في لحظة تأمل جلست أحصي عدد من سبقوني إلي الحياة الآخرة من أهلي وزملائي وجيراني ثم من المشاهير الذين عاصرتهم في مختلف المجالات فوجدت أن العدد الذي وصلت إليه صادما. إذاً فالموت حقيقة لا يختلف عليها اثنان وإذا كان الأمر كذلك فلماذا نهرب منه ونتناساه بل ولا نحب ذكر اسمه؟ هل لأننا بطبيعتنا لا نحب المجهول الذي لم نره بأعيننا مهما علمنا عنه.. أم لأننا غير مستعدين لهذه الرحلة الأبدية أم للوعة الفراق؟ الحقيقة أنه ما سبق جميعاً. فضلاً عن أن معظمنا ما قدر الله حق قدره لا بحسن الظن الذي يليق بجلاله ولا بقدرته علينا ونحن نعصاه. فبعد وفاة كل عزيز تتنازعنا مشاعر متناقضة بين الرهبة من تخيل أنفسنا في المصير نفسه وبين الأمل بأننا مازلنا علي قيد الحياة أمامنا مزيد من الفرص لاجتياز الامتحان بنجاح ولكن سرعان ما يلهينا طول الأمل فنعيش وكأننا لن نموت ثم نموت وكأننا لم نلبث إلا عشية أو ضحاها. فالموت حقيقة بسيطة أتعبت من لم يفهمها حقاً مثل بعض الفلاسفة الذين أجهدوا أنفسهم في بحثها فمنهم من ظل يدور في حلقة مفرغة ومنهم من عرف بها الله حق المعرفة ومنهم من هرب منها بانكار وجوده سبحانه وتعالي. العاقل من يفهمه علي مراد الله بأن يعيش في الدنيا علي أنها مطية للآخرة. فيعطيها ما تستحق من اهتمام باعتبار كل ما نفعله فيها سنجني محصلته في حياتنا الأبدية التي لا موت فيها. فلا نيأس من جهادنا مع النفس وبالنفس وكلما وقعنا نستعين بالله وننهض من جديد ونحن أكثر قوة وتفاؤلاً متخذين الدين منهج حياة بما كشفه لنا من أسرار نجاح أثبتتها تجارب كل من حقق نجاحاً أبهر به العالم واقرأوا إن شئتم نصائح الملياردير ستيف جوبز الذي صار رمزاً من رموز النجاح.. حيث كانت أبرزها "عش كل يوم كأنه آخر يوم". مؤكداً أنه كان كل يوم علي مدار "33" عاماً هي فترة نجاحه يسأل نفسه ماذا لو كان هذا آخر يوم في حياتي؟ ليتدارك ما قصر فيه باعتبار الماضي والحاضر متصلين بالمستقبل. وهذا لب الدين أن نكون مستعدين في أي وقت للقاء الله وأن تعيش كل يوم كأنه آخر يوم علي نهج الآية الكريمة "فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقي ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً". وقتها سنفهم معني "انتقل إلي رحمة الله" ولا نجزع لفراق عزيز لأننا غداً نلقي الأحبة ولن يرعبنا الموت أو نستعجله فقط سنردد اللهم أحينا ما كانت الحياة خيراً لنا وتوفنا ما كانت الوفاة راحة لنا.