولاياتالمتحدةالأمريكية هي المعقل الوحيد للعدالة والحرية. وفي الثمانينيات أيضاً صدَّرت هوليوود للعالم أبطالاً علي غرار "رامبو" سيلفستر ستالون. المقاتل الذي حارب في فيتنام وحقق بطولات وهمية وحرر سجناء الحرب الأمريكيين وقتل عشرات الروس والفيتناميين وصورهم بصورة وحشية تبرر الأعمال القذرة العسكرية التي مارستها أمريكا في الحرب ضد فيتنام. الفيلم الهوليودي يعيد تاريخ الحرب الفيتنامية بحقائق مغلوطة وأسطورية تبرر هزيمة الولاياتالمتحدة مثلما حاولت السينما أن تعيد إنتاج هزائمها في "إيران" بفيلم تم إنتاجه مؤخراً بطولة وإخراج بن أفليك. بعنوان "أرجو" "Argo" 2012 الذي يصور عملية تحرير الرهائن بأسلوب سينما المغامرات الأمريكية وباستخدام سيناريو تم تصميمه في هوليوود وبمساعدة الجنود الأمريكيين الأبطال الأفذاذ والحقيقة يعرفها الجميع. تمجيد القوة العسكرية الأمريكية وتقديسها كقوة ردع. وتدخل سريع لإفساد مسيرة الشعوب التي تتطلع إلي الحرية من الأمور المقدسة في الثقافة الشعبية التي تروج لها السينما الهوليودية.