استردت الحكومة المركزية العراقية السيطرة علي أراض في مختلف أنحاء شمال البلاد من الأكراد موسعة نطاق حملة مفاجئة ومؤثرة أدت لتغير ميزان القوي في البلاد في وقتي قصير. مع دخول حملة الجيش العراقي الخاطفة يومها الثالث التي نفذتها الحكومة لاستعادة مدن وقري من القوات التابعة لإقليم كردستان العراق. انسحبت قوات البشمركة الكردية من منطقة خانقين المتنازع عليها منذ فترة طويلة والقريبة من الحدود مع إيران. وسيطرت القوات العراقية علي آخر حقلين للنفط في محيط كركوك. المدينة التي يقطنها مليون نسمة والتي انسحبت منها قوات البشمركة مع تقدم القوات الحكومية. وسيطرت جماعة يزيدية موالية لبغداد علي بلدة سنجار. وقلصت العملية الحكومية مكاسب الأكراد الذين أثاروا حفيظة بغداد في الشهر الماضي بإجراء استفتاء علي الاستقلال. ذكر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إن الاستفتاء الذي أجرته سلطات اقليم كردستان للانفصال عن العراق "انتهي". مشددا علي فرض السلطة الاتحادية في جميع أنحاء البلاد بما في ذلك كردستان. أوضح العبادي في مؤتمره الاسبوعي. "الاستفتاء انتهي الآن وأصبح ماضيا. حصل في فترة زمنية ماضية وانتهت نتائجه". وشدد علي أنه ماض بتنفيذ ما وعد به في وقت سابق بفرض سلطة الدولة في كل مكان من العراق كاشفا عن ان قوات البيشمركه الكردية اختارت التعاون مع الحكومة الاتحادية. وحذر العبادي من القيام بأي أعمال تخريبية في محافظة كركوك. و أي منطقة أخري من المناطق المتنازع عليها. قال الرئيس العراقي. فؤاد معصوم المنتمي إلي الاتحاد الوطني الكردستاني المنافس لبارزاني: إن اجراء الاستفتاء علي استقلال إقليم كردستان أثار خلافات خطيرة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان كما بين القوي السياسية الكردستانية ذاتها افضت إلي عودة القوات الأمنية الاتحادية الي السيطرة المباشرة علي كركوك. من ناحية مقابلة. قال مسعود برزاني رئيس إقليم كردستان إن استفتاء الأكراد علي الاستقلال -لن يهدر- وذلك ردا علي تحرك العراق ضد الاستفتاء الذي أجري الشهر الماضي في الإقليم. أضاف أن منافسين سياسيين أمروا بانسحاب القوات الكردية من المدينة التي سيطروا عليها منذ 2014. يحكم الأكراد ثلاثة أقاليم جبلية في شمال العراق في منطقة تحظي بالحكم الذاتي وسيطروا علي المزيد من الأراضي في الشمال معظمها بعدما ساعدوا في طرد تنظيم داعش منذ عام 2014. أصدر العبادي أمرا لقواته برفع العلم العراقي علي جميع المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد خارج إقليم كردستان نفسه. وحققت القوات نصرا سريعا في كركوك ووصلت إلي قلب المدينة خلال أقل من يوم. وساهم القتال في إحدي مناطق إنتاج النفط الرئيسية في العراق في عودته علاوة المخاطر إلي أسعار الخام. وبعد شهور من تداول النفط في نطاق محدود تجاوز سعر خام القياس العالمي برنت 58 دولارا للبرميل. قال مسئولون في قطاع النفط ببغداد إن كل الحقول القريبة من كركوك تعمل بشكل طبيعي بعد أن سيطرت الحكومة علي آخرها. وكركوك مقر شركة نفط الشمال. وهي واحدة من شركتين عملاقتين للطاقة تمثلان كل إيرادات الحكومة تقريبا. قال وزير النفط جبار اللعيبي إن بغداد ستحاول زيادة إنتاج حقوق كركوك إلي مثليه تقريبا ليتجاوز المليون برميل يوميا. وأدي تقدم القوات العراقية معضلة لواشنطن الحليف الوثيق لكل من بغداد والأكراد والتي سلحت الجانبين ودربتهما في إطار حملتها الناجحة لطرد مقاتلي داعش من العراق. قال الرئيس دونالد ترامب لا نحب فكرة اشتباكهم. نحن لا نتحيز لأي جانب. كانت علاقاتنا جيدة للغاية علي مدار أعوام مع الأكراد كما تعلمون وكنا أيضا في جانب العراق. قال الجيش الأمريكي إنه تلقي روايات متباينة تفيد بمقتل ما بين ثلاثة و11 مقاتلا في ذلك الاشتباك. قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن انتقال السيطرة حدث علي ما يبدو بعد معارك قليلة وإن عدد المصابين لا يتجاوز العشرات. وقال باتريك هاميلتون نائب المدير الإقليمي للصليب الأحمر إنه قلق بسب إغلاق الطرق لاسيما المؤدية إلي الموصل المعقل السابق لتنظيم داعش حيث لا يزال مئات الآلاف يعتمدون علي المساعدات. وفي كركوك. إحدي أكثر مدن العراق تنوعا. احتفل التركمان المعارضون للحكم الكردي وجابوا الشوارع بمواكب سيارات وأطلقوا أعيرة نارية في الهواء. واختفي العلم الكردي ذو الألوان الخضراء والحمراء والبيضاء والذي تتوسطه شمس ذهبية من الشوارع. ونفذت قوات عراقية خاصة دربتها الولاياتالمتحدة وأفراد الشرطة المحلية دوريات في الشوارع لحفظ النظام. وفتحت الأسواق والمتاجر والمدارس أبوابها بشكل طبيعي. عادت بعض الأسر الكردية التي رحلت عن المدينة لمنازلها. وقالت إن آلافا من المقاتلين الأكراد في قوافل مصطفة في طابور طويل تحاول التوجه من كركوك صوب أربيل عاصمة إقليم كردستان الأمر الذي أصاب الحركة علي الطريق بالشلل وجعل من الصعب علي المدنيين المغادرة. وبالنسبة للأكراد تعد خسارة أرض. خاصة كركوك التي يعتبرونها قلب وطنهم. ضربة قوية بعد ثلاثة أسابيع فقط من تصويتهم علي إعلان دولة مستقلة وهو هدفهم منذ عقود. واتهم مسئولون في الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي ينتمي له زعيم الإقليم مسعود برزاني منافسه التاريخي حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي كان يرأسه الزعيم الكردي والرئيس الراحل جلال طالباني "بالخيانة" لتخليه عن الأكراد. ونفت أرملة طالباني الذي تولي منصب الرئيس العراقي الشرفي بين عامي 2003 و2014 وتوفي منذ أسبوعين هذا الاتهام. من ناحية أخري. ذكر مصدر عسكري. أن القوات العراقية سيطرت علي سد الموصل بدون قتال. أشار المصدر إلي أن قوات البشمركة الكردية اتفقت مع القوات العراقية علي العودة إلي ما قبل حدود 2003. أو ما يعرف ب"الخط الأزرق". يذكر أن الخط الأزرق المثبت في الخرائط الدولية. وهو خط العرض 36. ويحدّد العلاقة الإدارية والسياسية بين العراق العربي والمناطق الكردية في دولة العراق الناشئة في قرارات مؤتمر القاهرة في مارس 1921.