تقول الحكمة "ثمار الأرض تجني كل موسم وثمار الصداقة تجني كل لحظة".. إن قياس الزمن بمقاييس الساعات التي اخترعها الإنسان حتي الآن لم تكن منصفة في تقدير كل ما يدور حولنا. والمتأمل مع تطور أدوات الرصد تمكن الإنسان من علمه بما كان يجهله بالأمس.. ومن أبرع ما وجده العلم الحديث تلك الصداقات الكامنة في أعماقنا وبين مختلف الكائنات ولولاها لكان الموت والفناء.. فبالرغم من ارتعادنا عندما نسمع لفظ ميكروب يجد الإنسان نفسه أمام أعداد من الميكروبات تسكن أمعاءه لكي تكون له صديقا مخلصا يمنع عنه الإصابة بسرطان القولون. حيث يقوم هذا الميكروب بتحويل ما لم تستطع أمعاء الإنسان هضمه ليهضمه الميكروب ويهاديك بذلك المركب الذي يحميك من الإصابة بالسرطان وإذا حدث واختفت تلك الصداقة لكان الموت الحتمي كأنه يقول أنا مكلف من خالقي لتعطني أمعائك سكنا وفضلاتك غذاء لأحميك من مرض مميت.. وعندما تعكف عدسات العلماء لترصد تلك الصداقة بين حشرة النمل العجيبة وتلك الحشرة المصاصة لسكر النبات ستري الحشرة تمتص العسل وبقوة ليخرج من مؤخرتها ليلعقه النمل لذيذا فيتقوت به. وفي المقابل يتولي النمل حراسة تلك الحشرة بالدفاع عنها ضد أي عدو يريد قتلها وكأنه يقول لها أعطيني غذاء لأكون لك حارسا أمينا. وعلي الجانب الآخر نجد صداقة بين النبات والحيوان فيوجد نوع من النبات نفسه وقد خلق صديقاً لنوع من الحشرات الطائرة وتكون لغة الإشارة بين الأصدقاء مادة كيميائية نفاذة يطلقها في الهواء بمجرد أن تقوم نوع من الديدان بالتهام النبات فتطلق أوراق النبات الملتهمة صرخة المادة الكيميائية لتأتي الحشرة الصديقة وتلتهم تلك الدودة الشرسة وتحمي النبات من الموت الحتمي.. تري من وضع تلك الصداقات التي يكتشفها العلم يوماً بعد يوم؟.. وأين هذا من المعاندين لفكرة الخلق. هل من الممكن أن تنشأ تلك الصداقات بمفاهيم الانتخاب الطبيعي والصدفة؟. إن المتأمل في الكون سيري كيف تدور تلك الأحداث ليسجلها الزمان بمقاييس خالق الزمان والمكان المدبر سبحانه لتتجلي معاني قوله تعالي "قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامي سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ". أ.د. محمد عبد العزيز فؤاد أستاذ علوم الحياة جامعة عين شمس .commhamedfoaad@yahoo