خلال اجتماع الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكمة في أنقرة أمس الأول.. فجر الرئيس التركي أردوغان قنبلة دخان.. قال لأفض فوه أن 4 آلاف مسلح داعشي غادروا مدينة الرقة السورية مع أسرهم وأسلحتهم تحت اشراف أمريكي بريطاني وأرسلوا إلي مصر في صفقة سرية بين أمريكا والامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني "بي. واي. دي" لاستخدامهم في عمليات ارهابية بسيناء..!! لم أشأ أن أبادر بتفنيد ما قاله أردوغان حتي تتضح الصورة بالكامل.. انتظرت أن يخرج نفي أو رد من أي جهة أمريكية مسئولة سواء البيت الأبيض أو الخارجية أو البنتاجون أو من أي جهة بريطانية مسئولة سواء مجلس الوزراء أو خارجيته أو وزارة دفاعه ولكن حتي كتابة هذه السطور لم يصدر شيء وكأن التصريح أطلقه مخبول كوكب المريخ وليس حليفاً استراتيجياً لأمريكا وبريطانيا علي السواء وشريكهما في حلف الناتو. كلام أردوغان الذي لم يتم نفيه أو الرد عليه يفرض أمرين قد يكشفان ما خفي : * أولاً.. ربما يكون اردوغان كاذباً وهناك دوافع شتي تؤكد ذلك : فهو انسان "كذاب" بالسليقة مثل كل الاخوان والخارجين من تحت عباءتهم.. وهو وقح بطبعه ويكرهنا كراهيتنا للتحريم الذي لم يتشرف بمعرفته طوال حياته فكل شيء لديه مباح وحلال حتي الدعارة واللواط.. وهو نرجسي النزعة ويحلم بما هو فوق قدراته ووزنه وقيمته ومستعد أن يفقد احدي عينيه مقابل أن يري بالأخري مصر وهي تحترق.. وهو ميكيافيللي النزعة ولأن علاقته الآن بأمريكا في أسوأ حالاتها فلا مانع أن يتهمها بما شاء فالغاية لديه تبرر الوسيلة. * ثانياً: وربما أيضاً يكون أردوغان صادقاً علي غير عادته وبالمخالفة لطبيعته الوقحة.. وبالتالي.. فإن ما قاله إذا كان صحيحاً فإن محتوي تصريحه يفرض عدة أسئلة : 1 هل يتوافق ما قاله مع وجود علاقات استراتيجية بين مصر وأمريكا..؟؟ 2 كيف يتسق مضمون تصريحه مع تصريحات جيمس ماتيس وزير الدفاع الأمريكي خلال زيارته للقاهرة يوم الأحد الماضي من أن بلاده حريصة علي تعزيز علاقات التعاون مع مصر في مختلف المجالات باعتبارها ركيزة للاستقرار في الشرق الأوسط.. وأن بلاده تدعم مصر وتقف إلي جانبها في حربها ضد الإرهاب خاصة أن هذه الظاهرة تهدد العالم بأسره؟؟.. هل ماتيس مثلاً كان هدفه تنويمنا وكأننا أطفال في الروضة..؟؟ 3 إذا كان أحد أهداف ارسال جيش الدواعش إلي سيناء تحديداً هو اقتطاع الجزء الأكبر منها لإقامة دولة فلسطين عليها وغلق هذا الملف بلا قدس أو غيره وهو ما يتفق تماماً مع ما قالته وزيرة المساواة الإسرائيلية من أن "أفضل مكان لتوطين الفلسطينيين هو سيناء".. فإن السؤال المهم هنا : وكيف سيدخل هؤلاء الارهابيون سيناء..؟؟!! إذا كان صحيحاً ما قاله أردوغان من أن الدواعش خرجوا آمنين بأسلحتهم من الرقة السورية تحت اشراف أمريكي بريطاني فإنهم قد يتوجهون بحراً إلي ليبيا لإقامة الخلافة هناك بعد أن طردوا من العراق وسوريا وبالتالي.. لن ينجحوا في عبور حدودنا الغربية المراقبة بمنتهي الجدية واليقظة من خير أجناد الأرض وهذا هو الأ وقع.. ولكن أردوغان حدد سيناء بالمكان الذي سيتجهون إليه.. ومن ثم ومع فرض أن كلامه صحيح فإنهم بالتالي سيحاولون دخول سيناء من أحد طريقين : إما من غزة وفي حماية انجاس بيت المقدس ولنسف المصالحة الفلسطينية التي يرفضونها أو من إسرائيل ذاتها وهذا مستبعد حتي لا تورط تل أبيب نفسها معنا. يبقي سؤال من المؤكد أن الكثيرين يرددونه هو : وما ردنا نحن علي ما قاله أردوغان؟؟.. رأيي أننا يجب ألا نرد نهائياً علي هذه الهرتلة الفارغة.. ألا نتدخل أو نضع أنفسنا طرفاً في تصفية حسابات بين أردوغان وأمريكا.. علينا أن نزيد من تأمين حدودنا الشرقية "مع غزة وإسرائيل" والغربية مع ليبيا والجنوبية مع السودان أيضاً.. ونحن قادرون علي ذلك بكفاءة عالية.. ولنترك للغير "الهري والنباح" كما شاءوا.. فهذا لا يعنينا.. ما يعنينا وواثقون منه أن لا الدواعش ولا غيرهم سيطأون ويدنسون سيناء أبداً ولو كان العالم كله خلفهم. حفظ الله مصر.. أرضاً وشعباً وقيادة وجيشاً وشرطة.