نعيش هذه الأيام مشاعر الوفاء لقائد ثورة يوليو 1952 اللواء محمد نجيب الذي ظلمناه كثيراً وطويلاً ولم نعترف به قائداً للثورة. واكتفينا بالقول إنه كان مجرد واجهة للضباط الأحرار الذين خططوا بأنفسهم لأنفسهم دون أن يكون له دور حقيقي. ولم نهتم بدحض هذه الفرية التي لا تستقيم مع العقل ومع التاريخ الذي أثبت أن اللواء نجيب خاض انتخابات نادي الضباط باسم الضباط الأحرار في ظل الملكية وفاز برئاسة النادي علي منافس قوي هو حسين سري عامر الذي عين بعد ذلك وزيراً للحربية. ومن الطريف أن كثيراً ممن يمتدحون نجيب اليوم هم الأعلي صوتاً في كل المنتديات. هم الذين يذهبون مع الريح إذا ذهبت ويأتون مع الريح إذا أتت. يقولون ويكتبون مع أو ضد وفق الهوي لا عن اعتقاد وقناعة. فكم هاجموا شخصيات تاريخية ثم سرعان ما امتدحوها بعد رد الدولة الاعتبار لها. لم يسلم من عباراتهم الظالمة نجيب أو عبدالناصر أو السادات أو مبارك. ولا ندري لماذا كان الهجوم وكيف تحولت الكتابات المضادة إلي مؤيدة ومشيدة في لمح البصر. الرسالة التي وصلتنا من افتتاح قاعدة محمد نجيب العسكرية علي الجبهة الغربية في الاحتفال ب 23 يوليو هي الوفاء لقائد الثورة الحقيقي وأول رئيس لجمهورية مصر الذي انقلب عليه ابناؤه أو إخوته الصغار لأنهم لم يستوعبوا رؤيته بعيدة النظر. التي كانت بالتأكيد تسبق رؤيتهم بحكم الخبرة والثقافة والاطلاع علي تجارب الآخرين. ولو أنهم استجابوا له لتغير وجه الحياة في مصر. ولتجنبنا كارثة 1967 وما تلاها من كوارث بسبب تغييب الديمقراطية والاعتماد علي أهل الثقة وليس أهل الخبرة. إن اطلاق اسم محمد نجيب علي أكبر قاعدة عسكرية في افريقيا والشرق الأوسط خطوة للتصالح مع التاريخ وتصحيح لخطأ جسيم اقترفه ثوار يوليو ومن أعانوهم علي ظلم الرجل الذي وصف بأنه كان شخصية فذة. حيث كان يجيد إلي جانب تأهله العسكري عدة لغات أجنبية. وحصل علي شهادات عليا في الاقتصاد والقانون وشارك في حرب فلسطين وأصيب فيها واختاره الضباط الأحرار قائداً لحركتهم لكفاءته وأمانته وسمعته الطيبة داخل الجيش وخارجه. ولم يكن مجرد واجهة. ولا شك أنه مما يسعد كل مصري ووطني أن يشهد دائماً مظاهر لدعم قوة جيشه. بإنشاء قواعد جديدة أو إضافة المزيد من المعدات الحديثة المتطورة والأجيال الجديدة المدربة من الضباط والأفراد. جيش مصر هو درعها القوية التي يحميها من المخاطر. ما ظهر منها وما بطن. ويرهب اعداءها فيحسبون ألف حساب قبل أن يقبلوا أو يفكروا في أية مغامرة للمساس بترابها المقدس. وفي زمن المخاطر الكبري. والمؤامرات الدولية العابرة للحدود يجب أن يظل جيشنا قوياً وقادراً كي نشعر بالأمن والأمان. ويجب أن يظل أمننا القومي مهاباً سليماً معافي كي لا يطمع فينا طامع. كبر أم صغر. وعندما يرتبط دعم قواتنا المسلحة باسم نجيب وعبدالناصر والسادات فالمعني الواضح أن قواتنا المسلحة لا تفرق بين هؤلاء القادة. وتعلو فوق خلافاتهم السياسية والأيديولوجية. كلهم أبناؤها. يخطئون ويصيبون في مراحل حياتهم. ليسوا شياطين وليسوا أنبياء معصومين. العصمة لا تكون إلا لنبي. فاعتبروا يا أولي الأبصار.