عندما يعترض برلمان إقليم كردستان علي رفع العلم العراقي وحده علي بنايات مدينة كركوك فإن الباعث أخطر من تحقيق الفيدرالية التي يدعو إليها حاكم الاقليم مصطفي البرزاني. بعد خروج بريطانيا من اليورو أعلنت اسكتلندة اعتزامها مراجعة موافقتها علي البقاء ضمن بريطانيا العظمي وحين تعرضت لندن لهجوم ارهابي. أعلنت رئيسة الوزراء الاسكتلندية- تقديراً للظروف التي تواجه الدولة البريطانية- إيقاف كل محاولات المراجعة العكس هو ما يحرص عليه البرزاني منذ الغزو الامريكي للعراق تغافل الخطر الذي يهدد العراق جميعاً. وقصر جهده علي تحقيق أحلام الزعامة باقتطاع إقليم كردستان من الدولة الام. حتي يحقق البرزاني حلم الدولة الكردية فإنه يلوح لواشنطن بصداقته التي تجعله حليفاً رئيساً لها في المنطقة. وتنشط صلاته السياسية بالكيان الصهيوني. ويعلن بقاء القوات الكردية في المناطق التي شاركت في تحريرها من الارض العراقية ويعد لاستفتاء حول ما سماه الدولة الكردية المستقلة. المؤامرات لم تعد مقصورة علي الاوراق والخرائط. منذ أمر المخابراتي الامريكي بول بريمر بحل الجيش العراقي. ودعوته إلي أقاليم كونفدرالية. وتسلل محاولات استعادة الامبراطوريتين العثمانية والفارسية ودعم قوي الغرب والصهيونية لمرتزقة من أرجاء العالم. سعياً لاضعاف القوات المسلحة العربية. وتدمير موارد الوطن العربي واقتصادياته. وقواه البشرية.. لم تعد المؤامرات حبيسة الاوراق والخرائط. لكنها وجدت طريقها إلي التطبيق بعد المشهد المأساوي الذي يعيشه الان العديد من الاقطار العربية. الخطر يهدد الوطن العربي لايقتصر علي ديانة ولا طائفة. بل ان الهدف إعادة مأساة الاندلس بتجزئ المجزأ وتفتيت المفتت فتدين المنطقة من خور فكان بالخليج إلي نواكشوط بموريتانيا لسيادة الكيان الصهيوني بتعداده المحدود. عدد يهود العالم أقل من 15 مليونا والمساحة التي استوطنها في أرض فلسطين. والاحلام المطلقة المتبجحة التي أملت علي نتنياهو قوله- علانية- للرئيس الامريكي الاسبق كلينتون بأن اسرائيل هي الدولة العظمي وليست الولاياتالمتحدة. في بدايات المعارك ضد إرهابيي داعش أعلن مصطفي البرزاني إن قوات البشمركة الكردية لن تدخل الموصل ثم أعلن المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان- فيما بعد- أن تحرير الموصل سيعقبه انفصال الاقليم في دولة مستقلة. إذا كانت القوات العراقية قد أوشكت علي إزالة الوجود الداعشي في الموصل فإن المشكلة الاشد خطورة. هي مستقبل المدينة: هل تظل محتفظة بعروبتها؟ أو يضمها البرزاني إلي إقليمه الكردستاني؟ هل يرفع علم دولته الحلم عليها مثلما رفعه علي كركوك؟ الصوت العربي- في نهايات المعارك- يجب ان يكون مسموعاً للاحتفاظ بالهوية العربية للعراق لكل أقاليمه ومحافظاته. لقد حارب القائد الكردي صلاح الدين قوات الصليبيين دفاعاً عن عروبة الوطن العربي. وانتصر عليهم بينما يحاول القائد الكردي مصطفي البرزاني- في ظروف تتطلب التكاتف والوحدة- تحقيق أحلامه الشخصية. في تجاوز خطير لما يعانيه العراق.