درء المفاسد مقدم دائما علي جلب المصالح.. وليس أعظم مفسدة من الإرهاب الذي يهلك الحرث والنسل ومن ثم ينبغي ان تحشد الجهود. وتحشد الطاقات لاستئصاله من جذوره من تجفيف منابعه واسبابه بالعلم والتنمية وليس بالهجوم علي الأزهر واتهامه بما ليس فيه كما يفعل بعضنا للأسف.. وكأنه لايكفيه ما يفعله بعض غلاة التطرف في الغرب الذين دأبوا علي توظيف الارهاب والصاقه بالاسلام لتشويهه عمدا وتغذية الاسلاموفوبيا هناك.. نحن - كما يقول د. مصطفي محمود في كتابه "الإسلام السياسي والمعركة القادمة" في حاجة الي كتيبة تجدد الدين. وتقاتل خصومه بإسلام يريد ان يحرر أرضه المغتصبة. يحرر عقولا قام الآخرون بغسلها وتغريبها.. ويريد ان يسترد أسرته وبيته بالكلمة الطيبة وبالحجة والبينة وليس بتفجير الطائرات وخطف الرهائن.. بالسياسة لا بالحروب.. بالحوار الحضاري لا بالاشتباك العسكري.. ولكنهم - أي أعداء الإسلام - لن يعطوا الفرصة لهذا الحوار الحضاري.. هم ينتظرون سقطة من زعامة متخلفة ويتعللون بصيحة عنف.. وما أكثر ما يشهده عالمنا من صيحات العنف والتخريب والدمار - يصرخ بها منبر ضال. أو عربة ملغومة يفجرها عميل ثم يتطوع عميل آخر ليقول إنها من عمل الجهاد الاسلامي أو شباب محمد ليثيروا بها ثائرة الأبيض والأحمر والأصفر علي الاسلام وأهله. ما قاله د. مصطفي محمود لايبعد كثيرا عما يحدث اليوم. ذلك ان داعش صناعة غربية بامتياز أريد به هدم الدول العربية وتمزيقها تمهيدا للسيطرة عليها وعلي مواردها.. كما تقول وثائق الغرب ذاته الذي لايفتأ غلاته ينفخون في ظاهرة الاسلاموفوبيا. وكما تفعل احزاب اليمين المتطرف من توظيف سياسي لقضية الارهاب كسبا للاصوات الانتخابية وتأجيجا لنار العداء والكراهية ضد المسلمين والمهاجرين هناك مثلما شهدنا في انتخابات هولندا الاخيرة. وفي الخطاب المتشدد الذي تتبناه ماري لوبان مرشحة الجبهة الوطنية في فرنسا.. الأمر ذاته يمكن رصده في دعايات وخطابات الحركات المتطرفة في دول أوروبية اخري الي حد دفع دولة مثل كندا للتصويت لصالح اجراءات وقوانين لمحاربة الاسلاموفوبيا بعدما صدمتها جريمة قتل المصلين في مسجد كيبيك علي يد طالب متعصب ومتأثر بخطاب الكراهية المعادي للمهاجرين والمسلمين وهو الحادث الذي لم تنفخ فيه الآلة الإعلامية الجهنمية.. ولعل ما خلص إليه تقرير "الشريعة خطر علي أمريكا" الذي أعدته لجنة شكلها أحد بيوت الخبرة التابع للحزب الجمهوري ما يدلل من جديد علي التوظيف المتعمد للإرهاب. والصاقه قسرا بالاسلام ذلك انه خلص الي ان كل التيارات المعتدلة الداعية لاحياء الحضارة الاسلامية المؤمنة بشمول الشريعة والتي تمزج بين الديني والحياتي والعقيدة والاخلاق والشريعة والقانون غير المؤمنة بمبادئ العلمانية اكثر خطرا علي أمريكا والغرب من الجماعات العنيفة والمتطرفة الارهابية لان تلك الجماعات السلمية تهدد انفراد الغرب وأمريكا بالعالم سياسيا واستراتيجيا.. ارايتم كيف يفكر بعض قادة الغرب.. وكيف يصرون علي تصدير صورة ذهنية سلبية للعالم عن كل ماله علاقة بالاسلام.. فهل لدينا بيت خبرة واحد متخصص في دراسات اتجاهات الافكار والسياسات في الغرب كما يفعل الاخير معنا.. واذا كان الاستشراق لم يترك صغيرة ولا كبيرة تخص الاسلام والمسلمين الا واخضعها للفحص والدرس والتحليل منذ قرون.. فهل فعلنا الشئ نفسه لنرسم لأنفسنا خريطة تمكننا من التعامل والتعايش الحضاري معه.