يوم الاثنين الماضي أقام المجلس القومي لحقوق الإنسان من خلال لجنته الثقافية الحفل السنوي لتكريم مبدعي الأعمال الدرامية التي عرضت في رمضان .2017 هذا هو العام الخامس علي التوالي الذي تقام فيه هذه المسابقة لاختيار الإنتاج الدرامي المتميز في مجال حقوق الإنسان.. وتنص المسابقة علي اختيار أفضل ثلاثة أعمال تحوي في سياقها الدرامي قيماً ومبادئ تسهم في نشر ثقافة حقوق الإنسان علي أن يتم ذلك من خلال قالب فني محكم وجذاب يضمن وصول الرسالة للمشاهد. اختارت الأعمال الفائزة لجنة مكونة من ست نقاد وتترأسها المخرجة المبدعة أنعام محمد علي التي لخصت في كلمتها الملامح التي ميزت صناعة الدراما التليفزيونية هذا العام. وفي السطور التالية أهم ما تضمنته وتعتبر بمثابة وثيقة تستحق الدراسة. شاهدت اللجنة 35 عملاً درامياً شارك في إنتاجها حوالي 17 شركة إنتاج مصرية وعربية وأجنبية.. ومعني ذلك أننا إزاء صناعة ضخمة ومؤثرة ويصب تأثيرها المباشر في عقل ووجدان الأسرة العربية بشكل عام. * لاحظت اللجنة أن نسبة الأعمال المميزة عام 2017 أكثر من العام السابق لذلك رأت اللجنة أنه من الإنصاف أن يرتفع عدد الأعمال المكرمة هذه السنة من ثلاثة أعمال إلي أربعة بالإضافة إلي جائزة خاصة لعمل خامس. تم الاتفاق بين أعضاء اللجنة علي أنها الأكثر مراعاة لمبادئ حقوق الإنسان. وبشكل عام كان "للأسرة" وجود إيجابي وواقعي فيما عرض في بعض الأعمال الدرامية هذا العام. ومن المسلسلات الهامة التي التف حولها المشاهدون نذكر منها "حلاوة الدنيا" و"لأعلي سعر" و"هذا المساء" وهناك أعمال أخري. لا تشكل الأسرة محورها الرئيسي ولكنها موجودة وفاعلة في خلفية الأحداث مثل مسلسل "كلبش" و"ظل الرئيس" و"الزيبق" وايضا المسلسلين اللذين شكلا وضعاً متميزاً في مسلسلات رمضان وهما "واحة الغروب" و"الجماعة 2". كما لاحظت اللجنة ايضا تقدما ملحوظاً في صياغة الشكل الفني للأعمال الدرامية. من حيث استخدام تقنيات متطورة في الإضاءة والصورة وأماكن التصوير والديكورات والملابس وغيرها من عوامل الإبهار بالإضافة للأداء التمثيلي المتميز في عدد لا بأس به من المسلسلات ولكن وعلي الرغم من هذا التقدم التكنولوجي في الشكل والمهارة الحرفية لعدد غير قليل من المخرجين إلا أن اللجنة رأت أن أضعف عنصر في أعمال كثيرة هذا العام مثل سابقه. هو النص. وهو الأساس الذي يبني عليه كل العناصر الأخري. فالملاحظ أنه نتيجة للافتقار إلي أفكار جديدة. لجأ الكثير من الكتاب أو ورش الكتابة إلي الاقتباس من أعمال أجنبية. أو إعادة إنتاج "تيمات" استخدمت مرات في أفلام ومسلسلات مصرية. وصارت مستهلكة مثل تيمة فقد الذاكرة التي جاءت في عدد من المسلسلات مثل "عشم إبليس" و"الحصان الأسود" و"الحالة ج". هذا الضعف في الإبداع ظهر واضحاً في المسلسلات الكوميدية التي عرضت هذا العام والتي حاولت معظمها أن تعوض ضعف السيناريو بالمبالغة في الإيحاءات الجنسية والابتذال اللفظي والحركي. مما كان له أثره في عزوف عدد كبير من المشاهدين عنها. وبنظرة مدققة إلي هذا التفاوت في العملية الفنية بين جناحيها. الشكل والمحتوي. نجد أن هناك متغيرات كثيرة أدت إلي ذلك. أهمها: تعاظم دور شركات الإعلان والقنوات الخاصة التي تعتمد علي أموال الإعلانات مما أدي إلي انقلاب الهرم الفني الذي كان يقف علي أعلي قمته. المؤلف ثم المخرج. وهما من كانا يتحكمان في العملية الإبداعية وحل مكانهما. النجم ذو الشعبية الكبيرة الذي يرتفع أسهمه في رمضان ومن ثم تتسابق القنوات علي التعاقد معه. ويحدد النجم بدوره فريق العمل من مؤلف ومخرج وشركة إنتاج. وقد ترتب علي هذا المتغير الجديد. قلة وجود كتاب لديهم وعي بهموم ومشاكل مجتمعهم ورؤية ومهارة حرفية تعيد تشكيل الواقع وتستشرف من خلاله مستقبلاً أفضل. واستمرار هذا الوضع يهدد قوة مصر الناعمة التي تمثل الدراما التليفزيونية أحد مكوناتها. رأت اللجنة ايضا أن هذا العام شهد تكرار ظاهرة التأخير في بدء تصوير بعض الأعمال. إلي ما قبل حلول شهر رمضان بأشهر قليلة. وبعدد حلقات علي أحسن تقدير لا يتعدي ربع أو ثلث المسلسل والنتيجة بداية مبشرة تجذب المشاهد. ومع توالي الحلقات تتقطع أنفاس المؤلف والمخرج وصولاً إلي نهاية محبطة لا تترك أثراً في ذهن المشاهد. عموماً كثير من المسلسلات التي شاهدتها اللجنة هذا العام يمكن أن تحدث في أي مكان وأي زمان علماً بأننا نعيش سنوات مشحونة بالأحداث والمشروعات القومية والتحديات الداخلية والخارجية والعديد من القضايا الآنية والملحة التي تؤرق المجتمع العربي والمصري علي وجه الخصوص. ومن واجب القائمين علي هذه الصناعة الضخمة المؤثرة أن تقوم بالدور المفترض أن نقوم به. وأن يتم ذلك وفق منهج وخطة مدروسة تضعها شركات الإنتاج بالتضامن مع المجلس الأعلي للإعلام وايضا الهيئة الوطنية للإعلام ويضعوا في اعتبارهم عملاً أو عملين يسهم في إلقاء الضوء علي ما نعيشه من أحداث وما عشناه. ولا نغفل تاريخنا ورموزنا الوطنية. في مجالات الحياة المختلفة حتي يتواصل الماضي مع الحاضر. وحتي يدرك الناس. معني أن تكون مصرياً عربياً. يجاهد ولايزال من أجل تثبيت مقوماته الثقافية والدينية والتاريخية. في زمن نعيش فيه حروباً علي جميع الجبهات. وإرهاباً غير مسبوق. ينذر بالخراب والدمار. إذا لم نستعد لمواجهته معنوياً وشعبياً. بإيقاظ الوعي وتبصير المواطن بالأخطار المحدقة وبكيفية التصدي لخطاب الخرافة والتحريف المخل لقيم الدينية. واستغلال الدين سياسياً واجتماعياً لتدمير حضارة من آلاف السنين. إن الدراما التليفزيونية التي تدخل منازلنا بلا استئذان ويراها الملايين في نفس اللحظة لقادرة بامكانياتها وتأثيرها الفني والفكري علي القيام بهذا الدور.