تتمني أن تملي عينيك وروحك من النظر والصلاة أمام الكعبة المشرفة» فالزحمة في شهري رجب وشعبان وشوق المحبين لبيت الله الحرام. يصعب تحقيقه لكنك تأمل أن يحققها لك المولي سبحانه وتعالي.. تصلي صلاة الصبح بمسجد الفندق الذي تقطن به. يأتيك صوت أمام الحرم المكي عبر تجهيزات صوتية حديثة. فالصوت واضح جلي.. يجلي الصدأ الذي ران علي القلوب.. تعيش في ملكوت الصلاة بكل خلاياك وروحك المحلقة في فضاء سرمدي. تختم الصلاة ثم تصعد إلي حجرتك مرة أخري. تجد زميلك الحاج يوسف.. تسأله: أن صلي؟ فيبتسم: صليت أمام أحد أبواب الحرم والحمد لله.. الطقس ينبيء بسقوط الأمطار. البرق ينير صفحة السماء. تجلس علي سريرك برهة يسيرة. تردف: سأحاول الدخول إلي حرم الكعبة المشرفة. والله المستعان. تمشي في بهو الفندق تلحظ ندرة النزلاء علي غير العادة» خاصة بعد صلاة الفجر.. فالكل يبدأ يومه.. تتجه إلي السلم الكهربي. تهبط ثلاثة أدوار حتي تصل إلي باب الخروج للحرم الشريف.. تجد من يرقب الطريق. ويقف بجوار الحائط.. أو آخر يمسك بيده مظلة.. لم تعر اهتماماً. تنطلق إلي مسعاك وهدفك. أن تصل إلي زمام الكعبة المشرفة.. إذا لم تستطع الطواف.. تتملاها. وتدعو ما ييسر لك من دعاء.. وتصلي وأنت تنظر إليها. البرق ينير صفحة السماء. وصوت الرعد ينتشر في أرجاء الحرم.. الأمطار تزداد حدتها.. تجد من يجري.. وتجد من يحتمي بأي شيء في طريقه.. عمال النظافة. يحاولون السيطرة علي الأمطار التي ارتفع منسوبها بأدواتهم الخاصة.. الأمطار تهطل علي رأسك ونظارتك وملابسك.. تشعر بسعادة غامرة.. تردد بصوت مسموع: يا رب.. يا رب. تحرص علي خطواتك حتي لا تقع علي أرضيات الحرم الرخامية.. تدعو ما في قلبك لنفسك ولكل من أمنك بالدعاء ومن جاء علي خاطرك من الأصدقاء والمعارف.. يا رحمن يا رحيم.. الأمطار تزداد.. البرق يضوي في السماء.. تدلف من باب الملك عبدالعزيز.. تخلع نعليك. تضعهما في حقيبة صغيرة. تزم رباطها وتضعها علي كتفك الأيسر.. تتابع بعينيك اللوحات الإرشادية. للتوجه إلي ساحة الطواف. تميل إلي اليمين.. علي يسارك صنابير ماء زمزم.. تركز جيداً للوصول إلي الطريق الصحيح الذي يصلك إلي الكعبة المشرفة.. أخيراً تصل إلي السلم الكهربائي المؤدي إلي ساحة الطواف. لكنك تجده مغلقاً بسياج من البلاستيك يقف أمامه فرد من الأمن.. تستبد بك الحيرة.. ماذا ستفعل؟ دار بخلدك مادام الاقتراب والطواف صعب المنال فعليك أن تتملي من أنوار الكعبة المشرفة.. تبحث بعينيك عن مكان الدور الأول بالحرم المكي. تطل منه علي الكعبة. ويكون منظور الرؤية واضحاً.. تمشي وتمشي حتي تجد مكاناً يسمح لك الرؤية والتملي من البيت الحرام. هطول الأمطار. وصوت الرعد تجعل القشعريرة تسري في أوصالك.. تقف بخشوع. تردد ما يسر لك من دعاء لنفسك وأحبابك ولكل من عرفته في يوم الأيام. تصلي ركعتين وأنت تتملي من الكعبة المشرفة.. تتسربل بنور يسري في خلاياك.. جوارحك. وتحلق في سماوات وسماوات.